هذا المقال مقتطف من محاضرة ألقاها الأستاذ محمد سعد على فوج من الأساتذة المتدربين بمركز التكوين.
-------------------------
تودون حقا أن تصبحوا أساتذة و معلمين؟هذا حلم جميل،و من الجميل ان يزين
الانسان حياته بالأحلام و الأماني،و من دونها لم يكن ممكنا للبشرية ان
تتقدم على سلم الفضائل و الخيرات. و انتم عندما تحلمون بأن تصبحوا مدرسين
فهذا يعني أن لديكم ارادة و نية بأن تضيفوا شيئا طيبا و ايجابيا في حياتكم و
حياة غيركم،لأن مهنة التربية و التعليم من المهن التي تخلق ليس أي شيء كان
و انما اعز ما يخلق و هو المخلوق البشري.
لكن هناك من اختار منكم هذه
المهنة لأنه كان يتمناها، و منكم من اختارها لأنه لم يجد عرضا مهنيا متاحا
غير هذه المهنة ، فقبلها على مضض.مهما يكن الدافع،فها أنتم قد اتخدتم
القرار، و ها انتم في المركز لكي تتلقوا تكوينا يؤهلكم لهذه المهنة،لكن
الفرق الذي سيكون بينكم لاحقا هو بمثل الفرق بين من اختار أن يتزوج امرأة
عن حب و بين من تزوجها تبعا لضرورة.من يحب يعطي، و يتحمل،ويطور حبه و عطاءه
و يفرح مع كل عطاء، و يسعد. و من لا يحب يكره، و لا يتحمل، و يضعف و
يتراجع، و يشقى.
و بحكم أنكم تطمحون لأن تكونوا مدرسين، وفعل التدريس
هو عطاء،و كل عطاء هو شيء نتقدم به للغير،ستجدون أنفسكم في مواجهة
تلاميذاطفالا و مراهقين ينتظرون منكم ما تعد به المهنة.أن تقدموا اليهم
اشياء ذات قيمة.لكن هل سألتم أنفسكم هذا السؤال:هل لديكم ما تعطوه لمن
ينتظر منكم العطاء؟إن كنتم ستعلمون من ليس لهم علم،هل لديكم العلم الضروري
لكي تمنحوه؟ما هو العلم الضروري و النافع؟ما مصدر هذا العلم؟ العلم يوجد في
الكتب، و يوجد في العالم و الطبيعة، و يوجد في انفسكم لعلكم تتفكرون.إن
كنتم ستعلمون تلاميذكم القراءة، هل انتم من القراء الجيدين؟هل ستعلموهم
القراءة أم حب القراءة؟كم من كتاب قرأتم؟كم من روايةو قصة و ديوان شعر؟ و
كم من مؤلف في الفلسفة؟ كم من فكرة اصطلعتم عليها؟هل تاملتم الطبيعة و
تتأملون باستمرار في ملكوت السموات و الأرض لكي تستنبطوا الدروس و العبر، و
تكتشفون النغم و التناغم؟هل تعودون الى ذواتكم لكي تستنبطوا الثقة، و
الحب، و السلم، و الأمل و الفرح؟
انتم بلا شك تعتقدون أن مهمتكم هي
تعليم المعرفة،لكن المعرفة من حيث أثرها نوعان:ما يزول بعد وقت قصير أو
طويل لكنه زائل حتما، و ما يدوم بدوام الحياة و الزمن، و هذا النوع هو ما
يترك اثرا،لكن الذي يترك اثرا يجب ان يكون قويا و حاملا لطاقة، و القوة
ليست سوى طاقة على الجذب و الالتحام و التحول،و هي التي تلتحم بداخلنا
فتحولنا و نكتشف اثرها الجميل و نحفظه.فماذا تريدون تدريسه
لتلاميذكم؟الدائم ام العرضي الزائل؟
و المعرفة من حيث مضمونها نوعان:ما
يتعلق بالعالم و الحياة من ظواهر و مواقف، و هي معرفة ضرورية للغنسان لكي
يحيا في هذا العالم و من اجله و لكي ينعم بالسعادة. و ما يتعلق بالإنسان في
ذاته لكي يتعرف عليها بما هي حاملة لنفس فيها مشاعر و عواطف، و بما هي
حاملة لعقل فيه افكار و مواقف. هل اكتشفتم ذواتكم لكي يعهد لكم باكتشاف
ذوات الاخرين؟هل انصتم للأصوات التي تتعالى من داخلكم لكي تحسنوا الانصات
لنداءات تلاميذكم؟هل تسعون لشحد عقول الطلبة بالمعارف و المعادلات الحسابية
و الكميائية أم تودون أن تملاءوا قلوبهم بالثقة و الأمل؟
التدريس فن، و
ككل فن له قواعد و تقنيات، و انتم تودون معرفة هذا الفن و التفنن في هذه
القواعد.ككل فن هناك مدارس و اتجاهات و اساليب مختلفة، ستتعرفون على
المقاربات و النظريا و الطرق و الوسائل، و سوف تتيهون وسط الزحام و التضارب
و التداخل.لكن أحسن الطرق و المناهج و الأصول هي التي ستستنبطونها من
ذواتكم و من دواخلكم. البيداغوجيا هي فن تلقين الحب و بالحب، و اليدياكتيك
هو فن العطاء الملموس لهذا الحب.لن تفيدكم كل الطرق البيداغوجية الأكثر
تطورا تقنيا إن افتقدتم حب العمل، و حب العطاء و حب تلاميذكم و لأنفسكم.من
يريد أن يحب مهنته و يحب منتوجه عليه ان يحب نفسه. من الذات يبدأ الحب و
العطاء.هل تجدون انفسكم تستحق الحب و الرضا، أم أنكم لا تقبلون و لا
تتقبلون أنفسكم؟
لا اطلب منكم ان تكونوا نرجسيين و لا مغرورين و إنما
أن تمتلكوا القدر الضروري من الثقة في النفس و الاحترام لذواتكم. فتلاميذكم
لأن يتقبلوا و لن يقبلوا اي شيء منكم إن اكتشفوا انكم لا تقبلون و لا
تتقبلون ذواتكم............. يتبع
محمد سعد، الدار البيضاء سبتمبر 2012
-------------------------
تودون حقا أن تصبحوا أساتذة و معلمين؟هذا حلم جميل،و من الجميل ان يزين الانسان حياته بالأحلام و الأماني،و من دونها لم يكن ممكنا للبشرية ان تتقدم على سلم الفضائل و الخيرات. و انتم عندما تحلمون بأن تصبحوا مدرسين فهذا يعني أن لديكم ارادة و نية بأن تضيفوا شيئا طيبا و ايجابيا في حياتكم و حياة غيركم،لأن مهنة التربية و التعليم من المهن التي تخلق ليس أي شيء كان و انما اعز ما يخلق و هو المخلوق البشري.
لكن هناك من اختار منكم هذه المهنة لأنه كان يتمناها، و منكم من اختارها لأنه لم يجد عرضا مهنيا متاحا غير هذه المهنة ، فقبلها على مضض.مهما يكن الدافع،فها أنتم قد اتخدتم القرار، و ها انتم في المركز لكي تتلقوا تكوينا يؤهلكم لهذه المهنة،لكن الفرق الذي سيكون بينكم لاحقا هو بمثل الفرق بين من اختار أن يتزوج امرأة عن حب و بين من تزوجها تبعا لضرورة.من يحب يعطي، و يتحمل،ويطور حبه و عطاءه و يفرح مع كل عطاء، و يسعد. و من لا يحب يكره، و لا يتحمل، و يضعف و يتراجع، و يشقى.
و بحكم أنكم تطمحون لأن تكونوا مدرسين، وفعل التدريس هو عطاء،و كل عطاء هو شيء نتقدم به للغير،ستجدون أنفسكم في مواجهة تلاميذاطفالا و مراهقين ينتظرون منكم ما تعد به المهنة.أن تقدموا اليهم اشياء ذات قيمة.لكن هل سألتم أنفسكم هذا السؤال:هل لديكم ما تعطوه لمن ينتظر منكم العطاء؟إن كنتم ستعلمون من ليس لهم علم،هل لديكم العلم الضروري لكي تمنحوه؟ما هو العلم الضروري و النافع؟ما مصدر هذا العلم؟ العلم يوجد في الكتب، و يوجد في العالم و الطبيعة، و يوجد في انفسكم لعلكم تتفكرون.إن كنتم ستعلمون تلاميذكم القراءة، هل انتم من القراء الجيدين؟هل ستعلموهم القراءة أم حب القراءة؟كم من كتاب قرأتم؟كم من روايةو قصة و ديوان شعر؟ و كم من مؤلف في الفلسفة؟ كم من فكرة اصطلعتم عليها؟هل تاملتم الطبيعة و تتأملون باستمرار في ملكوت السموات و الأرض لكي تستنبطوا الدروس و العبر، و تكتشفون النغم و التناغم؟هل تعودون الى ذواتكم لكي تستنبطوا الثقة، و الحب، و السلم، و الأمل و الفرح؟
انتم بلا شك تعتقدون أن مهمتكم هي تعليم المعرفة،لكن المعرفة من حيث أثرها نوعان:ما يزول بعد وقت قصير أو طويل لكنه زائل حتما، و ما يدوم بدوام الحياة و الزمن، و هذا النوع هو ما يترك اثرا،لكن الذي يترك اثرا يجب ان يكون قويا و حاملا لطاقة، و القوة ليست سوى طاقة على الجذب و الالتحام و التحول،و هي التي تلتحم بداخلنا فتحولنا و نكتشف اثرها الجميل و نحفظه.فماذا تريدون تدريسه لتلاميذكم؟الدائم ام العرضي الزائل؟
و المعرفة من حيث مضمونها نوعان:ما يتعلق بالعالم و الحياة من ظواهر و مواقف، و هي معرفة ضرورية للغنسان لكي يحيا في هذا العالم و من اجله و لكي ينعم بالسعادة. و ما يتعلق بالإنسان في ذاته لكي يتعرف عليها بما هي حاملة لنفس فيها مشاعر و عواطف، و بما هي حاملة لعقل فيه افكار و مواقف. هل اكتشفتم ذواتكم لكي يعهد لكم باكتشاف ذوات الاخرين؟هل انصتم للأصوات التي تتعالى من داخلكم لكي تحسنوا الانصات لنداءات تلاميذكم؟هل تسعون لشحد عقول الطلبة بالمعارف و المعادلات الحسابية و الكميائية أم تودون أن تملاءوا قلوبهم بالثقة و الأمل؟
التدريس فن، و ككل فن له قواعد و تقنيات، و انتم تودون معرفة هذا الفن و التفنن في هذه القواعد.ككل فن هناك مدارس و اتجاهات و اساليب مختلفة، ستتعرفون على المقاربات و النظريا و الطرق و الوسائل، و سوف تتيهون وسط الزحام و التضارب و التداخل.لكن أحسن الطرق و المناهج و الأصول هي التي ستستنبطونها من ذواتكم و من دواخلكم. البيداغوجيا هي فن تلقين الحب و بالحب، و اليدياكتيك هو فن العطاء الملموس لهذا الحب.لن تفيدكم كل الطرق البيداغوجية الأكثر تطورا تقنيا إن افتقدتم حب العمل، و حب العطاء و حب تلاميذكم و لأنفسكم.من يريد أن يحب مهنته و يحب منتوجه عليه ان يحب نفسه. من الذات يبدأ الحب و العطاء.هل تجدون انفسكم تستحق الحب و الرضا، أم أنكم لا تقبلون و لا تتقبلون أنفسكم؟
لا اطلب منكم ان تكونوا نرجسيين و لا مغرورين و إنما أن تمتلكوا القدر الضروري من الثقة في النفس و الاحترام لذواتكم. فتلاميذكم لأن يتقبلوا و لن يقبلوا اي شيء منكم إن اكتشفوا انكم لا تقبلون و لا تتقبلون ذواتكم............. يتبع
محمد سعد، الدار البيضاء سبتمبر 2012
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.