محمد الحبيب ناصف-الحوز-جريدة الأستاذ
"أشهر من نار على علم" هو مثل عربي يضرب في الشيء المشهور، وقد نالت نيابة التعليم في إقليم الحوز حظا وافرا من هذا المعنى، لكن للأسف في الأمور السلبية وفي الظواهر المسيئة للجسم التعليمي.
لقد اجتمع في نيابة الحوز ما تفرق في غيرها، فهي حافلة بالمفارقات والمتناقضات، كما أنها بلغت مبلغا خطيرا لم يكن يتوقعه أكثر المتشائمين: تزوير الوثائق الرسمية، التستر على الأشباح، سحب الوثائق من ملفات الأساتذة، إغلاق المدارس وحرمان المتعلمين من حقهم في التمدرس، تفوق متعلمين لم يدرسوا وحصولهم على نتائج متميزة، آخر الفضائح تلفيق التهم زورا وبهتانا في ملف م/م أكادير تساوت قبل التراجع عنها ....
ومما يستغرب له في هذه النيابة السعيدة الوضعية التي تعيشها ثانوية تمصلوحت التأهيلية منذ ثلاثة مواسم دراسية. فقد بدأ التدريس بالسلك التأهيلي بهذه الجماعة القروية التابعة ترابيا لإقليم الحوز والأقرب جغرافيا لمدينة مراكش خلال الموسم الدراسي 2009/2010. واستمر التدريس لموسمين في بناية الثانوية الإعدادية عبد الله بن احساين، قبل الانتقال لبناية جديدة في السنة الدراسية 2011/2012. ومن غرائب الأمور أن هذه البناية أنشئت في الأساس لمدرسة ابتدائية مهترئة مكونة من بناء مركب متقادم، طالما انتظر العاملون فيها انتهاء أشغال البناء للانعتاق من فضاء لا يصلح البتة للتدريس؛ لكن كان للنيابة الإقليمية رأي آخر حيث عمدت لتخصيص البناية الجديدة للثانوية التأهيلية، والإبقاء على الابتدائية في البناية المتقادمة إلى حين الانتهاء من مشروع إنشاء بناية للثانوية التأهيلية قرب الإعدادية والذي ولد ميتا.
إن الوقائع السالفة الذكر تبين بالملموس وبما لا يدع مجالا للشك التدبير العشوائي والتسيير الفوضوي الذي تعيش على إيقاعه نيابة الحوز، وما حالة المؤسسات التعليمية بجماعة تمصلوحت إلا نموذجا مصغرا للواقع المرعب بهذا الإقليم المكلوم. فبعد طول انتظار أصبح للمدرسة الابتدائية بناية لائقة بها إلى حد ما، لكن لم يكتب لها الانتقال إليها ظنا من النيابة الإقليمية أنها بتخصيصها للسلك التأهيلي ستحل المشكل؛ ولكنها في واقع الأمر تسببت في مشكلين: فلا البناية الجديدة حلت مشكل التأهيلي، ولا المدرسة الابتدائية تخلصت من البناية القديمة المهترئة.
تتكون البناية الجديدة المتحدث عنها من اثنتا عشرة قاعة في طابقين، خصصت منها عشر قاعات للتدريس، وقاعة للإعلاميات، وقاعة للأساتذة بدون تجهيز. إلى جانب إدارة مكونة من ثلاثة مكاتب يتوزعها مدير المؤسسة والناظر والحارس العام للخارجية والمقتصد والكاتبة. وتتوفر المؤسسة كذلك على سكن وضعيته غامضة، إلى جانب بعض المرافق الصحية، وساحة تفصل بين إدارة المؤسسة وقاعات الدرس. وتعاني هذه البناية رغم جدتها من تشققات في عدد من الجدران، مما يطرح معه السؤال عن جدية متابعة المصالح التقنية في النيابة للمقاولين المكلفين بإنشاء وبناء المؤسسات التعليمية بالحوز.
وواضح من مرافق هذه البناية أنها تفتقر لكثير من مقومات الثانوية التأهيلية، فقاعاتها صغيرة المساحة تسع ثلاثة صفوف فقط. كما تغيب عنها مختبرات الفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافيا وتعرف الوسائل التعليمية الخاصة بهذه المواد خصاصا مهولا. ولا يتوفر فيها فضاء لمزاولة التربية البدنية ومستودعات ملابس، حيث يعمد المتعلمون والمتعلمات لاستبدال ملابسهم في العراء، ومزاولة حصص التربية البدنية وسط ساحة المؤسسة الصغيرة مما يشوش على قاعات الدرس ويشتت انتباه المتمدرسين خاصة أن نوافذ القاعات تطل على الساحة. كما تغيب عن المؤسسة خزانة مدرسية وقاعة للمطالعة. ومما تعاني منه المؤسسة كذلك الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، وكذا غياب مرافق صحية خاصة بالأساتذة.
ويبقى المشكل الأكبر الذي يعاني منه تلاميذ المؤسسة والعاملون فيها موقعها الكائن وسط السوق الأسبوعي الذي يحيط بها من الجهات الأربع، الشيء الذي يجعل الوصول إلى المؤسسة - يوم الجمعة الذي يصادف انعقاد السوق الأسبوعي – أمرا صعبا بسبب الازدحام الشديد الذي يعرفه المدخل الوحيد للمؤسسة. بل وإن الضجيج المنبعث من الباعة يصل إلى قاعات الدرس مما يصعب معه خلق جو مناسب للعملية التعليمية التعلمية. والأدهى من كل ما سبق الرائحة الكريهة المنبعثة من مجزرة السوق المحاذي لبناية المؤسسة، والتي تتأثر منها القاعات التي تطل نوافذها على ذلك المنظر المقزز لبقايا فضلات الحيوانات التي تذبح بها، وتنقل في اليوم الموالي عبر دراجة نارية ثلاثية العجلات، وما يرافق نقلها من رائحة كريهة تتزايد شدتها مع حرارة الجو، مما يضطر معه المتعلمون لإغلاق النوافذ والصبر للحرارة على استنشاق مثل تلك الروائح.
إن النيابة الإقليمية بالحوز تصم آذانها وتغلق أعينها عن هذا الواقع المؤلم الذي تعيشه ثانوية تمصلوحت التأهيلية منذ ثلاث سنوات، والذي كان موضوعا لشكايات الآباء، وتطرق له العاملون في المؤسسة في محاضر اجتماعات مختلف مجالس المؤسسة، وهو واقع مرير لا يكابده إلا من وجد نفسه داخله، ونقصد بذلك التلاميذ وهيأة التدريس وهيأة الإدارة التربوية.
يدرس في هذه الثانوية 429 تلميذا برسم الموسم الدراسي 2013/2014 منهم 201 تلميذة موزعين على 13 قسما منها 05 جدوع مشتركة، و04 أوليات، و04 ثانيات. تشمل مسالك: الآداب، والعلوم الإنسانية، وعلوم الحياة والأرض، والعلوم الفيزيائية. ويشرف على تدريسهم 27 أستاذا عدد منهم مكلفون لموسم دراسي واحد فقط بسبب الخصاص الكبير الذي عرفته المؤسسة خلال الموسم 2013/2014 قبل ظهور نتائج الحركة الانتقالية الوطنية.
وقد أبان العاملون في المؤسسة أساتذة وإداريين عن روح عالية من المسؤولية كل في مجال اختصاصه، مبرهنين على علو كعبهم في التعاطي مع الواقع وتحقيق إنحازات في أصعب الظروف. مرسلين بذلك رسائل للنيابة الإقليمية بأن تتحمل مسؤوليتها وتقوم بواجبها في توفير فضاء مناسب لثانوية تمصلوحت التاهيلية. ولا أدل على المجهود المبذول بهذه المؤسسة تحقيق نسبة نجاح مرتفعة في الباكالوريا خلال الموسم الفارط حيث تجاوزت النسبة 70 %، وحققت نسبة أعلى من نسبة النجاح وطنيا خلال الدورة العادية لهذا الموسم، وهي مرشحة للارتفاع في الدورة الاستدراكية. وكذلك حصول منتخب المؤسسة للكرة الطائرة على الرتبة الأولى في البطولة الإقليمية 2013/2014 رغم عدم توفر المؤسسة على ملاعب لهذه الرياضة. هذه إنجازات ثانوية تمصلوحت التأهيلية فأين مواكبة النيابة الإقليمية وقيامها بواجبها تجاه هذه المؤسسة مهضومة الحقوق؟ أم إننا سنظل نردد قول الشاعر:
لقـــــد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
1 Comments
نتمنى أن تتعاطى نيابة الحوز مع هذا الملف بكل جدية وتنهي بذلك المشاكل التي تعاني منها الثانوية التأهيلية تمصلوحت وكل العاملين والمتمدرسين بها...
ReplyDeleteالسلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.