لحسن العلاوي
مفتش تربوي و باحث في علم الاجتماع
إن أول ما يستوقف الدارس وهو بصدد البحث في إشكالية الجندر، هو عدم ثبات واستقرار ترجمة الكلمة الإنجليزية Gender في الأبحاث العربية، فهي إلى حد الآن لم ترسو على لفظ وحيد وواحد يجمل كل المعاني التي يحيل عليها هذا المصطلح في لغته الأصلية، فنعثر مثلا على الجنسانية والجنوسة والجنس والنوع الاجتماعي ، دون إقامة حدود واضحة وفاصلة بين هذه المصطلحات، وفي انتظار أن يتم التوافق حول ترجمة معينة للجندر، ارتأينا الاحتفاظ بالمصطلح الإنجليزي بكل ما يحيل عليه من دلالات واشتقاقات.
عرف مفهوم الجندر رواجا كبيرا خلال الستينيات من القرن الماضي، وقد ارتبط بحدثين اثنين، أولهما ذو منحى حقوقي وتمثل في صعود الحركات النسوية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومطالبها بتحقيق المساواة بين الجنسين تماهيا مع انتشار ثقافة حقوق الإنسان، والثاني ذو منحى علمي ارتبط بالدراسات الأنتروبولوجية والسيكوسوسيولوجية... إن مفهوم المؤنث الأبدي الذي دعمه الفلاسفة من خلال خطاب ميتافيزيقي أو تطبيعاني naturaliste منذ أرسطو، سيتراجع خلال فترة الستينيات من القرن الماضي خصوصا مع أبحاث مارغريت ميد Margret Mead .غير أن أولى الدراسات التي خصصت صراحة للجندر، كان كتاب الجنس والجندر والمجتمع sex, gender and society، للأمريكية أنوا كلي Annoa kley، حيث عرفت الجندر كنقيض للجنس، بحيث يحيل الجنس على الاختلافات البيولوجية في حين يحيل الجندر على مسألة ثقافية ويمتح من التراتبات الاجتماعية بين الذكور والإناث والأدوار الاجتماعية المنوطة بهما، أو ما يسميه السوسيولوجيون العلاقات الاجتماعية للجنس les rapports sociaux de sexe، وستنتشر بعد ذلك الدراسات الجندرية gender studies ، في الجامعات الأمريكية في إطار التيار النقدي للدراسات الثقافية . ويميز أنطوني غيدنز بين الجنس والجنوسة، إذ يقصد بالأول الفروق التشريحية والفسيولوجية بين الذكور والإناث، بينما يحيل الثاني على الأفكار والتصورات الاجتماعية لمعنى الرجولة والأنوثة.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.