أسباب تراجع الفعل التربوي
ذ:الحسين وبا
* باحث في علوم التربيةفي إطار اللقاءات التشاورية التي أطلقتها وزارتنا المحترمة يوم الاثنين المنصرم: 28/04 من السنة الجارية، و التي تسعى من خلالها إلى
الكشف عن التحديات التي
تعتري المجال برمته و الصعوبات التي يواجهها المتعلمون إبان العملية التعلمية، أقدم
هذه الورقة الصغيرة غيرة على مستقبل أولادنا من جهة و انخراطا مني في عملية
الإصلاح التي أطلقها عاهل البلاد- نصره الله- فأقول:
إن إرساء نظام تعليمي
حداثي ، يقتضي بعث الحياة في زوايا و
فضاءات المدرسة ، وهذا لن يتأتى لا بالمساحيق التي توضع فوق المذكرات و التقارير
ولا بالروائح الباريسية التي تنبعث من
المكاتب الفخمة التي تصدرها، و إنما سيتأتى بتعزيز تربية المتعلم على السلوك
المدني و القيم الإنسانية السمحاء و في مقدمتها التعاون و التشارك و إبداء الرأي مع إيمانه بحق الأخر و بثقافة الحوار والاختلاف
و المواطنة الحقة.
لقد أكدت الدراسات
التقويمية التي خلص إليها المجلس الأعلى للتعليم ببلادنا أن اختلالات كثيرة تعتري
جسم المنظومة التربوية و من بينها التعلمات السائدة بالمدرسة المغربية ضعيفة
للغاية، و الدليل تأكد مع المعادلة التالية: من بين 6 تلاميذ لا نجد سوى واحد هو
الذي يجيد القراءة و الكتابة و الحساب .
و السبب- في نظرنا المتواضع- يعود إلى عدة عوامل
متداخلة، سأختصرها في مجموعتين:1- مجموعة عوامل متعلقة بالمتعلم و 2- مجموعة
متعلقة بالمدرس و3- مجموعة عوامل مختلطة نوجزها كالآتي:
1-
مجموعة عوامل متعلقة بالمتعلم:
- بعد المؤسسة عن
المدرسة و ما ينتج عنه من تأخر و عقوبة.
- الظروف الاقتصادية
المعيشية لأسرة المتعلم.
- موقع الطفل من كثرة إخوانه و أخواته بالبيت.
- انتقاله من قسم إلى أخر و مدى انسجامه مع
المدرسين و التلاميذ الجدد.
- الطرائق البيداغوجية البالية السائدة.
- ظاهرة الاكتظاظ
-أمية المحيط الاسروي
للمتعلم
هيمنة الوسائل المعلوماتية على رغبات المتعلم.
- هزالة الحصص التقويمية و ضعف طرائق تمريرها.
- اقتصار الأنشطة
بشكل عام –الرياضية تحديدا- على بعض المتعلمين دون الآخرين.
- عدم احترام المدرسين للعتبة في الامتحانات النهائية لانتقال
التلاميذ من مستوى إلى آخر، حيث صار الضعيف متساويا مع المجد، وهذا غير مقبول بالمرة
في الأوساط العلمية و البيداغوجية التي تهيئ الأجيال للغد القريب و البعيد.
- خلق المكتبات المدرسية في كل
المؤسسات ودعمها بالكتب والقصص ، حتى يتسنى للمؤسسة أن تؤصل في
المتعلم حب وثقافة المطالعة الحرة.
- خلق قاعة خاصة لاجتماعات التلاميذ- مكاتب التعاونية
المدرسية- ولعروض المسرح و الأناشيد.
- الرفقة الفاسدة.
- سن المؤسسات التعليمية سنة إقامة الحفلات المدرسية التي
من شأنها إثارة الفرح و الرغبة في تقوية الارتباط بمؤسسته، أي عكس المؤسسات التي
يرغب المتعلمون في مغادرتها في وقت مبكر.
- خلق لجان من المتعلمين تنظر في قضايا العنف الحاصل بين
التلاميذ من جهة ، وتسهر على تنظيم الحفلات و المسابقات الرياضية و الثقافية و
مختلف التظاهرات التي تعرفها المؤسسة، حتى لا يبقى جعل المتعلم في صميم عملية
الإصلاح حبرا على ورق.
- انتخاب لجنة من مختلف المستويات تقوم بالتعريف بتاريخ
المؤسسة و منجزاتها الداخلية و الخارجية القديمة و الحديثة.
2- مجموعة
عوامل متعلقة بالمدرس:
- عدم اختيار الفريق
التربوي للأساتذة النشيطين و إلزامهم بتدريس الأقسام الأولي التي تعتبر الحجر
الأساس للمسار الدراسي لكل تلميذ.
- عدم احترام
المدرسين للعتبة في الامتحانات النهائية لانتقال التلاميذ من مستوى إلى
آخر، حيث صار الضعيف متساويا مع المجد، وهذا غير مقبول بالمرة في الأوساط العلمية
و البيداغوجية التي تهيئ الأجيال للغد القريب و البعيد.
- اهتمام الحكومات المتعاقبة بقطاعات دون أخرى و بالموارد
البشرية للتعليم تحديدا أمات رغبة المبادرة والتضحية و التفاني في العمل لدى
الشغيلة التعليمية.
- تأثر المدرسين بالفئوية –الحاصلة- التي أدت إلى تباعد
رواتبهم عن بعضهم بالرغم من تواجدهم بمدرسة واحدة و تدريسهم لمستويات متشابهة.
- غياب تحفيز الأساتذة من قبل وزارتهم الوصية لاماديا و
لا معنويا مثال قطاع المالية .
- قلة التكوينات التربوية المستمرة و محدوديتها في الزمان
و المكان دفعت بالعديد من جنود القطاع إلى
التخلي عن المطالعة الحرة و مواكبة مستجدات حقل التربية و التعليم.
- عدم تسليح
المدرس بالأدوات و الوسائل التعليمية اللازمة و على رأسها جهاز الحاسوب للقيام
بمهامه، تماما كما يسلح الجندي لخوض معاركه.
- عدم اكتراث الدوائر الخارجية للوزارة المعنية بكل ما
ينتجه الفاعلون التربويون و بما تقوم به المؤسسات التعليمية من أنشطة موازية و
مبادرات حيوية و بما تعقده من شراكات ناجحة.
3- مجموعة
عوامل مختلطة:
- تأهيل الإدارة
التربوية تكوينا رصينا عن طريق اغناء تصوراتها التربوية و تجاربها الميدانية، لان
الوظيفة الحالية التي يقوم بها السادة المدراء تقتصر فقط على مراقبة مواظبة
الفاعلين التربويين و تعبئة جداول الإحصاءات و تسجيل المتعلمين الجدد، و هو –
للأسف- دور روتيني محدود يشبه إلى حد عيد دور سعاة البريد، في الوقت الذي كان
يفترض فيهم :
- أ- أن يكونوا
إضافة تربوية للمؤسسات أصبحوا يديرون شؤونها.
ب- أن يعطوا لمؤسساتهم
إشعاعا و دينامية جديدة.
ج- أن يحققوا النجاح
لمؤسساتهم في انفتاحها على محيطها الخارجي.
د- أن يسارعوا إلى ربط
شراكات مع مؤسسات تربوية/ تعليمية أو تكوينية
و هيئات مدنية للنهوض بمواهب المتعلمين و تنشيط ميولاتهم الرياضية و الفنية
والإعلامية، وهذا من شانه أن يغني تجارب و إبداعات الأندية التربوية التي تعتبر
القلب النابض للحياة المدرسية.
- تسطير جدول عمل مشترك
على مدار السنة الدراسية بين الهيئة التربوية و الإدارة التربوية و المدرسين غايته
تعزيز عملية التواصل التربوي من حلال إعداد العروض و الدروس النموذجية.
- تنظيم المندوبيات
الإقليمية للوزارة من حين لآخر لمحاضرات و ندوات حول مستجدات المنظومة التربوية و
مستقبل المدرسة العمومية.
- صياغة المناهج و
المقررات الدراسية وفق التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية و الثقافية
التي تعرفها البلاد و متطلبات الفاعلين في الميدان و الفاعلين بالمجتمع المدني
وآباء وأولياء التلاميذ.
- تفعيل مذكرة الأندية
التربوية.
- تفعيل مذكرة الشراكة
بين وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية.
- جعل وسيلة النقل في متناول كل مؤسسة تسعى إلى تنظيم
رحلة مدرسية.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.