هل دفعتم للتعليم؟
ميمون أم العيد
الكل يستعد لإجراء مباراة الولوج لمهن التربية. حتى الذي كان يزاول مهنة ما منذ عشر سنوات أو أكثر. نجار، صباغ، إسكافي، عطّاش، موظف في قطاع خاص..
يحق للجميع أن يحق للجميع أن يتعلّم القراية في رؤوس اليتامى، وأن يجرب حظه ما دامت الوزارة الوصية قد ألغت الإنتقاء الأولي الذي يقصي شريحة عريضة. ولها الحق في ذلك، فالنقط لم تكن يوما معيارا على الأحقية أو الكفاءة. ويوجد في النهر ما لا يوجد في البحر.
يسألك أحدهم:
ـ واش دفعتي للتعليم؟
ـ لا. أنا خدام
ـ وايلي، حتى هذيك خدمة. دفع، دفع، كولشي غادي يدوّز.
لهذا لابد أن أسألكم أيضا، بكل محبة :
هل دفعتم للتعليم؟ ادفعوا.. فالعمل الحقيقي والمضمون هو أن تشتغل لدى المخزن.
أولا لأن الأجر غير مرتبط بالمردودية يمكنك أن تضحك على أولاد الشعب ويصلك راتبك كاملا مكمولا ما نقص فيه درهم( قلت يمكنك). ثانيا هناك إمكانية أن تصير شبحا لا تربطك أي صلة بالعمل سوى الراتب الشهري، أو نصف شبح، تسجل حضورك في إدارة تافهة بين الحين والآخر حتى لا تثير حفيظة النقابيين الذين لن يطالبوا بحضورك، بقدر ما يطالبون بالاستفادة من ظروفك. شبح أو نصفه، حسب قربك من الشخصيات النافذة من سياسين ونقابيين ومن العائلات الحاكمة ممن يملكون مفاتيح الأبواب الخلفية في هذا البلد. تلك الأبواب الخلفية التي لا يدخل منها سوى ولد فلان وفلان. وطبعا إن كنت تملك ضميرا سوف تشتغل بصدق لتغطي ساعات الأشباح.
ثالثا أنت محمي قانونيا ولا خوف عليك من إفلاس أو أزمة، راتبك يصلك نهاية كل شهر ولينزل الدولار أو يطلع. وليقرأ أولاد الشعب أو ليضربوا رأسهم مع حائط المدرسة الأصم.
فهل يمكن لعاقل ألا يدفع؟ اللهم إذا كان مخبولا ومختلا.
خودوا العبرة من العاطلين حاملي الشهادات الذين تتفتق مخيلتهم بين الحين والآخر بأشكال نضالية غريبة، كمحاصرة منزل بن كيران، أو السخرية من بائعي النعناع والقزبور ممن يكسبون قوتهم بعرق جبينهم دون أن يطلبوا امتيازا أو حضوة.. رغم أن مطلبهم متطرف وغير ديموقراطي، إلا أنهم يدركون معنى أن تكون موظفا عموميا، خاصة في التعليم. ولا يقبلون أن يجروا اختبارا أو مباراة وإنما بادماجهم بشكل مباشر دون مباراة ولا امتحان.. دِرِيكْتْ للقسم/المكتب.
تواجه أحدهم :
ـ ألا ترى أن مبدأ التشغيل بدون مباراة مطلب غير ديموقراطي وانتهازي؟ لماذا لا تتقدم مثل "يا أيها الناس " للمشاركة في المباراة.
يجيبك :
ـ الفساد مستشري في كل دواليب الدولة والفرص غير متكافئة، فما معنى أن أختبر أنا؟
ـ فهل الحل هو أن تشتغل أنت بدون مباراة؟ تعالوا إلى كلمة سواء، ندافع فيها عن وطن يتسع للجميع، وتعطى فيه الفرصة للجميع، وطن الاستحقاق بدون ولا زبونية ولا محسوبية ولا انتهازية أيضا.
ولا يملك سوى أن ينعتك بالتمخزن والجهل والعمالة، وهو الذي يتمنى أن يشتغل بدون مباراة في العمالة.
من يستطيع أن يشتغل في جحيم القطاع الخاص ويترك جنة القطاع العمومي؟ فالدولة تنصلت من واجبها في حماية موظف القطاع الخاص. ورغم وجود ترسانة قانونية فإنها تظل على الأوراق.
ويمكن أن يتخلص منك مُشغلك في أية لحظة كما لو يتخلص من قط أجرب. حسب هواه ومزاجه ونفوذه وسخائه.. وتشتغل بالراتب الذي يريد وأنت المدفوع تحت ضغوط رغبات أسرتك التي لا تقبل التأجيل : طفل ينتظر حليبا أو عجوزا تنتظر دواءً.
على كل حال فالدولة هي التي تتحمل المسئولية. لأنها تنصلت من دورها في حماية الموظف والمستخدم في القطاع الخاص وتركت المواطن الأعزل يواجه مصيره لوحده أمام أباطرة المال والأعمال.
وليس هناك عاقل يمكن أن يستغني عن جنة القطاع العام ليشتغل في جحيم القطاع الخاص حيث الشركات العائلية، حيث مزاج الپاطرون يتحكم في راتبك، مصيرك ومصير أبنائك.
لا يوجد قط يهرب من دار العرس كما في المثل الشعبي الدارج. ولو اهتمت الدولة بالقطاع الخاص وهيكلته وضمنت حقوق شغّيلته لما تجارى المعطلون من كل صوب وحدب من أجل الوظيفة العمومية.
ادفعوا.. فقط كونوا واثقين أن المهمة التي تنتظركم ليست سهلة وظروف الاشتغال ليست كما تتصورون..
ففي سوس ماسة درعة مثلا : يوجد 185 أستاذ يُدرّس 6 مستويات في قسم مشترك.
و134 أستاذ يُدرّس 5 مستويات في قسم مشترك وحيد.
و471 أستاذ يُدرّس4 مستويات في قسم مشترك وحيد.
و1088 أستاذ يُدرّس3 مستويات في قسم مشترك .
و3530 أستاذ يُدرّس مستويين في قسم مشترك.
[email protected]
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.