ممارسة التدريس:20-الغش
الأستاذ توفيق بنعمرو
أستاذ مادة الرياضيات بالثانوي التأهيلي
داء
انتشر و عمّت عدواه مقاطع و مفاصل كثيرة في المجتمع و أصبح مُرادفا للنجاح و الذكاء
و التميز و الغَلَبَة و التفوق على الآخرين، و وصل إلى قطاع التعليم، و أصبح حقاً
مكتسباً مشروعاً لا يجوز المسّ به، و كل ممارسٍ له يعطي له تبريرات برّاقة ناعمة
كل حسب موقعه و مستوى استعمال هذا الغش.
فتلاميذ
يبرّرونه بتضخّم المقرارت و صعوبتها، و ظروف التعلم و إكراهاتها، و استعماله من
طرف الآخرين، و تعوّدهم عليه منذ الصّغر، و تداوله في مناحي الحياة الأخرى.
و
ممارسون للتدريس يبرّرونه بظلم المنظومة في الأجرة و الترقية و الانتقال، و ظروف
التدريس و ساعات العمل و مستوى التلاميذ المعرفي و أخلاقهم، و كذلك انتشاره بين
الأقران و مناحي الحياة كذلك، و يبرّرونه حتى في الامتحانات المهنية لنفس الأسباب
و غيرها.
و هيأةٌ إدارية في التعليم لنفس المبرّرات تقريبا.
و هيأةٌ إدارية في التعليم لنفس المبرّرات تقريبا.
إنها
مشكلة كبيرة معقّدة مركّبة، و لا يمكن حصْر أسبابها فيما يواكب التدريس فقط أو
مناهج التدريس و ظروفه فقط لكن هي أزمة في قيم المجتمع التي أصابها خلل كبير لعب
فيها الإعلام أدواراً كبيرة، و لعبت فيها الفوارق الصارخة في الحقوق و المكانة و
الفرص المُتاحة، ممّا عمّم انتهازيةً و وصوليةً في تركيبة الشخصية عند الممارسين
للغش تبحث عما تعتبره حقا مهضوما بكل الطرق.
قد
تعبر غمامة في مسيرة المُمارس الحيّ للتدريس بها بواعث تبيح الغش في صور بسيطة قد
تتطوّر مع الوقت و يصبح أسيرَها و لا يجد نفسه و ما كان عليه في بداية مشواره خاصة
عند شعور بالغبن أو الظلم أو الحرقة أو غيرها مما نكابده جميعاً. إلا أن الإيمان
القوي بالله و استبيان ثقل الأمانة التي على كاهله و دور عمله السامي و قيمة
مهنته الغالية و منطق القدوة الصالحة الذي عليه ترسّمه هي أدوية ناجعة إن شاء الله
تزيل الغمامة و توضّح الطريق و السبيل و تعطي راحةً في الضمير لا تقدّر بثمن.
إن
تفاني الممارس في عمله و القيام بمهمته على أكمل وجه هي وسيلة كفيلة بمحاربة الغش
بين تلامذته و لو على مستوى حذف المشروعية عن أفهامهم و مفهومهم و معتقدهم، كما أن
العدالة و ظروف الشرح و التعلّم و الفروض المعتدلة تفقدهم التبريرات التي يختبئون
وراءها و تعطي مصداقية للقيام بما يلزم حيال أي غش مرتكب.
فمعاقبةُ
مرتكبي الغش لن تكون مجديةً و الظلم سائدٌ و الفوضى سائدة
و ظروف التعلم غير سليمة، و مكونات الفروض غير مناسبة و الغش في التدريس من طرف
الممارس واقعٌ بأشكال و صور مختلفة يعرفها التلاميذ و يقتفونها و لا تخفى عليهم
رغم مداراتها.
على
المُمارس للتدريس أن يتوقع في الظروف الحالية غشا شائعا عند مجموعة من تلامذته في
صور مختلفة و مستويات متباينة و لا فرق بين الذكور و الإناث في ذلك إلا في حالات
قليلة، و قد يجد نفسه في بيئة أو مؤسسة أو منطقة تعمّ فيها هذه الظاهرة حتى تكون
عرفا سائدا، أو تقلّ فيها حتى تكون قليلة، و قد وضّحنا طرقا و تقنيات كثيرة
لمجابهة ذلك في هذا المقال و فيما سبقه.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.