إلى حين ميسرة
بشرى عرقوب -جريدة الأستاذ
رغم أنهم لا يمتلكون ألعاب الأثرياء الغبية و المزركشة و لا مستقبلهم الواعد و الزاهر بألوان الفيروز و الزبرجد،إلا أنهم يصنعون بأيديهم أشياء من اللاشيء،يصنعون عجلات من بقايا الإطارات المتهالكة،و يصنعون عربات أو يخيل إليهم من فرط انبهارهم أنها سيارات تسير، يصنعونها من علب البيبسي و الكولا و السردين،ينقبون عنها في مخلفات مزبلة الدوار العتيقة،يجرون تلك العربات فوق الحصى فتصدر صريرا يزعج من في القبيلة و يهتك طبلة آذانهم،لا يكلون و لا يملون،مقتنعين و قنوعين بألعابهم البسيطة فهي قمة الرفاهية في نظرهم رغم كونهم لا يتوفرون حتى على الضروريات،يسدل الليل ستاره بعد أن ينال منهم التعب فيلجؤون لمضاجعهم حامدين الله على نعمة السقف الذي يأويهم من البرد و المطر،أطفال المغرب العميق أطفال على هامش الوطن فقراء و بسطاء و أمثالهم كثر،أجساد ضئيلة و منهكة،تلعب و تنام و تدرس ما تيسر،تصدح في ساحات المدرسة بأناشيد من قبيل"و نحن الصغار كبار المنى..تشاد الحياة على عزمنا" يطلقون بها حناجرهم،لا يعلمون أنهم مجرد أشباح لا تعرفها الدولة إلا وقت الإحصائيات،فهم مجرد عابري سبيل على أعتاب هذا الوطن يتسلقون سلالم الأمل الواهية و الحلم بغد أفضل،تنكحهم الحياة كل حين فيعانقونها ببشاشة الدراويش إلى حين ميسرة.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.