أي جامعة نريد في ظل الإرهاب المزدوج
يونس الزهير - جريدة الأستاذ
في أقل من أسبوع من واحد، شهد عدد من
المؤسسات الجامعية أحداثا أليمة، ومؤسف مشاهدتها في مغرب القرن الواحد والعشرين،
عنوانها العنف والقهر وسلب الحرية في حق الطلبة المطالبين بحقوقهم في التعليم
والسكن والمنحة، الساخطين على تدني أجواء التحصيل العلمي، والرافضين للمقاربات
الترقيعية لإصلاح المنظومة التعليمية.
انطلقت الأحداث من مدينة وجدة التي شهدت
مواجهات عنيفة، تورط في إشعالها محسوبين على التيار القاعدي، ودفع ثمنها طلاب
الكليات الثلاث المتواجدة بتراب المدينة الشرقية، استخدمت فيها خراطيم المياه
والقنابل المسيلة للدموع، مسفرة إصابات بليغية في صفوف الطلبة ورجال الأمن.
وما لبثت تهدأ الأجواء بجامعة وجدة، حتى
انتقلت مسامع الرأي العام للحي الجامعي بسطات، حيث تم تعنيف الطلبة المعتصمين منذ
حوالي أربعين ليلة، للمطالبة بالسكن في الحي الجامعي، ورفض ما وصفوه المحسوبية
والزبونية في انتقاء المستفيدين مطلع السنة الجامعية الجارية، ثم انتهى التعنيف
الذي لم يستثن الصحفيين باعتقال ستة طلبة.
غير بعيد عن سطات وفي حادث غريب وهو الأول من
نوعه، أقدم موظفوا الكلية المتعددة التخصصات على احتجاز طالبين اثنين داخل بناءة
الإدارة، ليعيشا ليلة في سجن داخل أسوار الكلية التي يفترض أنها تقدم لهم المعرفة
لا الاعتقال غير القانوني، هذا في وقت لم تنتهي تطورات محاولة القتل العمد التي
تعرض لها طالب معتصم بالجديدة رفقة زملائه
المقصيين من السكن بالحي الجامعي، بعدما دهسه السائق الخاص بمدير الحي بدراجته
النارية، ولم نسمع إلى حدود اللحظة أي إجراء قانوني في النازلة.
من جهة أخرى، تعيش بعض المواقع الجامعية
المذكورة إضافة إلى أخرى، إرهابا من نوع آخر، بطله بعض الفصائل «الطلابية» المحسوبة على اليسار، التي نصبت نفسها شرطي
الجامعة تترك من شاءت لينشط ويقدم برامجه الثقافية والنضالية، وتمنع من خالفها
التوجه بدعوى «الرجعية» و«الظلامية» و«الشوفينية» وغيرها من
الاتهامات المجانية، في غياب السلطات المنوط بها حماية الطالب وتأمينه، ودون تسجيل
تحركات صارمة وتطبيق القانون في حق حملة السيوف والسواطير ومختلف أنواع الأسلحة
البيضاء وأشكال الزجاجات الحارقة، بجامعات مراكش، أكادير، فاس، مكناس، وجدة...
العنف المزدوج، من داخل الجسم الطلابي ومن
طرف الأجهزة الأمنية، لا يخدم سوى أجندة إفراغ الجامعة المغربية من مضمونها
الكفاحي النضالي، ومن محتواها العلمي المعرفي المبني على النقد والانتقاد، ولا
يساهم سوى في إقصاء الطالب من شأنه وإبداء رأيه في القرارات التي يراد أن تصبح قدرا
مفروضا على الطالب، لينتج في نهاية المسار ما يسميه الفنان الفكاهي مسرور المراكشي
"تلميذ عندو موشطاش"، أي طالب لا يمتاز عن تلميذ الابتدائي سوى بفارق
العمر.
ولا يمكن الرقي بالمنظومة التعليمية، وبواقع
الجامعة بشكل أخص، دون تبني مقاربة تشاركية تستمع لكل المتدخلين في المجال، وعلى
رأسهم الطالب، ولا مجال لنهوض بالتعليم العالي في ظل إزدواجية قمع الحريات
النقابية والثقافية والسياسية داخل الحرم الجامعي، والسماح للعصابات الإرهابية
بالعبث وتوجيه عصا القوات إلى ظهر الطالب المناضل، والآخر المتضرر المُطالب بحقوقه.
ومن هنا نعيد النداء "أنصتوا للطلاب..
نريد جامعة المعرفة".
يونس الزهير
صحفي
0679.54.35.84