قولة فلسفية حول درس الغير مرفوقة بمحاولة إجابة
« إن معرفة الغير تقتضي مني التعاطف معه ».
حدد أطروحة القولة وناقشها
· إجابة التلميذة:
يتحدد المجال الاشكالي للغير باعتباره عالما انسانيا يشبهالانا ويختلف عنه.والانا لابد لها من اقامة العلاقة مع الغير انسجاما مع القول الذييفيد بان الشخص كائن اجتماعي بطبعه.اذ لايستطيع ان يعيش وحيدا في هذا العالم بل هوبحاجة دائمة الى اقامة علاقات متنوعة مع الاخرين .ولا تتاتى هذه العلاقات الى منخلال معرفته ومعرفة نوع العلاقة التي نريد التي نريد اقامتها معه .ومن هذا المنطلقيحق لنا التساؤل عن امكانية اخضاعه لمنطق العقل للتيقن من معرفته او امكانيةمعرفته بوصفه انا اخر؟اوليس من المفترض تجاوز المعرفة الموضوعية من خلال التعاطفوالتعاون معه؟
ان القولة التي بين ايدينا تنطوي على اطروحة اساسية تؤكد على انالتعاطف مع الغير هو الطريقة الاكثر فعالية لبناء المعرفة .اد ان التعاطف والتازرهما الحلين المعرفيين لمعرفة الغير.فالغير حسب علمنا هو انا اخر اذ فيجب ان نكونحرصين اشد الحرص في التعامل معه .فبالرفق والتواصل البناء ومن خلال فهمه فهما صحيحاودقيقا والرفع من قيمته ليطمح الغير كذلك لاقامة علاقة مع الانا وحينما اقولالتعاطف فاني لا اعني الشفقة بل اعني بذلك ان ابادله بكل ما في من حب وعطف وحنانورافة لاتمكن من التقرب اليه ومعرفته معرفة منزهة عن اي لبس او اي شرور قد يصيبها .ومن هنا يمكن ان نقول بان التعاطف هي وسيلة تشكيلية لانها قائمة على المعرفةالموضوعية اليقينية التي لا تقتضي بالضرورة ايثاره على النفس بل تكتفي مساواتهبالانا و محاولة حل مشاكله و مساعدته كلما دعت الضرورة لذلك وكبح كل ضرر يصيبهوالتصدي له وحفظ اسراره .وهنا نقف للتساؤل على واقعية هذه العلاقة وحضورها فيالحياة اليومية، ومدى تحقيقها للغاية المنشودة وهي معرفة الغير.
لقد قدم ميرلوبونتي تحليلا دقيقا للعلاقة المعرفية تبعا للغير والتي تقتضي التعاطفمعه باعتباره انا اخر يملك مقومات اخلاقية وكرامة وتصرفه ينطبق على تصرفاتي في ظروفمماثلة ففي نظره ان معرفة الغير تقتضي الانخراط معه ومشاركته احزانه وافراحهوالتواصل الفعلي الذي ياسس حوارا وتعايشا وتازر مع تدخل عنصر اللغة لما له من ادوارفعالة في توضيح المقصود بخلاف النظرة التشيئية التي تحول الغير الى موضوع وتسحب منهطبيعته الانسانية وتسلب كرامته ويخلص ميرلوبونتي الى القول بان المعرفة الحقيقية لاتتاتى الى بمحاولة فهم الغير ومشاركته خوالج نفسه وهمومه والتعاطف معه.ونفس الراينجده عند الفيلسوف هوسل الذي يدعوا الانا الى التوحد مغ الغير حدسيا بحيث يصبح هواي الغير انا والانا اي الذات هو ويشير هذا الخير الى ان اساس المعرفة هو التعاطفوالمشاركة والتواصل الذي يؤسس البيذاتية والذي لا يلغي المعرفة بل يحصرها.وان نظرنافي الواقع المعيش نجد ان الاطروحتين السابقتين وهميتين لان الانا ماعاد يتواصل معالغير با اصبح ينفيه ويحد من فعاليته وهذا ما يدفعنا الى القول بان المعرفة مستحيلةوالشيئ نفسه توصل اليه ميرلوبونتي ليحسم بالقول بان معرفة الغير غير ممكنة لاختلافالتجارب المعاشة وتميز الانا عن الغير.
وهذا ما عبر عنه سارتر بان نمط العلاقةمع الغير ليست معرفية بل وجودية وهي غير يقينية مادام الاخرون هم الجحيم ومادامتمعرفتي له تقصيه متحد من حريته وارادته وتجعله موضوعا من الموضوعات .اما الفيلسوفبيرجي فقد احتل موقعا وسطا بين الاطروحات السالفة الذكر والذي ارجع فشل المعرفة الىانعزال الذات وخوفها من التواصل ومن ان تحد من فعالية الغير و اقترح حلا بديلالانجاح المعرفة الا وهو مشاركة الغير مشاركة صريحة.
على ضوء ما سبق فاناشكالية معرفة الغير شكلت موضوعا متنازعا فيه بين الفلاسفة .فهناك من اكد على انالتعاطف هو السبيل الى المعرفة وهناك من خالفه الراي قئلا لن المعرفة مستحيلة مهماحاوا الانا التقرب من الغير لوجود حائط شاهق بين النا والغير وهو التميز واختلافالتجارب.الا فئة اخرى اقترحت مشاركة الغير مشاكله ومحاولة فهمه لامكانية المعرفة .ومن هنا نتساؤل عن نوع العلاقة الممكنة بين الانا والغير في هذا العالم الذي يحملفيه الانا الغير ثنايا تجربته ويعتبره الشبيه والمختلف والقريب والبعيد والصديقوالقريب في ان واحد.
إليكم الآن تصحيحي لإجابة التلميذة، وملاحظاتي على موضوعها. على أنني سأركز فقط على التقديم والتحليل على أن أقدم ملاحظاتي بخصوص المناقشة والخلاصة فيما بعد.
•التقديم: يتكون التقديمدائما من تمهيد وطرح إشكالي. ويفترض أن يكون التمهيد يفضي مباشرة إلى طرح التساؤلاتالمكونة للإشكال، أي أنه يجب أن تكون بينهما علاقة قوية.
وبالفعل فالتقديم الذيكتبته يتضمن تمهيها وطرحا إشكاليا.
- تمهيدك مناسب إلى حد كبير.
- بالنسبةللإشكال لاحظت أنك لم تطرحي تساؤلاته بعلامات استفهام واضحة، بل اكتفيت بأن قلت:
« ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل عن امكانيةاخضاعه لمنطق العقل للتيقن من معرفته/ او امكانية معرفته بوصفه انا اخر/اوليس منالمفترض تجاوز المعرفة الموضوعية من خلال التعاطف والتعاون معه. »
كانمن الأولى أن تصوغي الإشكال من خلال تساؤلات تنتهي بعلامات استفهام مثل:
هل يمكن إخضاع الغير للمعرفة الاستدلالية العقلية؟ هل يمكنمعرفته بشكل يقيني؟
وهل يمكن معرفة الغير كأنا آخر وليس كموضوع؟ وهل التعاطف معالغير شرط ضروري لمعرفته؟
ويمكن صياغة الإشكال على نحو أدق من خلالالتساؤلات التالية:
هل معرفة الغير ممكنة؟ ماالسبيل إلى تحقيقها؟ وهل التعاطف شرط أساسي لمعرفة الغير؟فأنت ترين أن طرح الإشكال بهذه الطريقة أحسن من طرحه بالطريقة الموجودة فيموضوعك. فيما يخصالتحليل: يجب دائما حينما يتعلق الأمر بتحليل قولة فلسفية، أن نعمل على شرح وتحليلالمفاهيم الأساسية المكونة لها، وهذا من شأنه أن يمكننا من فهم أطروحتها واستدعاءالحجج المفترضة فيها.
فالقولة تتكون من ثلاثة مفاهيم رئيسية: المعرفة، الغير،التعاطف.
لذلك لا بد من شرح دلالات هذه المفاهيم وتحديد العلاقات الموجودةبينها. وهذا ما سيمكننا من إنجاز تحليل جيد.
ما قمت به أنت في التحليل هو عمومالا بأس به لأنك حددت أطروحة القولة تحديدا مقبولا حينما قلت:
-
»ان القولة التي بين ايدينا تنطوي على اطروحة اساسية تؤكدعلى ان التعاطف مع الغير هو الطريقة الاكثر فعالية لبناء المعرفة. »
وكان من الممكن صياغتها بأسلوب أدق، فنقول:
«إنالقولة التي بين أيدينا تدافع عن أطروحة أساسية مفادها أن التعاطف مع الغير هوالسبيل الأنجع لمعرفته. »
* لم تشتغلي على تحليل وتحديد مفهوم المعرفة،لأن مثل هذا الاشتغال كان سيفيدك في تحليل القولة بشكل أحسن.
* بالنسبة لمفهومالتعاطف فقد شرحته شرحا مقبولا حينما قلت:
«وحينمااقول التعاطف فاني لا اعني الشفقة بل اعني بذلك ان ابادله بكل ما في من حب وعطفوحنان ورافة لاتمكن من التقرب اليه ومعرفته. »
فالتعاطف فعلا يقتضيالمشاركة الوجدانية والتقرب من الغير والاعتراف بغيريته، ومحاولة معرفته كذات أخرىمساوية لنا في الإنسانية. كما يأتي التعاطف ضد تشييئ الغير والتعامل معه كموضوعونزع مقومات الإنسانية منه.
لكنك لم تكوني واضحة ودقيقة حينما قلت:
«يمكنان نقول بان التعاطف هيوسيلة تشكيليةلانهاقائمة علىالمعرفة الموضوعية اليقينيةالتي لاتقتضي بالضرورة ايثاره على النفس بل تكتفي مساواته بالانا و محاولة حل مشاكله ومساعدته…»
عدم الوضوح يتجلى في كلمة تشكيلية، ماذا تقصدين بها؟ لم أفهمهاكمصحح؟
كذلك من الصعب القول بأن التعاطف يمكننا من معرفة الغير معرفة يقينيةموضوعية، لأن كل معرفة بالغير كأنا آخر تظل عموما نسبية.
أما قولك بمساواةالغير للأنا وحل مشاكله ومساعدته…فهو قول مقبول، لأنه بالفعل فالتعاطف يجعل الأنايعتبر الغير مساويا له في الإنسانية مما يدفعه إلى مساعدته وحل مشاكله وربط علاقةإنسانية رفيعة معه.
* لم توضحي بدقة أثناء التحليل كيف أن التعاطفهو شرط أساسي لمعرفة الغير. وكان بإمكانك القيام بذلك بطريقة عكسية؛ بأن تبيني أنعدم التعاطف مع الغير يحول دون معرفته..
* كما أنك أشرت في آخر التحليل إلى:
«واقعية هذه العلاقة وحضورها في الحياةاليومية/ومدى تحقيقها للغاية المنشودة وهي معرفة الغير .«لكنك لمتشيري إلىأمثلة واقعيةمعيشية تبينين منخلالها كيف أن التعاطف مع الغير يمكن من معرفته على نحو أفضل، أو تبينين العوائقالتي تحول دون تحقيق الوفاق والتعاطف بين الأنا والغير في الواقع الفعلي للناس.
كل هذه الإشارات كانت ستفيدك ولا شك في إنجاز تحليل أفضل، نظرا لأهمية الأمثلةفي توضيح المفاهيم والأفكار الفلسفية. استخدمي الفواصل أثناء الكتابة. كان هذه ملاحظات ركزت على التقديم والتحليل، على أن تتلوها ملاحظات تتعلق بالمناقشة والخلاصة.
من انجاز الأستاذ محمد الشبة
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.