تودون حقا أن تصبحوا أساتذة و معلمين؟

الإدارة يوليو 16, 2013 يوليو 16, 2013
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A
هذا المقال مقتطف من محاضرة ألقاها الأستاذ محمد سعد على فوج من الأساتذة المتدربين بمركز التكوين.
-------------------------
تودون حقا أن تصبحوا أساتذة و معلمين؟هذا حلم جميل،و من الجميل ان يزين الانسان حياته بالأحلام و الأماني،و من دونها لم يكن ممكنا للبشرية ان تتقدم على سلم الفضائل و الخيرات. و انتم عندما تحلمون بأن تصبحوا مدرسين فهذا يعني أن لديكم ارادة و نية بأن تضيفوا شيئا طيبا و ايجابيا في حياتكم و حياة غيركم،لأن مهنة التربية و التعليم من المهن التي تخلق ليس أي شيء كان و انما اعز ما يخلق و هو المخلوق البشري.
لكن هناك من اختار منكم هذه المهنة لأنه كان يتمناها، و منكم من اختارها لأنه لم يجد عرضا مهنيا متاحا غير هذه المهنة ، فقبلها على مضض.مهما يكن الدافع،فها أنتم قد اتخدتم القرار، و ها انتم في المركز لكي تتلقوا تكوينا يؤهلكم لهذه المهنة،لكن الفرق الذي سيكون بينكم لاحقا هو بمثل الفرق بين من اختار أن يتزوج امرأة عن حب و بين من تزوجها تبعا لضرورة.من يحب يعطي، و يتحمل،ويطور حبه و عطاءه و يفرح مع كل عطاء، و يسعد. و من لا يحب يكره، و لا يتحمل، و يضعف و يتراجع، و يشقى.
و بحكم أنكم تطمحون لأن تكونوا مدرسين، وفعل التدريس هو عطاء،و كل عطاء هو شيء نتقدم به للغير،ستجدون أنفسكم في مواجهة تلاميذاطفالا و مراهقين ينتظرون منكم ما تعد به المهنة.أن تقدموا اليهم اشياء ذات قيمة.لكن هل سألتم أنفسكم هذا السؤال:هل لديكم ما تعطوه لمن ينتظر منكم العطاء؟إن كنتم ستعلمون من ليس لهم علم،هل لديكم العلم الضروري لكي تمنحوه؟ما هو العلم الضروري و النافع؟ما مصدر هذا العلم؟ العلم يوجد في الكتب، و يوجد في العالم و الطبيعة، و يوجد في انفسكم لعلكم تتفكرون.إن كنتم ستعلمون تلاميذكم القراءة، هل انتم من القراء الجيدين؟هل ستعلموهم القراءة أم حب القراءة؟كم من كتاب قرأتم؟كم من روايةو قصة و ديوان شعر؟ و كم من مؤلف في الفلسفة؟ كم من فكرة اصطلعتم عليها؟هل تاملتم الطبيعة و تتأملون باستمرار في ملكوت السموات و الأرض لكي تستنبطوا الدروس و العبر، و تكتشفون النغم و التناغم؟هل تعودون الى ذواتكم لكي تستنبطوا الثقة، و الحب، و السلم، و الأمل و الفرح؟
انتم بلا شك تعتقدون أن مهمتكم هي تعليم المعرفة،لكن المعرفة من حيث أثرها نوعان:ما يزول بعد وقت قصير أو طويل لكنه زائل حتما، و ما يدوم بدوام الحياة و الزمن، و هذا النوع هو ما يترك اثرا،لكن الذي يترك اثرا يجب ان يكون قويا و حاملا لطاقة، و القوة ليست سوى طاقة على الجذب و الالتحام و التحول،و هي التي تلتحم بداخلنا فتحولنا و نكتشف اثرها الجميل و نحفظه.فماذا تريدون تدريسه لتلاميذكم؟الدائم ام العرضي الزائل؟
و المعرفة من حيث مضمونها نوعان:ما يتعلق بالعالم و الحياة من ظواهر و مواقف، و هي معرفة ضرورية للغنسان لكي يحيا في هذا العالم و من اجله و لكي ينعم بالسعادة. و ما يتعلق بالإنسان في ذاته لكي يتعرف عليها بما هي حاملة لنفس فيها مشاعر و عواطف، و بما هي حاملة لعقل فيه افكار و مواقف. هل اكتشفتم ذواتكم لكي يعهد لكم باكتشاف ذوات الاخرين؟هل انصتم للأصوات التي تتعالى من داخلكم لكي تحسنوا الانصات لنداءات تلاميذكم؟هل تسعون لشحد عقول الطلبة بالمعارف و المعادلات الحسابية و الكميائية أم تودون أن تملاءوا قلوبهم بالثقة و الأمل؟
التدريس فن، و ككل فن له قواعد و تقنيات، و انتم تودون معرفة هذا الفن و التفنن في هذه القواعد.ككل فن هناك مدارس و اتجاهات و اساليب مختلفة، ستتعرفون على المقاربات و النظريا و الطرق و الوسائل، و سوف تتيهون وسط الزحام و التضارب و التداخل.لكن أحسن الطرق و المناهج و الأصول هي التي ستستنبطونها من ذواتكم و من دواخلكم. البيداغوجيا هي فن تلقين الحب و بالحب، و اليدياكتيك هو فن العطاء الملموس لهذا الحب.لن تفيدكم كل الطرق البيداغوجية الأكثر تطورا تقنيا إن افتقدتم حب العمل، و حب العطاء و حب تلاميذكم و لأنفسكم.من يريد أن يحب مهنته و يحب منتوجه عليه ان يحب نفسه. من الذات يبدأ الحب و العطاء.هل تجدون انفسكم تستحق الحب و الرضا، أم أنكم لا تقبلون و لا تتقبلون أنفسكم؟
لا اطلب منكم ان تكونوا نرجسيين و لا مغرورين و إنما أن تمتلكوا القدر الضروري من الثقة في النفس و الاحترام لذواتكم. فتلاميذكم لأن يتقبلوا و لن يقبلوا اي شيء منكم إن اكتشفوا انكم لا تقبلون و لا تتقبلون ذواتكم............. يتبع
محمد سعد، الدار البيضاء سبتمبر 2012

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/