الاجتماعيات بحث حول التسامح مع الديانات الاخرى
جاءت الأديان السماوية، لتعمل على تربية الإنسان و إعداده إعدادا صحيحا روحيا و ماديا و فكريا، ليصبح هذا الإنسان الركيزة الفعالة في بناء المجتمعات الإنسانية المتقدمة و المتحضرة، لذلك أوصته الأديان بكل ما ينفعه، و نهته عن كل ما يضره.و إذا كانت شعوب العالم تتطلع إلى تحقيق السلام العالمي فإن جميع رسالات الأنبياء تأسست على بناء السلام بين الإنسان و ربه، و بين الإنسان و الإنسان، فهذا سيدنا عيسى المسيح عليه السلام يقول في إنجيل: ((طوبى للرحماء لأنهم يرحمون، طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله)).و هذا سيدنا محمد عليه السلام يقول في وصاياه: ((الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))، و الله تعالى يقول بحق محمد صلى الله عليه و سلم: ((و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)).و يقول الله في القرآن الكريم: ((و الله يدعو إلى دار السلام))، و الإسلام جعل تحية الناس بين بعضهم دعوة للسلام و الرحمة، و النبي محمد صلى الله عليه و سلم يدعو إلى بذل السلام…و الإسلام و المسيحية يدعوان الناس إلى المحبة و التعاطف و التعاون.فهذا سيدنا عيسى عليه السلام يقول في إنجيل يوحنا: ((وصية جديدة أعطيكم إياها: أن تحبوا بعضكم بعضا…).و هذا سيدنا محمد عليه السلام يقول: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))
و
جاء في رسالة يحنى الأولى: (( كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، و أنتم
تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه)).و جميع الرسالات
السماوية دعت إلى العفو و التسامح و محاربة الظلم:فهذا الإسلام يدعو إلى
محاربة الظلم حيث يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (( يا عبادي إني حرمت
الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا)).و النبي محمد صلى الله
عليه و سلم يقول: ((الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم
لعياله…)).و جاء في وصايا عيسى عليه السلام. ((فأنتم يا إخواني دعاكم الله
لتكونوا أحرارا، و لكن لا تجعلوا هذه الحرية حجة لإرضاء شهوات الجسد، بل
اخدموا بعضكم بعضا)).و في إنجيل يوحنا: ((من له ثوبان فليعط من ليس له، و
من له طعاما فليفعل هذا))، و النبي محمد يقول: ((ما آمن بي من أمسى شبعان و
جاره جائع إلى جنبه و هو يعلم)).و جاء في الإنجيل متى: ((ماذا ينفع
الإنسان لو ربح العالم و خسر نفسه)).و الحقيقة أن الإسلام لم يأت ليلغي
الأديان السماوية التي سبقته و إنما جاء مجددا و متمما لها، فسيدنا المسيح
يقول. ((ما جئت لأنقض و إنما جئت لأتمم)) و إلى هذا أشار نبينا محمد صلى
الله عليه و سلم فقال: ((إن مثلي، و مثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى
بيتا فأحسنه و أجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، و
يعجبون له، و يقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، و أنا خاتم
النبيين)) رواه البخاري و روى مسلم نحوه باب )ذكر كونه صلى الله عليه و سلم
خاتم النبيين). و الله تعالى يقول في القرآن الكريم: ((قولوا آمنا بالله و
ما أنزل إلينا و ما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط
و ما أوتي موسى و عيسى و ما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم…)
سورة البقرة (الآية 136). ونبينا محمد صلى الله عليه و سلم يقول: ((أنا
أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه ليس بيني و بينه نبي)) و يقول. ((نحن معاشر
الأنبياء إخوة ديننا واحد و شرائعنا شتى))، و هكذا لم يأت المسيح ليهدم
رسالة موسى، و لم يأت محمد ليجرد المسيح من رسالته، فكل نبي أتي مصدقا لما
سبقه، و النبي السابق أتى ممهدا لمن بعده، و القرآن هو مجمع كل رسالات
السماء، و دعوة للإيمان بكل أنبياء الله، فالأنبياء جميعا تخرجوا من مدرسة
واحدة و معلمهم واحد و هو الله جل جلاله.لقد نزلت الأديان لمصلحة الإنسان و
الله تعالى يقول في الحديث القدسي: ((خلقت الخلق ليربحوا علي لا لأربح
عليهم) و الله تعالى يقول في القرآن مخاطبا محمدا صلى الله عليه و سلم: ((و
ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) فهكذا تعاليم السماء تحقق الرحمة للناس و
النجاح، فإذا وجد الإيمان بحقيقته، فإنه كماء السماء عندما ينزل نقيا منها،
يعطي الحياة للإنسان، و أما إذا اختلط بأوساخ الناس، فإنه بدل أن يعطي
المرض، و بدل الحياة يعطي الهلاك. لذلك فإن نبينا محمدا يدعوا إلى إعادة
النظر في الدين كل مئة سنة، و يقول. ((يبعث الله على رأس كل مئة سنة من
يجدد لأمتي أمر دينها)) كل ذلك بتوجيه من الله تعالى، و حرص من النبي، محمد
لبقاء الإيمان نقيا ناصعا، لأن الزمن يغير طبائع الأشياء و يطمس أحيانا
حقائقها.و إن مهمة المجددين للدين حددها النبي محمد صلى الله عليه و سلم
بقول: (( يحمل هذا العلم من خلف عدوله ينفون عنه ((تحريف الغالين و انتحال
المبطلين و تأويل الجاهلين