الفلسفة والحياة.
عبد الإله العلوي، مؤسسة البحر الأبيض المتوسط إقليم شفشاون
تبدو الفلسفة للوهلة الأولى فاقدة لكل صلة بواقع الناس، وغريبة عن حياتهم الاجتماعية والاقتصادية وانشغالاتهم اليومية، وقد يرجع هذا الأمر إلى طبيعة اللغة الفلسفية التي تبدو بعيدة عن عن متناول فهم عامة الناس، نظراً لما فيها من تخصص وتجريد، هذا الأمر يدعونا إلى التساؤل حول طبيعة العلاقة بين الفلسفة والإنسان العادي؟ ولسبر أغوار هذه العلاقة تدعونا الضرورة العلمية إلى البحث عن الأصل الأول للفلسفة، ففيثاغورس اعتبر نفسه حكيما ولم يقول أنه ممتلك الحكمة وهذا الموقف الفيتاغوري جعل من الخطاب الفلسفي يقوم بمهمة البحث عن الحقيقة، لأن الحقيقة المعطاة والجاهزة ما هي إلا أداة
للهيمنة والتسلط وممارسة الإستبداد المعرفي، والتفكير الفلسفي لم يروم تحقيق هذه الغاية، فالفلسفة لا تسعى إلى امتلاك السلطة والسيطرة بل تهدف إلى البحث عن الاشياء التي لم يتسن للفكر البحث فيها، واعتبر اسبنوزا من خلال تأملاته في الحياة لا في الموت أن اختيار الإنسان الفلسفة هو اختيار انخراط الكائن البشري في الحياة انخراطا واعيا وحرا الذي يمليه العقل، وبالتالي حسب اسبينوزا دائماً فالإنسان الحر هو الذي يقوده العقل في الحياة هو الذي يعيش من أجل الحياة خشية من الموت، وفي السياق نستحضر الأسئلة الكانطية: ماذا يمكن أن أعرف؟ وماذا يجب علي أن أفعل؟ وما المتاح لي أن أمله؟ وأخيراً ما الإنسان؟ فهذه الأسئلة الفلسفية هي مرتبطة أوثق إرتباط بالواقع المعاش للإنسان، فالميتافيزيقا تجيب على السؤال الأول، والأخلاق أو الاتيطيقا اهتمت بالإجابة على السؤال الثاني واللاهوت أي الدين اخد على عاتقه الإجابة عن السؤال الثالث في حين تجيب الأنثروبولوجيا على الأخير. وكل هذه الأسئلة هي أسئلة وجودية معاشة بشكل كبير في اليومي، وسيعتبر كانط أن الفلسفة أو التفلسف لا يمكن أن نتعلمها إلا إذا قمنا بترويض واستخدام عقلنا الخاص استخداما حر بدون توجيه من الآخرين، وهو نفس الموقف الذي دافع عنه ديكارت وبعده كارل ياسبيرز حيث قال هذا الأخير: إن كل من أراد حقا أن يصبح فيلسوفا، فيجب عليه أن يعود إلى ذاته لو مرة واحدة في حياته، وأن يحاول قلب جميع المعارف المسلم بها لحد الآن. بمعنى أن الفلسفة هي ممارسة وجودية معاشة بشكل يومي حيث لا يوجد كائن يندهش من وجوده الخاص باستثناء الإنسان على حد تعبير شبونهاور. مادامت أن الفلسفة هي طرح الأسئلة والاندهاش إتجاه الذات والعالم المحيط بالإنسان بالإضافة إلى الشك في القضايا التي يكتنفها الغموض بهدف ممارسة النقد حولها واكسابها العقلنة أي جعلها أكثر عقلانية، وعموماً فالفلسفة هي حياة تاملية لصيرورة الوجود الإنساني في مختلف أبعاده الديني والاجتماعي والأخلاقي والسياسي والميتافيزيقي.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.