المحجوب الدريوش
عمود الغد بخصوص الملحق التربوي بجريدة "العلم"
جنازة مدرسة
تؤدى صلاة الجنازة دون ذكر اسم الميت وبتلفظ جنسه فقط : جنازة امرأة ،
جنازة رجل، فهل اقترب موعد ترديد لفظ "جنازة مدرسة" إعلانا بوفاة المشمولة
برحمتها المدرسة المغربية إن كان ذلك يحتاج إلى إعلان أصلا؟؟ لقد جرت مياه
راكدة كثيرة تحت جسر المدرسة المغربية خلال السنتين الأخيرتين، وهي عمر
حكومة جديدة في ظروف جديدة، أحداث جعلت جل المهتمين والفاعلين التربويين
يضعون أيديهم على قلوبهم ويناشدون المسؤولين بالإسراع باتخاذ قرارات شجاعة،
و إلا فالمغاربة مدعوون لإقامة صلاة جنازة على المدرسة العمومية. تجليات
ذلك كثيرة ومتعددة: فلعبة الشد والجذب بين النقابات والوزارة لا أحد يعرف
نهايتها، رجال التعليم متذمرون من الاثنتين وهو ما يفسره ظهور التنسيقيات
ودخولها في خطوات نضالية "متطرفة" في نظر الكثيرين، ظهور 30 فئة تنتمي لحقل
التعليم كل واحدة تريد مكاسب معينة خاصة بها، وهو أمر لا يوجد له مثيل في
أي دولة أخرى. الحكومة ووزارتها الوصية خارج التغطية لأنها اعتبرت أن
الإصلاح في التعليم هو التقليص من أيام الاضرابات كما صرح بذلك رئيس
الحكومة نفسه ، الذي تناسى أن نجاح الإصلاح مرتبط أساسا بالإرادات وصدق
النوايا وأيضا بالمناهج والتقويمات . إضرابات مسترسلة في القطاع، ومما
يثير الانتباه في كل الاحتجاجات والخطوات النضالية الغير المسبوقة سواء
على المستوى الوطني أو بجل النيابات والأكاديميات، أن الدافع الأساسي لها
حسب بيانات الفروع النقابية والتنسيقيات الوطنية له علاقة وطيدة بحاجيات
المتعلم والمدرسة –إضافة إلى المطالب المادية بطبيعة الحال- ويجملونه
أحيانا في الكشف عن أوجه صرف ملايير البرنامج الاستعجالي،وإيجاد حلول
للاكتظاظ والتكليفات والخصاص، والبنيات التحتية للمؤسسات... أمام هذا
الوضع، وعوض البحث عن الأسباب الحقيقية وراء الاحتقان، سلك رئيس الحكومة
أسهل الطرق وردد أمام كثيرين أن السنة الماضية شهدت أقل نسبة من هدر للزمن
المدرسي قاصدا بذلك قلة الاضرابات بعد الاقتطاع الذي باشرته حكومته. فيما
ردد وزيره أنه لم ينم أربعة أيام بعد أن اكتشف حقيقة الوضع في قطاع وجده
كما كان قبل 15 سنة !!! وكأن عدم النوم إن ثبت كفيل بوضع القطار على
السكة. كما يظهر التخبط كذلك في كيفية تعاطي الوزارة مع ملف المقصيين من
الترقي والبالغ عددهم أكثر من6000أستاذ مرابطين بالرباط لأكثر من شهرين،
فيما أكثر من نصف مليون تلميذ لا يدرسون. ويكتمل المشهد السوريالي عندما
تخرج نقابة مقربة من حزب رئيس الحكومة لتندد بالتدخل في حقهم وتدعو لحل
ملفهم !! "اللي اختاشو ماتو " على حد قول إخواننا المصريين، فالتضامن
المعبر عنه في البيان جاء من تنظيم نقابي هو ذراع حزب رئيس الحكومة، لدرجة
تشكيك بعض المواقع التربوية المختصة في كون السيد الرئيس هو نفسه من دعا
لكتابته. لا ينكر أحد أن الاضرابات تهدر أياما وشهورا من الزمن المدرسي
للمتعلمين، لكن يستلزم الأمر قبل ذلك التحلي بروح المسؤولية وإرساء ثقافة
تؤمن بتلازم الحق والواجب في الممارسة المهنية لدى جميع المتدخلين في الحقل
التعليمي " من الغفير وحتى الوزير"، فما معنى أن تحاسب وتبعد نفسك عن
الحساب؟ فالاضرابات جاءت نتيجة لوضع تربوي مختل . فما معنى صرف قرابة 50
مليار على التعليم وتأتي النتائج والتقارير لتقول أن الوضع أسوأ مما كان
عليه...؟ هل الاقتطاع من أجور أولئك المطالبين بحقهم في الترقي والتهديد
بفصلهم هو الحل.؟؟ بالفعل الكل مع المحاسبة ولكن لتكن البداية بأموال
البرنامج الاستعجالي و بما وقف عليه المجلس الأعلى للحسابات من اختلالات
على مستوى الأكاديميات في صرف الأموال من خلال الصفقات ونفقات التسيير،
وكذا تدبير الموارد البشرية واختلالات أخرى يضيق المجال لسردها.
رد
لاعتبار للمدرسة العمومية يبدأ بالشجاعة في تحمل المسؤولية، كل من جانبه،
فيما آلت إليه أوضاع التعليم، لأن ثقافة المسؤولية لا تقتصر على رصد الفشل
فقط، بل لا بد من تحديد أسبابه بكل موضوعية، ومن ثم استئصال المعيقات،
وتطوير مؤشرات النجاح التي تبدو قليلة إن لم نقل منعدمة،
عمود الغد بخصوص الملحق التربوي بجريدة "العلم"
جنازة مدرسة
تؤدى صلاة الجنازة دون ذكر اسم الميت وبتلفظ جنسه فقط : جنازة امرأة ، جنازة رجل، فهل اقترب موعد ترديد لفظ "جنازة مدرسة" إعلانا بوفاة المشمولة برحمتها المدرسة المغربية إن كان ذلك يحتاج إلى إعلان أصلا؟؟ لقد جرت مياه راكدة كثيرة تحت جسر المدرسة المغربية خلال السنتين الأخيرتين، وهي عمر حكومة جديدة في ظروف جديدة، أحداث جعلت جل المهتمين والفاعلين التربويين يضعون أيديهم على قلوبهم ويناشدون المسؤولين بالإسراع باتخاذ قرارات شجاعة، و إلا فالمغاربة مدعوون لإقامة صلاة جنازة على المدرسة العمومية. تجليات ذلك كثيرة ومتعددة: فلعبة الشد والجذب بين النقابات والوزارة لا أحد يعرف نهايتها، رجال التعليم متذمرون من الاثنتين وهو ما يفسره ظهور التنسيقيات ودخولها في خطوات نضالية "متطرفة" في نظر الكثيرين، ظهور 30 فئة تنتمي لحقل التعليم كل واحدة تريد مكاسب معينة خاصة بها، وهو أمر لا يوجد له مثيل في أي دولة أخرى. الحكومة ووزارتها الوصية خارج التغطية لأنها اعتبرت أن الإصلاح في التعليم هو التقليص من أيام الاضرابات كما صرح بذلك رئيس الحكومة نفسه ، الذي تناسى أن نجاح الإصلاح مرتبط أساسا بالإرادات وصدق النوايا وأيضا بالمناهج والتقويمات . إضرابات مسترسلة في القطاع، ومما يثير الانتباه في كل الاحتجاجات والخطوات النضالية الغير المسبوقة سواء على المستوى الوطني أو بجل النيابات والأكاديميات، أن الدافع الأساسي لها حسب بيانات الفروع النقابية والتنسيقيات الوطنية له علاقة وطيدة بحاجيات المتعلم والمدرسة –إضافة إلى المطالب المادية بطبيعة الحال- ويجملونه أحيانا في الكشف عن أوجه صرف ملايير البرنامج الاستعجالي،وإيجاد حلول للاكتظاظ والتكليفات والخصاص، والبنيات التحتية للمؤسسات... أمام هذا الوضع، وعوض البحث عن الأسباب الحقيقية وراء الاحتقان، سلك رئيس الحكومة أسهل الطرق وردد أمام كثيرين أن السنة الماضية شهدت أقل نسبة من هدر للزمن المدرسي قاصدا بذلك قلة الاضرابات بعد الاقتطاع الذي باشرته حكومته. فيما ردد وزيره أنه لم ينم أربعة أيام بعد أن اكتشف حقيقة الوضع في قطاع وجده كما كان قبل 15 سنة !!! وكأن عدم النوم إن ثبت كفيل بوضع القطار على السكة. كما يظهر التخبط كذلك في كيفية تعاطي الوزارة مع ملف المقصيين من الترقي والبالغ عددهم أكثر من6000أستاذ مرابطين بالرباط لأكثر من شهرين، فيما أكثر من نصف مليون تلميذ لا يدرسون. ويكتمل المشهد السوريالي عندما تخرج نقابة مقربة من حزب رئيس الحكومة لتندد بالتدخل في حقهم وتدعو لحل ملفهم !! "اللي اختاشو ماتو " على حد قول إخواننا المصريين، فالتضامن المعبر عنه في البيان جاء من تنظيم نقابي هو ذراع حزب رئيس الحكومة، لدرجة تشكيك بعض المواقع التربوية المختصة في كون السيد الرئيس هو نفسه من دعا لكتابته. لا ينكر أحد أن الاضرابات تهدر أياما وشهورا من الزمن المدرسي للمتعلمين، لكن يستلزم الأمر قبل ذلك التحلي بروح المسؤولية وإرساء ثقافة تؤمن بتلازم الحق والواجب في الممارسة المهنية لدى جميع المتدخلين في الحقل التعليمي " من الغفير وحتى الوزير"، فما معنى أن تحاسب وتبعد نفسك عن الحساب؟ فالاضرابات جاءت نتيجة لوضع تربوي مختل . فما معنى صرف قرابة 50 مليار على التعليم وتأتي النتائج والتقارير لتقول أن الوضع أسوأ مما كان عليه...؟ هل الاقتطاع من أجور أولئك المطالبين بحقهم في الترقي والتهديد بفصلهم هو الحل.؟؟ بالفعل الكل مع المحاسبة ولكن لتكن البداية بأموال البرنامج الاستعجالي و بما وقف عليه المجلس الأعلى للحسابات من اختلالات على مستوى الأكاديميات في صرف الأموال من خلال الصفقات ونفقات التسيير، وكذا تدبير الموارد البشرية واختلالات أخرى يضيق المجال لسردها.
رد لاعتبار للمدرسة العمومية يبدأ بالشجاعة في تحمل المسؤولية، كل من جانبه، فيما آلت إليه أوضاع التعليم، لأن ثقافة المسؤولية لا تقتصر على رصد الفشل فقط، بل لا بد من تحديد أسبابه بكل موضوعية، ومن ثم استئصال المعيقات، وتطوير مؤشرات النجاح التي تبدو قليلة إن لم نقل منعدمة،
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.