ماذا سيربح رجال التعليم إذا غادر محمد الوفا

الإدارة أغسطس 07, 2013 أغسطس 07, 2013
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A



ماذا سيربح رجال التعليم إذا غادر محمد الوفا ؟


ذ أشرف سليم , أستاذ مادة اللغة العربية .
جريدة الأستاذ
أثار قرار حزب الاستقلال ، حزب الوفا المرجعي ، القاضي بعزل وزير التربية  الوطنية  محمد الوفا من دواليب حزب علال الفاسي  الكثيرَ من اللغط و الجدل و تباين المواقف بين مؤيد و شادٍّ أزر هذا القرار ،و مندد به كونه يطول وزيرا من أجرأِ وزراء المغرب الحديث الذي أدخل إلى التعليم قرارات جريئة جرت عليه منتقدين و مناوئين لسياسته التعليمية ؛لأنها انبنت على إحلال الواجبات مكانة أسمى من الحقوق ، ففرضت على رجال التعليم و نسائه واجبات آرقتهم ، و أثقلت كاهلهم ،و سلبت منهم حقوقا كانوا إلى عهد قريب لا يمارون فيها كثيرا ، مثل حق الإضراب ، و لذلك فلا مرية في أن الوزير خندق عليه أعداءً يتلهفون إلى ضربة قاصمة هذه المرة تنحيه من دواليب وزارة التربية الوطنية .

بعيدا من الأسباب الحزبية التي جعلت أمين حزب الاستقلال يعزل الوفا ، و دون الدخول في مناورات الشباط و رئيس الحكومة ، لنركز على تبعات ما بعد خروج الوفا من حزبه ، و ما قد يجره ذلك في الأيام المقبلة .
الكل يعلم أن ثمة إشكالات ما زال التعليم يرزح تحت وطأتها في عهد الوزير الحالي ، فهناك مشاكل الترقية بجميع أنواعها ، خاصة الترقية بالاختيار ، و ما يخلفه ذلك من قُبوع أساتذة ردحا من الزمن في سلم دانٍ ، و حالة المزنزنين في السلم التاسع دليلٌ بيّن لمن يطلب الاستبانة ، و هناك الترقية بالشهادة التي ألّبت على الوزير الكثير من الحانقين بعد التهكم الذي أبداه حيال هذه القضية . و هناك أيضا مشاكل الحركة الانتقالية القاضّة مضجع الوزير كل مرة، ما دامت نتائجها تثير غبن الأساتذة و تذمرهم ، بالإضافة إلى مشاكل جودة التعليم و مناهجه و مقرراته ، و المصادرة العلنية لحق الإضراب الدستوري بالإقتطاع وفق القاعدة الكلاسيكية :الأجر مقابل العمل ، ثم تضييق الخناق على بعض مكتسبات رجال التعليم و نسائه مثل حق متابعة الدراسة التي قيل في شأنها الكثير من الكلام مثل: أنها ستصبح مركزية تصدر من الوزارة ،عكس السنوات الماضية التي كانت تصدر فيها من الأكاديميات الجهوية ، أو العمل على سحب رخص عمل أساتذة العمومي في المدارس الخصوصية ،ناهيك عن خرجات الوزير التي يرافقها طابع الدعابة و التهكم في كثير من الأحيان الذي يطول حتى الأطر المدرسية ،كما حدث في واقعة الأستاذة التي منحها الوزير نقطة صفر بعد خطئها الإملائي كما تُدوّل ، أو إزدراؤه بالتلميذة راوية كما تُدوّل أيضا في قضية أنت خاصك غير راجل ، دون إغفال دعابات الوزير التي صارت إلهامات للفكاهيين و الكتابات و الصور الكاريكاتورية مثل و الله باباه أوباما ، أو الترقية بالشهادة تحراميات ... ، و لا يفوتنا أيضا ذكر تنامي ظاهرة العنف المدرسي التي استعصت على الحل بالرغم من مقاربات الوزارة الحالية لحلحلتها .
هذه مجموعة من مثالب الوزير الحالي التي جعلت أصواتا كثيرة تطالب بتنحيته؛ كونه لم يعمل على حلحلة هذه المشاكل الجمة التي يعانيها التعليم المغربي ، لكن لا يمكن تجافي أصوات أخرى مطالبة بإبقائه ؛ نظرا للحسنات التي حققها للتعليم ، مثل إلغائه لبيداغوجيا الإدماج من المدارس المغربية ، و إنهائه للقاءاتها التي كانت تجمع المؤطرين التربويين بهيئة التدريس، و ما كان يشوبها من ولائم تخصص لها ميزانيات مهمة ، مما جعل الوزير يشدد على مراقبة ميزانية الوزارة عبر محاسبته كثيرا من المؤسسات التابعة لها كمؤسسة محمد السادس لرجال التعليم و نسائه مثلا ، و أيضا إعلانه سيادة مبدأ الشفافية و الاستحقاق و القانون دون مواربة أو مساومة في جميع استحقاقات التعليم و مبارياته ، و إقرانه لمبدأ المسؤولية بالمحاسبة ،مما جعله يطيح بأسماء كثيرة في التعليم طالت حتى رجال التعليم المتقاعسين عن أداء واجباتهم .
لكن رغم حسنات الوزير فهي لم تشفع له لإبداء كثير من رجال التعليم و نسائه حنقَهم عليه ،و مطالبتهم برحيله ؛ لأنه لا يوفر الأرضية المناسبة لتطبيق مخططاته الطوباوية التي تطبعها خصوصيات شوفونية ، فكيف يمكن تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة و هناك فروق كثيرة بين رجال التعليم و نسائه في الأجر و الامتيازات و عدد ساعات العمل و خاصة ظروف العمل بين الاطر التعليمية المشتغلة في الحضر أو القرية ؟ فأول مشكل يعيق إصلاحات الوزير و هي الفوارق الشاسعة بين رجال التعليم و نسائه ، خاصة أن ما يضير النفس كون هذه الأطر لا تختلف عن إخوانها في الشهادة الجامعية التي أهلتها للعمل في قطاع التعليم ، و لعل إحداث المراكز التربوية لمهن التربية و التكوين من قبل الوزير, و الامتيازات التي تتيحها لخريجيها ك السلم العاشر مباشرة أثار فورة غضب الخريجين السابقين؛ ما داموا يحملون نفس شهادة خريجي المراكز التربوية لمهن التربية و التكوين، لكن ما معنى أن يتخرجوا هم بالسلم العاشر و سابقوهم يتخرجون بالسلم التاسع رغم حملهم شهادة الإجازة ؟ بالإضافة إلى اعتبار خرجات و مواقف الوزير معادية لرجل التعليم فأن يفْتأت  على مكتسبات سابقة حققها رجال التعليم بسواعدهم و نضالاتهم و حناجرهم التي بحت خلال سائر وقفاتهم يمكن وصفها  بالتراجع الخطير في المكتسبات السابقة .
إذاً صار الحديث الآن عن ما بعد مرحلة الوفا ، و ما يمكن تحقيقه إذا رحل وزير التربية الوطنية الحالي ، فالوزير الجديد إذا أسندت إليه المهمة لا شك أنه سيعمل على تفادي أخطاء سلفه ، و سيحاول الاقتراب أكثر من رجل التعليم و سيعمل على حل مشاكل التعليم بحكمة و روية و اتزان التي يتطلبها قطاع حيوي مثل التعليم و سيعمل أيضا على تفادي أي كلام جارح يخدش مشاعر رجل التعليم المثقل بهموم كبيرة   , و سيقوم بإنزال مخططات و شعارات رجال التعليم الذين صاروا يمثلون أنفسهم في إضراباتهم التي تؤطرها تنسيقيات اشتعلت حنقا و غيضا على سياسة الوزارة الحالية ، و سيقوم أيضا بإخراج القانون الأساسي الخاص برجال التربية الوطنية إلى الوجود  بعد أن طال أمد إخراجه إلى الوجود ، و الذي كان سيحل كثيرا من مطبات قطاع التعليم إذا ما طبقت الكثير من نتائج الحوارات التي عقدتها الوزارة و النقابات التعليمية .
قطاع التعليم قطاع حيوي و مصيري ، و يكفي جعله ثاني قضية وطنية بعد الوحدة الترابية لما يوفره من نتائج قد تكون محمودة و يستثمرها المجتمع أيما استثمار خدمة لتقدم البلد و تنميته ، أو مذمومة فتعود سلبا على المجتمع و تساهم في فساده و تأخره و تخلفه ، و هذا رهين بتوفير الأشخاص الأكفاء القادرين على تحمل المسؤولية المسندة إليهم و العمل في ضوئها بالحكمة و الاتزان المطلوبان .

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?m=0