ظاهرة القسم المشترك

الإدارة September 09, 2013 June 02, 2016
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

  • ظاهرة القسم المشترك

    مقدمة :

    تفيد إحصائيات وزارة التربية الوطنية أن نسبة عدد الأقسام المشتركة بالمغرب يصل إلى أزيد من 28740 قسما من بينها 27898 قسما بالوسط القروي أي أن نسبة استيطان الأقسام المشتركة بمجموع المؤسسات التعليمية بالمغرب بلغت 21.6 ف المائة، فيما تصل نسبتها بالوسط القروي إلى 35.7 في المائة.

    رغم هذا الإستفحال للظاهرة بحقلنا التربوي، فإنها مازالت لم تحظ بكثير من الدراسة و التحليل، سواء من قبل البرامج الرسمية أو من قبل البحوث التربوية.
    فباستثناء كتيب " الدليل العلمي للأقسام المشتركة "الذي أصدرته الوزارة في التسعينات، إبان التدريس بالأهداف، إضافة إلى بعض المصوغات التكوينية هنا وهناك، فإن ظاهرة الأقسام المشتركة و المعلومات المتوفرة عنها تبقى ضئيلة وناقصة، كما أن ضعف التكوين الملائم في هذا الميدان دفع بالمدرسين المعنيين بالأمر إلى التكيف مع هذه الظاهرة، كواقع ثابت، باعتبارها ظاهرة تربوية مركبة ومعقدة، تطرح صعوبات ومشاكل منهجية. سواء على مستوى التناول النظري أو على مستوى الممارسة في الميدان، هذا كله في ظل شعارات الجودة، التي ما فتئ ميثاقنا الوطني للتربية و التكوين ينادي بها.
    فما هي الأقسام المشتركة ؟ وماهي أسبابها وتجلياتها وطرق التعامل معها بإيجابياتها و سلبياتها ؟

    تعريف القسم المشترك :

    تتعدد تعاريف القسم المشترك أو ما يصطلح عليه بالقسم المتعدد المستويات لكن إجمالا نعرفه على أنه ذلك الفضاء الواحد، الذي يضم أكثر من مستوى دراسي، خاصة بالوسط القروي حيث يكون عدد التلاميذ في كل مستوى قليلا، وتحت رعاية مدرس واحد يمارس عمله معهم في زمكان واحد، سعيا منه إلى تحقيق أهداف متباينة، ذات الصلة بالكفايات ذاتها أو كفايات مختلفة، علما أن المستويين متباعدين على المستوى العمري و العقلي و المعرفي أيضا، ولكل منهما منهاج وكتب ودروس خاصة.

    أسباب انتشار القسم المشترك :

    تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التعليم له جذور تاريخية، قبل أن يجد طريقة إلى التعليم الذي يسمى بالتعليم العصري، كان سائدا في تعليمنا التقليدي الأصيل منذ مدة طويلة، ويتجسد وجوده في كتاب القرآن أو المسيد، حيث يتم تجميع المتعلمين المتباعدين عمريا تحت رعاية فقيه واحد.
    وقد تنامى القسم المشترك كظاهرة بشكل مكثف، في مرحلة بداية الإستقلال، نظرا لظروف موضوعية تتلخص أساسا في كون المغرب بدأ في إرساء البنيات التحتية للتعليم و التعلم، ومع مرور الوقت بدأت تتناقص إلى أن تم القضاء عليها بالمدار الحضري، إلا أن إمكانية تجاوزها في العالم القروي تعتبر صعبة المنال لتفشي أسباب استمرارها فيه، و التي يمكن تلخيصها في الحالات التالية :
    عامل الهجرة : ويتمثل في هجرة الأسر نحو المدن الكبرى، مما أدى إلى تناقص السكان في المناطق الريفية، وبالتالي تناقص عدد المتمدرسين.
    تشتت السكان في الوسط القروي : حيث نجد السكان القرويين لا يعيشون في تجمعات سكانية، الشيء الذي يتسبب في قلة عدد المتمدرسين.
    بعد السكن عن المدرسة : غالبا ما يشكل هذا العامل ذريعة لعدم إلحاق الأطفال بالمدارس، والتسرب الفجائي، مما يقلص من نسبة التمدرس ومتابعة الدراسة.
    الرغبة في تعميم التربية على الأطفال المتوفرين على السن القانوني، وفي أبعد نقطة في الوسط القروي.
    ضعف الإمكانات المادية و الإقتصادية، حيث ينتج عنها قلة الحجرات الدراسية و الوسائل التعليمية.
    الحرص على تدبير الموارد، بسبب ضعف المناصب المسندة للتعليم الإبتدائي، لايمكن تعيين مدرس لقسم يتكون من تلميذين فقط.

    سلبيات القسم المشترك وإيجابياته :

    لا يخفى على أحد سلبيات هذا النوع من التعليم، نظرا لكثرة العراقيل و الصعوبات التي يلقاها المدرسون أثناء مزاولة عملهم، خاصة على مستوى عملية الضم، التي تشهدها أغلب المؤسسات التعليمية الإبتدائية بالوسط القروي، إلى جانب الإكتظاظ بسبب النقص في الحجرات، وبسبب إدماج أقسام يفوق عدد التلاميذ بها 40 تلميذا أحيانا. وهذا غالبا ما يولد احتجاجات وامتعاضا من آباء وأولياء التلاميذ وهيأة التدريس، التي لا تخفي قلقها من الأجواء المحيطة بظروف التحصيل الدراسي للتلاميذ، وظروف العمل الصعبة التي تعترضهم وهم يؤدون عملهم، داخل القسم وخارجه. والتي تتجلى في :
    كثرة الوثائق التربوية و الجذاذات التي يبلغ تعدادها نحو 18 جذاذة بشكل يومي، وإن كان القسم به ست مستويات عليه أن ينجز أزيد من 50 جذاذة.
    عدم استفادة التلاميذ من الحصة الزمنية المخصصة، بحيث يكون المعلم ملزما بتنفيذ نصف الحصة مع كل مستوى في أحسن الأحوال.
    ارتباك المعلم عند انتقاله من موضوع إلى موضوع، ومن مستوى إلى آخر في نفس الحصة.
    عدم القدرة على ضبط المتعلمين لاختلاف أنماط تفكيرهم وحاجياتهم، الشيء الذي يفرض على المدرس تنويع الخطاب.
    نجد بين الأساتذة من يشتغل داخل قسم مشترك به جميع مستويات التعليم الإبتدائي الستة، ويدرسهم اللغة العربية والفرنسية بمكوناتهما، إضافة إلى اللغة الأمازيغية، فكيف يمكن لهذا القسم أن يؤدي الوظيفة المنتظرة منه،وبالشكل المطلوب على صعيد الممارسة الميدانية ؟
    إنه ورغم ما ذكر من سلبيات، فإن عددا من الممارسين بهذه الأقسام حققوا نجاحات ونتائج جد طيبة، وذلك لأن إيجابيات القسم المشترك تجعله ينفرد بمزايا قد لا تكون في القسم العادي، نجملها فيما يلي :
    يضمن تمدرس الأطفال – بمن فيهم الفتيات-قرب عائلاتهم حتى سن الثانية عشر، بانتهاء السلك الأول من التعليم الأساسي.
    يقرب المدرسة من المواطنين، مما يسهم في محاربة الهجرة إلى المدينة.
    يسهل الإندماج الإجتماعي بين مجموعات غير متجانسة، يتبادل فيها التلاميذ فيما بينهم خبراتهم ومهاراتهم ومكتسباتهم.
    يمكن من مساعدة الكبار للصغار في إطار الدعم التبادلي.
    يزاوج بين العمل الفردي و الجماعي.
    يتيح لكل تلميذ أن يعمل حسب طاقاته الحقيقية.
    استفادة متعلمي المستوى الأدنى من بعض الدروس المقدمة لمتعلمي المستوى الأعلى.
    خـتامـا : يمكن القول أن ظاهرة الأقسام المشتركة ليست عرضية وظرفية، بل تسير نحو المزيد من الإنتشار وطنيا، لذلك يجب إيلاء التكوين أهمية قصوى في تدريس الأقسام متعددة المستويات داخل مراكز التكوين الأساسي، وتكوين الأساتذة العاملين بها في إطار برنامج التكوين المستمر،وإعطائهم هامشا أوسع للإجتهاد و المبادرة الخاصة لإتخاذ ما يرونه مناسبا من قرارات، حتى يتمكنوا من تدبير هذا النوع من الأقسام على الوجه المطلوب.

    إعداد الأستاذ : حميد الطلبا

شارك المقال لتنفع به غيرك

Post a Comment

0 Comments


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?hl=en