منظومة التكوين: أية وصفة لأي تكوين؟

الإدارة February 12, 2014 February 12, 2014
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A


منظومة التكوين: أية وصفة لأي تكوين؟


مما لا شك فيه ان المتتبع لسياسة واستراتيجيه التكوين الخاص بمنظومتنا ألتربوية تستوقفه  العديد من التساؤلات والإستفهامات حول ماهيتها ومرتكزاتها؟ أبعادها وآليات تنزيلها ؟,  وسبل تقويمها وتصحيح مسارها؟, وتحفيز مختلف المتدخلين في أجرأتها,وذالك   لجعلها تشكل رافعة للتربية والتكوين؟

 ,وبالنظر للتغيير الذي شهدته بنية التكوين من خلال اسنادها الى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين,وما يشوب  عملية التنزيل من معوقات واختلالات , يسوغ لنا التساؤل عن اسباب وخلفيات هذا التعثر ومبرراته  وآثاره وانعكاساته على مآل التكوين وبالتالي جودة منظومة التربية برمتها, كون قاطرة التكوين تعد العنصر المهيكل لمسارها والضامن لجودة مكوناتها وعناصرها سواء  البشرية البيداغوجية  او التدبيرية. فما هي المعوقات التي تحول ذون ايجاد الخلطة المناسبة للتكوين المناسب؟
ان تشخيص هده المعطيات يستتبع التطرق لمختلف هذه المكونات الراهنة للتكوين , واستيضاح العراقيل التي تحول دون فعاليتها وجودتها وذالك من خلال عناصر محورية كالتالي:
اولا : اية بنية نوفر لمنظومة تكوين؟
قبل الشروع في أي نهج تكويني كيفما كانت خصائصه ومقوماته , لا بد من خلق وتأهيل بنية تحتية مناسبة ,ومستوعبة لمختلف عناصر التكوين ,الشيء الذي يتطلب منشآت ومراكز مهيأة بشكل مناسب ومتسق من حيث التصميم,التجهيز والمحيط ,ومن شأن هدا العنصر ان يشكل أرضية مناسبة لاستقبال مختلف فئات الأطر المستفيدة من التكوين ,وتوفير الحد الأدنى الكفيل بملائمة الفضاء لطبيعة التكوين.
على ان اطلالة بسيطة على جانب المنشآت المتوفرة بالمراكز الجهوية وكذا ملحقاتها ,يوحي بأننا نتواجد بمؤسسات تعليمية ,بنية وتجهيزا وفضاء وروحا ,مما يطرح التساؤل حول البنية التحتية هل تعد خيارا استراتيجيا , ام مجرد تدبير للمتوفر من المؤسسات  في ظل عدم توافر اعتمادات لهذا الغرض ,ثم لماذا لم يثم التفكير عند ارساء المراكز في تخصيص موارد تهم تأهيل البنية وليس فقط صيانتها ,وتوفير النظافة والحراسة من خلال خدمات القطاع الخاص.
 ان عنصر البنية التحتية يشكل في نظرنا مدخلا اساسيا لصياغة وبلورت سياسة تكوينية جديدة ,ومناسبة ,وفعالة ,مما يقتضي اعادة النظر في المؤسسات المتوفرة وتدارك اللاتناسب بين التكوين والبنية المستوعبة له كما وكيفا.

ثانيا : العنصر البشرى بين التكوين والتأهيل وسد الخصاص:
يعتبر النهوض بمستوى العنصر البشري على اختلاف تموقعه داخل المنظومة,  مدخلا جوهريا في تبني سياسة بديلة  للتكوين ترتكز على المهنية وتروم تحقيق نسبة اكبر من النجاعة, وجودة اكثر من حيث مرد ودية الأطر , ويهم ذالك  كل الفئات بدءا من اطر التدريس والأطر الإدارية ثم أطر المراقبة و التأطير دون اغفال لأطر التخطيط والتوجيه.
وقد خلصت مجمل التشخيصات الميدانية السالفة وكذا تقارير المجلس الأعلى للتعليم , الى وجود ضعف لذى مختلف الأطر ,وبضرورة ايلاء اهمية لهذا الجانب والسعي الى الرقي بعطاء وإمكانات ومهارات العنصر البشري ,باعتباره مدخلا اساسيا لمنتوج تربوي في مستوى التطلعات.
وقد استلزم هذا التوجه تغيير في منهاج العمل وأسلوب التكوين من خلال التركيز على الشق المهني  العملي في بلورت مختلف المهارات  على ان يشكل الجانب النظري مدخلا ممهدا لمختلف مراحل التكوين الموازية ,سيما الميدانية والعملية منها.
على ان هدا النهج اصطدم على مستوى الواقع وبلغة الأرقام والإحصائيات,بوجود خصاص حاد يهم مختلف فئات المنظومة ,سيما أطر التدريس, مما يعكس خللا جوهريا في استراتيجية تدبير الموارد البشرية ,من حيث تعويض نسب الخصاص وتغطية الحاجيات الملحة ,الشيء الذي أثر على السياسية و التكوينية من حيث الحيز الزمني ,وكدا المضمون البيداغوجي والديداكتيكي المكتسب خلال هذه المرحلة.
لقد اضحى الهاجس الأساسي هو تغطية الخصاص- ولو  على حساب جودة التكوين ونجاعته- ,وقد زاد من عسر المهمة عدم تفعيل المسالك الجامعية التربوية ,باعتبارها من أهم الروافد المغذية لمنظومة التكوين , وكنها تساهم في بلورة المعارف الأساسية للطلبة المقبلين على ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين .
كما   ساهم ضعف التكوين الأساس الأكاديمي للطلبة الوافدين من مختلف الكليات , في نقص جودة المنتوج التكويني لجل المراكز كمحصلة بديهية للنقص في الكفايات الملقنة داخل الكليات .كل هذه العوامل ,جعلت من العنصر البشري الموجه للتكوين ,يفتقر الى المؤهلات الأساسية لضمان التكوين الممهنن والفعال.

ثالثا المقاربة البيداغوجية: بين خيار الملائمة والفعالية :
تعتبر الهوية البيداغوجية عماد أي نظام تربوي وأساس تطوره وصيرورته ,كما تطبع خصائصها مكوناته وعناصره ,وقد شهد النظام التعليمي تأرجحا بين العديد من الخيارات والتوجهات البيداغوجية , - من بيداغوجية الإدماج الى تبني المقاربة بالكفايات -الشيء الذي أثر في هوية منظومتنا ,وجعلها تفتقد عنصر الخصوصية.
وقد ساهم هدا التأرجح في التوجه البيداغوجي ,والتغيير في الخيارات المعتمدة ,الى تبني عدة جديدة  للتكوين لم تتوافر لها بعد  شروط النضج والاتساق الكافيين لبلورتها واستيعابها, سواء من لذن المكونين انفسهم ,او من طرف المستفيدين من التكوين على اختلاف مسالكهم وتخصصاتهم. الشيء الذي تمثل في اختلاف اسلوب االتعامل مع مضمونها وآلياتها.
و يقتضي هدا الوضع اجراء تقويمات متتالية وتعديلات مناسبة من قبل مؤسسات التكوين وفق أسلوب تشاركي يروم من جهة ضبط المحتوى البيداغوجي للعدة  , , التقسيم  الزمني لمكوناتها  مع مراحل التكوين المختلفة,بشكل يحقق عنصر النجاعة والتفاعل الإيجابي مع محتوياتها ,ويضمن تنزيلا صحيحا لها ,وانسجاما واتساقا بين مفاهيمها وتطبيقاتها الميدانية.


رابعا: التدبير  والحكامة اساس نجاح التكوين :
من بين أهم عناصر نجاح أي برنامج تكويني ,وتنزيله بشكل صحيح على ارض الواقع,وانخراط مختلف الفاعلين في أجرأته ,يعد جانب التدبير مدخلا أساسيا ,ومؤشرا لجودة التطبيق ,فهل نتوفر على تدبير اداري ومالي بمراكز التكوين؟ وهل تشتغل مختلف هذه المؤسسات وفق برامج عمل واضحة من حيث المدخلات والأهداف ,؟ وهل يثم توظيف الموارد المالية المرصودة للمراكز وفق هذه المقاربة؟
ان الحديث عن وجود تدبير مهيكل داخل المراكز ,يعد سابقا لأوانه ,بالنظر الى الواقع الفعلي للتدبير ,على اعتبار اننا في سياق مرحلة انتقالية , بصدد اعادة هيكلة هذه المؤسسات ,والانتقال بها من مرحلة التبعية الإدارية والمالية والتربوية ,الى مرحلة الاستقلال في اتخاذ القرار المناسب وفق برنامج عمل يثم بلورته ,وصياغة مكوناته طبق لمستلزمات واقع التكوين وخصوصيات كل مركز وكذا متطلباته.
ان مرسوم احداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين يؤسس لمنظور جديد  في التسيير والتدبير ,قوامه وجود هياكل تدبيرية من ابرزها مجالس المركز , والتي تشكل نواتا أساسية في بلورة برنامج العمل , يكون ذا طابع مندمج ضمن السياق العام لإستراتيجية الوزارة ,الا انه ينبغي ان  يستجيب لحاجيات التكوين الخاصة بكل مركز ,وفقا لخصوصياته وتوجهاته وبرامجه.
على ان ارساء الهيكلة الجديدة تعتريه العديد من المعوقات ,تهم بالأساس تأهيل العنصر البشري المناسب – في غياب تكوينات - ,من حيث الكفاءة التدبيرية والإلمام بسبل العمل وفق برنامج ,وكذا في اطار تشاركي وتشاوري مع فعاليات المركز,كما ان تطبيق المبدأ الدستوري المؤسس على المسؤولية المرتبطة بالمحاسبة ,من شأنه ان يكرس بشكل تدريجي حكامة ادارية ومالية وتربوية .
ان مناخ الحكامة في التدبير يستلزم ,بالإضافة الى المقومات السابقة ,وجود مفهوم جديد للتكوين ,وذالك لذى مختلف القائمين على الشأن التكويني ,قوامه اندثار التبعية الأفقية في تسيير منظومة التكوين,في مقابل بلورة هوية قائمة الذات لمختلف المراكز الجهوية,تقوم على اتخاد القرارات المناسبة طبقا للوضعيات ووفقا للنصوص والمقتضيات التنظيمية.
لتوفير مختلف العناصر السابقة من بنية  اساسية مناسبة ,وموارد بشرية تتوافر فيها متطلبات مستلزمات التكوين ,بالإضافة الى عدة بيداغوجية ,جامعة ومانعة ,ذات مرتكزات ومقومات للتطبيق واضحة وجلية  ,قابلة للتجديد والتطوير وفق متطلبات ومستجدات  واقع التكوين , ونظام  وتدبيري اداري ومالي وتربوي,  أساسه  الكفاءة والجودة في التسيير ضمن اطار تشاركي مندمج يثم من خلال هياكل قانونية داخل المراكز تشتغل وفق برامج واضحة ورزنامة زمنية محددة.
خلاصة:
لتحقيق مختلف هذه الأهداف ,لا يكفي فقط  ايجاد ترسانة من النصوص والمقتضيات المهيكلة لمجال التكوين ,بل يتعين ان يتجسد كل دالك ممارسة على ارض الواقع,ورفع كل اشكال الوصاية – تحت مبرر غياب التجربة والكفاءة - ,في تدبير مختلف الملفات ,مع تحمل المراكز والأطر المسؤولة على تسييرها, وعلى تبعة القرارات المتخدة ,سواء في الجانب التنظيمي ,او التدبيري اليومي,او الخيارات البيداغوجية المعتمدة وفق ما قد نصطلح عليه مجازا عقد برنامج بين الوزارة في شخص الوحدة المركزية المكلفة بتكوين الأطر ,والمركز المختلفة, أساسه تحقيق دفتر للتحملات عبارة مجموعة  من الأهداف  والمؤشرات  المحددة  وفق رزنامة زمنية ,انه وبصيغة اكثر تبسيطا  نظام تكويني يرتكز على برامج عمل محددة وواضحة ,تخصص لها موارد و اعتمادات مالية,قد تعزز بشراكات  من اخلال انفتاح المراكز على المحيط الخارجي .
وفي انتظار اتضاح معالم وملامح المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ,واستكمال هيكلتها اداريا, يتعين على مختلف المنخرطين في اطارها التدليل على  جدارتهم بالإلمام بمختلف المهام المنوطة بهم داخل المراكز, من خلال مقاربة مختلفة تشتغل على البرامج بشكل تشاركي وتوافقي ,ينسجم والنصوص الناظمة ويحترم الهياكل والاختصاصات المخولة.اننا في حاجة الى توظيف بذيل للنصوص الخاصة بمراكز التربية بالتكوين وتفاعل مختلف وايجابي مع مضامينها ,بشكل يجعلها رافعة للتكوين وليس عائقا ومعرقلا لمسيرته وتطوره واستقلاليته. وستوضح الاستحقاقات التكوينية المقبلة مذى استيعابنا للمنظور الديد للتكوين , وانخراطنا في بلورة استقلالية المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
 وللحديث بقية......

محسين أبري
استاذ باحث
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين سطات


شارك المقال لتنفع به غيرك

Post a Comment

0 Comments


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?hl=en