ثانوية حسان بن ثابت تصدح شعرا بلغات العالم
خاليد جوهري
الشعر ضرب من الجمال، لأنه محاولة لفهم العالم بالاستعانة باللغة بكامل عناصرها التي تتوفر فقط للإنسان الذي يملك مهارة حياكة الكلمات لتصير نسيجا جميلا، وهو أيضا رسم بالألفاظ التي يتم اختيارها بعناية لتعبر عن سيل من العواطف الإنسانية، فالشعر شعور إنساني صادق، و من فضائله أنه يشحذ الهمم و يقوي العزائم ، و قد روي عن الرسول عليه الصلاة و السلام أنه قال لحسان بن ثابت: " اهج قريشا، فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل"، و هذا عمر بن الخطّاب يقول عن الشعر: "هو جَزل من كلام العرب يُسكَّن به الغَيظ وتُطفأ به الثائرة ويتبلَّغ به القومُ في ناديهم وُيعطى به السائل"، و قد روي عنه كذلك أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: "مر من قبلك بتعلم الشعر، فإنه يدل على معالي الأخلاق، وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب".
ها هي الثانوية التأهيلية المسماة باسم شاعر الرسول(ص) "حسان بن ثابت"، تصدح شعرا في عيدها الموسمي الذي دأبت منذ سنوات على الاحتفال فيه بالشعر و الشعراء و الذي يوافق 21 مارس من كل سنة، و ذلك بتنسيق مع المديرية الإقليمية بالنواصر و اتحاد كتاب المغرب فرع الدار البيضاء، و كذا مؤسسة بيت الشعر بالمغرب، و بشراكة مع الثانوية الإعدادية خالد بن الوليد.
بفضاء عبد الله العروي للأنشطة التربوية بالمؤسسة و تحت شعار: " الشعر أداة للتربية على قيم الحب و الخير و الجمال"، و بحضور شعراء وازنين على الصعيد الوطني و العربي، من طينة الشاعر محمد العرش، مالكة عسال، محمد العلوي المدغري، العسري عمر، مريم بن بختة، فاطمة الشاوتي، عبد الهادي روضي، مصطفى امزارى، حسن جبل و آخرون، و السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية بالمديرية الإقليمية للنواصر السيد حميد نضيف، و فنانين تشكيليين زينت لوحاتهم و لوحات التلميذ وليد قديري فضاء الحفل؛ و كان من الحاضرين أيضا أعضاء جمعية آباء و أولياء التلاميذ، و إعلاميين و مهتمين بالشعر، و أطر و تلاميذ من المؤسسة و مؤسسات مجاورة عمومية و أخرى خاصة. افتتح الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلته كلمة السيد مدير المؤسسة، رحب في بدايتها بالحضور الكريم، و قدم التحية و التقدير لكل شعراء العالم في عيدهم العالمي، و في معرض حديثه عن القصيدة الشعرية قال: "هي رؤيا و دوما سفر نحو الآتي، نحو الأفق اللامحدود، نحو الحلم الجميل و الأمل المشرق. و الشعر هو الحضور المشع في غابة الروح، هو الصباح الدائم فيها، لذلك لا يمكن أن نتصور اندفاق الحياة من غير ما يكفي من دفء الكلمات، هذا الزاد المعرفي و الجمالي و المعنوي هو ما يجعل الإنسان يواجه قلقه الأنطولوجي و أسئلته الحائرة بما يكفي من سعادة غامرة في المضي إلى الأمام". ليعطي الأستاذ محمد العيار منشط الحفل الكلمة للسيد حميد نضيف الذي نوه بالمؤسسة، و هنأ التلاميذ و التلميذات بأطرهم التربوية و الإدارية، راجيا التفوق و النجاح للجميع، للتتوالى فقرات الحفل بكلمة عن مؤسسة بيت الشعر، فتلاوة لكلمة المديرة العامة لليونيسكو، و كلمة للشاعر الارجنتيني هوكو موخيكا، ثم تقرير للأستاذة حسنية غوال ممثلة لجنة القراءة عن نتائج مسابقتين: الأولى حول الإبداع، ظفرت بها التلميذة إيمان داودي بقصيدتها "كبرياء"، و الثانية حول الإلقاء للتلميذة إكرام مزوري التي ألقت قصيدة للشاعرة ثريا مجدولين "قوس فرح"، هذا و قد شنفت مسامع الحضور في جو مشاعري جميل القصائد الست لشعراء المستقبل، بمختلف اللغات، العربية و الإنجليزية و الفرنسية و كذا الاسبانية، نالت إعجاب الجميع. و بعد ذلك يتدخل السيد خالد ضعيف رئيس المؤسسة ليفسح المجال للشعراء الحاضرين ليحلقوا خارج قانون الجاذبية، و يعبروا عن أحاسيسهم بنقاء الكلمة كما جاء على لسان شاعرة مشاركة في الحفل، و قد تخللت فقرات هذا العرس الثقافي مقاطع موسيقية لتلميذات الثانوية الإعدادية خالد بن الوليد، زادت الحفل بهجة و جمالا و تفاعل معها الجميع، و في الأخير وزعت الجوائز على الشعراء الشباب، و الشواهد التقديرية على الشعراء الضيوف ليختتم عرسنا الثقافي بحفل شاي حضره الضيوف و كذا أطر المؤسسة و تلامذتها.
و من ارتسامات الشعراء عن هذا العرس الثقافي اخترت فضفضة للشاعرة مالكة عسال تقول فيها: "لقد تعودت يوم 21 مارس من كل سنة أن أتأبط حروفي الدافئة لأنثرها أزهارا من الأحلام في ثانوية حسان بن ثابت، و أعانق تحت ظلالها براعم فتية، لأنتسم من براءتهم عبق الانصهار مع بعضنا البعض..."
و تقول الشاعرة مريم بن بختة: " كلما حل يوم 21 مارس، أشعل الحرف شموعه فرحا بعيده الذي يخلق فيه الحرف نورسا في المدى و ها نحن ضيوفا لمعانقة الحرف داخل مؤسسة تنتصر للأدب عموما و للشعر خصوصا. أما الشاعر محمد العلوي المدغري فقد عبر عن سعادته الغامرة بهذا اليوم الجميل المشرق بحضور ثلة من الشعراء المبدعين، شاكرا السيد رئيس المؤسسة و منوها بالنظام و الالتزام الذي وصفه بالمنقطع النظير.
هذه الارتسامات لا يمكن إلا أن تدفع اللجنة المنظمة من تلاميذ، و أطر تربوية و إدارية إلى بذل مزيد من الجهد و إلى التحسين المستمر و الإبداع في تنظيم هكذا تظاهرة ثقافية، تربط الحاضر بالمستقبل و الشيب بالشباب، و تدعو إلى حمل مشعل الخلق و الإبداع في صناعة القصائد الموزونة الهادفة بلغات العالم.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.