كم أنت كبير أيها الأستاذ ...
الاثنين 20 يناير 2014 - 13:36
أثارت الزيادات الأخيرة التي طالت أجور القضاة و القوات المساعدة غبنا
واسعا لدى الأساتذة المقصيين من الترقية بالشهادة المعتصمين بالرباط منذ ما
يربو على الستين يوما , مطالبين الحكومة بحق مشروع من حقوقهم المهضومة
التي لا يتعدى مبلغ زيادتها في أجورهم الهزيلة 800 درهما , عكس السخاء الذي
منحته للقضاة الذي وصل إلى 5000 درهما , أو حتى للقوات المساعدة الذي فاق
1200 درهما , فطبيعي أن يحس هؤلاء الأساتذة بالضيم و الإقصاء المباشر و
العلني من رئيس حكومة ينهج سياسة شوفينية في جقهم , فلم يعد الإقصاء الذي
يمسهم في ترقية الأفواج السابقة و اللاجقة بهم هو ما يثير إحساسهم بالمهانة
فقط , بل تعدى ذلك إلى الزيادة في أجور القضاة الباذخة و يعيش أغلبهم حياة
الترف و النعيم , و لم يقوموا بأي إضراب يهدد بشلل المحاكم , فما كان من
الحكومة إلا أن جازتهم بزيادة تصل إلى 5000 درهما في عز الأزمة المالية
الخانقة التي تتحدث عنها جهارا نهارا .إلامَ تصبو إليه حكومة بنكيران ؟ هل إلى هيجان بشري يأتي على الأخضر و اليابس , أو إلى إغراق بلد ظل يعيش في طمأنينة و أمان رغم التدافعات التي حصلت بين أبنائه . فما الذي تنتظره من أستاذ يرى من يضربه و ينكل به تزاد في أجرته أكثر من 1200 درهما , و من يحاكمه أحكاما جائرة يجزى بزيادة مترفة تعادل الأجرة التي يناضل من أجلها الأستاذ ستين يوما , أين هي خرجات بنكيران الذي يتبجح بتغيير الأفكار و المبادئ , هل من أفكارك زيادة 5000 درهما دفعة واحدة ؟
ظل رئيس الحكومة يرفع شعارات الاستحقاق و المساواة و العدل في جل خطاباته الطوباوية , لكن بعد هذه الزيادات الصاروخية بودنا أن يشنفنا بتبريراته عن هذه التراجعات الخطيرة في مبادئه التي لا يحيد عنها قيد أنملة , فملف الأساتذة أسهل بكثير من الملفات التي حلها بسرعة , و بشكل مفاجئ , فلمَ لم يحل هذا الملف ليريح و يستريح ؟ لكن في ظل تعنته غير المفهوم فبودنا أن نستشرف عواقب ذلك . فلو كان هذا الرئيس يتعامل بحكمة و رزانة لعارض ربيبه الرميد الذي وعد قضاته بالزيادة , و لأقنعه أن الظرفية لا تسمح , خاصة أن الشارع مملوء بحنق كبير على قرارات الحكومة العشوائية , فالشوارع بالرباط الآن تغلي باحتجاجات لا يمكن أبدا الاستهانة بها , خاصة من الأساتذة المقصيين من الترقية بالشهادات , و أيضا من المعطلين , و القادم بلا شك آت في ظل الضيق الذي يعانيه المواطنون من حكومة فاشلة .
إن موافقة بنكيران على مضض بالزيادة في أجور القضاة و القوات المساعدة يستشف منه أنه يسخر من الاحتجاجات التي توجد في شوارع الرباط , و يزدري لجميع الأصوات التي تنادي بهبة شعبية للإطاحة به و بسياسته الطوباوية , و يتعامل بمنطق غريب إزاء الملفات التي توجد أمامه , خاصة ملفات الأساتذة المقصيين من الترقية و المعطلين بالإضافة إلى ملفات الحوار الاجتماعي ... منطق رئيس الحكومة هو الأزمة المالية , لكن ما حصل الآن كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير , و دمغ ترهاته الباطلة , و سيجعله في عزلة كبيرة في قادم الأيام .
الأساتذة المقصيون على يقين الآن بوجوب النضال , فقد أصبح فرض عين على كل معني بالقضية , فلم تعد قضية الإنصاف من تهمهم الآن , بل صارت القضية الآن قضية كرامة و عدالة , فكيف يقبل أشد الأساتذة تفهما لعوز الحكومة التي تدعي الأزمة المالية , و قد اقتنع بضرورة المباراة , كيف له الآن أن يقتنع بالسخاء الحكومي البنكيراني الذي أغدقه في جيوب القضاة و القوات المساعدة , فلا يسعه إلا الخروج بهذه النتيجة , و هي أن بنكيران يجازي من ضرب الأستاذ في وقفاته الاجتجاجية , و يكافئ من يحكم عليه بالمتابعات بتهم التجمهر والفوضى و الغوغاء في الشارع العام .
الآن سقط مفهوم بنكيران بوجوب المباراة للحصول على الزيادات و الترقيات , و صار مفهومه أضحوكة بين الناس , و أقل ما يقال عنه أنه رجل غير ذي مبادئ , و سيبقى الأستاذ الذي ازدراه كبيرا , و سيذكر التاريخ أن الأستاذ هو من عارضه , و هو من فضحه , إلى آخر رمق.
*باحث في اللسانيات
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.