الأستاذ بين مطرقة المذكرات الوزارية وسندان وقاحة التلاميذ المشاغبين !!
ذا كنت أستاذا تقوم بتدريس حصة لأحد أقسامك في مدرسة عمومية.. وكان القسم فيه من فيه من عشرات المشاغبين ..الذين لا هم لهم بالدراسة ولا انشغال... كل همهم هو بث الفوضى لإلهاء زملائهم عن التحصيل وبث السخرية والضحك بدون سبب داخل القسم..وربما بعضهم مدمن لمصيبة تغيبه عن عقله!! .. مرة يصيح أحدهم بكلام ناب أو فاحش ومرة يصدر أصواتا مزعجة أو يقوم بحركات مخلة ..ومرة قد يؤذي زملاءه أو قد يرمي بأشياء على الأستاذ أثناء آدائه لمهامه فقط ليضحك بقية التلاميذ وليبث روح السخرية من الأستاذ! ولكي يظهر -في وجهة نظره- بمظهر "البطل" أمام زملائه وزميلاته!!!
كيف للأستاذ أن يحد من هذه الظاهرة؟
- إذا تكلمت -أنت كأستاذ مع هذا النوع من التلاميذ باحترام رغبة في نصحه بكل "هدوء" يتجاهل كلامك ويستغفلك ليعيد فعلته مرات أخرى!!
-إذا أنذرته بأنك ستقوم باجراءات ضد سلوكه المشاغب -الذي قد يصل أحيانا إلى حد الخطورة(حمل سلاح أبيض- حمل أقراص مهلوسة -تهديدات وشتم وقذف...) يقول لك:
" مذكرة الوزير" تمنعك من ضربي أو من طردي!!
- إذا استعنت بالإدارة لكي تتدخل أو لإجراء مجلس القسم ترى تباطؤا وتهاونا عادة من المديرين.. وإن كان العكس يجتمع المجلس ولكن حسب مذكرة وزارة التربية الوطنية الأخيرة سيكتفي بعقوبات من نوع زرع الزهور وتنظيف بعض مرافق المؤسسة!! وهي عقوبات لن توقف التلميذ المشاغب عن أفعاله المشينة بل ستزيد من تمرده واستعلائه وتماديه في السلوكات المخلة ليس فقط داخل القسم بل ستكون له تداعيات أخطر على سلوكه كإنسان مستقبلا!!
وبعد كل ذلك يأتي من يأتي ليقول للأستاذ عقليتك "صعيبة" .."معقدة".."متخلفة".."تسلطية" وغيرها من الكلمات لا أدري من أين جلبوا مصداقيتها!!
ماذا تنتظرون من الأستاذ؟؟ أن يقوم بدور أسرة تجاهلت تربية ابنها -أو ابنتها- على الإحترام والأخلاق الحسنة حتى صار تلميذا عابثا في أواخر عقده الثاني -في الثانويات والإعداديات خصوصا-لا يأبه لأحد ولا يخجل من جرم!!!
هل تنتظرون من الأستاذ أن يقوم وحده بإصلاح أخطاء مجتمع وإعلام غالى في هدم قيم الأخلاق والإحترام والإحتشام منذ سنين عديدة؟
هل تنتظرون من الأستاذ أن يبتلع "حكرة" تلاميذه المشاغبين له بانتهاكهم حرمة الحصة الدراسية بسلوكاتهم وإزعاجاتهم المتعمدة وسلوكاتهم الإستفزازية التي تصدر عنهم غالبا بشكل متعمد !!
ماالذي سيتستفيده التعليم إذا فقد الأستاذ لهيبته ولاحترامه من طرف تلاميذه؟؟ لا أعتقد أنه ستكون هناك فائدة لأحد ... بل سيكون حتما ضرر ووبال خطير على سائر أطراف المنظومة التعلمية التعليمية وعلى رأسها التلاميذ !ناهيك عن الأستاذ الذي هو دائما ضحية الجميع(سياسات الوزارة-الإعلام -المجتمع-المناهج-وضعيات الأقسام والمؤسسات- و[سير وسير]...--!! ) وما الأحداث المتكررة لمظاهر عنف مارسها تلاميذ مشاغبون ضد مدرسيهم من ضرب أو طعن أو حرق أو تهديد أو شتم شهدناها ولانزال مؤخرا إلا إرهاصات لمستقبل أسود بدأ يلوح ظلامه على مؤسساتنا التعليمية !! فهل للوزارة الوصية حل فعال لهذا الآفة ؟؟؟ غير إلقاء اللوم على الأساتذة وتأجيج الكراهية لمن علمونا حرفا!!!؟
لماذا يضع من ساهموا في تدهور وضعضعة التعليم العمومي بالمغرب عواقب أخطائهم على كاهل الأستاذ!! مع حرمانه من اختيار السبل الناجعة أو الإمكانيات العلاجية التي يمكن -على الأقل- أن تبطئ من نزيف حاد تعاني منه المدرسة العمومية المغربية نتيجة تخبط السياسات وتضارب الآراء وغياب إرادة الإصلاح وميكانيزماته الصحيحة!!؟؟؟
طبعا ليس هذا تشجيعا لجعل حصة الدرس "مسلخة" للتلاميذ والضرب المبرح بدون سبب أو قول كلمات نابية أو احتقارية من طرف بعض الأساتذة ضد المتعلمين -وهم قلة- !! ولكن ينبغي توفير جو وحد أدنى من الإحترام المتبادل بين التلميذ وأستاذه!! فلا يحق للأستاذ أن يبطش بكل من لم يرق له من التلاميذ بغير وجه حق!! ولا يحق أن يهتك تلميذ هيبة الأستاذ وحرمة الحصة بإشغال التلاميذ الآخرين عن التحصيل بسلوكاته ومشاغباته سواء بقصد إضحاكهم أو بنية الإستقواء على الأستاذ واستفزازه!! ومن ثم وجب لزوما إيجاد إجراءات حازمة ورادعة لهذا النوع من التلاميذ توقف انحرافه وتعدل من سلوكه واقعيا وليس حلولا ترقيعية أو هلامية كالبستنة وتنظيف الأقسامكما جاء في بعض المذكرات !! كما لا ينبغي الإحتفاظ بتلاميذ مشاغبين فشلت معهم كل محاولات الإصلاح والردع وثبت عدم رغبتهم الجدية في مواصلة الدراسة فقط تحقيقا لما يسمى ب"محاربة الهدر المدرسي" على حساب كرامة الأستاذ ومصلحة بقية التلاميذ!!