قصة من رحم المعاناة !
نجلاء مسكين
أمامهم بقامتها الممشوقة كامرأة ريفية حسناء .. ذات يوم حلقت طائرة في سماء ساحة المدرسة فصرخ الصغار فرحين مندهشين: " أستاذة أستاذة كاميو طاير في السما !!!"" .. تأثرت كثيرا و قررت أن أخصص درسا لوسائل النقل و انطلقت من نص قرائي أذكره جيدا كان عنوانه " الباخرة" حاولت تقريب الصورة رغم غياب الكهرباء و الماء و "الريزو" و المكتبة... و افتقار الإدارة لأبسط وسائل الإيضاح..المهم أنني نجحت في رسم حلم جميل في أذهانهم عن الباخرة و البحر و القطار ...
في اليوم الموالي دخلت القسم مسرورة بإنجازي العظيم و كأني أنا من صنع تلك الباخرة ههه..فتحت القراءة حتى يتعرف " وليداتي" على نصهم الجديد ..قرأت العنوان بصوت مرتفع : " فواكه البحر " .. صمت مميت خيم على حجرة الدرس البئيسة ..ويل لهذا البحر الذي يتعقب عزيمتي تارة مع الباخرة و تارة أخرى مع الفاكهة ..تحديت الموقف بذكاء كنت أعتقد أني أتصف به ..جلبت من المنزل تفاحة حتى أشرح كلمة فواكه لأني تفاجأت أنهم لا يعرفونها ..سألتهم بثقة عالية في النفس: ما هذه !!! .. "أستاذة أستاذة أستاذة" يا الله و أخيرا شارك تلاميذي يا لفرحتي و أخيرا سمعت منهم اعترافا صريحا أني أستاذة .. طلبت من أحدهم الإجابة فقال : هذه بطاطا ....... لا أنكر أني بكيت حينها أمامهم بصوت مرتفع ليس لصعوبة مهمتي بل لتلك العزلة القاهرة التي تعيشها تلك البراءة المهمشة .. كيف يطالبونهم بقراءة فواكه البحر و هم لا يعرفون فواكه الأرض كيف يدعون أنهم يسعون لفك العزلة عن المناطق النائية و هم يزيدون الطين بلة ببرامجهم الهادمة و بسمومهم التي يدسونها في عقولهم الطازجة .. لكم الله يا أطفال وطني .. و لنا الله و صبر أيوب ...
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.