"هل يمكن ان اكون متيقن من معرفة الغير"
الغير
هو الأنا الذي ليس أنا، أي الذات التي تشبهني وتختلف عني، إنه الآخر الذي
يتميز بخاصية الوعي وكونه ذات عملية أخلاقية. انطلاقا من هذا، هل يمكن
معرفة هذا الغير باعتباره أنا أخرى؟ وما هي السبل التي تمكنني من معرفة هذا
الغير؟ وإذا كان هناك من يرى بأن معرفة الغير مستحيلة، فما هي الحجج التي
يمكن أن نعتمدها لإثبات مثل هذا الموقف؟ وهل من الضروري معرفته معرفة تجعلني متيقنا من معرفته؟
يرى موريس ميرلو- بونتي :(1908/1961
الغير كذات
يرفض العلاقة التشييئية أو الجحيمية التي ينطوي عليها موقف "سارتر"،مؤكدا على ضرورة تجاوزها نحو علاقة إنسانية بين الأنا والغير، تقوم على الإعترافالمتبادل بكل منهما كذات واعية حرة تتطابق مع الطرف الآخر ولا تتناقض معه، الشيءالذي سيسمح بنشوء علاقة التعاطف والمشاركة الوجدانية بينهما..ويعبر"ميرلو- بونتي" عن ذلك في قوله :
"والواقع أن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع، كما لا تحولهنظرتي إلى موضوع، إلا إذا انسحب كل منا وقبع داخل طبيعته المفكرة، وجعلنا نظرةبعضنا إلى بعض لا إنسانية، وإلا إذا شعر كل منا بأن أفعاله بدلا من أن تتقبل وتفهم،تخضع للملاحظة مثل أفعال حشرة"
فمعرفة
الغير تعني أني أدركه على الوجه الذاتي بالدرجة الأولى وليس على المستوى
الإمبريقي، لأن معرفة الغير انطلاقا من الشكل ستجعله موضوعا كما هو الحال
بالنسبة لباقي أشياء الطبيعة؛ سيكون إدراك شكلي من حيث كونه موضوعا فقط.
وتقتضي مني" ميرلوبونتي" التاطف معه وحينما اقول
التعاطف فاني لا اعني الشفقة بل اعني بذلك ان ابادله بكل ما في من حب وعطف
وحنان ورافة لاتمكن من التقرب اليه ومعرفته معرفة منزهة عن اي لبس او اي
شرور قد يصيبها" والمقصود هنا هو ان الانسان قد يقع في حب شخص ما بمجرد الانصات اليه دون النظر اليه، وهذا يعني انه يمكن ان تقوم علاقة اعجاب وحب بمجرد حديث وقد اشار قال العرب: "الاذن تعشق قبل العين احيانا".ومن
هنا يمكن ان نقول بان التعاطف هي وسيلة تشكيلية لانها قائمة على المعرفة
الموضوعية اليقينية التي لا تقتضي بالضرورة ايثاره على النفس بل تكتفي
مساواته بالانا و محاولة حل مشاكله و مساعدته كلما دعت الضرورة لذلك وكبح
كل ضرر يصيبه والتصدي له وحفظ اسراره .وهنا نقف للتساؤل على واقعية هذه
العلاقة وحضورها في الحياة اليومية، ومدى تحقيقها للغاية المنشودة وهي
معرفة الغير يقول ميرلوبونتي
- ان العلاقة المكانية التي يمكنان تجمع بين الدات وغيرلاتخلو من صراع
داخلي بواسطته ترغب الانا في فك سر ولغز الغير فاخد صورة وقطعها الى اجزاء
مثلا لايخلو من توتر الملامح وتغيرها مع تغير مكانها غم انها صورة لنفس
الشخص وهذاما ينطوي على الغير لاول مرة تنظر اليه وتتفحصه كانك تتفحص
موضوعا طبيعيا لكن بمجرد ان يتلفظ الغير حتى يكف على ان يكون متعاليا
وغامضا لتنسج معه الذات علاقة انسانية حميمة قوامها التعاطف والتداخل
الوجدانيين و هناك بديهيات ومسلمات أدركها تمام الإدراك وأعرف أن الغير
يدركها ايضا، يعني أنني أعرف الغير انطلاقا من ذاتي. فمثلا أنا أعرف أن
أربعة هي حاصل 2×2 والغير يعرف هذا أيضا، وأشعر بالبرد إذا كان الجو قارسا
أو أشعر بالحرارة إذا كان الجو حارا فأعرف أن الغير كذلك يحس بنفس الشعور.
لكن غالبا ما تخطئ حواسنا لأن هناك من الإحساسات التي نشعر بها لا توافق
شعور الغير البتة. فمثلا عند موت أب صديق لي، فأنا أعرف أنه يشعر بالألم
والحزن لكن هل أدرك قدر ذلك الألم بالدرجة نفسها؟ وهل أعرف أنه يشعر حقا
بالألم؟ ماذا لو كان هذا الأب قاسيا معه وأثناء موته ارتاح منه؟ إذن فإنه
لا يمكن معرفة الغير انطلاقا من ذواتنا في نظر ميرلوبونتي تحليلا دقيقا للعلاقة المعرفية تبعا للغير والتي تقتضي التعاطف
معه باعتباره انا اخر يملك مقومات اخلاقية وكرامة وتصرفه ينطبق على
تصرفاتي في ظروف مماثلة ففي نظره ان معرفة الغير تقتضي الانخراط معه
ومشاركته احزانه وافراحه والتواصل الفعلي الذي ياسس حوارا وتعايشا وتازر مع
تدخل عنصر اللغة لما له من ادوار فعالة في توضيح المقصود بخلاف النظرة
التشيئية التي تحول الغير الى موضوع وتسحب منه طبيعته الانسانية وتسلب
كرامته ويخلص ميرلوبونتي الى القول بان المعرفة الحقيقية لا تتاتى الى
بمحاولة فهم الغير ومشاركته خوالج نفسه وهمومه والتعاطف معه.ونفس الراي
نجده عند الفيلسوف هوسل الذي يدعوا الانا الى التوحد مغ الغير حدسيا بحيث
يصبح هو اي الغير انا والانا اي الذات هو ويشير هذا الخير الى ان اساس
المعرفة هو التعاطف والمشاركة والتواصل الذي يؤسس البيذاتية والذي لا يلغي
المعرفة بل يحصرها.وان نظرنا في الواقع المعيش نجد ان الاطروحتين السابقتين
وهميتين لان الانا ماعاد يتواصل مع الغير با اصبح ينفيه ويحد من فعاليته
وهذا ما يدفعنا الى القول بان المعرفة مستحيلة والشيئ نفسه توصل اليه
ميرلوبونتي ليحسم بالقول بان معرفة الغير غير ممكنة لاختلاف التجارب
المعاشة وتميز الانا عن الغير.
وهذا ما عبر عنه سارتر بان نمط العلاقةمع الغير ليست معرفية بل وجودية وهي غير يقينية مادام الاخرون هم الجحيم ومادامتمعرفتي له تقصيه متحد من حريته وارادته وتجعله موضوعا من الموضوعات .اما الفيلسوفبيرجي فقد احتل موقعا وسطا بين الاطروحات السالفة الذكر والذي ارجع فشل المعرفة الىانعزال الذات وخوفها من التواصل ومن ان تحد من فعالية الغير و اقترح حلا بديلالانجاح المعرفة الا وهو مشاركة الغير مشاركة صريحة.
على ضوء ما سبق فاناشكالية معرفة الغير شكلت موضوعا متنازعا فيه بين الفلاسفة .فهناك من اكد على انالتعاطف هو السبيل الى المعرفة وهناك من خالفه الراي قئلا لن المعرفة مستحيلة مهماحاوا الانا التقرب من الغير لوجود حائط شاهق بين النا والغير وهو التميز واختلافالتجارب.الا فئة اخرى اقترحت مشاركة الغير مشاكله ومحاولة فهمه لامكانية المعرفة .ومن هنا نتساؤل عن نوع العلاقة الممكنة بين الانا والغير في هذا العالم الذي يحملفيه الانا الغير ثنايا تجربته ويعتبره الشبيه والمختلف والقريب والبعيد والصديق والقريب في ان واحد.
وهذا ما عبر عنه سارتر بان نمط العلاقةمع الغير ليست معرفية بل وجودية وهي غير يقينية مادام الاخرون هم الجحيم ومادامتمعرفتي له تقصيه متحد من حريته وارادته وتجعله موضوعا من الموضوعات .اما الفيلسوفبيرجي فقد احتل موقعا وسطا بين الاطروحات السالفة الذكر والذي ارجع فشل المعرفة الىانعزال الذات وخوفها من التواصل ومن ان تحد من فعالية الغير و اقترح حلا بديلالانجاح المعرفة الا وهو مشاركة الغير مشاركة صريحة.
على ضوء ما سبق فاناشكالية معرفة الغير شكلت موضوعا متنازعا فيه بين الفلاسفة .فهناك من اكد على انالتعاطف هو السبيل الى المعرفة وهناك من خالفه الراي قئلا لن المعرفة مستحيلة مهماحاوا الانا التقرب من الغير لوجود حائط شاهق بين النا والغير وهو التميز واختلافالتجارب.الا فئة اخرى اقترحت مشاركة الغير مشاكله ومحاولة فهمه لامكانية المعرفة .ومن هنا نتساؤل عن نوع العلاقة الممكنة بين الانا والغير في هذا العالم الذي يحملفيه الانا الغير ثنايا تجربته ويعتبره الشبيه والمختلف والقريب والبعيد والصديق والقريب في ان واحد.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.