صدر مؤخرا من مطبعة بنلفقيه بمدينة
الرشيدية كتاب حول
موضوع
التربية والتكوين للأستاذ الباحث الشاب في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الصديق
الصادقي العماري بعنوان "التربية والتنمية وتحديات
المستقبل: مقاربة
سوسويولجية" والذي وضع تقديمه الدكتور محمد الدريج
حفظه الله.
تقديم
يعتبر هذا الكتاب: «التربية والتنمية وتحديات المستقبل: مقاربة
سوسيولوجية»٬ للفاضل الأستاذ
الصديق
الصادقي العماري٬ من بين المحاولات الجادة التي تعمل على رصد جوانب ومداخل رئيسة
تعتمدها المنظومة التربوية في بلادنا من أجل التجديد والإصلاح. كما يعمل على تحليل وتفسير مختلف الظواهر التربوية في علاقتها
بالظواهر الاجتماعية٬ و التي تشكل تحديا بارزا يقف أمام منظومة التربية والتكوين
من أجل تحقيق أهدافها.
وفي مقاربته النظرية لتلك الجوانب
والظواهر٬ يستأنس الأستاذ الصادقي بإطار نظري متميز وهو الإطار البنيوي الوظيفي-
المؤسساتي، الذي يركز على التفاعل الحيوي بين مكونات المجتمع المغربي٬ والتي تعتبر
المدرسة من أبرزها، وذلك لأجل ضمان استمرار فعالية ودينامية هذا المجتمع النامي
وتطوره.
هذه المقاربة التي تسعى ،حسب المؤلف،
للكشف على جوانب هامة من دينامية منظومة التربية والتعليم في سعيها الدؤوب نحو
الإصلاح٬ وإيجاد صيغ مناسبة لتجديد وتطوير أدوار المدرسة المغربية باعتبارها
ركيزة أساسية للتنمية المجتمعية٬ خلافا لما كانت عليه في السابق٬ وذلك من أجل
السير على نهج الدول المتقدمة ومواكبة كل التغيرات والتطورات التي يشهدها عالمنا
المعاصر.
حيث عمل في الفصل الأول على محاولة
الكشف عن أهم دعائم التنشئة الاجتماعية كعملية أساس في تربية الأفراد سواء في
الأسرة أو المدرسة أو في غيرها من مؤسسات المجتمع. كما أكد على دور هذه التنشئة في
تنمية التفكير الإبداعي لدى الأفراد، متطرقا في نهاية الفصل، للعوائق التي تحول
دون تحقيق التنشئة الاجتماعية لأهدافها المرجوة.
في حين تناول الفصل الثاني أدوار
المدرسة المغربية ومفهوم التنمية في أبعادها الأساسية، خاصة التنمية البشرية
والمستدامة، وكذلك التخطيط المدرسي الاستراتيجي ودوره في تأهيل المتعلمين للتمكن
من الكفايات الضرورية التي تؤهلهم لمواجهة كل الصعاب الحياتية.
كما تطرق في الفصل الثالث لموضوع
التربية على القيم في المدرسة المغربية، حيث حلل في البداية، دواعي اعتماد التربية
على القيم ومفهوم القيم٬ ثم روافد القيم٬ وصولا إلى تحديد أنوع القيم المعتمدة كما
وردت في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والتي عمل على استعراضها بقدر من
التفصيل، مع تقديم نماذج عن ذلك. ومن هذه الأنواع٬ قيم العقيدة الاسلامية٬ قيم
المواطنة٬ قيم السلوك المدني وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان.
وفي الفصل الرابع تناول المؤلف مختلف العوامل
والمؤثرات التي تحول دون تساوي المتعلمين أمام فعل التربية منها على وجه الخصوص
الوسط العائلي والمعطى اللغوي ومنظومة القيم ...وغيرها من المؤثرات.
وفي الفصل الأخير تطرق الأستاذ
الصادقي إلى المقاربة بالكفايات في أهم مقوماتها،
كاختيار بيداغوجي من شأنه أن يتجاوز نموذج التدريس بالأهداف السلوكية من حيث
الاعتماد عليه لكن كوسيلة وليس كغاية. كما تطرق في هذا الفصل إلى مفهوم المقاربة
البيداغوجية٬ و تقريب مفهوم الكفاية و أهم المفاهيم المرتبطة بها٬ و دور الأهداف
التعليمية في تحقيق الكفايات٬ وعلاقة الكفاية بنظريات التعلم٬ ثم علاقتها مع
بيداغوجيات أخرى٬ ومنها البيداغوجيا الفارقية ونظرية الذكاءات المتعددة وبيداغوجيا
المشروع وبيداغوجيا الخطأ وبيداغوجيا العمل بالمجموعات.
إن هذا العمل الذي اجتهد الأستاذ الصديق الصادقي
العماري في تأليفه وتنظيم فصوله، يأتي كثمرة لسنوات من العمل والبحث التربوي. إنه
حصيلة تستند إلى تجربته المهنية٬ من خلال ممارسته للعمل التربوي كأستاذ٬ وكمتتبع
لكل التحولات التي عرفتها الساحة التربوية خلال العقود الأخيرة والتي واكبت بعض
أشواط الإصلاح. وكذلك باعتبار تجربته
كباحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا٬ وهذا ما يميز عمله ومشروعه الطموح،
من حيث مثابرته وتأكيده عل ربط الظواهر التربوية بالظواهر الاجتماعية وتوظيف
المقاربة السوسيلوجية في التعامل مع الشأن التربوي ببلادنا.
والله ولي التوفيق
الناضور، 24 مارس 2013 الدكتور محمد
الدريج
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.