ممارسة التدريس:023 أخطاء السلوك
أستاذ مادة الرياضيات بالثانوي التأهيلي
من أكثر ما يوجه الممارس طيلة مشواره
المهني، و قد تقل حدتها في سنوات و مع مستويات وأصناف معيّنة من التلاميذ و تزداد
استفحالا مع أنواع أخرى، مما قد يُحيل ممارسةَ التدريس عذابا لا يُطاق، و قد تكرّس
شعورا بالكره للمهنة و كل ما يحيط بها. ولذلك فمن الضروري أن يستبين الممارس و
يتوقع أخطاءً في السلوك بأصناف مختلفة و متنوعة و يستبين مهيّجات و دواعي زيادة
عددها و كذا النقص منها و كذا طرق التعاطي معها و الوقاية منها و معالجتها بأنجع و
أنجح الوسائل.
* هناك أخطاء غير متوقعة تفاجئ حتى صاحبَها
و تكون من غير قصد كما قد لا يتوقع أن تصرفه ذاك خطأ سلوكي، و هنا يجب ترجيح جانب
العفو و قبول العذر والتعامل بالفضل قبل العدل لما في ذلك من كسب لجانب الاحترام و
المودة و معالجة أي ردّ فعل ناجم عن تأثير سلبي خلقه ذلك الخطأ السلوكي في جو
القسم.
* هناك خطأ سلوكي في مقياس الممارس لا يعيه
التلميذ و لا يعيره اهتماما إما لأسباب متعلقة بالبيئة أو التربية أو مقاييس
المقبول و المستحسن و ما يُعاب من تصرفات، و يستحسن هنا الحديث الفردي و التنبيه
الفردي بعيدا عن التشهير أو الاستهزاء.
* الخطأ المتعمّد يكون غالبا رد فعل لتصرّف
ما أو جسّ نبض لفعالية الممارس في قسمه، أو طبع تعوّده التلميذ في دراسته و نشأ
عليه أو في بيئته و ثقافته الاجتماعية. و الخطأ المتعمّد يجب التعامل معه بحزم و
حكمة و معالجة فورية حاسمة تقي من تبعاتٍ تؤثر على توازن القسم في باقي الحصص و
تحمي باقي التلاميذ من الوقوع في أمثاله، و تحبس من قد يتجرّأ على فعلٍ مُماثل. و
إن تأكد الممارس أن هذا الخطأ ناتج عن ردة فعل
فعليه البحث عن الأسباب الخفية و محاولة علاجها حسب ما يتيحه له الزمان و
الجهد و العلاقة مع التلاميذ.
* هناك أخطاء سلوكية تكون انتفاضةً لأوضاع
اجتماعية و مشاكل حياتية يعانيها التلميذ بعيدةً عن القسم و ما يدور فيه و يستحسن
هنا الابتعاد عن الضغط و الانفعال و الاستفزاز و الاقتصار على المعالجة
الضرورية و التعاطي من بعيد.
* قد يقع خطأ سلوكي ناتج عن تصرف طائش
يباغث الممارس في حصته و لا يعرف صاحبه و هنا يجب التبصّر بالطريقة الحكيمة للتصرف
فالانجرار للبحث عن الفعلة عبر الضغط المباشر على باقي التلاميذ، أو محاولة عقاب
الجميع أو الانجرار إلى السب و الشتم في حق الجميع أمور تُفقد الممارس الهيبة، و
تعطي الانطباع على قلّة الحيلة و سوء التدبير و عدم القدرة على التحكم في مجريات
الأحداث كما أن إدخال الإدارة بشكل دائم في هذه المشاكل له أضرار كثيرة.
* إن كثيرا من التصرفات التي يقدم عليها
الممارس تكون حافزاً لبروز سلوكات مشينة من التلاميذ، كما قد تكون وقايةً من كثير
من الأخطاء السلوكية، فشخصية الممارس و طريقة تعامله تلعب كلها أدواراً حاسمة في
هذا الباب، و نكرّر هنا ما أسلفنا الحديث عنه من كون جانب العدل أساس من أسس بناء
العلاقة الصحيحة المتوازنة.
* قد يجد الممارس نفسه في بيئة عمل تنتشر
فيها تصرفات غير مقبولة و أخطاء سلوكية أصبحت أعرافا في تلك المؤسسة أو عند مجموعة
معينة، و هنا لا بد له من خلق أسس جديدة للعلاقة و بناء مقاييس جديدة للتعامل و لو
بشكل تدريجي، و لو عبر سنوات، بحكمة و تبصّر و رويّة و صبر و عزم و دون استسلام، و
لو في محيطه الخاص و مع تلامذة قسمه فقط، و إلا فسيعيش جحيما لا يُطاق و يجد نفسه
غارقاً في أوحال يصعب عليه الخلاص منها.
إنّ كل ما ذكرناه هنا و في غيره من
المقالات، هو إشارات فقط و إظهار فقط لعناوين
متعلّقة بممارسة التدريس و لا ندّعي الإحاطة بجميع
الجوانب و لا إعطاء الوصفات الجاهزة الصالحة لكل وضعية و إنما هي نوافذ نفتحها على
مواضيع نميّزها و نظهرها و نبيّن قيمتها و أهميتها و الله الموفق لما فيه
الخير.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.