قراءة في قصة ( عيادة ) للقاص صالح جبار خلفاوي المنشورة في المجموعة القصصية المشتركة (بوح النواعير )
الناقد / طالب الدراجي
(عيادة) صالح جبار خلفاوي
في هذه القصة القصيرة يبدع القاص في سبر أغوار الشخصية حيث أنه تسلل إلى ضميرها وأنصت إلى وساوسها ليس بصفته الشخصية كمؤلف ؟، لكنه كان الراوي الضمني في هذه القصة القصيرة الذي يعادل بين الراوي وبين الشخصية من خلال
تنويع وجهات النظر كـ التبئير مثلا أو إقصاء السلطة الفوقية للراوي العليم ، بتحويل
النص إلى خلية من بؤر عدة بدلا من تجذير المركزية الواحدة للموضوع .
(( من وشى بي ؟ ، ظن أنه يحلم ، أو كابوس يراوده ، طيف صديقته يتسرب إليه
متموجا باسترخاء ، ربما ، لا يمكن ، عانى من زمن لا يتفق مع اهتماماته )) ربما هنا وحدها كافية في هذه القصة لتكون أداة تجرد للمؤلف تمنحه براءة سردية من تدخل المؤلف في ضمير الشخصية وهذا أن عدَّ فهو أحلال المجرد محل المجسد (من مجازات شتراوس المفضلة) مجاورة المعاني ومعادلتها أو الشيء المتصف بها ، أي أن عبارة في القصة مثل هذي (( كان قد وضع رأسه المدهون بعطر النعاع بين نهديها )) تحمل معان يستطيع القارئ أن يدرك أي رأس هذا متيم بالشهوات متخم بشبق النساء ، حيث لا معنى لتفسير العبارة بشكلها اللغوي وهذا ما تتبناه البنيوية ، عندما يكون ادراك المعنى في عبارة مقروءة يتطلب مجاورة أخرى غير اللغة تنحصر في المعنى وتأويله ، لقد خرج القاص الخلفاوي من ماديات السرد الى مجرداته من حسّيات ذاتية تتفاعل داخل الشخصية ، حيث أن الماديات السردية تتناول الحدث من قول إلى فعل أو من صفة إلى موصوفة ، بينما نجد التجرد في السردية من الماديات يحيل إلى اضطرابات الضمير - النفس - الفكر - وباقي المحسوسات الوجدانية الذاتية ، فلا يلزم الشخصية هنا تتابعية الوقائع ، إذ جاز له أن يضع آراؤه وأحاسيسه اثناء جريان السرد
لهدف أيسر ما فيه هو بعث القارئ على التفكير مع الشخصية من قبل الراوي وأسلوبه وتقنية السرد التي اعتمدها في هذه القصة ،حقيقة أن هذه القصة هي سيدة القصص في هذا المنجز بل هي قلب المجموعة وأمها .
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.