للتعرف على تقنيات ومنهجية تحليل النصوص نورد مقاربتين في هذا الإطار ،
الأولى حاولت الإجابة عن كيفية تحليل النصوص التربوية و الديداكتيكية بصفة
عامة ، و الثانية حاولت أن تمدنا بمراحل و تقنيات تحليل نوعين من النصوص ،
الأول مفتوح و الثاني موجه، لنرى ذلك فيما يلي:
• المقاربة الأولى : * كيف نحلل النصوص التربوية و الديداكتيكية؟
» الإجابة على مثل هدا السؤال من موقع المدرس , غالبا ما تكون محددا أساسيا لمنهجية عملية يتطلب تطويرها وعناؤها, بناء جهاز محكم, واستحداث خطة محكمة اللجوء إلى مهارات وتقنيات متخصصة , وتضيف مفاهيم محددة . ونعتقد انه بدون هده الشروط المرتبطة بمنهجية تحليل النصوص , وأهدافها البرغما تية التي ترفض الاستطراد , لا يمكن توقيع تلك النتائج التي تفضي في النهاية إلى تحليل واضح المعالم والأسس. وسواء كانت منهجية تحليل النصوص التربوية تعني الجانب التطبيقي او النظري , فانها تستوعب بمفردها أدبيات البيداغوجيا والديداكتيك التجريبي والنظري .
كل نص تربوي يعد مقاربة .وتتكون هده المقاربة من جانبين أساسيين : يا خد الجانب الأول صيغة السؤال التالي : مادا قال هدا المربي في موضوع الطفل والتعليم والقراءة الخ.........؟
ويا خد الجانب الثاني الصيغة التالية : إلى أي حد استطاعت آراء هدا المربي أو دالك أن تسهم في حل هده المشكلة أو تلك؟
لا يفصل الجانب الأول عن الطافي , فهما سؤال واحد (1) .والقضية الأساسية من متضور النصوص وكتابها , ومن منظور منهجية تحليلها, تتعلق بترتيب وتن ضيم خطوات المعالجة .وعلى هدا الأساسية فان الجانب الأول يرتبط بالعرض التاريخي لمجموعة من الوقائع المستمدة من السياق ومشكلاته عبر تاريخ الفكر التربوي .أما الجانب الطافي فيرتبط بالأساس المنطقي الدي يتولى مهام كثيرة تذكر منها ما يلي : المسالة المنهجية , فهم النص , تحليله , نقده, وما يرتبط بها من مهارات وتقنيات. وبتبار آخر , فان هدا المنهجية تحليل النصوص يترجم مدى قدرة المتر شح على الغوص في مشكلات النص والكشف عن مظاهرات المتعددة. والطريقة التي ينتهجها هدا الكاتب او داك النص تنم في حد ذاتها عن طريق المنهج الذي يقترحه.
في هدا الأساس المنطقي تبرز أهم المشكلات التي تواجه المتر شح خلال تحليله للنصوص وتحد هده المشكلة في خطوة التقويم او إصدار الأحكام.
تفرض هده المشكلة على محلل النص ان يا خد في اعتباره ما يلي .
-إن الذي يحدد منطق إصدار الأحكام هو طبيعة الموضوع ذاته .
- توجد فكرة إصدار الأحكام هو طبيعة الموضوع بعمق في النسيج الكلي لعلوم التربية وفي المنطق , وفي الأخلاق.
- يزعم التقويم النقدي أن صاحب النص وقع في" اخظا" ويدعى المقوم أن نقده يقدم "الصواب" ويعني هدا أن نقده يتضمن تصورا لما يجب أن تكون عليه هده النظرية التربوية الواردة في النص, أو هده الجملة أو تلك العبارة.
- يتضمن استخدام هدا التصور بوصفه معيارا يطبق على تحليل كل النصوص .غير أن المحلل (المقوم) الذي يستخدم هده المعايير ملزم في تحليله , بتقديمها (عرضها) والدفاع عنها , في مثل هده الخطوة يملك المحلل (المقوم )أو الناقد تصورا أو مجموعة التصورات لما يجب أن يكون عليه الكتابة الإنشائية , وما يجب أن يكون عليه التقويم أو النقد . انطلاقا من هدا كله, فان المهام المنهجية للمرشح تتحدد في أن يتقدم لنا منهجية التحليلي (la méthode analytique.) النقدي , ويقنع قارئ تحليله بالحجة البيانية ألا جابية , وبان مبادئه التي يتأسس عليها الفهم (فهم النص) وتحليله ونقده, مبادئ تسليمه , وان معاييره اسلم, وان طريقته صادرة بأمانة عن هده المبادئ .
يقوم محلل النص التربوي بتحليل القضايا التي تنتمي إلى مصادر متنوعة. وينحصر عمله في فئتين من القضايا :
ـ معطيات التحليل ونتائجه .
ـ المبادئ التي تسير وفقا لها عملية التحليل .
ـ وتؤلف فئة المبادئ نظرية خاصة بطبيعة المادة ، ومنهجها ، ومتطلباتها اللغوية والأسلوبية والتنظيمية .
في تحليل النصوص تحتل مشكلة التعريف موقع الصدارة في منهجية المترشح .
ويعني موقعها هذا ، إرتباطها بصعوبة فهم الكلمات والمصطلحات .وتتضاعف درجة الصعوبة هنا عندما يواجه المحلل مشكلة تحديد الكلمات الأساسية أو الكلمات المفاتيح ( Les mots clfs ) .
لتذليل مثل هذه الصعوبات نقول إن المرحلة الأولى من التعريف تتوقف عند تعيين الحد الأدنى .والمراحل الموالية تقوم بتعديل هذا التعريف الأدنى بإضافة تحديدات جديدة ، كل منها يتضمن ما تم التوصل إليه من قبل ، إلا أن كلا منهما يضيف تغيرات نوعية ، وتركيبات وإضافات ، وفي الأخير يتم التوصل إلى مرحلة يحتوي فيها التعريف جميع ما يمكن أن يوجد في التصور .
1.وضيفة تيسير استرجاع المعلومات’
2.وضيفة التحليل المقارن.
يساهم التصنيف من الناحية العملية في وضع قضايا النص واهتماماته في إطار معين (8) وداخل هدا الإطار يهيئ المحلل الوقائع ويجمعها في مجموعات حول نطاق ثابتة , وتحليل هده النقاط الثابتة يتم باعتبارها مراكز اهتمام (des centres d’intérét.) .
يفرض النص على المترشح الاهتمام بمنطق النص . ويهتم هدا المنطق بالفكر بوصفه موضوعا له .ويتميز بانه له خاصية مزدوجة فهو معياري من حيث الطريق التي يجب ان تفكر بها قضايا منطق النصوص ومدى ثطابق القواعد التي يصنعها المنطق .
وانطلاق من منطق النصوص (la logique des texte ). يمكن للمحلل أن يهتم بثلاثة أشياء في كل استدلال :
1.المعطيات التي يبدأ منها الاستدلال .
2.المبادئ التي نستدل بها وفقا لها .
3. نتائج الاستدلال .
قد تكون المعطيات افتراضات , المبادئ فتعرف باسم البديهيان.مثل : ادا أضيفت كميات متساوية إلى أخرى متساوية ستكون المجموع متساويا.وتعرف المعطبات تجريبيا عن طريق الإدراك الحسي أو السجلات التاريخية الخاصة بالإدراك الحسي في الماضي.(صدى التضامن من 2003).
• المقاربة الثانية:* مراحل و تقنيات تحليل نص تربوي مفتوح:
1-طرح إشكالية النص:
أي القضية التي يدور حولها النص، وبما أن الأمر يتعلق بإشكالية، فمعنى هذا أن هذه القضية تختزل مجموعة من المشاكل المترابطة، لذا فمن المستحسن الانطلاق ق في تركيبها من الكل إلى الجزء: طرح القضية/الإشكالية في مجملها، ثم بيان أبعادها و طرحها في صيغة تساؤلية أو تقريرية تمهيدا لعملية التفكيك .وتيسيرا لإنجاز العمليات المذكورة يمكن الوقوف عند ما يمكن أن نسميه بمفاتيح النص: مصطلحات و مفاهيم أساسية، عبارات دالة...ويمكن قبل طرح الإشكالية إنجاز مدخل يركز فيه على: بيان نوع النص(مقتطف من عمل أكاديمي، مقالة...)؛وضع النص في إيطاره الفكري و العلمي(حقله المعرفي،المدرسة أو الا تجاه الذي يندرج فيه)؛وضع النص في الظروف الإجتماعية و الثقافية و التاريخية التي ساهمت في إفرازه؛ التعريف بشخصية صاحب النص...
2-تفكيك النص:
لتفكيك النص يمكن القيام بالعمليات التالية:
بناء هيكلة خا صة للنص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها؛مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة وبين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى .
ـ تفسير كل مكون على حدة مع الحرص على ألا تتخذ عملية التفسير طابع اجترار منطوق النص .فالتفسير هنا محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للمترشح في تمثل محتوياته، على أساس أن محلل النص يعتبر وسيطا بين صاحب النص وبين قارئه العادي.
ـ الحرص على أن تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجه سعيا وراء تبسيط معطياته.
لذلك يندرج ضمن عملية التفسير :
• التعليل : محاولة الكشف عن المبررات والأساليب المفسرة للتوجه الذي يحكم مضامين مكوناته.
• التأويل : محاولة الكشف عن المسكوت عنه في النص والذي يوحي به منطوق النص .أي إعطاء مضامين النص لا يكون ظاهرا ولكنه مستشف من العبارات أو المصطلحات...الموظفة في النص.
• مقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين وذلك إمعانا في فهمه أبعاد توجهه.
• إغناء النص بأمثلة تعزز ما يذهب إليه النص أو توضح ما يبدو غامضا في النص .
• توضيح منطق النص : الآليات المعتمدة في الإقناع ، نوع المقولات الفكرية المروجة ( افتراضات ، استنتاجات، مقارنات ....).
التحليل المقترح هنا لا ينفصل عن عملية التركيب التي آثرنا عدم التنصيص عليها كمرحلة منفصلة توخيا للتبسيط .فما تمت الإشارة إليه آنفا من : إغناء مضامين النص بإضافة مستقاة من الأدبيات التربوية أو من الواقع في إطار التعمق في فهمه ، الخروج باستنتاجات ، الربط بين الأفكار ، هيكلة النص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها ، كل ذلك من صميم عملية التركيب .
3- تقويم النص:
ــ أي مناقشته و مقاربته مقاربة نقدية.
ــ عادة ما يميز في هذا الصدد بين التقويم الداخلي الذي يتم من داخل النص و بين التقويم الخارجي الذي يتم من خارج النص: من خلال نصوص أخرى أو من خلال الواقع.
ــ و على العموم يمكن أن يتم التقويم بنوعيه على المستويات التالية:
• المنطق المعتمد في النص: قد يكون مفتقرا إلى التماسك ( تناقضات / مفارقات )، قد يكون قاصرا عن الإقناع و التأثير و تحقيق الهدف المتوخى منه نظرا لبعض العبارات أو الأفكار المروحة ضمنه.
• مدى انسجامه مع الانتماء الفكري أو العلمي للكاتب و مع إطاره السوسيو ــ تاريخي.
• مدى الصحة العلمية و الواقعية للأفكار المطروحة ضمنه ( و هنا يمكن الاستعانة باستشهادات مستقاة من نصوص كتاب آخرين بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون لنفس التوجه الفكري و العلمي لصاحب النص، كما يمكن الاستعانة بأمثلة مستمدة من الواقع بصفة عامة ).
• مدى ملاءمة أفكار النص للواقع التربوي المغربي ككل و للواقع المهني للمترشح بصفة خاصة، أو ما يمكن أن نسميه بمدى وظيفية النص. و المتوخى هنا هو حث المترشح على فتح آفاق للنص على تجربته المهنية لكي يصبح بالفعل نصا وظيفيا ثمينا بأن يستثمر لإغناء الممارسة المهنية للمترشح.
و هنا يمكن إضافة التعديلات التي يراها المترشح ضرورية لتكييف النص مع خصوصية ممارسته المهنية ( ما ينبغي الاستغناء عنه من أفكار النص، ما يمكن تبنيه مع الإضافة و التعديل...).
تجدر الإشارة أخيرا إلى أن تقويم النص لا يشمل بالضرورة جميع الأفكار المطروحة ضمنه، بل يستحسن الوقوف عندها هو أساسي منها، خصوصا و أن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقع المحلل في الإطناب.
* مراحل و تقنيات تحليل نص تربوي موجه:
1 ــ النص المقترح:
إن توطيد العلاقة بين المعلم و التلميذ يعتبر الخطوة الأولى و الأكثر أهمية في عملية التنشئة الاجتماعية التي توليها المدرسة كل اهتمامها و لا شك أن هذه العلاقة بالنسبة للطفل سوف تنطبع في نفسه و إحساسه من حيث لا يدري و لا يعلم، و بالتالي سوف تؤثر إلى حد كبير على كيفية توافقه و سعادته في المدرسة. كما أن نوعية هذه العلاقة سوف تحدد المدى الذي سيصل إليه الطفل من نجاح أو فشل.
و بالنسبة للمدرسة فإن هذه العلاقة المبكرة تعتبر أيضا ذات أهمية، إذ تساعد على إلقاء الضوء على الطريقة التي نشأ بها الطفل بواسطة والديه و علاقته معهما أو مع الكبار الذين سبق و أن تفاعل معهم في المنزل أو المجتمع الصغير اللذين عايشهما من قبل. و ذلك لأن درجة التماثل بين التنشئة الاجتماعية فيما قبل المدرسة و ما تحدثه المدرسة، سوف يؤثر على ما يتقبله أو ما لا يتقبله الطفل من خبرات مدرسية جديدة. و إذا ما حدث التباين بين المعايير التي خبرها الطفل من قبل و معايير المدرسة، فإن الطفل [...] قد يواجه بمشكلات معقدة إذ لا يستطيع أن يتخير إتباع أي مجموعة من القيم في أي وقت و في أي المواقف على أنها أكثر ملاءمة.
د. أحمد فاروق محفوظ و د. شبل بدران (1993) أسس التربية، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، ص.77-78.
أسئلة:
• أبرز الإشكالية التي يدور حولها النص و حلل مكوناتها.
• ناقش النص في ضوء تجربتك المهنية.
2 ــ توجيهات عامة:
ـــ القراءة المتأنية للنص مع استخلاص المفاهيم و العبارات الأساسية التي يمكن أن تساعد على ضبط الإشكالية و مكوناتها ( العلاقة معلم/ تلميذ، التنشئة الاجتماعية المدرسة الوالدان ( الأسرة)، التوافق، التماثل ــ التباين، المعايير/ القيم/).
ـــ الإجابة عن كل سؤال على حدة مع الحرص على التوازن الكمي بين الجوابين نسبيا.
ـــ الوقوف في الجواب عن السؤال الأول عند التحليل/ التفكيك/ التفسير/ أي التعامل مع النص من الداخل.
ـــ الحرص في الجواب الثاني على مناقشة / تقويم النص من الخارج لأن التجربة المهنية للمترشح واقع يتموضع خارج النص.
ـــ يجب أن تفهم المناقشة / التقويم بيان جوانب القوة / الصلاحية و الضعف / عدم الصلاحية أو ما يمكن أن نسميه بالتقويم المزدوج، مع الحرص على استحضار التجربة المهنية كمحك وحيد لذلك.
ـــ لاحظ التمفصل بين السؤالين: السؤال الأول يأتي منطقيا قبل الثاني و يؤدي إليه، فبعد تفكيك / تفسير النص و بسط معطياته تأتي منطقيا مرحلة التعامل التقويمي معها بما لها و ما عليها. لذلك يحسن ترتيب الجوابين تبعا لترتيب السؤالين و هذا ما يساعد على ̋ حسن التخلص ̏ من السؤال الأول إلى الثاني.
ـــ مراعاة القواعد الأساسية للتحرير:
توخي ̋ الأسلوب العلمي ̏ المتمثل في:
تجنب الحشو و التكرار، ضبط المصطلحات و المفاهيم المستعملة، مراعاة علامات الوقف و الترقيم، وضع الاستشهادات المنقولة حرفيا بين مزدوجتين و الاكتفاء بصدد ما اقتبس معناه باستعمال عبارة: ما معناه متبوعة بنقطتي تفسير، التأكد من أسماء الأعلام، تنظيم الفقرات، سلامة اللغة.
3 ــ عناصر ميسرة للجواب عن السؤالين:
4-3-1 إبراز إشكالية النص و تحليل مكوناتها:
- الإشكالية:
أهمية العلاقة بين المعلم و التلميذ في العملية التنشئة الاجتماعية كوظيفة أساسية للمدرسة.
- المكونات:
* يحتوي النص على مكونين أساسين:
• أهمية العلاقة معلم / تلميذ بالنسبة لهذا الأخير.
• أهمية العلاقة معلم / تلميذ بالنسبة للمدرسة / المعلم.
* لاحظ ارتباط هذين المكونين بالإشكالية المطروحة باعتبارهم بعدين أساسين للعلاقة المذكورة.
* أبعاد المكون الأول موضوع التحليل:
• الأهمية أبرزت في شكل التأثير الذي تحدثه تلك العلاقة في شخصية الطفل / التلميذ، خاصة على مستوى توافقه الدراسي الذي يمكن مقاربته من زاويتين: الزاوية الوجدانية و الزاوية المعرفية التحصيلية.
• يحسن أثناء المقاربة السالفة الذكر عدم إغفال التأثير اللاشعوري خاصة و أن أثر تلك العلاقة يتم ̋ من حيث لا يدري و لا يعلم ̏ الطفل / التلميذ. يمكن التعرض لبعض الآليات التي من شأنها تكييف العلاقة معلم / تلميذ و خاصة آلية التقمص و التحويل.
• يفضي بنا التحليل في هذا الاتجاه إلى إبراز التداخل الكائن بين الجانبين الوجداني و المعرفي في شخصية الطفل / التلميذ، و خاصة من حيث تمظهر الأول و الثاني، فالتعثر الدراسي ذو الطابع المعرفي قد يكون مؤشرا لخلل في التواصل الوجداني بين المعلم و التلميذ.
• التنصيص على ̋ نوعية ̏ العلاقة في النص يسمح بالوقوف عند تصنيفات العلماء للتمييز بالخصوص بين العلاقة السلطوية و العلاقة الديمقراطية للتأكيد على خصائص هذه الأخيرة في ارتباطها بالتوافق / النجاح الدراسي.
* أبعاد المكون الثاني موضوع التحليل:
• الأهمية أبرزت على مستوى ما تتيحه تلك العلاقة للمدرسة (و للمعلم بالتالي) من إمكانية الإطلاع على طبيعة التنشئة التي تلقاها الطفل داخل أسرته.
• يمكن أن يغني تحليل هذا العنصر بيان ما في متناول المعلم / المدرسة من إمكانيات ذاتية و موضوعية مرتبطة باستثمار العلاقة معلم / تلميذ، للإطلاع على التنشئة الاجتماعية الأسرية للتلميذ.
• تعليل ما تقدم بكون السير الدراسي للطفل محددا بمدى التقارب بين الأسرة و المدرسة على مستوى التنشئة الاجتماعية لهذا الأخير. على أن العكس ( أي التباعد) يفضي إلى عجز التلميذ عن اختيار منظومة القيم الخاصة به و إخفائه بالتالي في تكوين شخصية منسجمة مستقلة.
• يمكن تأسيس تحليل هذا العنصر على الاجتهادات السوسيوــ بيداغوجية التي أعطت لفكرة تمركز العملية التعليمية / التعلمية حول الطفل، معنى انفتاح المدرسة، و المنهاج الدراسي بالخصوص، على الخصوصية المجتمعية للطفل. و ذلك للحيلولة دون تحول عملية التمدرس إلى عملية اغتراب اجتماعي.
4 ــ مناقشة النص في ضوء التجربة المهنية:
ـــ المناقشة تقتضي العودة إلى مكونات النص و فحصها لبيان أن التجربة المهنية للمتر شح كواقع معيش، تؤكد صحتها أو عدمها كلا أو بعضا. و هنا يلزم الإتيان ببراهين و أمثلة تؤكد ذلك.
ـــ الأمثلة و البراهين قد تكون مستقاة من واقع الممارسة داخل المدرسة ككل أو حتى ثمرة للتفاعل مع الوثائق الرسمية ( نحيل هنا على المذكرة الوزارية الصادرة في شأن تمتين العلاقة بين الأسرة و المدرسة) كما يمكن أن يكون المثال عبارة عن حالة محددة يعرضها المتر شح بإيجاز مبينا من خلالها مدى المصداقية الواقعية للنص.
ـــ أحيانا يمكن أن تكون مصداقية بعض أفكار النص جزئية لحاجتها إلى تعديل نسبي.
ففي هذا النص نجد الكاتب يتحدث عن ضرورة إطلاع المدرسة / المعلم على التنشئة الأسرية للطفل / التلميذ و لكن بتركيزه على الزمن الماضي ( نشئ، الذي سبق و أن تفاعل، عايشها من قبل، فيما قبل المدرسة، خبرها الطفل من قبل ). و رغم أن هذا صحيح بدليل الحالات التي تحفل بها مدارسنا و الحالات التي قدمها علماء النفس و التربية من خلال مؤلفاتهم، فإن نفس الحالات المذكورة تؤكد أيضا أهمية الحاضر الأسري للطفل بالنسبة للمعلم / المدرسة.
ـــ يمكن الختم بتخريج مركز من شأنه فتح آفاق للنص على الواقع المهني للمتر شح كأن نبين بأن تمتين العلاقة التربوية بين المعلم و التلميذ و من خلالها مد جسور التكامل و التعاون بين المدرسة و الأسرة تستلزم توفر شروط: منها ما هو ذاتي له اتصال بمواصفات شخصية المعلم كطرف أساس، و منها ما هو موضوعي مرتبط بإصلاح أحوال المؤسستين المدرسية و الأسرية خاصة على مستوى إعادة الهيكلة و توزيع الأدوار في إطار التكامل مع دور المعلم ( دور جمعية الآباء، دور التعاونية المدرسية، دور المدير، دور المفتش، و أدوار أطراف أخرى يمكن اقتراح إحداثها مثل اختصاصي في السيكولوجيا المدرسية.. )
5 ــ نص مقترح على المترشح لتحليله بالإجابة عن نفس السؤالين المطروحين حول النص السابق:
يتوقف تعريف الإنتاج على مجموعة الأهداف التي تتجه نحوها العملية التعلمية، و قد وضعت هذه الأهداف بطريقة اقتصادية في حدود ( سلوك التلميذ) [...].
فجعل التلاميذ مواطنين صالحين في مجتمع حر يعتبر هدفا بعيدا يهم المدرسة و المدرس و اختيار مقياس مناسب لقياس هذا الهدف يعد مع ذلك عملا هائلا جدا و في غاية الأهمية. و تسمى هذه العملية باسم عملية ترجمة الأهداف البعيدة إلى أهداف إجرائية.
و قد أكد بعض الباحثين بأن المدارس تحتاج إلى أن تكون عملية و أن تضيق جهودها في التقويم الذاتي لإنجاز الأهداف المباشرة و التي يمكن قياسها حقيقة.
إن الأهداف هي أهداف المجتمع الكبير، و لكن من أجل الأغراض العملية لا يمكن عزل المساهمة الفردية التي يمكن أن تقدمها المدارس و المدرسين. و لهذا يقترحون أن معايير الإنتاج يجب أن تكون أساسا من مقاييس آثار الأهداف الموجهة للمدرسين على التلاميذ و التي تحصل عليها مباشرة بعد الفترة التي يقضيها التلميذ في المدرسة.
و اقترح باحثون آخرون أن كفاية المدرس يمكن تقديرها في ضوء آثار المدرسة على عمليات المدرسة و على العلاقات مع مجتمع المدرسة، و كذلك آثارها على تعلم التلاميذ. و ليس هنالك إنسان ينكر الدور الهام الذي تلعبه المدرسة في الوسط الاجتماعي للمدرسة و المجتمع، و مع ذلك يبدو أن هذين المظهرين لوظائف المدرسة يجب أن يصرح بهما فقط بالنسبة للوضع الثانوي في معيار الإنتاج طالما أن الهدف الأول للمدرسة لا يتضمن توكيد العلاقات الإنسانية المتسقة داخل جدرانها أو ترقية التعاون بينها و بقية المجتمع. ( محمد الفكيكي، تقنية تحليل النص التربوي، 2000).
يتطلع المعلمون إلى تطوير عملية التواصل داخل أقسامهم، و لكنهم يواجهون من أجل ذلك، صعوبات جمة، تحول دون تحقيق طموحاتهم، و يرجع بعض المربين أسباب ذلك إلى:
ـــ عوامل ذاتية، تتعلق بموافقة المعلمين أنفسهم، و بطبيعة الأدوار التي يقومون بها خلال
عمليات التواصل.
ـــ عوامل موضوعية، تتصل بالوضعية الديداكتيكية للبيئة الصفية.
أسئلة:
1 ــ حدد مفهوم التواصل الديداكتيكي، مبرزا بعض أشكاله. ( 10 نقط ).
2 ــ ما طبيعة الصعوبات التي يواجهها المدرس في خلق تواصل تربوي فعال؟ و إلى أي حد تؤثر في الفعل التربوي. ( 10 نقط ).
3 ــ اذكر أربعة عوامل ذاتية و أخرى موضوعية، محللا دور كل منها، في تحسين مردو دية العملية التعليمية، معززا ذلك بأمثلة من واقع القسم. ( 20 نقطة ).
دبلوم مراكز تكوين المعلمين و المعلمات ـــ دورة 1990.
أجوبة
مقدمة:
إن العملية التعليمية عملية تواصلية في الأصل، و من ثم فهي تخضع لمجموعة من المحددات التي تخضع لها أية عملية تواصلية أخرى. لكن هذا لا يمنع من أن بعض مميزاتها تجعل من التواصل فيها ظاهرة تختلف في بعض جوانبها عما يمكن ملاحظته في مجالات أخرى. فما طبيعة هذا التواصل الذي يصطلح عليه البعض بالتواصل الديداكتيكي، و ما هي بعض أشكاله؟ و كيف يؤثر نوع التواصل المعتمد في الفعل التربوي؟ و كيف تساهم مختلف مكونات العملية التعليمية الذاتية و الموضوعية في تحسين المر دودية؟ تلك هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في التحليل التالي:
1- إن التواصل الديداكتيكي هو ذلك التواصل الذي تتم أساسا من خلاله العملية التعليمية ــ التعلمية، هذه العملية تتأسس في عمومها على ركائز أو مكونات ضرورية تتجسد في المدرس و المتمدرس و المنهاج التعليمي. و بحكم أن عملية التواصل عملية دينامية وجدلية، فإن المدرس و المتمدرس يتناوبان على لعب دوري المرسل و المستقبل و ذلك بشكل تفاعلي، و يبقى المنهاج ذلك المكون الذي يضم المضمون ( الإرسالية) و القناة التي عبرها يتم تبادل الرسائل. و هكذا يكون التواصل الديداكتيكي ذلك الميكانيزم الذي يتم عبره التفاعل بين المدرس و المتمدرسين بغية الوصول إلى أهداف تتحدد قبلا: و يتضمن هذا الميكانيزم حمولة معرفية أي مضمونا هو مجموع الدلالات و المعاني و الخبرات و الإعلامات التي يود أحد الطرفين المتواصلين إيصالها إلى الآخر، كما يتضمن « وعاء» سيكولوجيا هو مجموع الشحنات الوجدانية و المواقف و الاتجاهات و الإحساسات التي تصاحب إرسال الرسالة و استقبالها. و يتفاعل هذان الوجهان و يؤثر بعضهما في البعض. فالخبرة التي يود المدرس نقلها إلى التلاميذ قد يتأثر وصولها إليهم بحسب موقفهم منه، و اتجاهاتهم نحو العملية التعليمية و ميولهم إلى المادة، و كذلك بتصوراتهم حول موقف المدرس منهم و علاقته الوجدانية بهم و العكس صحيح.
و لا يقتصر التواصل الديداكتيكي على مجال المعرفة، بل يشمل أيضا مجالات الشخصية الأخرى، كأن يتمحور حول تشكيل قناعات و قيم أو تشكيل مهارات و كفاءات جسمية. و تبقى ضرورة الإشارة إلى أن مفهوم التواصل يستلزم بالضرورة وجود تغذية راجعة قد يستفاد منها بدرجات تتفاوت من حيث الوظيفة بحسب درجة الوعي بأهميتها و تلعب هده الاستفادة دورا مهما في تصحيح سيرورة التواصل و تقويم اعوجاجه و تفادي سوء الفهم و التفاعل و الابتعاد عن حوار الصم.
غير أن التواصل الديداكتيكي ليس نوعا واحدا، فبالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه أعلاه من تنوع من حيث موضوع التواصل (المعرفة، القيم، المهارات)، نلاحظ أنهدا التواصل آليات، فيعتمد على شروحه و إيماءاته و حركاته أو صمته، و قد يكون غير مباشر تستخدم فيه بعض الأجهزة تمرر عبرها الإرساليات.
كما أن التواصل ضمن جماعة الصف يمكن أن يكون لفظيا أو غير لفظي؛ و قد طرحت في هدا الباب مجموعة من الأبحاث حول دور جسم المدرس و كيفية توظيفه في التواصل التربوي، كما برزت مجموعة من الدراسات حول وظيفة لغة المدرس و طبيعة التواصل اللفظي، من ذلك مثلا ما قدمت فلاندز flandes في هدا الباب.
و من منظور آخر نستطيع أن نميز بين ثلاثة نماذج من التواصل الديداكتيكي، هي التواصل العمودي السائد في الطريقة التقليدية حيث يكون المدرس في الغالب مرسلا و التلميذ مستقبلا و العلاقة بينهما علاقة تراتبية عمودية تجسد التصورات التي يحملها كل طرف عن الآخر و مواقفه منه و إدراكا ته بموقع ذاته و موقع الآخر؛ ثم هناك التواصل الفعال المرتكز على الفرد و الذي يبرز ضمن الطرائق الفعالة المرتكزة على آلية التفكير الفردي، حيث يسود الاعتقاد بفعالية المتعلم و ضرورة تمتيعه بحرية التعلم و أهمية الدافعية الذاتية، و يبقى التواصل بين المدرس و التلميذ في إطار علاقة ثنائية بالأساس ترتكز على التفريدية انطلاقا من الإيمان بأهمية الفروق الفردية و ضرورة مراعاتها في التعلم. بينما يرتكز النموذج الثالث على الجماعة، و هذا ما ساد في الطرائق الفعالة المرتكزة على آلية التفكير الجماعي، حيث تتم عملية التعلم ضمن الجماعة و بالجماعة، و هذا ما يستلزم تواصلا جماعيا مبنيا على الحوار و النقاش و التشاور. و لا يحتكر المدرس في النموذجين الأخيرين دور المرسل، بل يتقاسمه مع التلاميذ انطلاقا من القناعة بأن الدرس شراكة بين من يعلم و ذاك الذي يتعلم.
و هكذا نلاحظ من خلال هذه الأمثلة أن عملية التواصل قد تتخذ أشكالا مختلفة، و ذلك بحسب البعد الذي نتناول من خلاله هذه العلاقة التفاعلية، و ما ذكرناه لا يعدو أن يكون من باب المثال لا الحصر.
2 ــ لا أحد من المدرسين يرغب في ألا يتواصل مع تلاميذه، و ألا يكون تواصله معهم إيجابيا لأمرين أساسين؛ فهو مضطر بشكل حتمي لأن يتواصل، لأن العلاقة التعليمية هي علاقة تواصلية بالحتم، و لا نستطيع أن نتصور عدم وجود تواصل داخل فصل من الفصول. و يكون من الخطأ أن نتحدث أحيانا عن انعدام التواصل بين هذا المدرس و تلاميذه، لأنه في الواقع لا يمكن للمدرس ألا يتواصل. فإذا كان باتسون Bateson قد أكد أنه من المستحيل ألا يتواصل الإنسان، فإن الأمر يزداد استحالة ــ إن صح التعبير ــ بالنسبة لواقع الفعل التعليمي الذي هو عملية علاقية. و لما كان لا مفر للمدرس من التواصل، فإنه مضطر أيضا إلى البحث عن أفضل أساليب التواصل حتى تكون علاقته مع الآخرين ضمن جماعة الفصل علاقة مربحة و مفيدة. إن الإنسان يبحث على الدوام ــ إلا في حالات مرضية ــ عن الشعور بالأمن.
لكن الطبيعة الدينامية لجماعة الفصل، و كذلك السياق الذي تتم فيه عملية التواصل التربوي، تفرز في كثير من الأحيان مجموعة من الصعوبات و العوائق التي تجعل من هذه العملية عملية غير مريحة دائما، مما يخلق توترات تكبر خطورتها أو تقل بحسب وعي المدرس السيكوسوسيولوجي و مدى قدرته على توظيف التغذية الراجعة.
من ضمن هذه الصعوبات التي تحد من إمكانية خلق تواصل تربوي فعال، يمكن أن نذكر عدم قدرة المدرس على النزول إلى تلاميذه. إن نوع التواصل السائد في مدارسنا هو من نوع التواصل غير المتكافئ. فالتلميذ ليس ندا للمدرس، و من ثم فشاطئاهما المرتبطان بالتواصل لا يكونا متطابقين. و كلما ابتعد هذان الشاطئان عن بعضهما، كلما كانت الصعوبات أكبر و أخطر. إذا كان من المفروض على الطرفين أن يقلصا من تباعد شاطئيهما هروبا من السقوط في حوار الصم، فإن المدرس بالأساس هو المطالب أكثر بالعمل على تحقيق ذلك. و هذا الأمر ليس من السهولة بمكان، بحكم أن المدرس يعيش مواطنتينdeux citoyennetés كما يقول لانجفيلد M.S.Langveld ، فهو ينتمي إلى عالم الراشدين و محكوم عليه بالعيش مع عالم الأطفال، و هذه المفارقة تخلق إشكالية وجودية بالنسبة إليه، فإن هو توحد بأطفاله، فقد ذاته كراشد و عجز عن حمل أطفاله إلى المزيد من النضج، و إن هو توحد بعالم الراشدين، فقد أطفاله و لم يستطيع التواصل معهم،لذا تطرح على عاتق المدرس مهام جسام و وعي كبير.
بالإضافة إلى هذه الصعوبة، يمكن ذكر عائق آخر قد يحول دون إيجاد تواصل تربوي فعال، من ذلك طبيعة المنهاج التعليمي؛ فاشتماله على أهداف بعيدة عن ميول التلاميذ و وجود مضامين مملة لا تتناسب و طبيعة مرحلته النمائية، و سيادة طريقة و أساليب تعتمد على الإذعان، و كذلك حضور أشكال تقويمية تخلق « فوبيا » معطلة، كل هذا لا يمكن إلا أن يعيق وجود تواصل فعال، و أن يؤدي إلى المزيد من السلبية و بروز آليات دفاعية و أساليب المناورة من كلا طرفي العملية التعليمية / التعلمية.
و تلعب الإمكانات المادية للمدرسة في كثير من الأحيان دورا بارزا في إعاقة أو تسهيل عملية التواصل التربوي. فوجود الوسائل التعليمية و طبيعة البنية التحتية للمدرسة، يسهل إلى حد كبير عملية التواصل التربوي، خاصة في مجموعة من المواد التي يحتاج فيها التعلم إلى الملاحظة و التشخيص. كما أن طبيعة التسيير الإداري و علاقة الآباء بالمدرسة، و ما يشكلونه من تصورات لدى أبنائهم تجاه المدرس و المؤسسة، لا يقل أهمية عما تمت الإشارة إليه. ففي كثير من الأحيان، يلاحظ أن موقف التلميذ من التواصل التربوي يتحدد بنسبة مهمة، انطلاقا من موقف الآباء من العملية التعلمية.
إن هذه الصعوبات، بالإضافة إلى عوائق أخرى، ترتبط بالحالات الشاذة كبعض الإعاقات الجسدية و غيرها، تؤثر سلبا ــ كما تبينا ــ على عملية التواصل التربوي كعملية إعلامية و وجدانية في نفس الوقت، و هذا يرتد طبعا على مستوى التعلم و تحقق أهدافه.
3ــ تتأثر مردو دية العملية التعليمية / التعلمية بمجموعة من العوامل، منها ما هو مرتبط بذات المدرس و منها ما هو موضوعي. و في كثير من الأحيان، يتداخل ما هو ذاتي بما هو موضوعي بفعل جدلية الظواهر و تركيبتها و تفاعلها.
إن من أهم العوامل الذاتية في خلق تواصل تربوي فعال، و من ثم الوصول إلى المر دودية المستهدفة، هو وجود موقف إيجابي لدى المدرس من العملية التعليمية. و هذه مسألة أساسية تكون مثل هذا الموقف يعتبر شرطا ضروريا للممارسة و لتحسين المر دودية. إن الاتجاه نحو التدريس يختزل مجموعة من الاتجاهات نحو مكونات الفعل التعليمي بل هو يحددها جميعا. فلا يمكن للمدرس أن يكون إيجابيا في عمله، ما لم تكن مواقفه من عملية التدريس إيجابية. و لعل ما يلاحظ من تردد في المر دودية التعلمية، يرجع في جزء كبير منه إلى هذه الأزمة التي يعرفها الاتجاه من مهنة و عملية التدريس بسبب عوامل شتى. و طبيعي جدا أن مدرسا لا يرغب في مهنة التدريس، تكون فعاليته ناقصة و سلبية نظرا لغياب الدافعية لديه، مما يترتب عنه احتراق نفسي يزيد من سلبية اتجاهه نحو ذاته و نحو مهنته. و هذا يلاحظ داخل بعض الأقسام حيث تسود الأجواء المكهربة و يطغى العقاب الانتقامي و البحث عن كبش الفداء و الاستهتار و الرتابة. و هي كلها معطيات لا يمكن أن تحقق المر دودية المتوخاة، في حين أن الفصول التي يدرس بها مدرسون يتمتعون بحد معقول من تقبلهم لمهنتهم، غالبا ما تنعدم فيها مثل هذه الظواهر أو تقل إلى درجة يكون تأثيرها ضعيفا.
و يرتبط بهذا الموقف عاملان آخران، هما حب الطفل و احترام شخصيته. و في غياب هذين المحددين لا يمكن لعملية التواصل أن تتم بالشكل الذي يسمح بتحسين المر دودية، ذلك أن حب الطفل يجسد الشرط الوجداني للتواصل، في حين أن احترام شخصيته يعني أساسا القدرة على تكييف خطابنا وفق قدراته و إمكانياته، و هو ما يجسد الشرط المعرفي لهذا التواصل، أي مضمونه. إن الأطفال في الفصول الدراسية حساسون جدا لهذين الشرطين، بحيث نلاحظ أن الطفل الذي لا يستشعر أنه متقبل من طرف مدرسه، غالبا ما ينفر من المضمون الذي يقدمه هذا الأخير. فالحب يمنح الشعور بالأمن و الثقة في الذات أولا و في مصدر الحب ثانية، و هذه الثقة ضرورية في إيجاد تواصل سليم ينتج مردودية تنسجم و الأهداف المسطرة. و قد أصبحت الدراسات السيكولوجية الآن أكثر اقتناعا بهذا التداخل بين ما هو وجداني و ما هو معرفي، معتبرة أن الفصل بينهما في إطار الشخصية فصل لا يعكس وحدتها كليتها.
و تلعب إمكانات المدرس الديداكتيكية دورا لا يخلو أهمية في الإسهام في تواصل تربوي ناجح، ذلك أن تكوينه البيداغوجي و امتلاكه للميكانيزمات التعليمية يعتبر أن أمرا مهما في هذا المجال، إذ لا يكفي حب الطفل و معرفة مرحلته النمائية، بل ينبغي أيضا امتلاك التقنيات الكفيلة بالتواصل التربوي، أي القدرة على النزول بهذه الشحنات الوجدانية و النظرية إلى مجال الممارسة. فالفعل التعليمي لم يعد حاليا، مع تطور المعرفة البيداغوجية و العلوم الإنسانية و وسائل الاتصال الجماهيرية، لم يعد يرتكز على حدس و التلقائية، بل أصبح عملا مضبوطا و مقننا و مخططا له، و هذا ما يستلزم من المدرس أن يكون مخططا ومقوما و منشطا. و الفصل ليس مجالا لتعبير المدرس عن مشاعر الحب نحو الطفل أو أن يكون ملما بالمعارف فقط، و لكن أيضا ينبغي أن يكون متمكنا من التقنيات، و منها تقنيات التواصل. و على تلك المشاعر أن تتبلور من خلال تحقيق أهداف المهام التي تتجلى في التعلم و في كيفية التعلم. و لكي تتحقق أهداف المهام هذه، لابد من هندستها و تنظيمها، و هذا ما يستلزم دراية و تكوينا ينبغي تجديدها على الدوام بحكم أن المعرفة البيداغوجية تتطور باستمرار.
و من ضمن العوامل الذاتية للمدرسين التي تساعد على تحسين المردودية التعليمية هو قدرة المدرس على البحث، و هذا أمر أصبح يشكل ضرورة في التربية الحديثة؛ إذ لم يعد المدرس مستهلكا للمقررات و التوصيات و التعليمات، بل أصبح عليه أن يمارس البحث التربوي متخذا من فصله مجالا لرصد الظواهر و وضع الفرضيات و تجريبها، و هو ما يتيح له إمكانية تشخيص العوائق و رصد مكامن القوة، و إيجاد أساليب العلاج للمشاكل و المثبطات. صحيح أن مدارسنا تبقى في عمومها مؤسسات تقليدية في برامجها و مناهجها، لكن مع ذلك تبقى هناك هوامش اصطلح عليها سنيدرس Snyders بالهوامش الثورية تسمح لنا بإقحام بعض الأساليب و التصورات الحديثة، و هي خطوة أولى قد تتطور بحسب مستوى تغلغل الفكر البيداغوجي الحديث لتتوسع أكثر.
إن إدخال بعض التقنيات أو الممارسات الحديثة إلى القسم، كلما سمحت الإمكانيات بذلك، و إحداث بعض التعديلات في أساليب التواصل و تقنياته، يمكن أن يخفف من وطأة الرتابة التي تسيطر على فصولنا. وهذه التعديلات ينبغي أن تسبقها بحوث و عمليات رصد للإمكانيات و تخطيط يبعد عن العشوائية التي غالبا ما تؤدي إلى فشل تجارب التعديل و من ثم اليأس. فعلى سبيل المثال، يلاحظ لدى كثير من المدرسين كونهم جد متحمسين في بداية تخرجهم لمبادئ التربية الحديثة و لمعاداة اللجوء إلى العقاب، لكنهم سرعان ما يتخلون عن حماسهم بمجرد فشلهم في التجارب الأولى إزاء أطفال « مشاغبين » أو
« غير جادين » مما يؤدي بهم إلى السقوط في التقليدية و اللجوء إلى العقاب كوسيلة للعلاج و يفلحون مؤقتا في عملية الردع، معتقدين أنهم نجحوا، و تضمحل المبادئ التي حملوها من مراكز تكوينهم، بل تتشكل لديهم قناعات بعدم جدواها، متغافلين أن تجربتهم الأولى كانت تستلزم النفس الطويل، كما أنها كانت في حاجة إلى عدم عملية البحث التي تسائل العوامل و الأسباب في بروز هذه الظاهرة أو تلك.
أما على مستوى العوامل الموضوعية، فيمكن تصنيفها إلى عوامل مادية، عوامل بشرية اجتماعية و عوامل بيداغوجية، و إن كان هذا التصنيف تصنيفا منهجيا من المفروض ألا يغيب التداخل و التفاعل الموجودين بين تلك العوامل.
فعلى المستوى المادي، تلعب البنية التحتية للمؤسسة و إمكانات الفصل، من حيث التجهيزات و الوسائل التعليمية دورا مهما في تسهيل عملية التواصل التربوي، و من تم تحسين المردودية التعليمية. إن التواصل يحتاج إلى قنوات ووسائط لنقل الخطاب. و كلما كانت هذه القنوات جيدة و غنية، كلما كان التواصل سليما و ناجحا. كما أن الطبيعة « الإيكولوجية » للفصل تخلق أجواء نفسية تتميز بالارتياح، مما يقلص من حالات التوثر أو الشعور بالكآبة و الرتابة.
و بالنسبة للعوامل البشرية و الاجتماعية، فتدخل ضمنها الظواهر التشريعية و المظاهر التسييرية و الإدارية، و كذلك علاقات المدرس بالجماعات الأخرى المهتمة بالتلميذ ك الأسرة و غيرها. و هذه كلها عوامل تلعب دورها في تحسين مردودية التعليم، كما أنها تساعد أو تعيق المدرس في خلق تواصل تربوي سليم، إذ كلما كانت إدارة المؤسسة و الأسرة متعاونتين، كلما شجع ذلك على خلق تواصل فعال بين الأطراف المعنية، و من ثم في خلق تواصل تربوي داخل الفصل.
و تلعب المعطيات البيداغوجية من أهداف و برامج و طرائق رسمية و أساليب تقويم، دورا خطيرا في عملية التواصل و تحديد طبيعة المردودية التعليمية؛ إذ كلما كانت تلك الأهداف واضحة و مدروسة و علمية، و كلما كانت البرامج في مستوى المتعلمين و حاجاتهم و ميولهم، و كلما كانت الطرائق ترمي إلى عدم الاقتصار على شحن الأدمغة، بل إلى تطوير الشخصية و تعليم التعلم، و كذلك كلما كانت أساليب التقويم هادفة إلى توظيف التغذية الراجعة، كلما وجدت الأدوات البيداغوجية السليمة لإحداث تواصل تربوي إيجابي، و من ثم المردودية المتحسنة باستمرار.
إن المعطيات البيداغوجية تلعب دورا كبيرا في رسم معالم العملية التعليمية و على تحديد أساليب و أشكال التواصل داخل الفصل. و يمكن القول، إن الطريقة التعليمية السائدة كفلسفة في التعليم، أي كمجموعة من التصورات التي تحدد طبيعة عناصر العملية التعليمية و طبيعة العلاقات الرابطة فيما بينها، يمكن القول إنها هي المحور المحدد لباقي المكونات البيداغوجية الأخرى و من ثم نسقية هذه المعطيات.
إلا أن ذلك لا يمنع من أن هذا النسق يمكن أن يكون مفتوحا يسمح بإدخال بعض العناصر الجديدة أو التعديلات، و هذا ما يجعل أمر التداخل بين العوامل الذاتية للمدرس و العوامل الموضوعية أمرا مؤكدا.
إن العوامل الذاتية و الموضوعية التي أشرنا إليها من باب المثال لا الحصر. و التي تؤثر في المردودية التعلمية، هي عوامل متداخلة يصعب الفصل بينها، نظرا لأن العملية التعليمية ــ التعلمية عملية دينامية و جدلية و كلية في نفس الوقت، و طبيعتها هذه هي التي تجعل الفصل بين مكوناتها و محدداتها فصلا منهجيا ليس إلا. ( تحليل الأستاذ: عزوز التوسي ، سلسلة التكوين التربوي العدد 5).
• المقاربة الأولى : * كيف نحلل النصوص التربوية و الديداكتيكية؟
» الإجابة على مثل هدا السؤال من موقع المدرس , غالبا ما تكون محددا أساسيا لمنهجية عملية يتطلب تطويرها وعناؤها, بناء جهاز محكم, واستحداث خطة محكمة اللجوء إلى مهارات وتقنيات متخصصة , وتضيف مفاهيم محددة . ونعتقد انه بدون هده الشروط المرتبطة بمنهجية تحليل النصوص , وأهدافها البرغما تية التي ترفض الاستطراد , لا يمكن توقيع تلك النتائج التي تفضي في النهاية إلى تحليل واضح المعالم والأسس. وسواء كانت منهجية تحليل النصوص التربوية تعني الجانب التطبيقي او النظري , فانها تستوعب بمفردها أدبيات البيداغوجيا والديداكتيك التجريبي والنظري .
كل نص تربوي يعد مقاربة .وتتكون هده المقاربة من جانبين أساسيين : يا خد الجانب الأول صيغة السؤال التالي : مادا قال هدا المربي في موضوع الطفل والتعليم والقراءة الخ.........؟
ويا خد الجانب الثاني الصيغة التالية : إلى أي حد استطاعت آراء هدا المربي أو دالك أن تسهم في حل هده المشكلة أو تلك؟
لا يفصل الجانب الأول عن الطافي , فهما سؤال واحد (1) .والقضية الأساسية من متضور النصوص وكتابها , ومن منظور منهجية تحليلها, تتعلق بترتيب وتن ضيم خطوات المعالجة .وعلى هدا الأساسية فان الجانب الأول يرتبط بالعرض التاريخي لمجموعة من الوقائع المستمدة من السياق ومشكلاته عبر تاريخ الفكر التربوي .أما الجانب الطافي فيرتبط بالأساس المنطقي الدي يتولى مهام كثيرة تذكر منها ما يلي : المسالة المنهجية , فهم النص , تحليله , نقده, وما يرتبط بها من مهارات وتقنيات. وبتبار آخر , فان هدا المنهجية تحليل النصوص يترجم مدى قدرة المتر شح على الغوص في مشكلات النص والكشف عن مظاهرات المتعددة. والطريقة التي ينتهجها هدا الكاتب او داك النص تنم في حد ذاتها عن طريق المنهج الذي يقترحه.
في هدا الأساس المنطقي تبرز أهم المشكلات التي تواجه المتر شح خلال تحليله للنصوص وتحد هده المشكلة في خطوة التقويم او إصدار الأحكام.
تفرض هده المشكلة على محلل النص ان يا خد في اعتباره ما يلي .
-إن الذي يحدد منطق إصدار الأحكام هو طبيعة الموضوع ذاته .
- توجد فكرة إصدار الأحكام هو طبيعة الموضوع بعمق في النسيج الكلي لعلوم التربية وفي المنطق , وفي الأخلاق.
- يزعم التقويم النقدي أن صاحب النص وقع في" اخظا" ويدعى المقوم أن نقده يقدم "الصواب" ويعني هدا أن نقده يتضمن تصورا لما يجب أن تكون عليه هده النظرية التربوية الواردة في النص, أو هده الجملة أو تلك العبارة.
- يتضمن استخدام هدا التصور بوصفه معيارا يطبق على تحليل كل النصوص .غير أن المحلل (المقوم) الذي يستخدم هده المعايير ملزم في تحليله , بتقديمها (عرضها) والدفاع عنها , في مثل هده الخطوة يملك المحلل (المقوم )أو الناقد تصورا أو مجموعة التصورات لما يجب أن يكون عليه الكتابة الإنشائية , وما يجب أن يكون عليه التقويم أو النقد . انطلاقا من هدا كله, فان المهام المنهجية للمرشح تتحدد في أن يتقدم لنا منهجية التحليلي (la méthode analytique.) النقدي , ويقنع قارئ تحليله بالحجة البيانية ألا جابية , وبان مبادئه التي يتأسس عليها الفهم (فهم النص) وتحليله ونقده, مبادئ تسليمه , وان معاييره اسلم, وان طريقته صادرة بأمانة عن هده المبادئ .
يقوم محلل النص التربوي بتحليل القضايا التي تنتمي إلى مصادر متنوعة. وينحصر عمله في فئتين من القضايا :
ـ معطيات التحليل ونتائجه .
ـ المبادئ التي تسير وفقا لها عملية التحليل .
ـ وتؤلف فئة المبادئ نظرية خاصة بطبيعة المادة ، ومنهجها ، ومتطلباتها اللغوية والأسلوبية والتنظيمية .
في تحليل النصوص تحتل مشكلة التعريف موقع الصدارة في منهجية المترشح .
ويعني موقعها هذا ، إرتباطها بصعوبة فهم الكلمات والمصطلحات .وتتضاعف درجة الصعوبة هنا عندما يواجه المحلل مشكلة تحديد الكلمات الأساسية أو الكلمات المفاتيح ( Les mots clfs ) .
لتذليل مثل هذه الصعوبات نقول إن المرحلة الأولى من التعريف تتوقف عند تعيين الحد الأدنى .والمراحل الموالية تقوم بتعديل هذا التعريف الأدنى بإضافة تحديدات جديدة ، كل منها يتضمن ما تم التوصل إليه من قبل ، إلا أن كلا منهما يضيف تغيرات نوعية ، وتركيبات وإضافات ، وفي الأخير يتم التوصل إلى مرحلة يحتوي فيها التعريف جميع ما يمكن أن يوجد في التصور .
1.وضيفة تيسير استرجاع المعلومات’
2.وضيفة التحليل المقارن.
يساهم التصنيف من الناحية العملية في وضع قضايا النص واهتماماته في إطار معين (8) وداخل هدا الإطار يهيئ المحلل الوقائع ويجمعها في مجموعات حول نطاق ثابتة , وتحليل هده النقاط الثابتة يتم باعتبارها مراكز اهتمام (des centres d’intérét.) .
يفرض النص على المترشح الاهتمام بمنطق النص . ويهتم هدا المنطق بالفكر بوصفه موضوعا له .ويتميز بانه له خاصية مزدوجة فهو معياري من حيث الطريق التي يجب ان تفكر بها قضايا منطق النصوص ومدى ثطابق القواعد التي يصنعها المنطق .
وانطلاق من منطق النصوص (la logique des texte ). يمكن للمحلل أن يهتم بثلاثة أشياء في كل استدلال :
1.المعطيات التي يبدأ منها الاستدلال .
2.المبادئ التي نستدل بها وفقا لها .
3. نتائج الاستدلال .
قد تكون المعطيات افتراضات , المبادئ فتعرف باسم البديهيان.مثل : ادا أضيفت كميات متساوية إلى أخرى متساوية ستكون المجموع متساويا.وتعرف المعطبات تجريبيا عن طريق الإدراك الحسي أو السجلات التاريخية الخاصة بالإدراك الحسي في الماضي.(صدى التضامن من 2003).
• المقاربة الثانية:* مراحل و تقنيات تحليل نص تربوي مفتوح:
1-طرح إشكالية النص:
أي القضية التي يدور حولها النص، وبما أن الأمر يتعلق بإشكالية، فمعنى هذا أن هذه القضية تختزل مجموعة من المشاكل المترابطة، لذا فمن المستحسن الانطلاق ق في تركيبها من الكل إلى الجزء: طرح القضية/الإشكالية في مجملها، ثم بيان أبعادها و طرحها في صيغة تساؤلية أو تقريرية تمهيدا لعملية التفكيك .وتيسيرا لإنجاز العمليات المذكورة يمكن الوقوف عند ما يمكن أن نسميه بمفاتيح النص: مصطلحات و مفاهيم أساسية، عبارات دالة...ويمكن قبل طرح الإشكالية إنجاز مدخل يركز فيه على: بيان نوع النص(مقتطف من عمل أكاديمي، مقالة...)؛وضع النص في إيطاره الفكري و العلمي(حقله المعرفي،المدرسة أو الا تجاه الذي يندرج فيه)؛وضع النص في الظروف الإجتماعية و الثقافية و التاريخية التي ساهمت في إفرازه؛ التعريف بشخصية صاحب النص...
2-تفكيك النص:
لتفكيك النص يمكن القيام بالعمليات التالية:
بناء هيكلة خا صة للنص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها؛مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة وبين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى .
ـ تفسير كل مكون على حدة مع الحرص على ألا تتخذ عملية التفسير طابع اجترار منطوق النص .فالتفسير هنا محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للمترشح في تمثل محتوياته، على أساس أن محلل النص يعتبر وسيطا بين صاحب النص وبين قارئه العادي.
ـ الحرص على أن تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجه سعيا وراء تبسيط معطياته.
لذلك يندرج ضمن عملية التفسير :
• التعليل : محاولة الكشف عن المبررات والأساليب المفسرة للتوجه الذي يحكم مضامين مكوناته.
• التأويل : محاولة الكشف عن المسكوت عنه في النص والذي يوحي به منطوق النص .أي إعطاء مضامين النص لا يكون ظاهرا ولكنه مستشف من العبارات أو المصطلحات...الموظفة في النص.
• مقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين وذلك إمعانا في فهمه أبعاد توجهه.
• إغناء النص بأمثلة تعزز ما يذهب إليه النص أو توضح ما يبدو غامضا في النص .
• توضيح منطق النص : الآليات المعتمدة في الإقناع ، نوع المقولات الفكرية المروجة ( افتراضات ، استنتاجات، مقارنات ....).
التحليل المقترح هنا لا ينفصل عن عملية التركيب التي آثرنا عدم التنصيص عليها كمرحلة منفصلة توخيا للتبسيط .فما تمت الإشارة إليه آنفا من : إغناء مضامين النص بإضافة مستقاة من الأدبيات التربوية أو من الواقع في إطار التعمق في فهمه ، الخروج باستنتاجات ، الربط بين الأفكار ، هيكلة النص بإبراز مكوناته الأساسية وترتيبها ، كل ذلك من صميم عملية التركيب .
3- تقويم النص:
ــ أي مناقشته و مقاربته مقاربة نقدية.
ــ عادة ما يميز في هذا الصدد بين التقويم الداخلي الذي يتم من داخل النص و بين التقويم الخارجي الذي يتم من خارج النص: من خلال نصوص أخرى أو من خلال الواقع.
ــ و على العموم يمكن أن يتم التقويم بنوعيه على المستويات التالية:
• المنطق المعتمد في النص: قد يكون مفتقرا إلى التماسك ( تناقضات / مفارقات )، قد يكون قاصرا عن الإقناع و التأثير و تحقيق الهدف المتوخى منه نظرا لبعض العبارات أو الأفكار المروحة ضمنه.
• مدى انسجامه مع الانتماء الفكري أو العلمي للكاتب و مع إطاره السوسيو ــ تاريخي.
• مدى الصحة العلمية و الواقعية للأفكار المطروحة ضمنه ( و هنا يمكن الاستعانة باستشهادات مستقاة من نصوص كتاب آخرين بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون لنفس التوجه الفكري و العلمي لصاحب النص، كما يمكن الاستعانة بأمثلة مستمدة من الواقع بصفة عامة ).
• مدى ملاءمة أفكار النص للواقع التربوي المغربي ككل و للواقع المهني للمترشح بصفة خاصة، أو ما يمكن أن نسميه بمدى وظيفية النص. و المتوخى هنا هو حث المترشح على فتح آفاق للنص على تجربته المهنية لكي يصبح بالفعل نصا وظيفيا ثمينا بأن يستثمر لإغناء الممارسة المهنية للمترشح.
و هنا يمكن إضافة التعديلات التي يراها المترشح ضرورية لتكييف النص مع خصوصية ممارسته المهنية ( ما ينبغي الاستغناء عنه من أفكار النص، ما يمكن تبنيه مع الإضافة و التعديل...).
تجدر الإشارة أخيرا إلى أن تقويم النص لا يشمل بالضرورة جميع الأفكار المطروحة ضمنه، بل يستحسن الوقوف عندها هو أساسي منها، خصوصا و أن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقع المحلل في الإطناب.
* مراحل و تقنيات تحليل نص تربوي موجه:
1 ــ النص المقترح:
إن توطيد العلاقة بين المعلم و التلميذ يعتبر الخطوة الأولى و الأكثر أهمية في عملية التنشئة الاجتماعية التي توليها المدرسة كل اهتمامها و لا شك أن هذه العلاقة بالنسبة للطفل سوف تنطبع في نفسه و إحساسه من حيث لا يدري و لا يعلم، و بالتالي سوف تؤثر إلى حد كبير على كيفية توافقه و سعادته في المدرسة. كما أن نوعية هذه العلاقة سوف تحدد المدى الذي سيصل إليه الطفل من نجاح أو فشل.
و بالنسبة للمدرسة فإن هذه العلاقة المبكرة تعتبر أيضا ذات أهمية، إذ تساعد على إلقاء الضوء على الطريقة التي نشأ بها الطفل بواسطة والديه و علاقته معهما أو مع الكبار الذين سبق و أن تفاعل معهم في المنزل أو المجتمع الصغير اللذين عايشهما من قبل. و ذلك لأن درجة التماثل بين التنشئة الاجتماعية فيما قبل المدرسة و ما تحدثه المدرسة، سوف يؤثر على ما يتقبله أو ما لا يتقبله الطفل من خبرات مدرسية جديدة. و إذا ما حدث التباين بين المعايير التي خبرها الطفل من قبل و معايير المدرسة، فإن الطفل [...] قد يواجه بمشكلات معقدة إذ لا يستطيع أن يتخير إتباع أي مجموعة من القيم في أي وقت و في أي المواقف على أنها أكثر ملاءمة.
د. أحمد فاروق محفوظ و د. شبل بدران (1993) أسس التربية، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، ص.77-78.
أسئلة:
• أبرز الإشكالية التي يدور حولها النص و حلل مكوناتها.
• ناقش النص في ضوء تجربتك المهنية.
2 ــ توجيهات عامة:
ـــ القراءة المتأنية للنص مع استخلاص المفاهيم و العبارات الأساسية التي يمكن أن تساعد على ضبط الإشكالية و مكوناتها ( العلاقة معلم/ تلميذ، التنشئة الاجتماعية المدرسة الوالدان ( الأسرة)، التوافق، التماثل ــ التباين، المعايير/ القيم/).
ـــ الإجابة عن كل سؤال على حدة مع الحرص على التوازن الكمي بين الجوابين نسبيا.
ـــ الوقوف في الجواب عن السؤال الأول عند التحليل/ التفكيك/ التفسير/ أي التعامل مع النص من الداخل.
ـــ الحرص في الجواب الثاني على مناقشة / تقويم النص من الخارج لأن التجربة المهنية للمترشح واقع يتموضع خارج النص.
ـــ يجب أن تفهم المناقشة / التقويم بيان جوانب القوة / الصلاحية و الضعف / عدم الصلاحية أو ما يمكن أن نسميه بالتقويم المزدوج، مع الحرص على استحضار التجربة المهنية كمحك وحيد لذلك.
ـــ لاحظ التمفصل بين السؤالين: السؤال الأول يأتي منطقيا قبل الثاني و يؤدي إليه، فبعد تفكيك / تفسير النص و بسط معطياته تأتي منطقيا مرحلة التعامل التقويمي معها بما لها و ما عليها. لذلك يحسن ترتيب الجوابين تبعا لترتيب السؤالين و هذا ما يساعد على ̋ حسن التخلص ̏ من السؤال الأول إلى الثاني.
ـــ مراعاة القواعد الأساسية للتحرير:
توخي ̋ الأسلوب العلمي ̏ المتمثل في:
تجنب الحشو و التكرار، ضبط المصطلحات و المفاهيم المستعملة، مراعاة علامات الوقف و الترقيم، وضع الاستشهادات المنقولة حرفيا بين مزدوجتين و الاكتفاء بصدد ما اقتبس معناه باستعمال عبارة: ما معناه متبوعة بنقطتي تفسير، التأكد من أسماء الأعلام، تنظيم الفقرات، سلامة اللغة.
3 ــ عناصر ميسرة للجواب عن السؤالين:
4-3-1 إبراز إشكالية النص و تحليل مكوناتها:
- الإشكالية:
أهمية العلاقة بين المعلم و التلميذ في العملية التنشئة الاجتماعية كوظيفة أساسية للمدرسة.
- المكونات:
* يحتوي النص على مكونين أساسين:
• أهمية العلاقة معلم / تلميذ بالنسبة لهذا الأخير.
• أهمية العلاقة معلم / تلميذ بالنسبة للمدرسة / المعلم.
* لاحظ ارتباط هذين المكونين بالإشكالية المطروحة باعتبارهم بعدين أساسين للعلاقة المذكورة.
* أبعاد المكون الأول موضوع التحليل:
• الأهمية أبرزت في شكل التأثير الذي تحدثه تلك العلاقة في شخصية الطفل / التلميذ، خاصة على مستوى توافقه الدراسي الذي يمكن مقاربته من زاويتين: الزاوية الوجدانية و الزاوية المعرفية التحصيلية.
• يحسن أثناء المقاربة السالفة الذكر عدم إغفال التأثير اللاشعوري خاصة و أن أثر تلك العلاقة يتم ̋ من حيث لا يدري و لا يعلم ̏ الطفل / التلميذ. يمكن التعرض لبعض الآليات التي من شأنها تكييف العلاقة معلم / تلميذ و خاصة آلية التقمص و التحويل.
• يفضي بنا التحليل في هذا الاتجاه إلى إبراز التداخل الكائن بين الجانبين الوجداني و المعرفي في شخصية الطفل / التلميذ، و خاصة من حيث تمظهر الأول و الثاني، فالتعثر الدراسي ذو الطابع المعرفي قد يكون مؤشرا لخلل في التواصل الوجداني بين المعلم و التلميذ.
• التنصيص على ̋ نوعية ̏ العلاقة في النص يسمح بالوقوف عند تصنيفات العلماء للتمييز بالخصوص بين العلاقة السلطوية و العلاقة الديمقراطية للتأكيد على خصائص هذه الأخيرة في ارتباطها بالتوافق / النجاح الدراسي.
* أبعاد المكون الثاني موضوع التحليل:
• الأهمية أبرزت على مستوى ما تتيحه تلك العلاقة للمدرسة (و للمعلم بالتالي) من إمكانية الإطلاع على طبيعة التنشئة التي تلقاها الطفل داخل أسرته.
• يمكن أن يغني تحليل هذا العنصر بيان ما في متناول المعلم / المدرسة من إمكانيات ذاتية و موضوعية مرتبطة باستثمار العلاقة معلم / تلميذ، للإطلاع على التنشئة الاجتماعية الأسرية للتلميذ.
• تعليل ما تقدم بكون السير الدراسي للطفل محددا بمدى التقارب بين الأسرة و المدرسة على مستوى التنشئة الاجتماعية لهذا الأخير. على أن العكس ( أي التباعد) يفضي إلى عجز التلميذ عن اختيار منظومة القيم الخاصة به و إخفائه بالتالي في تكوين شخصية منسجمة مستقلة.
• يمكن تأسيس تحليل هذا العنصر على الاجتهادات السوسيوــ بيداغوجية التي أعطت لفكرة تمركز العملية التعليمية / التعلمية حول الطفل، معنى انفتاح المدرسة، و المنهاج الدراسي بالخصوص، على الخصوصية المجتمعية للطفل. و ذلك للحيلولة دون تحول عملية التمدرس إلى عملية اغتراب اجتماعي.
4 ــ مناقشة النص في ضوء التجربة المهنية:
ـــ المناقشة تقتضي العودة إلى مكونات النص و فحصها لبيان أن التجربة المهنية للمتر شح كواقع معيش، تؤكد صحتها أو عدمها كلا أو بعضا. و هنا يلزم الإتيان ببراهين و أمثلة تؤكد ذلك.
ـــ الأمثلة و البراهين قد تكون مستقاة من واقع الممارسة داخل المدرسة ككل أو حتى ثمرة للتفاعل مع الوثائق الرسمية ( نحيل هنا على المذكرة الوزارية الصادرة في شأن تمتين العلاقة بين الأسرة و المدرسة) كما يمكن أن يكون المثال عبارة عن حالة محددة يعرضها المتر شح بإيجاز مبينا من خلالها مدى المصداقية الواقعية للنص.
ـــ أحيانا يمكن أن تكون مصداقية بعض أفكار النص جزئية لحاجتها إلى تعديل نسبي.
ففي هذا النص نجد الكاتب يتحدث عن ضرورة إطلاع المدرسة / المعلم على التنشئة الأسرية للطفل / التلميذ و لكن بتركيزه على الزمن الماضي ( نشئ، الذي سبق و أن تفاعل، عايشها من قبل، فيما قبل المدرسة، خبرها الطفل من قبل ). و رغم أن هذا صحيح بدليل الحالات التي تحفل بها مدارسنا و الحالات التي قدمها علماء النفس و التربية من خلال مؤلفاتهم، فإن نفس الحالات المذكورة تؤكد أيضا أهمية الحاضر الأسري للطفل بالنسبة للمعلم / المدرسة.
ـــ يمكن الختم بتخريج مركز من شأنه فتح آفاق للنص على الواقع المهني للمتر شح كأن نبين بأن تمتين العلاقة التربوية بين المعلم و التلميذ و من خلالها مد جسور التكامل و التعاون بين المدرسة و الأسرة تستلزم توفر شروط: منها ما هو ذاتي له اتصال بمواصفات شخصية المعلم كطرف أساس، و منها ما هو موضوعي مرتبط بإصلاح أحوال المؤسستين المدرسية و الأسرية خاصة على مستوى إعادة الهيكلة و توزيع الأدوار في إطار التكامل مع دور المعلم ( دور جمعية الآباء، دور التعاونية المدرسية، دور المدير، دور المفتش، و أدوار أطراف أخرى يمكن اقتراح إحداثها مثل اختصاصي في السيكولوجيا المدرسية.. )
5 ــ نص مقترح على المترشح لتحليله بالإجابة عن نفس السؤالين المطروحين حول النص السابق:
يتوقف تعريف الإنتاج على مجموعة الأهداف التي تتجه نحوها العملية التعلمية، و قد وضعت هذه الأهداف بطريقة اقتصادية في حدود ( سلوك التلميذ) [...].
فجعل التلاميذ مواطنين صالحين في مجتمع حر يعتبر هدفا بعيدا يهم المدرسة و المدرس و اختيار مقياس مناسب لقياس هذا الهدف يعد مع ذلك عملا هائلا جدا و في غاية الأهمية. و تسمى هذه العملية باسم عملية ترجمة الأهداف البعيدة إلى أهداف إجرائية.
و قد أكد بعض الباحثين بأن المدارس تحتاج إلى أن تكون عملية و أن تضيق جهودها في التقويم الذاتي لإنجاز الأهداف المباشرة و التي يمكن قياسها حقيقة.
إن الأهداف هي أهداف المجتمع الكبير، و لكن من أجل الأغراض العملية لا يمكن عزل المساهمة الفردية التي يمكن أن تقدمها المدارس و المدرسين. و لهذا يقترحون أن معايير الإنتاج يجب أن تكون أساسا من مقاييس آثار الأهداف الموجهة للمدرسين على التلاميذ و التي تحصل عليها مباشرة بعد الفترة التي يقضيها التلميذ في المدرسة.
و اقترح باحثون آخرون أن كفاية المدرس يمكن تقديرها في ضوء آثار المدرسة على عمليات المدرسة و على العلاقات مع مجتمع المدرسة، و كذلك آثارها على تعلم التلاميذ. و ليس هنالك إنسان ينكر الدور الهام الذي تلعبه المدرسة في الوسط الاجتماعي للمدرسة و المجتمع، و مع ذلك يبدو أن هذين المظهرين لوظائف المدرسة يجب أن يصرح بهما فقط بالنسبة للوضع الثانوي في معيار الإنتاج طالما أن الهدف الأول للمدرسة لا يتضمن توكيد العلاقات الإنسانية المتسقة داخل جدرانها أو ترقية التعاون بينها و بقية المجتمع. ( محمد الفكيكي، تقنية تحليل النص التربوي، 2000).
يتطلع المعلمون إلى تطوير عملية التواصل داخل أقسامهم، و لكنهم يواجهون من أجل ذلك، صعوبات جمة، تحول دون تحقيق طموحاتهم، و يرجع بعض المربين أسباب ذلك إلى:
ـــ عوامل ذاتية، تتعلق بموافقة المعلمين أنفسهم، و بطبيعة الأدوار التي يقومون بها خلال
عمليات التواصل.
ـــ عوامل موضوعية، تتصل بالوضعية الديداكتيكية للبيئة الصفية.
أسئلة:
1 ــ حدد مفهوم التواصل الديداكتيكي، مبرزا بعض أشكاله. ( 10 نقط ).
2 ــ ما طبيعة الصعوبات التي يواجهها المدرس في خلق تواصل تربوي فعال؟ و إلى أي حد تؤثر في الفعل التربوي. ( 10 نقط ).
3 ــ اذكر أربعة عوامل ذاتية و أخرى موضوعية، محللا دور كل منها، في تحسين مردو دية العملية التعليمية، معززا ذلك بأمثلة من واقع القسم. ( 20 نقطة ).
دبلوم مراكز تكوين المعلمين و المعلمات ـــ دورة 1990.
أجوبة
مقدمة:
إن العملية التعليمية عملية تواصلية في الأصل، و من ثم فهي تخضع لمجموعة من المحددات التي تخضع لها أية عملية تواصلية أخرى. لكن هذا لا يمنع من أن بعض مميزاتها تجعل من التواصل فيها ظاهرة تختلف في بعض جوانبها عما يمكن ملاحظته في مجالات أخرى. فما طبيعة هذا التواصل الذي يصطلح عليه البعض بالتواصل الديداكتيكي، و ما هي بعض أشكاله؟ و كيف يؤثر نوع التواصل المعتمد في الفعل التربوي؟ و كيف تساهم مختلف مكونات العملية التعليمية الذاتية و الموضوعية في تحسين المر دودية؟ تلك هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في التحليل التالي:
1- إن التواصل الديداكتيكي هو ذلك التواصل الذي تتم أساسا من خلاله العملية التعليمية ــ التعلمية، هذه العملية تتأسس في عمومها على ركائز أو مكونات ضرورية تتجسد في المدرس و المتمدرس و المنهاج التعليمي. و بحكم أن عملية التواصل عملية دينامية وجدلية، فإن المدرس و المتمدرس يتناوبان على لعب دوري المرسل و المستقبل و ذلك بشكل تفاعلي، و يبقى المنهاج ذلك المكون الذي يضم المضمون ( الإرسالية) و القناة التي عبرها يتم تبادل الرسائل. و هكذا يكون التواصل الديداكتيكي ذلك الميكانيزم الذي يتم عبره التفاعل بين المدرس و المتمدرسين بغية الوصول إلى أهداف تتحدد قبلا: و يتضمن هذا الميكانيزم حمولة معرفية أي مضمونا هو مجموع الدلالات و المعاني و الخبرات و الإعلامات التي يود أحد الطرفين المتواصلين إيصالها إلى الآخر، كما يتضمن « وعاء» سيكولوجيا هو مجموع الشحنات الوجدانية و المواقف و الاتجاهات و الإحساسات التي تصاحب إرسال الرسالة و استقبالها. و يتفاعل هذان الوجهان و يؤثر بعضهما في البعض. فالخبرة التي يود المدرس نقلها إلى التلاميذ قد يتأثر وصولها إليهم بحسب موقفهم منه، و اتجاهاتهم نحو العملية التعليمية و ميولهم إلى المادة، و كذلك بتصوراتهم حول موقف المدرس منهم و علاقته الوجدانية بهم و العكس صحيح.
و لا يقتصر التواصل الديداكتيكي على مجال المعرفة، بل يشمل أيضا مجالات الشخصية الأخرى، كأن يتمحور حول تشكيل قناعات و قيم أو تشكيل مهارات و كفاءات جسمية. و تبقى ضرورة الإشارة إلى أن مفهوم التواصل يستلزم بالضرورة وجود تغذية راجعة قد يستفاد منها بدرجات تتفاوت من حيث الوظيفة بحسب درجة الوعي بأهميتها و تلعب هده الاستفادة دورا مهما في تصحيح سيرورة التواصل و تقويم اعوجاجه و تفادي سوء الفهم و التفاعل و الابتعاد عن حوار الصم.
غير أن التواصل الديداكتيكي ليس نوعا واحدا، فبالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه أعلاه من تنوع من حيث موضوع التواصل (المعرفة، القيم، المهارات)، نلاحظ أنهدا التواصل آليات، فيعتمد على شروحه و إيماءاته و حركاته أو صمته، و قد يكون غير مباشر تستخدم فيه بعض الأجهزة تمرر عبرها الإرساليات.
كما أن التواصل ضمن جماعة الصف يمكن أن يكون لفظيا أو غير لفظي؛ و قد طرحت في هدا الباب مجموعة من الأبحاث حول دور جسم المدرس و كيفية توظيفه في التواصل التربوي، كما برزت مجموعة من الدراسات حول وظيفة لغة المدرس و طبيعة التواصل اللفظي، من ذلك مثلا ما قدمت فلاندز flandes في هدا الباب.
و من منظور آخر نستطيع أن نميز بين ثلاثة نماذج من التواصل الديداكتيكي، هي التواصل العمودي السائد في الطريقة التقليدية حيث يكون المدرس في الغالب مرسلا و التلميذ مستقبلا و العلاقة بينهما علاقة تراتبية عمودية تجسد التصورات التي يحملها كل طرف عن الآخر و مواقفه منه و إدراكا ته بموقع ذاته و موقع الآخر؛ ثم هناك التواصل الفعال المرتكز على الفرد و الذي يبرز ضمن الطرائق الفعالة المرتكزة على آلية التفكير الفردي، حيث يسود الاعتقاد بفعالية المتعلم و ضرورة تمتيعه بحرية التعلم و أهمية الدافعية الذاتية، و يبقى التواصل بين المدرس و التلميذ في إطار علاقة ثنائية بالأساس ترتكز على التفريدية انطلاقا من الإيمان بأهمية الفروق الفردية و ضرورة مراعاتها في التعلم. بينما يرتكز النموذج الثالث على الجماعة، و هذا ما ساد في الطرائق الفعالة المرتكزة على آلية التفكير الجماعي، حيث تتم عملية التعلم ضمن الجماعة و بالجماعة، و هذا ما يستلزم تواصلا جماعيا مبنيا على الحوار و النقاش و التشاور. و لا يحتكر المدرس في النموذجين الأخيرين دور المرسل، بل يتقاسمه مع التلاميذ انطلاقا من القناعة بأن الدرس شراكة بين من يعلم و ذاك الذي يتعلم.
و هكذا نلاحظ من خلال هذه الأمثلة أن عملية التواصل قد تتخذ أشكالا مختلفة، و ذلك بحسب البعد الذي نتناول من خلاله هذه العلاقة التفاعلية، و ما ذكرناه لا يعدو أن يكون من باب المثال لا الحصر.
2 ــ لا أحد من المدرسين يرغب في ألا يتواصل مع تلاميذه، و ألا يكون تواصله معهم إيجابيا لأمرين أساسين؛ فهو مضطر بشكل حتمي لأن يتواصل، لأن العلاقة التعليمية هي علاقة تواصلية بالحتم، و لا نستطيع أن نتصور عدم وجود تواصل داخل فصل من الفصول. و يكون من الخطأ أن نتحدث أحيانا عن انعدام التواصل بين هذا المدرس و تلاميذه، لأنه في الواقع لا يمكن للمدرس ألا يتواصل. فإذا كان باتسون Bateson قد أكد أنه من المستحيل ألا يتواصل الإنسان، فإن الأمر يزداد استحالة ــ إن صح التعبير ــ بالنسبة لواقع الفعل التعليمي الذي هو عملية علاقية. و لما كان لا مفر للمدرس من التواصل، فإنه مضطر أيضا إلى البحث عن أفضل أساليب التواصل حتى تكون علاقته مع الآخرين ضمن جماعة الفصل علاقة مربحة و مفيدة. إن الإنسان يبحث على الدوام ــ إلا في حالات مرضية ــ عن الشعور بالأمن.
لكن الطبيعة الدينامية لجماعة الفصل، و كذلك السياق الذي تتم فيه عملية التواصل التربوي، تفرز في كثير من الأحيان مجموعة من الصعوبات و العوائق التي تجعل من هذه العملية عملية غير مريحة دائما، مما يخلق توترات تكبر خطورتها أو تقل بحسب وعي المدرس السيكوسوسيولوجي و مدى قدرته على توظيف التغذية الراجعة.
من ضمن هذه الصعوبات التي تحد من إمكانية خلق تواصل تربوي فعال، يمكن أن نذكر عدم قدرة المدرس على النزول إلى تلاميذه. إن نوع التواصل السائد في مدارسنا هو من نوع التواصل غير المتكافئ. فالتلميذ ليس ندا للمدرس، و من ثم فشاطئاهما المرتبطان بالتواصل لا يكونا متطابقين. و كلما ابتعد هذان الشاطئان عن بعضهما، كلما كانت الصعوبات أكبر و أخطر. إذا كان من المفروض على الطرفين أن يقلصا من تباعد شاطئيهما هروبا من السقوط في حوار الصم، فإن المدرس بالأساس هو المطالب أكثر بالعمل على تحقيق ذلك. و هذا الأمر ليس من السهولة بمكان، بحكم أن المدرس يعيش مواطنتينdeux citoyennetés كما يقول لانجفيلد M.S.Langveld ، فهو ينتمي إلى عالم الراشدين و محكوم عليه بالعيش مع عالم الأطفال، و هذه المفارقة تخلق إشكالية وجودية بالنسبة إليه، فإن هو توحد بأطفاله، فقد ذاته كراشد و عجز عن حمل أطفاله إلى المزيد من النضج، و إن هو توحد بعالم الراشدين، فقد أطفاله و لم يستطيع التواصل معهم،لذا تطرح على عاتق المدرس مهام جسام و وعي كبير.
بالإضافة إلى هذه الصعوبة، يمكن ذكر عائق آخر قد يحول دون إيجاد تواصل تربوي فعال، من ذلك طبيعة المنهاج التعليمي؛ فاشتماله على أهداف بعيدة عن ميول التلاميذ و وجود مضامين مملة لا تتناسب و طبيعة مرحلته النمائية، و سيادة طريقة و أساليب تعتمد على الإذعان، و كذلك حضور أشكال تقويمية تخلق « فوبيا » معطلة، كل هذا لا يمكن إلا أن يعيق وجود تواصل فعال، و أن يؤدي إلى المزيد من السلبية و بروز آليات دفاعية و أساليب المناورة من كلا طرفي العملية التعليمية / التعلمية.
و تلعب الإمكانات المادية للمدرسة في كثير من الأحيان دورا بارزا في إعاقة أو تسهيل عملية التواصل التربوي. فوجود الوسائل التعليمية و طبيعة البنية التحتية للمدرسة، يسهل إلى حد كبير عملية التواصل التربوي، خاصة في مجموعة من المواد التي يحتاج فيها التعلم إلى الملاحظة و التشخيص. كما أن طبيعة التسيير الإداري و علاقة الآباء بالمدرسة، و ما يشكلونه من تصورات لدى أبنائهم تجاه المدرس و المؤسسة، لا يقل أهمية عما تمت الإشارة إليه. ففي كثير من الأحيان، يلاحظ أن موقف التلميذ من التواصل التربوي يتحدد بنسبة مهمة، انطلاقا من موقف الآباء من العملية التعلمية.
إن هذه الصعوبات، بالإضافة إلى عوائق أخرى، ترتبط بالحالات الشاذة كبعض الإعاقات الجسدية و غيرها، تؤثر سلبا ــ كما تبينا ــ على عملية التواصل التربوي كعملية إعلامية و وجدانية في نفس الوقت، و هذا يرتد طبعا على مستوى التعلم و تحقق أهدافه.
3ــ تتأثر مردو دية العملية التعليمية / التعلمية بمجموعة من العوامل، منها ما هو مرتبط بذات المدرس و منها ما هو موضوعي. و في كثير من الأحيان، يتداخل ما هو ذاتي بما هو موضوعي بفعل جدلية الظواهر و تركيبتها و تفاعلها.
إن من أهم العوامل الذاتية في خلق تواصل تربوي فعال، و من ثم الوصول إلى المر دودية المستهدفة، هو وجود موقف إيجابي لدى المدرس من العملية التعليمية. و هذه مسألة أساسية تكون مثل هذا الموقف يعتبر شرطا ضروريا للممارسة و لتحسين المر دودية. إن الاتجاه نحو التدريس يختزل مجموعة من الاتجاهات نحو مكونات الفعل التعليمي بل هو يحددها جميعا. فلا يمكن للمدرس أن يكون إيجابيا في عمله، ما لم تكن مواقفه من عملية التدريس إيجابية. و لعل ما يلاحظ من تردد في المر دودية التعلمية، يرجع في جزء كبير منه إلى هذه الأزمة التي يعرفها الاتجاه من مهنة و عملية التدريس بسبب عوامل شتى. و طبيعي جدا أن مدرسا لا يرغب في مهنة التدريس، تكون فعاليته ناقصة و سلبية نظرا لغياب الدافعية لديه، مما يترتب عنه احتراق نفسي يزيد من سلبية اتجاهه نحو ذاته و نحو مهنته. و هذا يلاحظ داخل بعض الأقسام حيث تسود الأجواء المكهربة و يطغى العقاب الانتقامي و البحث عن كبش الفداء و الاستهتار و الرتابة. و هي كلها معطيات لا يمكن أن تحقق المر دودية المتوخاة، في حين أن الفصول التي يدرس بها مدرسون يتمتعون بحد معقول من تقبلهم لمهنتهم، غالبا ما تنعدم فيها مثل هذه الظواهر أو تقل إلى درجة يكون تأثيرها ضعيفا.
و يرتبط بهذا الموقف عاملان آخران، هما حب الطفل و احترام شخصيته. و في غياب هذين المحددين لا يمكن لعملية التواصل أن تتم بالشكل الذي يسمح بتحسين المر دودية، ذلك أن حب الطفل يجسد الشرط الوجداني للتواصل، في حين أن احترام شخصيته يعني أساسا القدرة على تكييف خطابنا وفق قدراته و إمكانياته، و هو ما يجسد الشرط المعرفي لهذا التواصل، أي مضمونه. إن الأطفال في الفصول الدراسية حساسون جدا لهذين الشرطين، بحيث نلاحظ أن الطفل الذي لا يستشعر أنه متقبل من طرف مدرسه، غالبا ما ينفر من المضمون الذي يقدمه هذا الأخير. فالحب يمنح الشعور بالأمن و الثقة في الذات أولا و في مصدر الحب ثانية، و هذه الثقة ضرورية في إيجاد تواصل سليم ينتج مردودية تنسجم و الأهداف المسطرة. و قد أصبحت الدراسات السيكولوجية الآن أكثر اقتناعا بهذا التداخل بين ما هو وجداني و ما هو معرفي، معتبرة أن الفصل بينهما في إطار الشخصية فصل لا يعكس وحدتها كليتها.
و تلعب إمكانات المدرس الديداكتيكية دورا لا يخلو أهمية في الإسهام في تواصل تربوي ناجح، ذلك أن تكوينه البيداغوجي و امتلاكه للميكانيزمات التعليمية يعتبر أن أمرا مهما في هذا المجال، إذ لا يكفي حب الطفل و معرفة مرحلته النمائية، بل ينبغي أيضا امتلاك التقنيات الكفيلة بالتواصل التربوي، أي القدرة على النزول بهذه الشحنات الوجدانية و النظرية إلى مجال الممارسة. فالفعل التعليمي لم يعد حاليا، مع تطور المعرفة البيداغوجية و العلوم الإنسانية و وسائل الاتصال الجماهيرية، لم يعد يرتكز على حدس و التلقائية، بل أصبح عملا مضبوطا و مقننا و مخططا له، و هذا ما يستلزم من المدرس أن يكون مخططا ومقوما و منشطا. و الفصل ليس مجالا لتعبير المدرس عن مشاعر الحب نحو الطفل أو أن يكون ملما بالمعارف فقط، و لكن أيضا ينبغي أن يكون متمكنا من التقنيات، و منها تقنيات التواصل. و على تلك المشاعر أن تتبلور من خلال تحقيق أهداف المهام التي تتجلى في التعلم و في كيفية التعلم. و لكي تتحقق أهداف المهام هذه، لابد من هندستها و تنظيمها، و هذا ما يستلزم دراية و تكوينا ينبغي تجديدها على الدوام بحكم أن المعرفة البيداغوجية تتطور باستمرار.
و من ضمن العوامل الذاتية للمدرسين التي تساعد على تحسين المردودية التعليمية هو قدرة المدرس على البحث، و هذا أمر أصبح يشكل ضرورة في التربية الحديثة؛ إذ لم يعد المدرس مستهلكا للمقررات و التوصيات و التعليمات، بل أصبح عليه أن يمارس البحث التربوي متخذا من فصله مجالا لرصد الظواهر و وضع الفرضيات و تجريبها، و هو ما يتيح له إمكانية تشخيص العوائق و رصد مكامن القوة، و إيجاد أساليب العلاج للمشاكل و المثبطات. صحيح أن مدارسنا تبقى في عمومها مؤسسات تقليدية في برامجها و مناهجها، لكن مع ذلك تبقى هناك هوامش اصطلح عليها سنيدرس Snyders بالهوامش الثورية تسمح لنا بإقحام بعض الأساليب و التصورات الحديثة، و هي خطوة أولى قد تتطور بحسب مستوى تغلغل الفكر البيداغوجي الحديث لتتوسع أكثر.
إن إدخال بعض التقنيات أو الممارسات الحديثة إلى القسم، كلما سمحت الإمكانيات بذلك، و إحداث بعض التعديلات في أساليب التواصل و تقنياته، يمكن أن يخفف من وطأة الرتابة التي تسيطر على فصولنا. وهذه التعديلات ينبغي أن تسبقها بحوث و عمليات رصد للإمكانيات و تخطيط يبعد عن العشوائية التي غالبا ما تؤدي إلى فشل تجارب التعديل و من ثم اليأس. فعلى سبيل المثال، يلاحظ لدى كثير من المدرسين كونهم جد متحمسين في بداية تخرجهم لمبادئ التربية الحديثة و لمعاداة اللجوء إلى العقاب، لكنهم سرعان ما يتخلون عن حماسهم بمجرد فشلهم في التجارب الأولى إزاء أطفال « مشاغبين » أو
« غير جادين » مما يؤدي بهم إلى السقوط في التقليدية و اللجوء إلى العقاب كوسيلة للعلاج و يفلحون مؤقتا في عملية الردع، معتقدين أنهم نجحوا، و تضمحل المبادئ التي حملوها من مراكز تكوينهم، بل تتشكل لديهم قناعات بعدم جدواها، متغافلين أن تجربتهم الأولى كانت تستلزم النفس الطويل، كما أنها كانت في حاجة إلى عدم عملية البحث التي تسائل العوامل و الأسباب في بروز هذه الظاهرة أو تلك.
أما على مستوى العوامل الموضوعية، فيمكن تصنيفها إلى عوامل مادية، عوامل بشرية اجتماعية و عوامل بيداغوجية، و إن كان هذا التصنيف تصنيفا منهجيا من المفروض ألا يغيب التداخل و التفاعل الموجودين بين تلك العوامل.
فعلى المستوى المادي، تلعب البنية التحتية للمؤسسة و إمكانات الفصل، من حيث التجهيزات و الوسائل التعليمية دورا مهما في تسهيل عملية التواصل التربوي، و من تم تحسين المردودية التعليمية. إن التواصل يحتاج إلى قنوات ووسائط لنقل الخطاب. و كلما كانت هذه القنوات جيدة و غنية، كلما كان التواصل سليما و ناجحا. كما أن الطبيعة « الإيكولوجية » للفصل تخلق أجواء نفسية تتميز بالارتياح، مما يقلص من حالات التوثر أو الشعور بالكآبة و الرتابة.
و بالنسبة للعوامل البشرية و الاجتماعية، فتدخل ضمنها الظواهر التشريعية و المظاهر التسييرية و الإدارية، و كذلك علاقات المدرس بالجماعات الأخرى المهتمة بالتلميذ ك الأسرة و غيرها. و هذه كلها عوامل تلعب دورها في تحسين مردودية التعليم، كما أنها تساعد أو تعيق المدرس في خلق تواصل تربوي سليم، إذ كلما كانت إدارة المؤسسة و الأسرة متعاونتين، كلما شجع ذلك على خلق تواصل فعال بين الأطراف المعنية، و من ثم في خلق تواصل تربوي داخل الفصل.
و تلعب المعطيات البيداغوجية من أهداف و برامج و طرائق رسمية و أساليب تقويم، دورا خطيرا في عملية التواصل و تحديد طبيعة المردودية التعليمية؛ إذ كلما كانت تلك الأهداف واضحة و مدروسة و علمية، و كلما كانت البرامج في مستوى المتعلمين و حاجاتهم و ميولهم، و كلما كانت الطرائق ترمي إلى عدم الاقتصار على شحن الأدمغة، بل إلى تطوير الشخصية و تعليم التعلم، و كذلك كلما كانت أساليب التقويم هادفة إلى توظيف التغذية الراجعة، كلما وجدت الأدوات البيداغوجية السليمة لإحداث تواصل تربوي إيجابي، و من ثم المردودية المتحسنة باستمرار.
إن المعطيات البيداغوجية تلعب دورا كبيرا في رسم معالم العملية التعليمية و على تحديد أساليب و أشكال التواصل داخل الفصل. و يمكن القول، إن الطريقة التعليمية السائدة كفلسفة في التعليم، أي كمجموعة من التصورات التي تحدد طبيعة عناصر العملية التعليمية و طبيعة العلاقات الرابطة فيما بينها، يمكن القول إنها هي المحور المحدد لباقي المكونات البيداغوجية الأخرى و من ثم نسقية هذه المعطيات.
إلا أن ذلك لا يمنع من أن هذا النسق يمكن أن يكون مفتوحا يسمح بإدخال بعض العناصر الجديدة أو التعديلات، و هذا ما يجعل أمر التداخل بين العوامل الذاتية للمدرس و العوامل الموضوعية أمرا مؤكدا.
إن العوامل الذاتية و الموضوعية التي أشرنا إليها من باب المثال لا الحصر. و التي تؤثر في المردودية التعلمية، هي عوامل متداخلة يصعب الفصل بينها، نظرا لأن العملية التعليمية ــ التعلمية عملية دينامية و جدلية و كلية في نفس الوقت، و طبيعتها هذه هي التي تجعل الفصل بين مكوناتها و محدداتها فصلا منهجيا ليس إلا. ( تحليل الأستاذ: عزوز التوسي ، سلسلة التكوين التربوي العدد 5).
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.