كيف يقود المدير التربوي التغيير بالمؤسسة التعليمية ؟

الإدارة June 14, 2017 June 14, 2017
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 كيف يقود المدير التربوي التغيير بالمؤسسة التعليمية ؟

 كيف يقود المدير التربوي التغيير بالمؤسسة التعليمية ؟


إعداد: ادريس مهيم

إن المدير كقائد للمؤسسة التعليمية، والممثل الرسمي لها، مطالب بإحداث تغيير إيجابي لما يخدم أهداف المؤسسة التعليمية تحقيقا للجودة الشاملة  في منتوجها الذي هو مواطن ومواطنة الغد، علاوة على السهر الجاد على توفير الجو الملائم لممارسة التعليم والتعلم، حفاظا على سلامة العاملين والمرتفقين للمؤسسة التعليمية، والتغيير هو خطة إيجابية لتطوير أداء المؤسسة وتحسينه،
ونقلها من مرحلة قائمة إلى مرحلة أحسن مرجوة وأكثر فعالية ونجاحا وملاءمة لتغيرات البيئة والحياة المستمرة، لأن المؤسسة بصفة عامة والجهاز الإداري  على وجه الخصوص، يجب ألا يظل جامدا حتى لا يضطر إلى التغيير الاجباري والغير المرغوب، من هنا نلح على ضرورة وحتمية التغيير لتحقيق القيادة، وفق سيرورة وتخطيط مسبق من طرف القائد، ضمن فريق متحمس للتغيير، قصد الانتقال بالمؤسسة التعليمية عبر سلسلة من المراحل والخطوات التطويرية نحو الوضع المنشود الذي تأمل الوصول إليه مستقبلا، كما أن التغيير عملية شمولية يجب أن تعالج المؤسسة في شموليتها.
إن التغيير أنواع كثيرة منها:
·                   التغيير الجذري الشامل: وهو تغيير يشمل كل جوانب المؤسسة التعليمية دون حصر أو استثناء، كما أنه تغيير جذري راديكالي، حيث يمس صلب أساسيات المؤسسة، التي تصبح مختلفة تماما في نهاية المشروع التغييري، وما يميز هذا النوع من التغيير هو كونه يخطط له بدقة ويتطلب نفسا طويلا.
·                   التغيير الجزئي التدريجي: هذا النوع عكس الأول، إذ لا يتناول المؤسسة بكاملها، بل يتجه نحو جانب واحد فقط أو عدد محدود من الجوانب، الذي تعاني فيه المؤسسة ضعفا كبيرا حسب الأولوية، وهذا النوع لا يتم دفعة واحدة بل تدريجيا وعلى قفزات.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل التغيير ضرورة أم اختيار؟
إن طبيعة المؤسسة التعليمية كمؤسسة اجتماعية، نابضة بالحياة نتيجة تفاعلات الموارد البشرية العاملة بها، علاوة على تفاعلها مع المحيط؛  إذ كل مؤسسة ابنة محيطها؛ كل هذا يجعل من التغيير ضرورة ملحة وسيرورة للأسباب التالية:
1-               الحفاظ على الحيوية الفاعلة: إن الاستقرار والثبات  الممتد لمدة طويلة من الزمن، يؤدي إلى تزكية روح الملل والرتابة واللامبالاة والسلبية، مما يجعل التغيير ضرورة لانتعاش الآمال وسيادة روح التفاؤل لغد أفضل ، وتشجيع المبادرات والحماس والمشاركة الإيجابية.
2-               تنمية القدرة على الابتكار: التغيير يحتاج إلى جهد كبير للتعامل معه، سواء التعامل الإيجابي بالتكيف والقبول أو التعامل السلبي بالرفض والمقاومة والممانعة، وكلا النوعين يتطلب إيجاد وسائل مبتكرة للإقناع والدفاع عن الموقف، وهذا يكون التغيير يساهم في القدرة على الابتكار والتفكير.
3-               إثارة الرغبة في التطوير والتحسين والارتقاء: يعمل التغيير على تفجير الطاقات وإثارة الرغبات وتنمية الدوافع والحوافز، نحو الارتقاء بالمؤسسة والتقدم وتحسين الأوضاع من خلال عمليات الإصلاح والمعالجة لنقاط الضعف وتعزيز نقط القوة للوضع الحالي.
4-               تحقيق الجودة الشاملة: من خلال التقويم التطويري الذي يسبق كل تغيير تطويري مخطط له، يهدف إلى التطوير الشامل وتجويد التعلمات والخدمات بالمؤسسة التعليمية، وتنمية روح التعاون والانتماء للفريق.
من خلال الأسباب السابقة وغيرها، يتضح بجلاء أهمية التغير كدينامية مستمرة تروم تحقيق الجودة والنهوض بأوضاع المؤسسة التعليمية، وتصالحها مع المحيط، يجد المدير نفسه مطالبا بإحداث التغيير، والوعي بأهميته وهذا لن يتأتى إلا باكتساب المهارات والكفايات التالية:
1.   القدرة على التخطيط و التشخيص: لأن التغيير عملية مخطط لها وليس عملية اعتباطية، وحركة منظمة تتجه إلى غاية مرجوة وأهداف محددة بدقة، وتقدير الحاجة للتغيير من خلال تحديد الفجوة الفاصلة بين موقع المؤسسة الآن وبين ما تريد تحقيقه بعد التغيير.
2.   الواقعية: أن ينطلق المدير من واقع المؤسسة وإمكاناتها المادية والبشرية، حتى لا يكون مشروعه حالما، وكذلك مراعاة المستوى السوسيوثقافي والاقتصادي للمحيط.
3.    الفاعلية: وذلك بالدراسة لإمكانات الموارد البشرية للمؤسسة ولكافة المتدخلين، ويكون المدير قادرا على التأثير في الآخرين وتوجيههم للانخراط الفاعل والفعال في قيادة التغيير، وحفزهم وإقناعهم بالمشاركة الايجابية عن وعي، وتفاعل تطوعي للنهوض بأوضاع المؤسسة.
4.   المشروعية: يجب أن يحرص المدير على أن يكون التغيير ضمن الشرعية القانونية والتشريعية و الأخلاقية، حتى لا تتعارض اتجاهات التغيير مع القوانين القائمة، مما يجعل المدير فريسة سهلة للمقاومين للتغيير.
5.   القدرة على التطوير و الابتكار: يجب أن يسعى المدير من خلال التغيير نحو إصلاح ما هو قائم من عيوب ومعالجة ما هو موجود من اختلالات بابتكار طرق تطويرية من أجل الارتقاء والتقدم، بعيدا عن النمطية.
6.   القدرة على التكيف السريع مع الأحداث: يجب على المدير قائد التغيير أن تكون له خطط بديلة للمستجدات والطوارئ والتحكم فيها وفي مسارها، علاوة على صناعة أحداث تروم خلق الحيوية والفاعلية بالمؤسسة التي يدبرها.
7.   الاستعداد لمقاومة التغيير: إن أي تغيير لا بد له من مقاومة تخشى الخسارة المادية أو المعنوية، ويكون ذلك ناتج عن سوء فهم الآثار المترتبة عن التغيير، نظرا لتعودهم العمل بطريقة معينة، والرغبة في الاستقرار على الوضع القائم والركون إليه، وقد تكون إيجابية عندما يكون التغيير سلبيا او متهورا، وقد تتخذ أشكالا متعددة، وقد تكون علنية أو سرية، ويمكن أن نلخص أهم الحجج التي قد يبرر بها المقاومون موقفهم:
·         الخوف من التغيير
·         الانفراد بالقرار وعدم الاشراك الفعلي للفريق.
·         عدم الاقتناع بالمشروع التغييري وأهدافه.
·         سوء العلاقات الانسانية داخل المؤسسة.
·         التنافس السلبي وحب الصدارة، وهنا لا بد للمدير من توزيع الأدوار على من يحبون الصدارة والواجهة.
·         الارتياح بالواقع القائم والاقتناع به.
·         التشبع باليأس والاحباط من التجارب الفاشلة.
وغيرها من الحجج التي قد يبرر بها المتقاعسون مقاومتهم للتغيير، وحتى يتمكن المدير من تجاوز هذه المعيقات لا بد من توفر المهارات التالية؛ قصد بناء موقف ايجابي وحجج دامغة للدفاع عن مشروعه التغييري، وضمان الانخراط السلس؛:
·         مهارة التخطيط الاستراتيجي.
·         مهارة الحوار والاقناع والانصات.
·         مهارة فن التأثير في الآخرين.
·         مهارة التواصل الفعال وبناء استراتيجية تواصلية بناءة.
·         مهارة التنبؤ و الحدس.
·         مهارة فض النزاعات و التفاوض.
·         مهارة التقويم والدعم و المعالجة.
              إن التغيير وقيادته من طرف المدير، ليس عملية سهلة أو بسيطة، كما يتصورها البعض، وإنما هي عملية متشابكة في عناصرها، متداخلة في مكوناتها، وتتطلب الإبداع والابتكار في ممارستها، ويعتمد نجاح المدير بالدرجة الأولى في مدى حماسه من جهة والتزام الطريق بتنفيذه من جهة أخرى، وبالتالي فهو عملية معقدة ومركبة، تستلزم مجموعة من الجهود الجادة، وتجدر الإشارة أن السبب الرئيسي في فشل العديد من جهود التغير في المؤسسات التربوية هو الافراط في ممارسة الإدارة وغياب الدور القيادي التطويري، فمعظم المديرين يتقنون دور المدير بصورة جيدة ولكنهم لا يمارسون دور قائد التغيير بشكل فعال، فهم يصبون جام اهتمامهم على العمل الإداري الرتيب، الذي يحقق أهدافا محدودة مبنية على الخوف والعقاب، في حين يعجزون على قيادة مشاريع تغييرية، إذ لا تسعفهم المهارات الإدارية المحضة في تحقيق النجاح المأمول، لذلك فالمدير اليوم أمام تحديات العولمة، وجب عليه الاقتناع بأن الإدارة التربوية هي عملية قيادية تغييرية  بالدرجة الأولى، لكن مثل هذه المشاريع يمكنها أن تفشل إذا وجدت نفسها أحادية الجانب ومنطلقة من نزوات ذاتية سلطوية لا تعبر عن روح قيادية بمفهومها الديناميكي التطويري، خصوصا على مستوى التقاسم والتفاوض في شان حيثياتها التدبيرية، اعتبارا أن المشاريع تبنى بالناس ومن أجل الناس.
      




  

شارك المقال لتنفع به غيرك

Post a Comment

0 Comments


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?hl=en