الطاحونة والمفهوم الجديد للسلطة
مقال للدكتور عبد الوهاب الأزدي
من
منا لا يتذكر بائعة البغرير التي صارت علما من نار بعدما التهمتها نار كانت بردا
وسلاما على دعاة المفهوم الجديد للسلطة. النار أكلت جسدا أضناه ظلم وجور السلطة .
ونور النار اختار الهرب إلى عل حيث ملكوت السموات والأرض . نور رجع إلى أصله كما
نفهم من كتاب مشكاة الأنوار للغزالي. والآن، تأتي ماكينة النفايات بالحسيمة لتطحن
مواطنا مغربيا، مسجلة أبشع صور القهر والظلم والبغي. والحادثان
معا يعيدان من جديد المفهوم الجديد للسلطة الذي تم إطلاقه في خطاب العرش لسنة 2000
إلى الآن. تاريخ من تعسفات الإدارة الترابية بلغت ذروتها مع القائد عربان الذي
استجاب لدعوة امرأة الدروة، وقائد اعميرة الذي سلط الأضواء على منصة شتوكية
انتخابوية ، و" مي فتيحة" التي أحرقت مناهضي " الفساد
والاستبداد" قبل أن تحرق نفسها، وصولا إلى محسن فكري، ضحية آخر سلسلة من
الفساد يمتد من قاع البحر ليرسو على موانئ بحرين فسيحين. بحران عميقان بعمق أحزان
وآلام هذا الوطن. بحران لا يليقان إلا لابتلاع الحالمين بالعيش الكريم، ومن قدر له
اكتساب المعاش منه . وكم من قمامة معدة لأجيال الحالمين بالكرامة وبالحرية. والنتيجة واحدة من كل هذا: تجديد أساليب التحكم
ومخزنة الدولة. بدليل أن الحديث عن الحداثة أو عن العقلانية، أو ممارسة سياسة
القرب، أو ترسيخ دولة الحق والقانون، أو تحديث أساليب الإدارة، أو إعادة الاعتبار
للتضامن ألمجالي والاجتماعي، أو تفعيل دور المجتمع المدني، أو تحفيز الاستثمار،
وهي بالمناسبة ركائز المفهوم الجديد للسلطة، تمت الدعوة إليها من داخل إدارة
محافظة وتقليدية تجعل من الفرد والمجتمع في خدمة الدولة وليس العكس. لقد توفق
الاستبداد في الطغيان، وطور من مجالات وآليات تسلطه السياسية والاقتصادية
والإعلامية. وللفساد بنيات دفاعية قوية تفوق دفاع خلايا النحل. والريع من الاقتصاد
إلى البرلمان، صار مؤسسة تخدم أصحابها، لا مؤسسة تخدم المجتمع. والسواد الأعظم من
الشعب يتجرع ظلم البغرير وظلم سمك " أبو سيف" دفعة واحدة. وأنا أنتظر دوري على طوابير بائعة البغرير وبائع سمك
"أبو سيف". رحماك يا محسن..رحماك يا وطني...
الدكتور عبد الوهاب الأزدي ـ مراكش
elazadi_abdelouahab @yahoo. Fr
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.