طالب الفلسفة الذي برز نجمه في عوالم الفن التشكيلي بعد عقدين من رحيله

تاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال: طالب الفلسفة الذي برز نجمه في عوالم الفن التشكيلي بعد عقدين من رحيله

طالب الفلسفة الذي برز نجمه في عوالم الفن التشكيلي بعد عقدين من رحيله

بشرى عرقوب -جريدة الأستاذ

بشرى عرقوب -جريدة الأستاذ

و نحن نتنقل من حديث لحديث في سمر عائلي جميل لم نرع انتباها إلى قرب حلول ذكرى رحيل الفنان العصامي "عباس صلادي" حينما ذكرته نادية في شجون الكلام.. نادية الزين صهرتي و صديقة المرحوم صلادي مذ كانت طفلة بضفائر.. عايشت في الثمانينات ميلاد أولى لوحاته بكل ما تحمله من عمق و غموض و تجريد.. اختلطت دهشتها بالألم و الفخر حينما علمت الثمن الذي بيعت به مؤخرا لوحته "الهدية" التي تجاوزت خمس ملايين درهم بمزاد "مليون" بباريس.. حكت كم كانت تتابع إبداعاته بعيون البراءة و الحكمة و هي التي لم تتعد العاشرة من عمرها آنذاك.. كم تأملت تحرك ريشته التي طالما حلقت بحرية لتجسد واقع حيه العتيق "قبور الشهداء" بالمدينة القديمة في مراكش..عبر بحسه الصوفي عن واقع عشيرته و محيطه بكل ما يحمله من عوالم شعبية ترجمها باللون و الريشة لطابلوهات سوريالية .. كم سبحت في ألوانه لحل طلاسم صوره يوم كان لا يعرفه سوى قلة قليلة من الأقارب و الجيران منهم من لقبوه بالبوهالي لعزلته عن الجميع و انغماسه في الفلسفة و التجريد الذي لم يدرس منه شيئا،رغم ان ما خطته أنامله أضحت تحفا يقف لها كبار التشكيليين مطولا لتأمل تلقائية تلك التركيبة الفنية النادرة، من كائنات أنفوية..و طيور إيزوريدية..و نسوة بنصف لثام أو عاريات في حضن طواويس أسطورية..إلى زليج مغربي ضارب في الأصالة.. كانت الصبية المراكشية السمراء المشهورة ب "العزاوية" -و هو مصطلح بهجاوي يطلق على "بنت الوقت" آنذاك لتميزها بجرأة و شجاعة الرجال رغم حداثة سنها-كانت تتخذ مقعدا بجانبه و هو يمرر ريشته على الورق يوم استرعى انتباهه امرأة في "صابة الحومة" تحمل قطة من قفاها ليستلهم منها لوحة فانتازية مخملية.. نشبت في ذاكرتها الصغيرة جملة قالها بلكنته المراكشية و هو منكب في تأملاته " دابا آش بات (بغات) ديك الشريرة عند ديك المشة" كانت السيجارة لا تغادر زاوية شفتيه يقبع في سكون "قاع الدار" سابحا في ضبابية الدخان الذي يغلف منحوتات و رقوش نحاسية متناثرة بعبثية في زوايا المنزل.. من فيلة و جياد و عقارب أثرية تقليدانية تدهش ناظري كل من لمحها للوهلة الاولى .. رغم فقره كان ذا ذوق نخبوي لا يرضيه إلا معانقة العلياء و كأنه حدس منذ زمن ليس ببعيد اليوم الذي سندرس فلسفته الميتافيزيقا في مقرر الثانية ثانوي .. ملايين الدراهم ثمن إحدى لوحاته بعد ان غيبه الزمن.. استذكرت نادية بلوعة ذاكرة الفنان يوم كان يعرض بعض أعماله ذات عسر بعشر دراهم فقط بساحة على طرف نقيض من كل الساحات الفنية ساحة "جامع الفنا" ليعيل أسرته و يبتاع سجائره المفضلة "أولمبيك الزرقا" و بالباقي يشتري حلوى "جباح" حال ما تقع عيني الصغيرة على "كروسة" الحلويات.. ، ليس أمام الناظر لتحفه إلا استبطان إلهاماته السماوية، أما الصلادي فقط قال كلمته المحيرة ثم انسحب من غير جلجلة.

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.

ليست هناك تعليقات

1141781167114648139

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن