اشتغلت في كل عيد من أعيدها الأممية
على خصائصها والتي تنفرد بـها في غنى قل نظيره ، مركزا على مواطن السحر وأسرار
الجمال . و كيف لا و هي التي تتمتع بكثرة مفرداتها وطواعيتها لأساليب متـنوعة ، ما
أكسبـها متانة في التركيب وروعة في البيان و عذوبة في الذوق ، مع مرونة قوالبها
واتساعها لأشكال التوليد: اشتقاق، نحت ، قياس ...
وانطلاقا من هذا الإلتزام واستمرارا لهذا التوجه وترسيخا للقيم الأدبية والجمالية آثرت أن اقف
عند بعض لطائف العربية في عالم الجمال:
و لأمر ما كان الجمال في الأنف شم
الأنوف من الطراز الأول. ولقب الخنساء معناه : ارتفاع أرنبتي أنفها وقصره ، ما جعل
منها ظبية أو بقرة وحـشية في جمال أخـاد و ملفت ، بل دللوها و رخموا لقبها فصارت خناسا حتى نُسي اسمها أو كاد...
أنظر كيف وصفت الخنساء جمال أخيها صخر في مرثيتها الشهيرة:" قذى
بالعين " قائلة:
" وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا وإن صخـرا إذا جاعـوا لعقـار
جلد جميل المحيـا كامل ورع وللحروب غداة الروع مسعار "
وظفت الشاعرة أسلوب التوكيد (إن) والتكرار (صخر) وصيغ المبالغة: (مفعال -فعال
- فعل - فعيل).
وصف فيه مثال الجمال خَلقا وخُلقا مزجت بين رقة الكلمات وعذب المعاني فلا
غرابة أن تحزن على من جمع صفات الكمال حسنا وعفة ونبلا ودماثة اخلاق وتبكيه بحسرة
أكبر.
ومن الدقة في اللغة:
- الجمال
في الأنف و قالوا : "الأنف عنوان الجمال"
- الملاحة
في الفم.
- الحسن
في العينين.
- الحلاوة في الصوت.
- صباحة
الوجه.
- الجيد
الأتلع.
وفي كناية لطيفة مع ما للكناية من بلاغة وسحر
قالوا:"فلانة بعيدة مهوى القرط" .
أبعد هذا الجمال ترمى هذه اللغة الشريفة بالعقم؟ يقول الشاعر:
" و قد تنكر العين ضوء الشمـس
من رمـد
و يـنكـر الفـم طعـم الـماء مـن سقـم "
وكل عام ولغتنا الجميلة بألف خير.
لحسن
بنيعيش
مكناس / المغرب.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.