يوميات طالب بدوي (
الجزء الثاني والأخير)
# بقلم: محمد السرحاني
جلس الطالب احميدة مع صديقه مراد يتبادلان
أطرف الحديث، فالأول يخبره بجديد الدوار والأحداث التي جرت في غياب مراد من زواج
لبعض شباب الدوار وموت بعض شيوخ المنطقة ...
فيما يخبره مراد بالأحداث اليومية التي
تتكرر بالوسط الجامعي خاصة وفي المدينة الجامعية عامة ، فبعد مرور أسبوعين بدأ
الطالب احميدة يتأقلم مع أجواء المدينة الجامعية مبديا كالعادة اندهاشه من من كل
شيء جديد يصادفه، ففي إحدى الأيام وكعادته متوجها ناحية المدرج الذي يدرس فيه سمع
أصواتا بعيدة تقترب مع كل خطوة يخطوها، كانت أصواتا قادمة من كلية غير التي يتابع
بها دراسته تقع بالمحاذاة مع كليته، ها هو الآن أمام مجموعة من الطلبة والطالبات
يخوضون اعتصاما بسبب أنهم لم يستفيدوا من المنحة الجامعية التي تقدمها الدولة
للطلبة، وها قد انتهى الهتاف وإذا بالمعتصمين يتوجهون صوب إحدى الإدارات المكلفة
بذلك معربين بذلك عن رفضهم وعن قلقهم لما يحصل، أعجب احميدة بذلك وأطربت أذنه تلك
الشعارات التي يهتفون بها وقرر بأن يضم هو أيضا صوته لأصوات البقية، الآن أصبحوا
خارج أسوار الجامعة، وفجأة يسمع ذوي لصوت سيارات الأمن، بدأ الطلبة الذين رآهم
احميدة في بادئ الأمر معتصمين في الجري هنا وهناك في مختلف الإتجاهات، لكنه لا
يدري بما يحصل وقف متخشبا في مكانه إلى أن أطرقت رأسه عصى من عصي رجال الأمن ولم
يستفق إلا وهو في مخفر الشرطة، فالشاب احميدة لم يرى نفسه في مخفر إلا في الأحلام،
لكنه الآن وجها لوجه مع محدثيه
يسأله الضابط : عرف بنفسك وسبب القبض عليك
؟
احميدة مجيبا : إسمي احميدة أنحدر من دوار كذا بمدينة كذا .....
وسبب القبض علي لا أعلمه
الضابط : توقف عن المراوغة لقد ضبطت بالجرم
المشهود...
احميدة مجيبا : حضرة المفوض لا علاقة لي
فيما حدث فأنا أجهل سبب وجودي هنا..
الضابط : ستفهم رغما عنك..
يوم كامل من التحقيق والأسئلة إلى أن ثبتت
براءة احميدة بأن لا يد له فيما حصل لكونه جديد عن المدينة ولا يعرف شيئا، ماهذا
الذي يحصل ؟ أسئلة من هذا القبيل يطرحها احميدة على نفسه ولا يجد لها إجابة شافية.
جالت بذهنه كل المواقف التي حصلت له هنا
فقط في أسبوعين، قصة مراقب الحافلة وعملية السرقة ومخفر الشرطة، هنا تذكر كلام
صديقه مراد :" أخويا احميدة راه أي واحد كيجي جديد هنا كيوقعلوا نفس الديكور
راك فالمدينة نسا عليك أعراف وتقاليد الدوار هههه"
مر العام الأول عصيبا على احميدة كله
تجارب، وفي عامه الثاني قرر أن يكثف من جهوده ابتغاء طلب العلم فأخذ يلتهم الكتب
قراءة وتحليلا، فلا يوجد بائع كتب في الجامعة إلا ويعرف الطالب احميدة، استمر على
هذه الحالة إلى أن حصل على شهادة الإجازة بميزة حسنة، وهنا سيجد احميدة نفسه أمام
خيارين لا ثالث لهما إما الوظيفة بغية تلبية طلب والديه بالعمل لأجل إعالتهما (
فممارسة الفلاحة أضحت صعبة على والديه الذان طبعت تجاعيد الجلد ناصيتهما ) أو
متابعة دراسته ، فكان اختياره الأول هو الصائب بالنسبة له، بعد هذا القرار تقدم بطلبه
بغية اشتغاله في ميدان التعليم، تم انتقاءه في المرحلة الأولى لكونه حاصل على ميزة
تؤهله لذلك، أحرز تقدما في الإمتحان الكتابي وكذلك نفس الأمر مع الإمتحان الشفوي،
وها هو الآن احميدة ينتظر تعيينه بمنطقة ما وللمرة الأولى شاءت الأقدار أن يحالفه
الحظ فكان مكان تعيينه هو نفس الدوار الذي ينحدرمنه، تزامنت فرحته مع فرحة والديه،
وبين الفينة والأخرى يعود سي احميدة بمخيلته إلى ماضيه الذي لم يبخل عليه بتجارب
الحياة ومع كل تجربة كانت تعلمه درسا، وبذلك يكون احميدة أول أستاذ ينتجه الدوار
أما صديقه السابق الذكر مراد فلم يتابع دراسته بسبب انحرافه، الآن احميدة لديه
طفلين حمزة ونبيل كل واحد منهما يشغل منصبا مهما في الدولة بسبب توجهات أبيهم
السليمة.
0 Kommentare
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.