فاعلية المتعلم المغربي

الإدارة أبريل 17, 2014 أبريل 17, 2014
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A



لا أعرف لماذا يؤاخذ مجتمع الراشدين- سواء كانوا مدراء، أساتذة، مؤطرين ، آباء أوأمهات- الطفل المغربي ويقدمون له انتقادات لا سعة ولوما فظيعا، إلى درجة أن هؤلاء ينسون خصوصية هذا الكائن الصغير سواء على مستوى السن والتكوين العضوي والنفسي والعقلي.

وإذا كان النص الأدبي والتربوي يفتقر إلى هذه الإشارة، فإن المشرع الوطني انتبه إلى هذا الصغير ولم يغفل وجوده، فأعطاه اعتباره الإنساني ومكانته المناسبة سواء في مدونة الأسرة – وهو ما نصت عليه مقتضيات المواد: 213-214-217- أو في قانون المسطرة الجنائية وذلك حسب المواد: 458- 461- 462- 466- 471- 473- 481- الخ أو في القانون الجنائي وهو مانصت عليه الفصول التالية: 138- 139- 140- وذلك ليس باعتباره مواطنا مغربيا فحسب، وإنما لكونه جزء لا يتجزأ من التنمية الوطنية، بناء على توصيات دول أعضاء مؤتمر بيكين. وهذا في الحقيقة هو جوهر ورهان المنظومة التربوية.
واضح جدا من خلال نماذج المواد والفصول المعروضة، أن المشرع الوطني ميز بين المراحل العمرية التي يحياها هذا الصغير، ومن تم رتب لكل مرحلة تعامله معها باستثناء المرحلة الأولى- من ولادته إلى 12 سنة وفق الفصل 138 من ق ج م- التي يعتبر فيها الحدث عديم الأهلية الجنائية لافتقاره لعنصر الإرادة والتمييز والإدراك وحرية الاختيار، أما في المرحلة – من 12 سنة إلى 16 سنة وفق الفصل 139 من ق ج م - التي يعتبر فيها الحدث ناقص التمييز والإدراك فتجب في حقه تدابير إصلاحية وتبقى المرحلة الثالثة- 18 سنة شمسية كاملة وفق الفصل 140 من ق ج م - التي يصبح فيها الحدث كامل الأهلية الجنائية أي بلوغه السن الرشد الجنائي وبالتالي تسري عليه نفس العقوبات التي يحاكم بها البالغ.
إنها التفاتة جادة وحريصة من منظومتنا القانونية على خصوصية هذا الكائن البشري الضعيف: عضويا وعقليا ونفسيا وتفكيرا وعلى حقه في الوجود الذي يعتبر أحد العناصر والضمانات الكبرى التي يرعاها  القانون الأساسي بروما عام 1998  للمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي. فلماذا لا يميز الآباء بين أعمار أبنائهم ؟ و لماذا لا يعطي المربون أهمية لصنا فات جان بياجيه العمرية ؟ 
ألا يمكن اعتبار هذه الصنافات آلية تربوية حديثة لضمان نــجاح العملية التعليمية ؟
 ولبيان فاعلية الطفل المغربي  وقدرته على المبادرة و الانخراط في أي نشاط أو ورش تود مؤسسته أو أصدقاؤه  تنظيمه او القيام به ، أشير إلى النقط و الشروط التالية، التي ينبغي أن تستحضر:

1- غالبية الانتقادات الموجهة للطفل في المرحلة الابتدائية تنصب على تقصيره في أداء الواجب أو ما يسمى بالإهمال أو الكسل، والحال أن رائد المدرسة البنائية، العالم جان بياجيه قال: "ليس هناك أطفال كسالى ولكن هناك أطفال تنقصهم  التحفيزات أي المحفزات التربوية" ومن المؤكد أن غياب هذه التحفيزات مرجعها أللاهتمام واللاعناية التي يعامل بها هذا الصغير سواء بالبيت أو بالمدرسة، وهذا هو الخطأ الضار- أساس قيام المسؤولية-  الذي سقطت فيه البرامج والمقررات الدراسية، حينما اقتصرت جهودها على تلبية حاجيات المتعلم المعرفية والثقافية والنفسية إلى حد ما، أما الجانب الوجداني فقد تجاهلته وتخلت عنه، مثلما تخلت المدونات الجنائية القديمة على شخص المجرم واكتفت بالنظر في مادية الجريمة.

2-  شخصية المتعلم وللأسف، تساءل وتنتقد بناء على جملة من التعلمات والمعارف التي قدمت له بالمؤسسة، في حين لا يختبر هذا الأخير في مهاراته الحركية و التمثيلية  والرياضية كما لا يسأل عن ميولا ته الذاتية : الأدبية منها والعلمية و الفنية. إذ كم من طفل يتقن الرسم أو التمثيل و سرد الحكاية  ومحاكاة الآخرين  وكم من واحد آخر يميل للجري ولعب الكرة أو القفز على الحواجز ولكن لا احد يبالي بهذه الطاقات والإبداع الساحر. واكبر مثال على  عبقرية الطفل وقدراته الخارقة: ما تقوم به الدول  المتقدمة وعلى رأسها فرنسا واسبانيا على سبيل المثال لا الحصر، حيث يشارك هذا الأخير في الندوات الإعلامية  ذات الصلة بموضوع الأسرة والطفل كما تعطى له إمكانية تسيير برنامج للصغار، وتمثيل أصدقائه بالجماعات المحلية. كدليل فاحم على إعداد المتعلم للمستقبل و تمكينه من تحمل المسؤولية منذ صغره. هذه التحفيزات والتشجيعات تمكنه- حقيقة –من اكتساب مهارات وكفايات لا تحصى، كالكفاية اللغوية والتواصلية والثقافية والتشاركية والأخلاقية، وتلكم أهم المقاصد والغايات التي تسعى المدارس  التربوية  والنظريات البيداغوجية إلى تحقيقها.

3- أكبر دليل على فاعلية المتعلم المغربي، والتي ينبهر لها الراشدون، هو انخراطه اللامشروط في كل اوراش وأنشطة قسمه أو مؤسسته التعليمية أو هما معا دون ملل ولا سأم، الشيء الذي يحتج عليه الراشد ويعتبره عملا إضافيا أي مضافا إلى المهمة التي يقوم بها، مما يدفعه إلى المطالبة بالتعويض أو رفض النشاط الإضافي. واضرب المثال في هذا الصدد بالمدرسة الفرنسية الجديدة من حيث التحفيزات التي تغيب بالمدرسة العمومية، وبمتعلم هذه المؤسسة الخاصة تحديدا، حيث انبهر له الحضور أثناء حفل اختتام الموسم الدراسي الحالي، تأسيسا على ما أبرزه هذا الصغير من مواهب وطاقات عجيبة سواء عند الرقص أو الغناء أو التمثيل  ومن قدرة على التواصل والتجاوب مع الجمهور باللغات الحية المتداولة في العالم – العربية والفرنسية والانجليزية .

 4)  خلق قاعات خاصة لاجتماعات المتعلمين المعنيين أنشطة وأوراش أو أبحاث ما كقاعة العروض المسرحية والفنية ( الموسيقى / الرسم / التواصل ).

5)  منع الاكتظاظ داخل الحجرات الدراسية حتى لا تتكرر النتائج السلبية التي قضيناها في الأمس القريب إلى درجة أصبح الآباء والمتعلمين يسخرون وينفرون من المدرسة العمومية في اتجاه التعليم الخصوصي ورحابه الفسيحة .

6) خلق معيدين ( 2 على الأقل ) بكل مدرسة ابتدائية يساعدون مدير المؤسسة من جهة ويسهرون على التنظيم الداخلي للمدرسة خاصة أثناء أوقات الاستراحة وإدخال نقط الامتحانات عوضا خنق المدرس أثناء القيام بها أو تركه لقسمه لمساعدة مدير المؤسسة. إذ لا يعقل أن يتغيب مدير المؤسسة وتتعطل معه كل مصالح الفاعلين التربويين وآباء وأمهات التلاميذ وتواصلات الشركاء الاجتماعيون وغيرهم . 
7)  تخصيص قاعات للبحث والمطالعة ودروس الدعم والتقوية في تواز تام مع خلق الأندية التربوية وتشجيع مبادراتها وخطوات عمالها.
فإلى أي حد ستلتفت غيرة و دينامية السيد الوزير الجديد إلى مثل هده العناصر والمبادرات الحيوية التي تنقص أوساط مؤسساتنا الابتدائية ؟

إن اللوحات الفنية الباهرة التي قدمها أطفال المدرسة الفرنسية الجديدة، بمناسبة حفل اختتام الموسم الدراسي المنصرم (2012-2013)، لدليل فاحم على الجهود المشتركة التي ترعاها إدارة المؤسسة وتسهر على استمراريتها دوما بينها وبين الفاعلين التربويين من جهة وجهود المتعلم من جهة أخرى،  ولمؤشر غني بالدلالات على ما يختزنه هذا الصغيرمن طاقات ومواهب ومهارات وموارد خلاقة فقط ينقص الكبار اكتشافها والإشادة بها .
إن ما قام به أطفال هذه المؤسسة أثناء هذا الحفل ليدعونا جميعا إلى استنتاج  ما يلي: أن تقييم شخصية المتعلم والحكم عليها يجب ألا يقتصر على الجانب التعلمي التعليمي فحسب.
- أن التحفيز عنصر جوهري في إنجاح العملية التعليمية وتحبيب الدراسة لدى المتعلم.
- حينما تعطى للمتعلم الحرية وتتاح له الفرصة، فانه يتحول إلى شخص آخر لا نعرفه. وهذا ما أكده الفيلسوف الألماني "نيتشه" عند إقدام الطفل على النشاط المسرحي.

فإلى أي حد ستلتفت غيرة و دينامية السيد الوزير الجديد إلى مثل هده العناصر والمبادرات الحيوية التي تنقص أوساط مؤسساتنا الابتدائية ؟
* الحسين وبا



شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/