أزمة المدارس العمومية بالمغرب مدرسة عين اكبير بزومي إقليم وزان نموذجا
محمد بلقايد الهواري
إن المتأمل في واقع المنظومة التعليمية بالمغرب ليستغرب، وباندهاش شديد، قدر التباين الكبير الحاصل بين مستوى الخطاب الرسمي الداعي إلى الجودة و"مدرسة النجاح" وبين الواقع المرير الذي يستأسد في صفع المواطن كلما حاول التفكير بهمِّ هذا الميدان البالغ الأهمية.. ذو الدور الشديد الحيوية في نهضة الأوطان.. وليسمح لي القارئ الكريم أن أنطلق من نموذج من الواقع كي لا يكون كلامنا محض افتراء أو تحصيل حاصل..
في قلب مدشر عين اكبيرجماعة زومي إقليم وزان تستقر المدرسة عين اكبير"،وهي مدرسة تضم العديد من المدارسي ترتسم على معالمها في المنظر الأمامي صورة رائعة – تعبر بحق عن واقع المنظومة التعليمية بالمغرب –تتجسد في بناية بهندسة معمارية عصرية وبدون فضاء أخضر يؤثث منظرا جميلا.. لكن وكما يقول المثل العامي "ألمزوق من برا شخبرك من داخل .." ..
هؤلاء الذين يتم تسجيلهم من فلذات أكباد المواطنين، والذين يرتجى منهم العالم والمهندس والفنان.. لا ينبغي أن نستغرب إذا تحولوا إلى العاطل والمتسول و المهرج.. وذلك بكل بساطة لما يعانيه التلاميذ في هذه المؤسسة "التعليمية".. من إهمال يطال أبسط التجهيزات.. حيث تخال نفسك ب"لافيراي سباتة" وليس بمؤسسة تعليمية.. مقاعد مهترئة ومكسرة يستعمل التلاميذ - حسب رواية بعضهم- الكتب والمحافظ فوق هيكلها الحديدي بدل الخشب.. وأقسام صفيحية.. نعم صفيحية، ربما الدولة تحارب أحياء الصفيح والقصدير..لكنها ربما لا تهتم للحجرات الدراسية بهده المدرسة ..
صور صادمة لواقع مرير.. تدفع إلى التساؤل بكل حيرة: إذا كان الجواب البغيض الذي نتلقاه بصدد تجهيز المدارس بالعالم القروي يتحجج خاطئاً بالبعد الجغرافي وتشتت الساكنة على الدواوير المتفرقة.. فماذا عن هذه المؤسسة يبدو أنه لامجال للتساؤل.. فالجميع من قائمين على أمور التعليم بالمغرب، أو غيرهم يعلمون أننا في زمن الآيفون والآيباد والسمارتفون والفيسبوك والتويتر... لا يمكن لأي شيء أن يغطى أو يتم تجميل واجهاته فقط والعمل بقاعدة "كم حاجة قضيناها بتركها"وربما حتى قاعدة "زوق تبيع.. وتهلا في الفيترينة.."
ويبدو أن الحناجر ستصاب بالورم من شدة الحنق والغصص التي يصعب ابتلاعها كلما نظر الإنسان إلى أحوال التعليم في هذا البلد السعيد
ومرة أخرى نصرخ.. إلى متى؟ إلى متى هذا الاستهتار بالميادين الأكثر حيوية بالوطن؟ كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟ كيف لمن يرى الفساد يستشري على أعين الأشهاد ولا يرى له رادعا؟ أليس لهذه المؤسسات مسؤولين؟ أين هؤلاء المسؤولين؟ أين ضمائرهم إذا لم يكن هناك من يستخدم القانون لردعهم؟ هل قدمت الدولة استقالتها؟ مالذي يجعلنا نصرخ كلما التفتنا إلى أي ميدان؟ ألا يمكن أن نجد يوما ما، ميدانا ما، في هذا البلد السعيد، لا يصفعنا واقعه المريض؟ هل قدر هذا البلد المعاناة؟ كيف لا نتشاءم؟ ونحن نكره أشد ما نكره التشاؤم؟ قد يجيب البعض بأن الأمور ليست بهذه الصورة السوداوية.. نقول نعم لكن السواد هنا ليس مناطه الواقع المعيش فقط.. بل المستقبل المستشرف.. ففي ظل استشراء الفساد.. وموت الضمائر.. وعجز المخططات الارتجالية الأحادية والشكلية.. وانعدام حس المسؤولية.. وتردي الواقع التربوي باعتراف رجال التعليم أنفسهم.. أي مستقبل سنستشرفه؟.. إننا حينما نطرح هذه التساؤلات نؤكد أننا لا نسعى للتعجيز.. ولا نتهم أحدا بعينه.. لكننا نسائل الجميع..
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.