تحت
تسمية ـ اتفاقية شراكة ـ لجأت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ،منذ
سنة 2003 إلى إنزال مذكرة على المؤسسات التربوية العمومية والخصوصية
تُحيِّنها كل سنة وتحمل موضوع: انطلاق الأسبوع الوطني للتربية الغذائية
بالوسط المدرسي
هذه المذكرة ،ليست كمثيلاتها من المذكرات التي
تمرر عادة داخل المؤسسات التعليمية، فهي لا تحمل مواصفات التذكير والإخبار
،ليتسنى للأطر الإدارية والتربوية ،الانخراط التلقائي فيما تدعو إليه من
أيام أو أسابيع تحسيسية ،وبالتالي إعداد عُددٍ بيداغوجية ،تستمد مشروعيتها
التربوية والمعرفية من صميم البرامج والمناهج الوزارية المعمول بها ؛ وكذا
التمكن من اختيار المواضيع المتعلقة بالتربية الغذائية ،والحصص الزمنية
الملائمة لها ـ حسب الوحدات الدراسية ـ لتمريرها بسلاسة إلى المتعلمين
والمتعلمات موازاة مع ما يقدم لهم من دروس ؛ وإن كان ذلك متضمنا في المناهج
الدراسية ، ويلقن داخل سيرورة الزمن المدرسي بشكل ممنهج.
في هذا الإطار أنزلت
هذه الأيام ،على المؤسسات التربوية العمومية والخصوصية على مستوى
الأقاليم،مذكرة نيابية ،تستمد مرجعيتها من المذكرة الوزارية السالفة الذكر ؛
وبعد الإطلاع على نموذج منها ، من نيابة إنزكان أيت ملول المسجلة تحت رقم
14/0680 الصادرة بمصلحة الشؤون التربوية وتنشيط المؤسسات التعليمية ، اتضح
أن لا فرق بينها
وبين الملصقات والمطويات والكتيبات الإشهارية التي أعدتها شركة الحليب ؛
لتوزيعها على المتعلمين والمتعلمات ؛حيث يشير محتواها إلى تحديد الزمن
وكيفية تمرير ما بداخل هذه العدة الإشهارية إلزاميا من طرف الأطر التربوية
كما يؤكده الأسلوب الذي حررت به المذكرة/المطوية والذي يحمل نفحة المخزن
التربوي المعتاد على الأمر والنهي (تفحص النسخة من المذكرة المرفقة مع هذا
المقال ).
لقد كان من الأجدر، أن
تبادر الوزارة ومختلف مصالحها الخارجية إلى بناء استراتيجيات مدروسة لمثل
هذه الأيام أو الأسابيع التحسيسية ؛من خلال إعداد أجنداتِ مشاريع وبرامج
تربوية تحسيسية وعُددٍ بيداغوجية متنوعة تشرف عليها طاقات مؤهلة تابعة
لمصالحها الداخلية والخارجية. أما
أن يُسند هذا التحسيس التربوي لشركة حليب ،في شقه اللوجستيكي
والموضوعاتي ؛ فهذا يضر بوزارة التربية الوطنية ؛لأنه يعطي الانطباع للرأي
العام أن برامج ومناهج الوزارة فارغة من كل المعارف والأنشطة التربوية
الخاصة لمثل هذه الأيام أو الأسابيع التحسيسية من جهة ؛ ومن جهة أخرى
يعطي الانطباع أنها لا تتوفر على كفاءات مؤهلة من نساء ورجال التربية .
إضافة إلى ذلك ، يتم إقحام
الأطر الإدارية والتربوية ـ دون سابق إنذار ـ لتنفيذ مضامين هذه العُدد
البيداغوجية/الإشهارية ،دون اعتبار لكرامتهم ورسالتهم التربوية النبيلة
المُنزَّهة عن كل مضاربات إشهارية ؛ومن هنا يتبين لنا بالملموس كيف تتعامل
وزارة التربية الوطنية مع نساء ورجال التعليم باعتبارهم كائنات مطيعة
ومنفذة .
إن عقد مثل هذه الشَّراكات ،يضعنا أمام تساؤلات عميقة ؛تحتاج إلى وضع نقطة نظام، للإجابة عليها، مثل:
- · ماهو نوع الإمتياز الذي تتمتع به هذه الشَّرِكة ،حتى ظفرت بصفقة مربحة لها مع الوزارة ؟
- · كيف يمكن تفسير استمرار و تجدد الشَّراكَةَ معها منذ سنة 2003 إلى يومنا هذا ؟
- · هل من حق الوزارة استغلال أطرها الإدارية والتربوية لتمرير مثل هذه الملصقات والمطويات والكتيبات الإشهارية في المؤسسات التربوية ؟
- · مارأي المجلس الأعلى للتعليم في هذا النوع من الشَّراكات داخل المؤسسات التربوية ؟
- · ماذا سيحدث في الحقل التربوي والتعليمي ؛ لو أن الوزارة تعاقدت مع نصف الشرِكات المغربية لبث وصلاتها الإشهارية لمنتوجاتها ؟
أخيراٍ ؛نقول لوزارة التربية
الوطنية والتكوين المهني ؛ إن المؤسسات التعليمية ،ليست سوقاً لعرض
السِّلع ومنتوجات الشركات ...إنها فضاء مُواطن ،متسم بالحياد،مُفعمٌ
بالحياة المعرفية والتربوية للناشئة البريئة ،يفترض من الوزارة الوصية
حمايتها من كل المضاربات الإشهارية والتجادبات المصلحية ، كما يفترض منها
صون كرامة نساء ورجال التعليم بعيدا عن كل استغلال لها.
محمد بدني- تربويات
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.