المشروع البيئي لثانوية ابن البيطار التأهيلية، نيابة مكناس
تحويل عجلات السيارات المستهلكة من ضارة إلى رفيقة بالبيئة
تعد النفايات من أهم المشاكل التي يعاني منها الإنسان، نظرا لأضرارها البليغة على البيئة، مما دفع العديد من المختصين إلى التحذير من ثلاثة مصادر للتلوث الأكثر تهديدا لصحة الإنسان: "النفايات النووية"، "النفايات الطبية"، و"عجلات السيارات المستهلكة"، هذه الأخيرة تشكل عبئا خطيرا على كل الدول لصعوبة التخلص منها بدون أضرار بيئية.
فما هو تأثير العجلات المطاطية المستعملة على البيئة وعلى صحة الإنسان؟ وما هي الحلول والتدابير الممكنة للتقليص من هذه الآفة؟
يقدر عدد إطارات السيارات التي يتم استهلاكها سنويا عبر العالم بأكثر من مليار إطار.. حيث أبانت أبحاث و تقارير على أن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تخلف أكثر من 300 مليون إطار سنويا، وتستهلك السعودية 25 مليون إطار، بينما تستهلك مصر 20 مليون إطار سنويا.. أما المغرب فيستورد أكثر من 21 مليون إطار سنويا مع غياب إحصاءات دقيقة عن مخلفاته منها..
للتخلص من هذه الإطارات تلجأ العديد من الدول إما إلى إلقائها في البحر أو إلى دفنها، علما أن المدة التي تحتاجها الإطارات للتحلل في الطبيعة تقدر بـ 600 سنة، في حين يلجأ الكثيـر من الناس إلى حرق العجلات المستهلكة لأغراض مختلفة، مما يشكل كارثة بيئية بكل المقاييس، حيث أشارت العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن الغازات الناتجة عن حرق الإطارات المستعملة تشكل خطرا كبيرا على صحة الإنسان، ذلك أن المطاط الصناعي يتكون من مركبات البنزين والكربون الأسود والكبريت وأكسيد الزنك بالإضافة إلى الشمع والفولاذ ... وعند الاحتراق ينبعث غاز أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وغازات أخرى سامة متطايرة ملوثة للهواء والتربة والمياه الجوفية.. مدمرة للبيئة ومسببة للعديد من الأمراض، أهمها سرطان الرئة وأمراض الجهاز العصبي والكبد والكلي ... وقد أفاد الأطباء على أن أكثر الفئات تضررا من هذا التلوث هم الأطفال والأجنة والرضع والمسنين ومرضى الربو...
فما السبيل إذن للتقليص من التأثير السلبي للعجلات المستهلكة على البيئة؟
العديد من الدول والمنظمات والجمعيات المهتمة بالحفاظ على البيئة، تدخلت لإيجاد بعض الحلول العملية لهذه المشكلة الإيكولوجية، وذلك بتشجيع عمليات إعادة تدوير إطارات السيارات التالفة بهدف إعادة استعمالها مرة أخرى، أو من خلال تقطيعها واستخدامها لرصف وتبليط الشوارع وتعبيد الطرق، إضافة إلى إصدار قوانين زجرية تمنع عملية الحرق وتفرض أن يتم الأمر في أفران خاصة رفيقة بالبيئة..
تماشيا مع نفس التوجه، قامت الثانوية التأهيلية "ابن البيطار" التابعة لـنيابة مكناس، بمناقشة هذا الموضوع من خلال نواديها التربوية، حيث تم التطرق إلى مختلف الحلول البيئية الممكنة التي يمكن أن تساهم بها المؤسسة، فبالإضافة إلى عملية تحسيس التلاميذ بخطورة الظاهرة، تم الاتفاق على استخدام إطارات السيارات التالفة ضمن مشروع تزيين المؤسسة؛ كـحل عملي لهذه المعضلة البيئية. وفي هذا الصدد أنشئت مجموعة من الورشات:
الورشة الأولى: تم في إطار هذه الورشة استدعاء حرفي مشهور من مدينة مكناس، السيد "بوشتى" الملقب بـ "الجْلاَيْدِي" المتخصص في مجال عملية إعادة تدوير إطارات السيارات التالفة وتحويلها إلى أشياء نافعة وتحف فنية مدهشة، إذ خصص للسيد "بوشتى" فضاء خاص داخل المؤسسة، حضر فيه مجموعة من التلاميذ المتطوعين لتقديم المساعدة والاستفادة من عملِ الحرفي، إذ تمكن هذا الأخير من تحويل عجلات السيارات المستهلكة إلى مزهريات وأصُص لغرس النباتات باستخدام أدوات بسيطة ..
يبدع الحرفي "بوشتى" بتحويل الإطارات التالفة إلى تحف فنية أمام أنظار تلاميذ المؤسسة التعليمية، إعادة إنتاج وولادة جديدة...
الورشة الثانية: خصصت هذه الورشة لمجموعة من تلاميذ المؤسسة ممن لديهم موهبة في فن الرسم، إذ قاموا خلال مختلف حصصها بطلاء المنتوجات الحِرفية وزخرفتها بأشكال وألوان زاهية زادتها جمالا ورونقا، أثارت إعجاب كل المتتبعين لمشروع المؤسسة من أساتذة ومتعلمين...
تلاميذ المؤسسة أبدعوا بفاعليتهم الفنية تحفا جسدت مهاراتهم وإمكاناتهم في إعطاء نضارة للأشياء...
الورشة الثالثة: ساهم في هذه الورشة النادي البيئي والصحي "للثانوية التأهيلية ابن البيطار" بشراكة مع جمعية آباء وأولياء تلاميذ المؤسسة، إذ عمل مجموعة من المتطوعين على عملية غرس شجيرات وزهور على الأصُص المحصل عليها من عمل الورشات السابقة... ليتم بعد ذلك وضعها في أماكن مختلفة داخل فضاء المؤسسة، مما أضفى عليها جمالية جذابة مجددة لأواصر التنشيط التربوي في علاقة تفاعلية مباشرة مع المحيط البيئي للمتعلم...
زينت الأصُص المغروسة بشجيرات وزهور فضاءات المؤسسة بجمالية خاصة، إنه ارتباط جديد للعجلات المطاطية بالطبيعة، من ملوثة إلى رفيقة بالبيئة..
عديدة هي المبادرات والحلول التي يمكن الاستفادة منها لمواجهة الأعداد الهائلة للعجلات المستهلكة الضارة بالبيئة، فرغم أن عملية إعادة التدوير تحتاج إلى إمكانيات واستثمارات اقتصادية ضخمة، تبقى لبعض المبادرات الفردية أهميتها الإيجابية في التقليص من المخاطر، حيث ساهمت "ثانوية ابن البيطار" بمشروعها البيئي في إيجاد حل عملي لهذه الظاهرة، يمكن تطبيقه بإمكانيات جد بسيطة، ولم لا تعميمه على باقي المؤسسات.
إنجاز: نادي الصحافة بثانوية ابن البيطار التأهيلية، نيابة مكناس
سامية أرفود – مريم عباد – هند الحيان – صفاء أمغار – أشرف شخط – محمدأوحساين
تأطير و إشراف: عادل بويـــا
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.