الثانوية التأهيلية زينب النفزاوية بأغمات – نيابة الحوز هي ثانوية سُلمت فيها الشهادة المدرسية بمقابل مادي، وزُورت فيها نقط المراقبة المستمرة، وضاعت فيها الشواهد الأصلية للباكالوريا من مدير المؤسسة في ظروف غامضة؛ هذا كله وقع في الموسم الدراسي 2011/2012 مما أسفر عن إعفاء المدير من مهامه بعد التداول الإعلامي لهذه التجاوزات. وكتب للمؤسسة أن توضع على السكة الصحيحة مع بداية الموسم 2012/2013 بعد تكليف حارس عام للخارجية من داخل المؤسسة بمهمة الإدارة التربوية، فعرفت الثانوية تغييرا ملموسا نحو الأحسن، واستقرت بها الأوضاع، وتحسنت المردودية، وتوجت السنة الدراسية بتنظيم الأسبوع الثقافي الأول للمؤسسة. وكان هذا الموسم بحق موسما دراسيا موفقا بكل المعايير وبشهادة الجميع.
وما لبثت هذه الثانوية أن تعود لعادتها القديمة مع بداية هذا الموسم 2013/2014، وكأن قدر هذه المؤسسة أن تتأرجح صعودا وهبوطا مع تعاقب المديرين عليها، فهي لم تنعم بالاستقرار الإداري والسير العادي منذ إحداثها سنة 2010 حيث تعاقب على تسييرها ستة مديرين في مدة أربع سنوات !!!!
لن نطيل كثيرا في سرد ما وقع بالمؤسسة خلال هذا الموسم الدراسي، ولن نرجع كثيرا للماضي؛ وإنما سنتحدث بشيء من الوضوح والصراحة عن الإجراء الذي اختتم به مدير المؤسسة السنة الدراسية، والتأمل فيما سنذكر كفيل بتصور ما قد يقدم عليه مؤتمن على تدبير مرفق تربوي وتعليمي من إجراءات، في ضرب لمبادئ الأمانة والحرص على تطبيق مبدإ تكافؤ الفرص.
لقد أقدم مدير الثانوية التأهيلية زينب النفزاوية – وفي سابقة من نوعها بالمؤسسة والإقليم – على النزول بعتبة النجاح الخاصة بمستوى الجدع المشترك والسنة الأولى باكالوريا إلى أقل من 10، الشيء الذي أسفر عن نجاح 100% في مستوى الأولى باك بشعبتيه الأدبية والعلمية؛ أما الجدع فقد كان عدد الراسبين ضئيلا جدا.
فقد جرت لجان المداولات خلال الأسبوع الماضي، وكان خلالها مدير المؤسسة مصرا على التشبث بعتبات نجاح أقل من 10، الشيء الذي يتحفظ عليه الأساتذة؛ خصوصا وأن المؤسسة ومنذ إحداثها وهي تتخذ 10 عتبة للنجاح لاعتبارات بيداغوجية موضوعية. لكن المدير سلك مسلكا تبريريا عندما تذرع بعدد الوافدين على المؤسسة والذين سيتسجلون بالجدع المشترك، فكان خطابه إحصائيا جافا بعيدا عن كل ما هو تربوي وبيداغوجي، ولم يلتفت إلى ملاحظات الأساتذة وتخوفاتهم، بل إن بعضهم تعرض أثناء الاجتماع للقمع، وصُودر حقه في التعبير عن موقفه بدعوى الـتأخر عن موعد انطلاق المداولات مما ولد استياء عند أكثر العاملين بالمؤسسة ....
محصلة الأمر أن كل تلاميذ السنة الأولى انتقلوا للسنة الثانية باكالوريا بعتبة نجاح انحدرت لـ 08.90. وحددت عتبة النجاح بالنسبة للجدع المشترك في 09.20. فكانت الثانوية التأهيلية زينب النفزاوية بأغمات المؤسسة الأكثر تميزا بنيابة الحوز في عتبات النجاح المتدنية في الوقت الذي تتمسك فيه مختلف المؤسسات بالإقليم بـ 10 عتبة للنجاح. وبذلك سيذيع سيطها بين تلاميذ الإقليم – وربما يصل ذلك لمراكش – على أنها المؤسسة التي ينجح فيها الجميع، تماشيا مع العبارة الشهيرة "الكل ناجح"، فيطلب المتهاونون والمتكاسلون المغادرة للانتقال إليها، من أجل النجاح والانتقال للمستوى الأعلى بغض النظر عن النقط المحصل عليه في المراقبة المستمرة.
لم يكن التدني في عتبات النجاح وحده الداعي للفت الانتباه لحالة هذه الثانوية المسكينة، بل إن مصيبة المصائب تكمن فيما يمكن أن يكون دافعا من الدوافع وراء النزول بعتبات النجاح إلى هذه المستوى خصوصا بالنسبة للسنة الأولى باكالوريا (08.90). لأنه فعلا من المحير التسليم بمبررات مدير المؤسسة لأنها حاضرة في مختلف مؤسسات الإقليم ولم يتأخذ أحد قرار النزول بعتبة النجاح تحت 10 لما له من نتائج وخيمة. بل وإن ثانوية النفزاوية نفسها عرفت ظروفا مشابهة وظل النجاح فيها رهينا بالحصول على 10. أيضا لماذا تفاوتت نسبة النجاح بين الجدع والسنة الأولى؟ كذلك فتخوفات المدير من تضخم البنية غير مفهومة لأنه بدل زيادة عدد الجدوع، سيزداد عدد أقسام الثانية باكالوريا بسبب نجاح كل تلاميذ الأولى، وبسبب كثرة تكرار تلاميذ الثانية باك (نسبة النجاح في الباك 35%). وفي الأخير هل رسوب نسبة قليلة كانت ستؤثر على البنية؟ بالتأكيد لا، بل إنها على العكس كان سيعطي مصداقية للنقط التي يمنحها الأساتذة، وإلا ما فائدة المراقبة المستمرة وما رافقها من ضجة حول منظومة مسار !!!
بقي أن نشير أن هناك قريبا لمدير المؤسسة يدرس بالثانوية في السنة الأولى باكالوريا شعبة الآداب والعلوم الإنسانية (م.ص) حصل في المعدل العام على 08.98. وهذه النقطة تعود بنا لعتبة النجاح في السنة الأولى التي هي 08.90؛ فهي قريبة منها جدا !!!؟؟؟ فهل هذه مصادفة؟ وإذا كانت الأمر كذلك، هل انتقال هذا التلميذ من مراكش إلى أغمات سنة إسناد الإدارة لقريبه المدير مصادفة؟ وأكثر من ذلك هل تركه لمنزل عائلته بمراكش، وإقامته بداخلية المؤسسة "معلما للداخلية" لأنه غير ممنوح هي أيضا مصادفة؟ وهل من المصادفة تخصيص المدير لوقت طويل في مداولات الدورة الأولى للحديث عن حالة هذا التلميذ بعدما حصل على نقط متدنيةـ وتأكيده على أنه يعمل جاهدا على إنقاذ مستقبله الدراسي؟
لا يبدو أنه من الممكن أن تجتمع كل هذه المصادفات في هذه الحالة، فهذا التلميذ المحظوظ (م.ص) كان يدرس بمراكش وبالضبط بالثانوية التأهيلية الواحة حيث كان مدير ثانوية زينب النفزاوية حارسا عاما للخارجية، وبعد إسناد الإدارة التحق بأغمات واستدعى قريبه للدراسة بالمؤسسة. استفاد (م.ص) من داخلية المؤسسة التي توجد بجانبها، ورغم القرب كان كثير الغياب، متهاونا، نقطه في المراقبة المستمرة ضعيفة، ثم حصل على معدل عام متدن، وحصلت عتبة النجاح على معدل أقل منه، فانتقل إلى المستوى الأعلى الذي ليس إلا السنة الثانية باكالوريا. أليست هذه مهزلة؟! والذي يزيد من فداحة الخطإ الذي وقع فيه المدير، ويضاعف من الاستياء من مثل هذا السلوك غياب تكافؤ الفرص، ففي إحدى ثانويات الإقليم حصل تلميذ على 09.98 ورسب لأن مؤسسته لا تتسامح في عتبة النجاح. وإن كان يدرس في النفزاوية وُصف بأنه من المتفوقين لأنه فوق عتبة النجاح بنقطة كاملة.
في الأخير لن أفوت الفرصة، وسأطرح على مدير هذه المؤسسة بعض الأسئلة:
§ ماذا لو حصل قريبك على أقل من 08.98، هل كانت عتبة النجاح ستنحدر هبوطا نحو العمق حيث ينعدم الأكسجين وهي تردد: إني أغرق .. أغرق .. أغرق ...؟
§ هل إذا كان قريبك يدرس في الجدع كانت ستقلب الآية وتكون عتبة النجاح في الجدع هي 08.90، وفي الأولى 09.20؟
§ كيف سيكون سلوكك في السنة المقبلة، هل ستسرب امتحان الباكالوريا ليتمكن قريبك من النجاح؟ أم ستخصص له قاعة امتحان خاصة بحراسة خاصة؟
§ ماذا لو تعاليت عن مثل هذه الأمور، وتعاملت مع هذا التلميذ كبقية تلاميذ المؤسسة، ألن يكون الأمر أفضل؟
هذه سلوكات لم نرغب في أي وقت من الأوقات أن تتسرب إلى جسم منظومتنا التعليمية، ونكون تبعا لذلك مضطرين للحديث عنها وإثارة الانتباه إليها. ونعود ونكرر لا مجال للسماح بمثل هذه المهازل في مدارسنا العمومية؛ والنيابة الإقليمية والأكاديمية الجهوية مطالبتان بالتحرك وفتح تحقيق حول هذه الفضيحة.
خالد الرضواني ـ أستاذ بالحوز
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.