حالة عدم مطابقة
نقط المراقبة التربوية بين أوراق التلاميذ وبرنامج مسار: الأسباب والحلول
نعمان الفاضل
لا شك أن المنظومة التربوية المغربية قد بلورت جملة من التدابير الخاصة
بتقويم كفايات المعلمين لمعرفة مدى تحققها من عدمه، فجعلت من التقويم
التربوي أساس هذه العملية حيث أصدرت الوزارة الوصية على القطاع مجموعة من
المذكرات الخاصة بالتقويم بمختلف الأسلاك والتخصصات.
وتندرج الحالة التي نحن في صدد معالجتها الآن ضمن أخلاقيات المهنة،
وبالضبط في إطار واجبات الموظف ومهامه، حيث تعالج مشكلة تربوية تتمثل في
عدم مطابقة نقط المراقبة المستمرة للنقطة المدرجة على برنامج مسار، ما
يدفعنا للتساؤل عن طبيعة هذا المشكل والأسباب التي تقف
وراءه وكذا الإجراءات المتخذة في هذا الشأن مع تقديم بعض الاقتراحات التي
من شأنها أن تعتبر بمثابة حلول لهذه المعضلة. فما طبيعة هذا المشكل؟ وما هي
الأسباب التي تقف وراء عدم مطابقة نقط فروض التلاميذ للنقط المدرجة على
برنامج مسار؟ وماهي الإجراءات والتدابير المتخذة
في هذا الشأن والحلول الممكنة له؟
يأتي هذا المشكل في سياق المشاكل المرتبطة بالتقويم في التعليم المدرسي.
فماذا نعني بالتقويم؟ يفيد التقويم لغة معاني الحكم والقيمة والتعديل
والتصويب...أما في السياق التربوي، فهو عملية منظمة تهدف الى تحديد مدى
تحقق الكفايات المحددة للعملية التعليمية التعلمية،
حيث يتنوع بتنوع مجالات عمله، فهو تشخيصي حين يفيد معرفة المكتسبات
القبلية للمتعلمين ويكشف عن مواطن الخلل في تحصيلهم. وهو تكويني حين يصاغ
كإجراء عملي يتخلل عملية التدريس بغرض توجيه تحصيل المتعلمين في الاتجاه
الصحيح وتحديد مواطن القوة لتعزيزها ومواطن الضعف لمعالجتها.
وهو في الأخير تقويم إجمالي يتم في نهاية حصة دراسية أو فترة دراسية أو
سنة دراسية، ويهدف هذا النوع من التقويم على تحديد النتائج الفعلية لعملية
التعلم ومقارنتها بالأهداف والكفايات المتوخاة، حيث يتم بوضع تقديرات كمية
ونوعية من أجل الحكم على مستوى المتعلمين وبالتالي
اخاذ القرارات المناسبة بشأن تحصيلهم أو انتقالهم إلى مستوى أرقى. ومن
حوامل هذا النوع من التقويم نجد المراقبة المستمرة التي تعتبر جزءا من
المشكلة التي نحن بصدد مناقشتها الآن. فماذا نقصد بالمراقبة المستمرة؟
تعد المراقبة المستمرة مفهوما حديثا في منظومتنا التربوية، وهي ألق
بالتقويم التكويني من أي أنواع التقويم الأخرى لمصاحبتها للعملية التعليمية
التعلمية في كل مراحلها، كما يمكن تعريفها حسب ما رسمته لها المرجعيات
البيداغوجية الحديثة بأنها: إجراء عملي يهدف إلى تتبع
مدى تنمية الكفايات المستهدفة لدى التلاميذ ورصد تعثراتهم قصد استدراكها.
وعلاقة المراقبة المستمرة بالتقويم التربوي يمكن إجمالها في مسألتين: فهي
من جهة، جزء من لا يتجزأ من التقويم التربوي ووسيلة من وسائل تحقيقه، وهي
من جهة أخرى، وسيلة لتقويم مسار التعليم والتعلم.
وهكذا، ولتسهيل عملية التقويم ومسك نقط المراقبة المستمرة وفي إطار
الاستفادة من تقنيات التواصل الحديثة، تم إحداث برنامج مسار. فما طبيعة هذا
البرنامج؟ وما الغاية منه؟
تعتبر منظومة مسار، منظومة معلوماتية أحدثتها وزارة التربية الوطنية
بالمغرب لتدبير نقط التلاميذ بدل الشكل التقليدي التذي كانت تعمل به.
ويندرج استعمال هذا البرنامج حسب الوزارة الوصية في إطار ادماج تكنولوجيا
المعلوميات والاتصالات في المنظومة التربوية، وتطوير آليات
وأساليب عمل الإدارة التربوية وتعزيز دور الحكامة في النظام التربوي،
وضمان مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين من خلال التتبع
الفردي لكل تلميذ وتلميذة، سواء من طرف الأستاذ أو آبائهم وأمهاتهم.
بيد أن الاشتغال على برنامج مسار لا يخلو من بعض المزالق والهفوات التي من
شأنها أن تحدث بعض المشاكل المرتبطة بنقط التلاميذ كالمشكل الذي بين
أيدينا الذي تتعدد أسباب حدوثه. فما هي هذه الأسباب؟
يمكن
جرد عدة عوامل تقف وراء هذا المشكل سنحاول تجديدها من جانبين، الأول ذاتي
والثاني موضوعي. بالنسبة للجانب الذاتي تحضر أسباب كثيرة من بينها:
- عدم تمكن المكلف بإدخال النقط بالبرنامج من تكنولوجيا المعلوميات
- تعاطف المكلف بإدخال النقط أو حقده على بعض التلاميذ مما ينعكس سلبا على شفافية ونزاهة العملية.
- ضياع أوراق التحرير أو إتلافها ما يجعل المكلف بإدراج النقط يدرج نقطا لا تعكس نقط التلاميذ الحقيقية.
أما
على المستوى الموضوعي، يمكن أن نذكر بعض الأسباب كالآتي:
- عدم حفظ البرنامج للنقط المضمنة من طرف المكلف بالإدخال.
- قرصنة البرنامج من طرف مجهول وتغيير النقط الحقيقية.
- يساهم الضغط الحاصل على النت في عدم تسجيل بعض النقط وتأكيدها.
- عدم ضم نسخة غير مرتبطة بالنت على جميع نوافذ النسخة بالنت.
- قد يحدث أن يتم مسك النقط في أوف لاين وبعد القيام بعملية التحديث تغير بعض النقط أو تختفي.
وهكذا، فقد تتداخل مجموعة من العوامل والأسباب في هذا المشكل سواء على المستوى
الذاتي أو الموضوعي، غير أن السبب الموضوعي أقل تأثيرا إذ يمكن تدارك
الأمر من طرف المعنيين بالأمر بعكس العامل الذاتي الذي يتمحور حول نزاهة
الشخص المكلف بهذه العملية حيث ينبغي
عليه في المسائل المتعلقة بمستويات الآخرين أن يكون أمينا ومتحليا
بأخلاقيات المهنة ومحترما لواجباته تجاه المتعلمين، وأن يتصف بالعدل
والنزاهة، مؤمنا بمبدأ تكافؤ الفرص ومحترما لموقعه تجاه واجبه المقدس،
وواعيا بقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ومستوعبا للإجراءات
المتخذة في شأن كل من يخرج عن القوانين الصادرة في هذا الشأن. فما هي هذه
الإجراءات؟
في هذه الحالة، يقوم المستفسر عن الخلل في عدم المطابقة بين نقط المراقبة
المستمرة والنقط المدرجة على برنامج مسار بعد تعذر حصوله عن إجابة من لدن
المعني بالأمر بمراسلة المدير الإقليمي الذي يوفد لجنة خاصة لمعرفة طبيعة
المشكل والمتدخلين فيه حيث يعاقب المسؤول عن
ذلك طبقا للقوانين الجاري بها العمل والمنصوص عليها ميثاق المهنة.
وفي
الأخير، يمكن أن نقدم بعض الاقتراحات علها تكون حلولا ممكنة لهذه المشكلة نجملها في الآتي:
- أن يعمل المبرمجون على وضع رسالة بأن البيانات المستوردة قد تم تحميلها بنجاح، وأن تترك للمكلف حرية تغييرها أو التراجع عنها.
- أن يتم الاحتفاظ بالنسخ الورقية كحل ثاني للمشاكل المتعلقة بالبرنامج.
- أن يسلم الرقم السري لمدير المؤسسة وللأستاذ معا للحفاظ على نزاهة وشفافية العملية وضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.