تزامنا مع الإضراب الإنذاري الذي خاضته التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الماستر يومي 16 و17 أبريل 2014، نظّم أعضاؤها ندوة علمية تحت عنوان "الحق في الإضراب بين الضمانات الدستورية والتعسّفات الإدارية"، وذلك يومه الخميس 17 أبريل 2014 بداية من الساعة العاشرة والنصف صباحاً، بمقر نادي هيأة المحامين بالرباط. وقد جاءت هذه الندوة في سياق يعيش فيه مناضلوا ومناضلات التنسيقية تحت ضغط إجراءات إدارية، يمكن وصفها بالمجزرة في حقّ فئة تُحرِّكُ قطاعاً من أشدّ القطاعات حساسية في البلد في خرق سافر لحق يضمنه الدستور المغربي وكذا الدستور الكوني، علما أن الاضراب ليس غيابا غير قانوني أو انقطاع عن العمل بل هو نشاط حقوقي مبرر بالبيانات..وهو ضرورة للدفاع عن الحقوق يلجأ اليه العامل كلما أحس ظلما أو شططا في حقه، بل رمز حقيقي للمشاورة والعلاقة التشاركية التي تجمع المشغل والشغيل في إطار تطوير الإنتاج والمردودية
شارك في الندوة
كلّ من الأستاذ لحسن اللّحية أحد الباحثين المغاربة الناشطين في مجال البحث التربوي،
وعبد اللّه الفناطسة بوصفه مهندسا وأحد أبرز الحقوقين المغاربة، ومتابعاً للحركات النقابية،
وسيّر الندوة الأستاذ كبير قاشا المنسق الوطني للتنسيقية.
في تدخّله قدّم
الأستاذ عبد الله الفناطسة مداخلة غنية حاول أن يعرّي فيها زيف الخطاب الرّسمي حول
الحريات والحقوق، مؤكّداً أن الثابث في بلدنا هو المقاربة الزجرية، بعيداً عن منطق
التصالح والحلول التربوية التي تخدم مصلحة الوطن. وفي السياق ذاته أكّد أن وزارة التربية
الوطنية حاولت أن تُلبس إجراءاتها ضدّ الأستاذات والأساتذة المضربين لباساً قانونيا
(الأجر مقابل العمل في إطار عقدة الشغل)، معتبراً أنّ مثل هذه المقاربات تفتقد إلى
روح التربية التي هي العلّة من وراء وجود هذه الوزارة. وعن مسألة الإضراب وعلاقتها
بالمواطنة، قال الأستاذ الباحث إنّ المضرِب، بدوره، يعبّر عن المواطنة؛ لأّنه يطالب
بتحسين شروط فعاليته في مجال عمله، والعيب، كلّ العيب، هو تجاهل مطالبه ورفض الجلوس
معه على طاولة الحوار باعتباره شكلاً من أشكال التعبير عن الدولة المدنية. كما أشار
الباحث إلى أنّ الجمع بين الاِقتطاع والمجالس التأديبية فيه خرق للمساطر القانونية
بالجمع بين عقوبتين في الآن نفسه، وختم الرّجل كلامه، مثلما بدأه، بالتأكيد على الشرخ
الكبير بين الخطاب الرّسمي وبين معطيات الواقع، مذكّراً أن النضالات التي خاضتها التنسيقية
كانت تمرينا من أجل فهم الواقع.
ومن جهته قدّم
الأستاذ لحسن اللحية أرضية إشكالية مُستفزّة للتفكير؛ لما تضمّنته من أسئلة جَريئَة
حول تناسل الأزمات التي تضرب قطاع التربية والتكوين، وهي أزمات أرجعها الرّجل إلى تركيز
كلّ الفعاليات على المقاربة الإدارية والقانونية، مع تغييب كلّ مقاربة تربوية تنطلق
من البحث العلمي. وقد أكّد الباحث أنّ المشاكل الفئوية التي تعانيها شرائح كثيرة من
موظفي وزارة التربية الوطنية يجب أن تُعالَج في شموليتها، وأن تتحوّل وجهة العمل نحو
مواجهة تحدّيات العصر وما أصبح يفرضه من شروط تجاوزت، بشكل كبير، كلّ التصوّرات التقليدية.
والمدخل الفعّال لذلك، في نظر الباحث، هو خلق إطار بهموم تربوية ومعرفية يكون مُنتجاً
ومبدعاً للتصوّرات والحاجات المتجدّدة، أمّا حل الملفّات الفئوية، ومنها ملف الماستريين،
فينبغي توسيع التعامل معه عبر فتح باب التفتيش والتبريز، مع إيلاء مثل هذه الملفّات
وقفات جادّة في القانون الأساسي عبر جعله قانوناً تشاركياً وتشاوريًا، وليس مجالاً
لاغتصاب المكتسبات.
وعقب العرضين الهامين
تفاعلت القاعة بتدخلات الحاضرين ممّا أعطى للندوة بعداً تواصلياً هامّاً. وختم مسيّر
الندوة بالتأكيد على مبدئية مناضلات ومناضلي التنسيقية، وإصرارهم على تحقيق الكرامة
لنساء ورجال التعليم، والتصدّي لكلّ أشكال الإذلال التي تسعى جهات معينة إلى إلحاقها
بهذه الفئة.
بدر العوني
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.