إبداع أدبي تربوي (قصة) بعنوان: مفارقة.
بقلم المصطفى سالمي
جلس خالد وسط صفوف المصلين بجلبابه الأبيض الناصع وقبعته المشرقية الأنيقة. كان خطيب الجمعة يتحدث عن الإخلاص في العمل وأن سر هذا الأمر هو القصد والنية، وركز في ثنايا الخطبة على ظاهرة الغش التي استفحلت في الامتحانات الإشهادية. امتدت نظرات الشاب الخفية إلى أطراف المسجد حيث كانت أعين البعض تغالب النعاس، وربما كانت الحرارة الشديدة قد فعلت مفعولها السحري في هؤلاء من الذين تعودوا على
القيلولة. كان أكثرهم يئن تحت وطأة الساعة الإضافية، إذ يشير مؤشر الساعة إلى الثانية والربع بعد الزوال. كان الشاب يتعجل انتهاء الخطيب لأنه على موعد في الساعة الثالثة مع فرض كتابي محروس في مادة الإسلاميات. لكن الخطيب مازال يستعرض دلالات الحديث النبوي: (من غشنا فليس منا). كان الرجل يركز على مخارج الحروف مبرزا تبرأ النبي من كل غشاش، مؤكدا على ضرورة أن يجعل المؤمن أمره بين يدي خالقه لا بين يدي عملية الغش والاحتيال.
انتهى الخطيب أخيرا، وختم بالدعاء والصلاة على سيد المرسلين. ثم انتظمت صفوف المصلين، وأدى الجميع ركعتين في خشوع ظاهر للعيان. وخرجت جموع الناس. كان الباعة في الخارج يصيحون بأثمنة وجودة سلعهم، وبعضهم لا يتردد في أن يقسم بأغلظ الأيمان على ذلك.
انطلق خالد بسرعة نحو البيت حيث كانت تنتظره وجبة الكسكس. تناول غداءه على عجل، ثم دس في جيوبه أوراقا صغيرة بخطوط كالرموز، وانطلق مهرولا ولسان حاله يقول: "لابد أن أختار أحسن مكان في الفصل حتى أكون بمنأى عن أنظار ورقابة المدرس".
إقرأ كل إبداعات الكاتب المصطفى سالمي
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.