الدون جوان و القوسيني .

الإدارة سبتمبر 16, 2014 سبتمبر 16, 2014
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A
الدون جوان و القوسيني .
إدريس المغلشي


إدريس المغلشي فاعل نقابي مراكش-جريدة الأستاذ

الدون جوان شخصية أسطورية ، متمنعة ومستعصية على الفهم ، شديدة التعقيد ، ليس بالسهل أن تقف على خطوط عريضة من شخصيته ، حامل للمتناقضات . كان أكثر التصاقا بالذاكرة في علم النفس والرموز الأدبية  صار لقبا أو صفة لكل من تجمع عواطفه ويتنقل بين الغواني . أثار إعجاب العديد  من رموز الفن و الأدب كموليير وبلزاك وموزار على سبيل المثال لا الحصر والأمثلة كثيرة  .
الدون جوان في مقالنا هذا ،تركيبة عجيبة ،تجد صعوبة في سبر أغوار شخصيته ،مثير للاستغراب وليس الإعجاب من موقع مسؤوليته ، ليس شخصية معينة بذاتها  بالتحديد ، هي كل مسؤول يسرق نظرة  لكاتبته الخاصة باعتبارها صندوق أسراره ، وإلا ما تفسير أول إجراء يقوم به الوافد الجديد حين يقدم على  تغيير الكاتبة الخاصة ؟
قد تثيرك الخطوات الأولى في مسار مسؤول ،لكن ما يستفز في الحقيقة  تلك الطقوس التي يؤسس لها في فضاء معزول ، لا علاقة لها بالتدبير الإداري  .ولعل المثير في  أمر هذه الإدارة ، ويتكرر في هذه الجهة بشكل غير مستساغ ، الانشغال بالهدم والبناء وكأننا في مقاولة  أو ورشة وليس في مؤسسة تربوية ، لم يستقر الوضع وباتت الإدارة متنقلة بين مثلث الجحيم والذي  أصبح معروفا للجميع (عرصة لمعاش – ابن عباد – أم عمار ) بالقدر الذي انهمكنا في  البناء الأسمنتي والخرسانة استلذ البعض هذا الوضع المشتت ونسينا بناء منهج يخدم المصلحة العامة ، الكل أصبح يبحث بكل الطرق  والوسائل  كيف يستفيد من زمن إضافي للإطالة في عمر الأزمة ؟ المستفيدون من الوضع الحالي كثيرون . لكن حين تنتهي الأزمة لا يجب أن تأخذنا نشوة الفوز لتنسينا ثمن وتكلفة الحل .
  الدون جوان يعتلي قرب سائقه سيارة  سوداء للمصلحة رباعية الدفع ، على رأسه قبعة رياضية  بيضاء ، ونظارة شمسية سوداء ، وقميص رياضي اصفر،  لا يتناسب مع   طقوس الإدارة ، يحرص على حلاقة وجهه بشكل يومي يزيد من وسامته ، يده اليمنى مرفوعة تمسك بالمقبض ، يلقي الحرس تحية انضباط ، ويرد هو بتحريك رأسه  ويده اليسرى  بشكل يترك للجميع أمام الباب نوعا من الرضا . بروتوكلات حين تتم المبلاغة فيها ربما توحي بشعار " المزوق من برا ...أش خبارك من الداخل ؟؟؟"
في كثير من الأحيان يتعمد التأخر عن المواعيد ليدخل الإدارة محاطا بحاشيته لتكتمل صورة الهيبة التي لا يتوانى في إرسال إشارات قوية  حولها . لم يستحضر صاحبنا  معطى أساسي، أن تدبير الزمن واحترام المواعيد حاسمة في قيمة المسؤول ووضعه الاعتباري . حين تنتصر الإدارة بكل مكوناتها على أزمة تدبير الوقت آنذاك يحق لنا أن نقول : أننا بدأنا نتلمس الخطوات الأولى في دينامية جديدة ،ستؤشر لا محالة لانطلاقة واعدة  .
حين يجلس إلى طاولة الحوار يحتفظ لنفسه بطريقة كلام توحي بنوع من الجدية ، وتخفي وراءها ارتباكا لكنه بادي من خلال تحريك القلم أثناء الكتابة مع ارتعاشة خفيفة . لتكتمل الصورة يسارع القوسيني مع طول قامته في انحناءة غير مفهومة ليستمع لأوامر طارئة  .القوسيني شخصية ضعيفة ارتضت لنفسها خدمة أسيادها بدون تردد ، يحمل لسيده كل شيء ، مفكرته الداخلية والخارجية ، حريص على إظهار الانضباط،أناقته متواضعة تتماهى مع أناقة سيده ، يتفانى في إظهار الولاء لسيده حتى يلتصق وجوده بالواجهة . يقضي اليوم كله جيئة وذهابا في تنفيذ أوامر وتعليمات. الزمن في عقيدته لا ينتهي إلا في مؤخرة يوم ، متعب يستلقي على فراش النوم بحذائه المتسخ . ترك مهمته النبيلة لينزوي في ركن عند بوابة سيده .يرتشف من النافذة  كاس شاي بارد كما يحلو له . يمارس سلطته المحدودة المستمدة من رئيسه على حرس الباب ،حين يستعمل منبه السيارة بشكل فج كلما اختبأ الحرس تحت سقيفتهم العشوائية  التي صنعوها هروبا من الحر و القر .
اسمحوا لي أن أقول لكم أن من السخرية البئيسة أننا كلما غادرنا الدون جوان إلا وحلت نسخ متكررة منه أكثر بشاعة . الدون جوان يعطي  الانطباع انه مسؤول فوق العادة ، نظراته الشزرية لا تخطئها العين  .يمشي الهوينى  في ممر ضيق خلف مكتبه الأنيق . جمالية وشاعرية الفضاء المتجسدة في لوحات تشكيلية وتذكارات تاريخية وضعت بعناية ، قد تنسيك الهدف من زيارتك ،لكن تدفعك لطرح السؤال التالي : هل مظاهر الجمالية التي تزين المرفق تستطيع أن توحي ببعد مؤسساتي أم تؤسس لأبعاد أخرى لايعلمها إلا المسؤول الجهوي ؟؟؟
إدريس المغلشي فاعل نقابي مراكش

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?m=0