إبداع أدبي تربوي (قصة) بعنوان: جلسة تربوية
المصطفى سالمي
كان السيد المدير يتوسط المائدة المستديرة التي يتداول في إطارها طاقم المؤسسة ـ من مدرسين وإداريين ـ قرارات التوجيه والتكرار والفصل وما إلى ذلك.. ذكّر رئيس المؤسسة بمعدل النجاح الذي هو تسعة ونصف على عشرين، وأشار إلى أن النسبة المئوية لم تتعد ثمانية وخمسين بالمائة. كانت حالات الرسوب والفصل يتكرر صداها في القاعة الفسيحة. تداول بعض الأساتذة بكلام هامس كيف كان التوجه الوزاري ـ إلى عهد قريب ـ يتحدث عن مدرسة النجاح،
كان معدل الانتقال في السنوات غير الإشهادية ـ وقتئذ ـ ينخفض إلى ستة على عشرين في السلك الإعدادي وثلاثة على عشرة في السلك الابتدائي. اليوم يراد تكريس توجه جديد مفاده أن عتبة النجاح ستصبح هي تمام المعدل ولا شيء سواه. أراد المسؤولون في السابق تبني استراتيجية النجاح للجميع، وسموها: "مدرسة النجاح"، وشجعوا على هذا التوجه ودافعوا عنه وتباهوا بقراراتهم بدعوى وزعم محاربة الهدر المدرسي، وتحدثوا عن خطة استعجالية، واستمر مريضهم في قاعة الإنعاش لمدة ليست باليسيرة. وفجأة قرروا بقدة قادر ممارسة ما سموه إصلاحا، وكأنهم تأكدوا من تعافي مريضهم واجتيازه بسلام لفترة النقاهة، وأنه مؤهل ليجتاز الاختبار ويحصل على المعدل كاملا غير منقوص، وأنه لم يعد يشكو أية أعراض.. وكأنه لم يعش في عوالم الغش والاحتيال، وكأنه لم يدرس في فصول مكتظة متعددة المستويات في المراحل الابتدائية بالعوالم النائية، حيث لا يجيد التلميذ حتى نطق الحروف وكتابة اسمه بشكل سليم.
انتبه المدرسون للسيد المدير وهو يردد المثل المغربي الشعبي: "من أعطاك حبلا، كتّفه به"، وفعلا فمسؤولو هذه البلاد يظهر أنهم يتخبطون في اتخاذ قرارات ستكبلهم مستقبلا لا محالة، أو تكبل شعبا بأكمله، استراتيجيات بعضها يضرب في بعض، أعلاها يناقض أدناها، وكل يغني على ليلاه. وتذكر أحد المدرسين حكاية صاحب الضيعة الذي أرسل ابنته الطرشاء لترسل الغذاء للراعي الأطرش هو بدوره، فقالت البنت للراعي: إنهم يريدون تزويجي بك، فرد عليها الراعي: الأغنام تدخل بحساب وتخرج بحساب، ولا أقبل أية اتهامات. إنه حوار الطرشان يا سادة. من هذا المنطق تم تسويق بيداغوجيا الأهداف ثم الكفايات والإدماج ثم المشروع وربما العودة للأهداف...مثل الحديث عن المغربة والتعريب والمجانية، ثم تمر السنون فيصبح التعريب فرنسة والمجانية خصخصة والمغربة سلطة..
تنتهي الجلسة بتوجيه شكلي للناجحين، ذلك أن خطا وعتبة يجعلان حضور المدرسين غير ذي معنى، إنهم مجرد شهود على أشياء وعلى قرارات ليسوا طرفا فيها، إنهم مثل شاهد لم يشاهد شيئا حسب مسرحية فكاهية عربية. قاموا بتوقيع المحاضر كمن أملي عليه محضر الجريمة التي ليس هو طرفا فيها، وإن لم يوقع ببصمته فوجبة الصفع والركل والرفس تنتظره.
انتهت مجالس الأقسام، وبدأ التفكير الداخلي لما هو قادم في الموسم الموالي، في بنية قاسية تنتظر الإداريين، وفي اكتظاظ ينتظر المدرسين، وستتكرر الشكوى والأنين، في انتظار عطل يجد فيها الجميع متنفسا إلى حين.
كان السيد المدير يتوسط المائدة المستديرة التي يتداول في إطارها طاقم المؤسسة ـ من مدرسين وإداريين ـ قرارات التوجيه والتكرار والفصل وما إلى ذلك.. ذكّر رئيس المؤسسة بمعدل النجاح الذي هو تسعة ونصف على عشرين، وأشار إلى أن النسبة المئوية لم تتعد ثمانية وخمسين بالمائة. كانت حالات الرسوب والفصل يتكرر صداها في القاعة الفسيحة. تداول بعض الأساتذة بكلام هامس كيف كان التوجه الوزاري ـ إلى عهد قريب ـ يتحدث عن مدرسة النجاح،
كان معدل الانتقال في السنوات غير الإشهادية ـ وقتئذ ـ ينخفض إلى ستة على عشرين في السلك الإعدادي وثلاثة على عشرة في السلك الابتدائي. اليوم يراد تكريس توجه جديد مفاده أن عتبة النجاح ستصبح هي تمام المعدل ولا شيء سواه. أراد المسؤولون في السابق تبني استراتيجية النجاح للجميع، وسموها: "مدرسة النجاح"، وشجعوا على هذا التوجه ودافعوا عنه وتباهوا بقراراتهم بدعوى وزعم محاربة الهدر المدرسي، وتحدثوا عن خطة استعجالية، واستمر مريضهم في قاعة الإنعاش لمدة ليست باليسيرة. وفجأة قرروا بقدة قادر ممارسة ما سموه إصلاحا، وكأنهم تأكدوا من تعافي مريضهم واجتيازه بسلام لفترة النقاهة، وأنه مؤهل ليجتاز الاختبار ويحصل على المعدل كاملا غير منقوص، وأنه لم يعد يشكو أية أعراض.. وكأنه لم يعش في عوالم الغش والاحتيال، وكأنه لم يدرس في فصول مكتظة متعددة المستويات في المراحل الابتدائية بالعوالم النائية، حيث لا يجيد التلميذ حتى نطق الحروف وكتابة اسمه بشكل سليم.
انتبه المدرسون للسيد المدير وهو يردد المثل المغربي الشعبي: "من أعطاك حبلا، كتّفه به"، وفعلا فمسؤولو هذه البلاد يظهر أنهم يتخبطون في اتخاذ قرارات ستكبلهم مستقبلا لا محالة، أو تكبل شعبا بأكمله، استراتيجيات بعضها يضرب في بعض، أعلاها يناقض أدناها، وكل يغني على ليلاه. وتذكر أحد المدرسين حكاية صاحب الضيعة الذي أرسل ابنته الطرشاء لترسل الغذاء للراعي الأطرش هو بدوره، فقالت البنت للراعي: إنهم يريدون تزويجي بك، فرد عليها الراعي: الأغنام تدخل بحساب وتخرج بحساب، ولا أقبل أية اتهامات. إنه حوار الطرشان يا سادة. من هذا المنطق تم تسويق بيداغوجيا الأهداف ثم الكفايات والإدماج ثم المشروع وربما العودة للأهداف...مثل الحديث عن المغربة والتعريب والمجانية، ثم تمر السنون فيصبح التعريب فرنسة والمجانية خصخصة والمغربة سلطة..
تنتهي الجلسة بتوجيه شكلي للناجحين، ذلك أن خطا وعتبة يجعلان حضور المدرسين غير ذي معنى، إنهم مجرد شهود على أشياء وعلى قرارات ليسوا طرفا فيها، إنهم مثل شاهد لم يشاهد شيئا حسب مسرحية فكاهية عربية. قاموا بتوقيع المحاضر كمن أملي عليه محضر الجريمة التي ليس هو طرفا فيها، وإن لم يوقع ببصمته فوجبة الصفع والركل والرفس تنتظره.
انتهت مجالس الأقسام، وبدأ التفكير الداخلي لما هو قادم في الموسم الموالي، في بنية قاسية تنتظر الإداريين، وفي اكتظاظ ينتظر المدرسين، وستتكرر الشكوى والأنين، في انتظار عطل يجد فيها الجميع متنفسا إلى حين.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.