دروس الثانية باك:وحدة اللغة العربية :النص الشعري : أغنية ريفية

الإدارة مارس 08, 2018 مارس 08, 2018
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

وحدة اللغة العربية :النص الشعري : أغنية ريفية


إذﺍ ﺩﺍﻋﺐ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻇﻞّ ﺍﻟﺸّﺠﺮ *** ﻭﻏﺎﺯﻟﺖ ﺍﻟﺴﺤﺐ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻘﻤﺮ
ﻭﺭﺩّﺩﺕ ﺍﻟﻄﻴﺮ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﺎ *** ﺧﻮﺍﻓﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨّﺪﻯ ﻭﺍﻟﺰّﻫﺮ
ﻭﻧﺎﺣﺖ ﻣﻄﻮﻗﺔ ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ *** ﺗﻨﺎﺟﻲ ﺍﻟﻬﺪﻳﻞ ﻭﺗﺸﻜﻮ ﺍﻟﻘﺪﺭ
ﻭﻣﺮّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺛﻔﺮ ﺍﻟﻨّﺴﻴﻢ *** ﻳﻘﺒّﻞ ﻛﻞ ﺷﺮﺍﻉ ﻋﺒﺮ
ﻭﺃﻃﻠﻌﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﻬﺎ *** ﻣﻔﺎﺗﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺼﻮﺭ
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺻﻔﺼﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﺟﻰ *** ﻛﺄﻥّ ﺍﻟﻈّﻼﻡ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﻌﺮ
ﺃﺧﺬﺕ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻇﻠّﻬﺎ *** ﺷﺮﻳﺪ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﻛﺌﻴﺐ ﺍﻟﻨّﻈﺮ
ﺃﻣﺮّ ﺑﻌﻴﻨﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴّﻤﺎﺀ *** ﻭﺃﻃﺮﻕ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺃﻃﺎﻟﻊ ﻭﺟﻬﻚ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻨّﺨﻴﻞ *** ﻭﺃﺳﻤﻊ ﺻﻮﺗﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨّﻬﺮ
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻤﻞّ ﺍﻟﺪّﺟﻰ ﻭﺣﺸﺘﻲ *** ﻭﺗﺸﻜﻮ ﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻣﻨﻲ ﺍﻟﻀّﺠﺮ
ﻭﺗﻌﺠﺐ ﻣﻦ ﺣﻴﺮﺗﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ *** ﻭﺗﺸﻔﻖ ﻣﻨّﻲ ﻧﺠﻮﻡ ﺍﻟﺴّﺤﺮ
ﻓﺄﻣﻀﻲ ﻷﺭﺟﻊ ﻣﺴﺘﺸﺮﻓﺎ *** ﻟﻘﺎﺀﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ



تحليل القصيدة

مقدمة سؤال الذات للقصائد :

لم يتوقف الشعراء الرومانسيون العرب عند حدود بعث القصيدة و إخراجها من الإنحطاط الذي عرفته قرونا عديدة ، بل إنهم تعدوا ذلك إلى تجديدها و ربطها بذاتية المبدع و إنفعالاته و أحزانه . و قد كان الشعراء الرومانسيون في هذه الفترة من الرواد الذين جمعوا بين تقليد القدامى في معانيهم و أشكال نظمهم ، و جعل القصيدة مجالا للتعبير عن الأحاسيس الصادقة و الإنفعالات الذاتية ، ومن رواد خطاب التطوير و التجديد نجد شعراء الجماعات كالديوان و الرابطة القلمية ، مثل : محمود عباس العقاد ، إبراهيم المازني ، عبد الرحمن شكري ، جبران خليل جبران ، إيليا أبو ماضي ، ميخائيل نعيمة ، أحمد زكي أبو شادي ، إبراهيم ناجي، أبي القاسم الشابي، محمد عبدالمعطي الهمرشي ، صالح جودت ، علي العناني، كامل كيلاني ، محمود عماد ، جميلة العلايلي ، صلاح أحمد إبراهيم ..
ويعد صاحب النص الشعري المهندس المصري علي محمود طه ( و 1901 ت 1949 ) من أهم ممثلي مدرسة أبولو وله أشعار مهمة في خطاب الرومانسي ..
فما مضامين القصيدة! ؟
وماهي خصائص الفنية و الدلالية للقصيدة! ؟
وإلى أي حد إستطاع الشاعر أن يمثل خطابه الذاتي في القصيدة! ؟
◀ #مضمون_النص ثم #تقسيم_النص :
ولعل العنوان أولى عتبات النص، فإن " أغنية ريفية " جملة إسمية من ناحية التركيب بحيث (جاءت أغنية مبتدأ و ريفية خبرها) أما من ناحية الدلالة نجد العنوان يوحي إلى ( أغنية = الموسيقى ) و ( ريفية = الطبيعة ) لم يشد عن هذه القاعدة وإنما يلخص تفاصيل المضمون، إذ نجد الشاعر يوحي لنا عن تصوير العواطف و الأحاسيس الذاتية تجاه الطبيعة ..
والمتأمل في هذه القصيدة، يدرك من الوهلة الأولى أن شكلها من الشعر العمودي التقليدي الذي يقوم على نظام الشطرين المتناظرين، ووحدة الوزن والقافية والروي.
وقد كان المضمون منسجما مع التوجه الفكري الذي تبناه الشاعر في نظمه لهذه القصيدة، وهذا ما يؤكده بداية القصيدة إذ نجد الشاعر إستهل قصيدته بلحظة تحول في الحياة حينما عبر عنها بلفظة " إذا " التي هي ظرف تدل على الزمان لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن معانته تجاه الطبيعة التي ميزت العلاقة بينهما بالذات الكئيبة و الطبيعة المشرقة وفي الأخير يؤكد تطلعه على الأمل في أن يلتقي الموعد المنتظر .
بناءً على ما سبق يتضح لنا جليا أن القصيدة تنطوي على موقف نفسي واحد. بل هي سلسلة مواقف تختزل تجربة الشاعر تجاه الطبيعة. وتجسد التركيز على سيادة العواطف و الأحاسيس الذاتية وهذه سمة من سمات القصيدة الرومانسية .

◀ #المعجم :
وقد كان طبيعيا أن يتنوع معجم النص الشعري تبعا لعلاقة الذات مع الطبيعة ، إذ نجد حقلين دلاليين يتوزعان ألفاظهما في النص الشعري، ونجملهما في :
حقل المعاناة الذاتية : ( أخذت مكاني ، شريد الفؤاد ، كئيب النظر ، أمر بعيني ، وأطرق مستغرقا ، أطالع ، وأسمع ، مني ، حيرتي فأمضي ... ) ؛
وحقل الطبيعة: ( الماء ، ظل الشجر ، السحب ، القمر ، الطير ، الندى ، الزهر ، النهر ، الأرض ، الظلام ، السماء ، النخيل ، نجوم السحر ... وجهك ، صوتك ، لقاءك ) . ومن الملاحظ أنه إتخذ من الطبيعة سبيلا لتجاوز تلك المعاناة .. ونلاحظ أيضاً من خلال المعجم أن حقل الطبيعة إكتسح جسد القصيدة دون نسيان العلاقة التي تجمع بين الحقلين وهي : التكامل وهذه عادة الرومانسيين بالطبع العاطفي والإحساس الذاتي.

◀ #صور_الشعرية : 
وإلى جانب ذلك، فقد وظف الشاعر أساليب متعددة و متنوعة في القصيدة من خلال الصور الشعرية كالتشبيه و الإستعارة و المجاز ..
فالتشبيه ( البيت السادس حيث شبه صفصافة بالظلام وكأن أداة الشبه و شعر وجه الشبه) ، وفي الإستعارة ( إكتسحت جسد القصيدة من خلال جعل تلك المعناني صوب الإنسان ففي البيت الأول صور الماء إنساناً يداعب ظل الشجر وكذلك السحب شبهه بالإنسان يغازل ضوء القمر ثم بقي على درب الإنسان في الأبيات مثل الثاني و الرابع بتشخيصه للنهر الذي يقبل الشراع والإنسان هو الذي يقبل في القصد و الخامس و الثامن ... وكل هذه الأبيات كانت مبنية على الإستعارة المكنية ) وفي الكناية ( تمثل في البيت السابع بحيث أخذت مكاني في ظلها وهو كناية عن الخلود و الإستسلام للراحة) وكل هذه الصور التي وظفها الشاعر كانت متصلة بأحاسيسه ومشاعره صادقة من خلال تجربته، وبلغة واضحة الدلالة تسيهلا للباحث.
◀ #الإيقاع :
وإلى جانب ذلك، فإن الشاعر إستعان ببنية موسيقية موزعة إلى إيقاعين هما:
- إيقاع داخلي: ويتجلى من خلال تكرار الحروف ( حرف الألف الممدود ثم حرف اللام .. من خلال البيت الأول) وفي الكلمات ( ظل ² ، النهر ² ، مني ² ) وفي الترادف ( الشجر = النخيل ، شريد الفؤاد = مستغرقا في الفكر ، أمر = أمضي ) وفي الطباق ( ضوء القمر # الظلام ، الأرض # السماء ، أمضي # أرجع.. ) وفي الجناس كان بشكل جزء التام، مثل : الزَّهر ، النَّظر ، الضَّجر ، السَّحر .. على وزن الفَّعل ....

أما الإيقاع الخارجي فإن الشاعر إعتمد نظم قصيدته على أحد البحور الخليلية إذ يؤطره بحر المتقارب ( فعولن فعولن فعولن فعولن لكن حسب ما جاء في تقطيع البيت الأول كان على هذا الشكل :
البيت :
إِذَا دَاعَبَ المَاءُ ظِلَّ الشَّجَرْ *** وَغَازَلْتِ السُّحْبُ ضَوْءَ الْقَمَرْ
التقطيع :
إذا داعب لماء ظلل ششجر *** وغازلت سسحب ضوء لقمر
الترقيم :
//0/0 //0/0 //0/0 //0 *** //0/0 /0/0 //0/0 //0
التفاعيل :
فعولن فعولن فعولن فعو *** فعولن فاعل فعولن فعو) وذلك في إلتزام تام بوحدة الوزن ، ثم وحدة القافية المقيدة ( ءلقمر /0//0)، ثم وحدة الروي ( حرف الراء ) كان مطلقاً لما يحمله من دلالات مختلفة الذي زاد إلتفاتا لرنة الموسيقية للقصيدة ، ثم إذ نجد ضربه لم يوافق عرضه لإختلال في تفعيلة الشطر الثاني من فعولن إلى فاعل وظاهرة التصريع التي تعتبر سمة من سمات الإيقاع التقليدي في الشجر و القمر.

◀ #الأساليب :
كما إستعان الشاعر بمجموعة من الأساليب الإنشائية و الخبرية ، مثل أسلوب الشرط ( إذا داعب ...) أسلوب التعجب ( في البيتين الحادي عشر و الثاني ) بينما نجد الأسلوب الخبري هيمن على جسد القصيدة مكتسحا لها ؛
وكذلك نجد الشاعر تحكم في لعبة الضمائر ( المتكلم / الغائب وهذه عادة الوجدانيين في نظم قصائدهم ) .
وقد كان لهذه الصور الشعرية وظيفة جمالية و تأثيرية وكانت ندى القارئ لأنها وردة في القصيدة الشعرية عند الرومانسيين.

◀ #الخاتمة :
وفي مجمل القول و بعد هذه الأشواط من التحليل يمكن أن نقول أن خطاب التطوير و التجديد أي الشعر الرومانسي قد عمل على صياغة منظور جديد في القصيدة العربية فنجده قد عمل على إستحداث مواضيع جديدة مخالفة لم كان عليه القدامى و الإحيائيين ، فقد إستحدث على مستوى المضمون و الشكل و تجديد نظام الأسطر بنظام الشطرين . لكنه حافظ على مستوى الشكل فحتى على مستوى الشكل و اللغة نجدها سهلة قادرة على الفهم إذ يمكن أن نقول بأن خطاب التطوير و التجديد جعل القصيدة العربية تقفز قفزة نوعية في أفق السعي نحو التغيير.
ــــــــــــــــــ
مِن إعداد الباحث : إسماعيل بلحنين.
0652665725

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?m=0