بقلم لطيفة أسير-جريدة الأستاذ
لماذا تستطيع لعبة أن توحدنا ، وتفعل في قلوب المتناحرين ما لا تفعله آلاف السياسات ؟
سؤال يتبادر لذهن كل عاقل كلما رأى شباب الأمة من شرقها لغربها محلقا حول فريق رياضي يحقق إنجازا رياضيا غير مسبوق ، أهو تعطش أمة مهزومة للانتصار ؟ أم هي سخافة عقول تلتف حول كرة مستديرة وتتناحر حول مائدة مستديرة ؟
هستيريا روحية تجتاح الجميع شيبا وشباب وأطفالا ، ذكوراً وإناثاً ، مثقفين وغير مثقفين ، موظفين وعاطلين ، ملتزمين وغير ملتزمين ، لو أنفقت ما في جعبتك ما ألفت بين قلوبهم ، ولكن المستديرة ألفت بين قلوبهم ، هي فعلا أفيون الشعوب ، والمخدر الذي لا يعاقب عليه بسجن أو غرامة ، هي العشق الذي أخذ بلب الكثيرين فأضحي صبُحهم ومساؤهم مسخرا لمتعة مشاهدتها ، هي التجمع الوحيد الذي تسهر الدولة بكل تفانٍ على تقنينه والسهر على سلامته حتى يمر في أجواء جيدة .
تمنيتُ لو أن هذه الحماسة امتدت لكل قضايانا الحيوية ، لو توحدت أفئدتنا وأموالنا وكل جهودنا لحل قضايانا الوطنية والقومية ، تمنيت لو تعالينا للحظات عن غرورنا ومرائنا ونسينا تفرقنا واختلاف مرجعياتنا الوهمية ، ووقفنا صفا واحدا ضد الفساد والظلم والاستبداد ، حتى تزول الغمة عن كل الأمة ، ونفرح فرحا يدوم أعواما مديدة ، لا سويعات معدودة.
تذوب النفس حسرات وهي ترى جهود شبابها تفنى من أجل لعبة ، بل دماء سالت من أجل هذه اللعبة ، وما وجع بورسعيد عنا ببعيد ، وأرواح ذهبت سدى وهي تسارع لمشاهدة المستديرة ، التهمها "سيسي" الطرقات بلا هوادة ، فإلى متى سيظل هذا الهدر ساري المفعول بين شبابنا ؟ متى نعِي أن نهضة الأمة لن تكون بلعبة ، وأن اللعبة تبقى لعبة مهما حاولوا تقنينها وجعلها حرفة وموردا ماليا يضخ ملايين الدولارات ؟
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.