ممارسة التدريس:15-الفرض المحروس
الأستاذ توفيق بنعمرو
أستاذ مادة الرياضيات بالثانوي التأهيلي
من
معالم مصداقية الممارس للتدريس، و مؤشر على كفاءة التعلم و على حِكمة الأستاذ و
حنكته في اختيار المحتوى و توقيت الإنجاز و مدته و طريقة الحراسة و التصحيح.
إنه
مِفصل محوري في ممارسة التدريس و تتقاطع حوله و فيه محاور كثيرة أسلفنا التفصيل
فيها و أشرنا إليه فيها، كما يشكل مجالا للتقويم و التكوين في آن واحد في منظومتنا
التربوية.
لقد
كثرت النظريات حوله و أُنجِزَت دراسات كثيرة لتحسين نوعيته و التقليل من الجوانب
السلبية المصاحبة له، سواء من حيث تكافؤ الفرص في الإنجاز و طريقة التصحيح
و كذا تأثيره النفسي على التلاميذ و الإكراهات المترتبة عن ذلك.
على
مدار المسار المهني للممارس تتغير المذكرات المنظمة و النظريات المطبّقة و المحاور
المتحكّمة في التنظيم، و التي قد تدخل في تفاصيل النسب المئوية لأصناف الأسئلة و
نوعيتها و حتى توقيت الإنجاز و توقيت التصحيح و أجزاء الدروس و عدد الفروض و
نسب الاحتساب، لكن كل هذا يمكن مجاراته حسب المُستطاع و حسب ما يقبله المنطق
السليم للممارس، و تبقى أمور هامة تحيط به لا بدّ منها:
* العدل في
الحراسة و التصحيح و تجنب تفضيلٍ ظالمٍ أو محاباة مَعيبة ناتجة عن نفوذ أو قرابة
أو تخوف أو غير ذلك، ففي ذلك يفقد الممارس كل مصداقية و تذهب جميع جهوده سُدى
و يصير أسير فوضى و عدم تحكم، و لا يبقى له تأثير إيجابي على تلامذته.
* طريقة اختيار
الأسئلة و عددها يكون منسجما مع المدة الزمنية ( فمثلا في الرياضيات في الثانوي
التأهيلي المعدل هو سؤال في 6 دقائق ففرض محروس لمدة ساعتين يتضمن ما لا يتعدى 20
سؤال و هذا فقط قصد الاستئناس )
* محتوى الأسئلة
منسجم مع التعاقد الذي تمّ مع التلاميذ قبل الإنجاز حول الدروس أو المحاور التي
أُعلِمُوا عن إنجاز الفرض حولها
* تنقيط الأسئلة
و مدى الصعوبة يختلف حسب المستويات و الشعب و المواد لكن على العموم فالمفروض أن
لا يقل عدد الحاصلين على المعدل عن 50% أو 60% ( و هذا فقط للاستئناس ) و أن لا يكون تجمع كبير للنقط في مجال
ضيق كأن يحصل جل التلاميذ على نقط بين 18 و 20 أو جلهم بين 5 و 10 و أن يكون الفرض
عاكسا لمدى التعلم و يمكّن من ترتيب التلاميذ حسب مستواهم المعرفي و الدراسي و هنا
تبرز حنكة الممارس و حرفيته و صنعته في اختيار الأسئلة و تنقيطها و طريقة
الإعداد القبلي و طريقة تدريب التلاميذ على التعامل مع الفروض.
* فتح المجال
لأسئلةٍ تكون في متناول الجميع تُبعد المتعثرين عن الصفر و تعطيهم أملا في التحسن.
* فتح المجال
لأسئلةٍ للمتفوقين ليبرز تفوقهم و تُعطاهم فرصة لمزيد من الاجتهاد.
* تصحيح متوازن
معتدل، و هنا يستحسن عدم إغفال و لو جزء من الجواب أو جزء من طريقة صحيحة في حقه
من النقط و خاصة في الفروض الأولى لبعث الأمل و إنعاش الحضوض و التشجيع على تصحيح
المسار.
* عدم إغلاق باب
الحصول على 20/20 و خاصة في الرياضيات و تجنب وضع سؤال يحرم الجميع منها خاصة في
المستويات التي تحتسب فيها النقطة في معدل البكالوريا و هذه عقلية كانت سائدة فيما
مضى حيث كان لكل أستاذ حاجزه في النقط لا يتعداه أحد على اختلاف الأقسام و السنوات
و مستوى التلاميذ و هذا أمر لا أحبذه شخصيا خاصة مع تغير طرق التقويم و مكونات
امتحانات الباك التي أصبح معها التلاميذ قادرين على الحصول على 20/20 في الامتحان
الوطني.
* طريقة الحراسة
و النجاح فيها بأقل الأضرار و فعالية أفضل و سنفصل في بعض تقنياتها إن شاء الله في
مقال مستقلّ
* إنجاز فرض
منزلي قبل المحروس ( خاصة في الرياضيات) يكون مؤشرا على المحروس و إعدادا صحيحا له
و سنفصل الحديث إن شاء الله عن الفرض المنزلي و طريقة إنجاحه لأهميته و جدواه في
مقال مستقلّ.
* إعطاء نصائح
قبلية حول طريقة الإعداد النفسية و الجسدية و طريقة التعامل مع الأسئلة
و التعامل مع الوقت و مع الأسئلة المستعصية و التعثرات الطارئة أثناء
الإنجاز.
* في حصة إعادة
الأوراق المصحّحة يتمّ تصحيح بعض الأسئلة و تقديم خلاصة حول مستوى القسم و مستوى
التقدم أو التأخر و إبراز الأخطاء التي من المفيد تصحيحها و بعد اللّوم ( إن كان
ضروريا) أو التشجيع و التهنئة ( إن كانت ضرورية) يُستحسن دائما بعث الأمل
للمتعثرين و تحفيز المتقدمين للمزيد من العطاء، و يمكن في حصة موالية أو عند نهاية
الحصة التحدث بشكل منفرد أو خاص مع الحالات الخاصة كالمجتهد الذي حصل على نقطة
متدنية أو الذي وقع له تعثر كبير أثناء حصة إجراء الفرض أو تزكية و تهنئة
المتقدمين في عملهم و هذا له تأثير إيجابي كبير مجرّب.
* يمكن إجراء فرض
استدراكي للذين لم يحصلوا مثلا على المعدل و تُحتسب أحسن نقطة بين الفرضين ما لم
تتعدى المعدل فإن حصلوا على المعدّل تحتسب 10/20 و هذه التقنية مجرّبة و بعثت
أملا كبيرا خاصة للذين تعودوا على نقط مجاورة ل 02/20 و جعلت كثيرا منهم يقبلون
على المادة و يبذلون جهودا أكبر فيها و منهم من حصل على 16/20 في الاستدراكي و
اعتبرها نقطة انطلاق جديدة في دراسته. إنه بعث أمل حقيقي و عملي و فعال و عادل على
أن تكون الأسئلة مدروسةً بعناية بحيث تبرز التطبيق المباشر للمطلوب و تساعد طريقة
ترتيبها و تحريرها على الحصول على نقط أفضل لأن الهدف هنا مختلف عن الفرض العادي و
تسقيفه معروف و الفئة المستهدفة معروفة. و هذه التقنية يمكن تعميمها على القسم إن
كان مستواه ضعيفا و هي مشروطة بظروف الممارس و حسب المستطاع من قابلية و وقت و
مقرّر دراسي و علاقة مع التلاميذ.
* اعتبار الفرض
المحروس تدريب حقيقي على الامتحان الإشهادي.
* ضرورة تحفيز
التلاميذ على استحضار مجريات حصة الإنجاز للفرض بكل ما واكبها من تعثر و من تخبط و
من خطأ و من نجاح فهو تجربة دراسية هامة يجب الاستفادة منها فيما يلي من تجارب.
إن
كل ما ذكرته سابقا هو من تجربة شخصية و من معاينة حيّة و هو عصارة سنوات من
الممارسة و من استحضار أهمية الفرض المحروس و محاولة التحسين المستمر من فعاليته
و مصداقيته و من جدواه و الله الموفّق لما فيه الخير.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.