انتماء جبالة بني زروال للوطن.. هو المقصود
بقلم: المصطفى المريزق
واجهني
سيل من السب والشتم والقذف و التشكيك في وطنيتي منذ زيارتي الأخيرة لمسقط
رأسي غفساي و قبيلة أجدادي بني زروال و وتربة أبناء عمومتي جبالة، و هي
الزيارة التي كرمني (ومن معي) خلالها مناضلات و مناضلي جبالة بني زروال
أحسن تكريم عشته في حياتي بعد استقبال سنة 1993 بمناسبة إطلاق سراحي؛ خصوصا
في زمن الدس على الهويات و الخصوصيات المشكلة للوحدة الوطنية و الكونية
الإنسانية.
إن
ما جذب انتباهي في هذه الزيارة، هو وجود إجماع شعبي و جماهيري بين كل
أبناء هذه القبيلة على شيء واحد هو: رفع الحكرة و التهميش عن المنطقة التي
قال عنها يوما ما "ليون الافريقي/ حسن الوزان": "بلاد التين و الزيتون .. و
الفقراء".
و
هذا، في حد ذاته، يكشف واحدا من أهم تفسيرات مساهمة جبالة بني زروال في
الوحدة الوطنية تاريخيا، و التي تقوم على الصبر و التضحية و مواجهة الإقصاء
و التهميش و أحيانا البشاعة الرهيبة التي تمت خلالها العديد من التجاوزات و
تصفيات الحسابات بين فصائل الحركة الوطنية التي حكمت المغرب بعد
الاستقلال.
و
يقودني اليوم هذا الكلام و أنا في منتصف العقد الخامس من عمري، إلى أن
انتمائي لوطني مفخرة لي، و انتمائي للإنسانية جمعاء يمر عبر انتمائي لجبالة
بني زروال الذي أفتخر به أيما افتخار.
و
معذرة إذا كان السياسي الذي يسكن كياني قد أخرج في هذه المرحلة المفصلية
من عمري، إحساسي بالمسؤولية اتجاه من احتضن صرختي الأولى في الوجود، و من
علمني رسم خارطة الوطن و كتابة رسائل الغرام و العزف على العود.
من
هنا فإن أجيالا زروالية عديدة قد مرت من هنا.. و رغم محن التفرقة و الشتات
الذي حل بنا، و عمق الجروح التي كرستها تداعيات الحفاظ على الوحدة - وإن
كان ذلك تم على حساب الهوية- ، فإن أحدا من بنات و أبناء هذا المنطقة
يستطيع نسيان و نكران انتماءه.
نتذكر
في هذه المرحلة التي نتلقى فيها من طرف الخصوم و المرتدين و الفاشلين هجوم
على انتمائنا للوطن و اتهامنا بالحنين للإنقسامية و القبلية، (نتذكر) ما
جاء على لسان ملك البلاد حين قدم الجهوية المتقدمة كثورة حاسمة في مسار
المغرب. فتلك الثورة التي تحدث عنها الملك هي التي نريد إشعال نارها
الهادئة.. و تلك الثروة التي تساءل عنها الملك بمناسبة خطاب الذكرى ال15
لعيد العرش هي التي نطالب بكشف الحقيقة عنها. و هو الخطاب/ السابقة في
تاريخ الملوك المتعاقبين على المغرب.
إن
مطالبة جبالة بني زروال اليوم بالحق في الثروة، يأتي في سياق المطالبة
بتنزيل دعائم و قواعد الجهوية المتقدمة على قاعدة الاستفادة الجماعية من
الثروة، و على أسس مقاومة كل مظاهر الفقر و الهشاشة و الاستبعاد الاجتماعي و
الفوارق الاجتماعية.
أما
اتهامنا بالانفصالية و غير ذلك من التهم الحقيرة و الرخيصة، فلن تزيد إلا
من تأجيج حرقتنا و عدالة قضيتنا/ قضية جبالة بني زروال و سكانها الذين
يعيشون في القرون الوسطى كما وصف حالتهم آنذاك "ليون الإفريقي/ حسن
الوزان".
إن
من يقارب بين واقعنا وواقعه، يكشف أن الفارق سيكون حاسما بيننا و بين
الآخرين. لهذا فإن نهضتنا إشراقة وطنية تعزز انتماءنا المشترك للوطن
بخصوصياته الحضارية و الجغرافية و الثقافية، و آلية من آليات الترافع
المواطن للإحتفاء بقدرتنا على التغيير و الانتساب للمستقبل.
لبعض هذه الأسباب، و لأسباب أخرى.. لا أعتقد أن هناك طائر لا يعشق عشه!
و
لا أعتقد أن أحدا في جيلنا السياسي لا يعرف جبالة بني زروال، بعضنا يعرفهم
من خلال تاريخ الوطن المشترك، و بعضنا يعرفهم لأنهم فصلا من فصول مسار
حضاري غني بخصوصياته الإنسانية و الثقافية.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.