العبور التعليمي
بقلم الأستاذ: مصطفى رابي
مفتش ممتاز في التوجيه التربوي
للمفاهيم التربوية
دلالات ذات أبعاد تساهم في خلق تواصل جيد بين الفاعلين التربويين، وبين المتعلمين
وأوليائهم وكذا
مع الشركاء وبصفة عامة مع الرأي العام وتساهم هذه الأبعاد في تنمية
تربوية سليمة.
وفي هذا الصدد، يعتبر مفهوم الانتقال
التعليمي قرارا من قرارات مجلس القسم، وهو انتقال من مستوى تعليمي إلى مستوى أعلى
منه داخل نفس السلك؛ أما مفهوم الالتحاق فهو الحضور إلى المؤسسة والتسجيل بها،
واستئناف الدراسة وفي حالة عدم الحضور فذلك يعد انقطاعا عن الدراسة.
في حين أن مفهوم العبور التعليمي فهو
انتقال من سلك تعليمي إلى آخر، وتأقلم سلس مع محيط السلك الجديد ومتطلباته، يجعل
المتعلم(ة) قادرا (تا)على:
●
ربط علاقات طيبة مع أساتذته
ومع الأقران؛
●
المشاركة في الأنشطة الصفية
والموازية؛
●
تكوين موقف إيجابي تجاه
مؤسسته؛
●
تحصيل دراسي جيد.
و يعتبر العبور
هنا إن تحقق بمثابة نجاح مدرسي، الذي
يختلف عن النجاح الدراسي المعتمد على التحصيل فقط. ومن أجل تحقيق العبور السلس والمرن بين الأسلاك التعليمية ينبغي:
-
إحداث فضاء بالمؤسسة مخصص
لاستقبال الأمهات والآباء والأولياء؛
-
تنظيم أنشطة وتقديم نصائح
وإرشادات تمكن من التعرف على المحيط الدراسي الجديد بطريقة سهلة ...
-
اقتراح حلول لمشكلة عدم
التأقلم مع أجواء المؤسسة المستقبلة بالنسبة للتلميذ(ة) الجديد(ة) عبر عدة أبعاد:
1- البعد النمائي:
الذي يتمثل في مساءلة الذات حول التغيرات
الداخلية والعلاقة الجديدة مع المحيط:
التساؤل حول: - المستقبل- الاستقلالية- تدبير الصراعات- الميولات- العلاقة مع الآخر..
2- البعد الاجتماعي:
الذي يتمظهر من خلال التغيرات على مستوى شبكة الارتباطات الاجتماعية:
- العمل داخل مجموعة
القسم؛
- إعادة بناء علاقة صداقة لتقاسم مختلف اللحظات التي
يعيشها المتعلم(ة) بالمدرسة
( الاستراحة- الأكل- اللعب..)؛
- قبول الاختلاف داخل مجموعة الأقران والأصدقاء
الجدد؛
- المشاركة في مختلف الأنشطة الصفية والموازية؛
- التأقلم مع
واقع الوسط الجديد والدخول في علاقات مع الأساتذة وضبطها بالنسبة لكل أستاذ.
3- البعد المدرسي:
الذي يتطلب إعادة النظر في طريقة التعلم
من خلال:
o
التأقلم مع: عدد الأساتذة- أسلوب تعليمهم- متطلباتهم- طرق التعلم( حلول التمارين- التقويم الذاتي- الضبط الذاتي- المعايير الجديدة في التقويم)؛
o
تطوير استقلالية إنجاز
الواجبات والأعمال المطلوبة من الأساتذة والتخطيط لها، مع تدبير جيد للزمن واحترام
الآجال المحددة المتفق حولها لإنجاز العمل المطلوب.
o
الإحساس بالكفاءة والفعالية
والقدرة على القيام بالواجبات المطلوبة.
4- البعد المسطري:
الذي يتطلب من المتعلم(ة) مراجعة منظومته التنظيمية من
خلال :
▪
التدبير الشخصي لاستعمال
الزمن:- ساعات
الدروس-...؛
▪
تنظيم العمل وتكييفه مع
متطلبات مختلف المتدخلين؛
▪
القيام باختيارات تتعلق بزمن
الأنشطة؛
▪
احترام القانون الداخلي
للمؤسسة.
ويعتبر العبور من مرحلة تعليمية إلى أخرى
انتقالا تطوريا عبر سيرورة الحياة الدراسية، فخلاله تنتاب المتعلم(ة) ضغوطات نفسية
مختلفة، وحساسية مفرطة نتيجة ردود فعله(ها) تجاه التغيرات والقطائع المرتقبة و التي من
المفترض أن يتأقلم معها ويعتاد عليها.
خلال فترة العبور من الممكن أن ينتج لدى المتعلم(ة):
▪
صعوبات على مستوى التصرفات
والسلوك؛
▪
انخفاض على مستوى التحصيل
المعرفي؛
▪
تزايد الشعور بالخوف، وخاصة
بالنسبة للجوانب الاجتماعية: ( مثلا القدرة على
قبول مجموعة القسم)،
والحاجة إلى التفاعل الإيجابي مع شروط المحيط ومتطلباته.
بإمكان هذه النتائج أن تؤدي إلى تدني تقدير الذات، وإلى زيادة احتمال مرور
المتعلم(ة) بأزمة نفسية، حيث إن العبور التعليمي يؤثر على جهاز الأنا الذي يشمل المركبات
التالية:
▪
المركبات الشعورية ( الإحساس بالقيمة الذاتية)؛
▪
المركبات العقلانية والتي تضم
الرغبة بالتقدم ( توقعات
المتعلم(ة) من نفسه على الصعيد التعليمي والاجتماعي)؛
▪
السلوكات ( كيف يتصرف المتعلم(ة) من الناحية التعليمية
والاجتماعية؟).
وتساعد عدة خصائص،
باعتبارها وسيطا بين كيفية مرور المتعلم(ة) عبر المرحلة الانتقالية وبين قدرته(ها)
على التأقلم بالوسط
التعليمي الجديد، على نجاح عملية العبور من سلك إلى أخر :
1.الخصائص النفسية للمتعلم(ة)
: القدرات الشخصية،
أسلوب التعامل مع الضغوطات ومستوى الاستقلالية...
2. الخصائص الأسرية: الوضع الاقتصادي
والثقافي للأسرة، وأسلوب التربية وتعامل الوالدين مع الابن خلال هذه المرحلة
الانتقالية.
3. الخصائص المدرسة المستقبلة: مدى صعوبة وتعقيد المهمات المطلوبة من المتعلم(ة) الوافد(ة)
الجديد(ة)، مدى الدعم
الاجتماعي والشعوري المقدم له.
وعموما، فإن العبور
هو حدث يتكرر في حياة المتعلم: فهو يعبر من الاسرة
إلى التعليم الأولي، ومنه إلى المدرسة
الابتدائية، ثم إلى المدرسة الثانوية الإعدادية، ومنها إلى المدرسة الثانوية
التأهيلية، ثم إلى الجامعة، وبعدها إلى
الحياة المهنية.
إن إعداد المتعلمين للمرحلة الانتقالية، ومصاحبتهم
إبان فترة العبور يخفف من حدة التوتر ويساعد على التأقلم التدريجي مع المرحلة
الجديدة.
0 Comments
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.