خاليد جوهري
البيضاء
الثقافة التنظيمية هي مجوعة من القيم و المعتقدات و الرموز المشتركة التي
يمتلكها أفراد مؤسسة ما، و التي تميزها عن المؤسسات الأخرى. و يمكن تعريفها أيضا
على أنها مجموعة من القيم الأخلاقية و التقاليد و المبادئ الجماعية و الأعراف
السائدة في أي مؤسسة. و قد أكد خبير الإدارة إدكار شاين في كتابه الشهير
"الثقافة التنظيمية و القيادة" « la
culture organisationnelle et le leadership » أن للثقافة التنظيمية دورا كبيرا في تشكيل هوية
المؤسسة و توجيه سلوك أفرادها، و تشكيل قنوات التواصل و طرق اتخاذ القرار، إضافة
إلى مناهج فض النزاعات داخلها.
و تتولد هذه الثقافة من قناعات المنتسبين إلى
المؤسسة ثم تنضج بفعل الخبرات و التجارب المتراكمة، و تتلاقح مع اتجاهات الملتحقين الجدد و تمتزج بفلسفة
القادة و الشخصيات الملهمة و التي تلعب دورا محوريا في التأثير في أفراد المؤسسة
من أجل تحقيق أهداف المؤسسة بنجاعة و فعالية.
هذه الثقافة لها ارتباط وثيق برؤية و رسالة و
قيم المؤسسة و كذا أهدافها الاستراتيجية، فهي تدعم
الإبداع و الابتكار، و تقلل الهدر في الموارد، و توفر الطاقة و الوقت و الجهد. هذا
الارتباط إما أن يكون قويا، و يحصل ذلك باعتناق أفراد المؤسسة لثقافة المؤسسة و
التفاعل معها بشكل إيجابي، و إما أن يكون ضعيفا نتيجة عدم اكتراثهم بتلك الثقافة أو
كونها لا تحظى بالثقة لديهم.
من هذا
المنطلق يمكن تقسيم الثقافة التنظيمية إلى قسمين، ثقافة تنظيمية صحية و ثقافة
تنظيمية سامة. أما الصحية فتتميز بقبول الآخر و تقديره، و العدل بين المنتسبين
للمؤسسة و كذا احترام مساهماتهم و إنجازاتهم و أفكارهم، بالإضافة إلى تثمين دور كل
عنصر في المؤسسة باعتبارها نسق un système يسود فيه جو العمل في فريق و
التعاون و الدعم و المساندة في السراء و الضراء ، و باعتباره إنسانا له احتياجات
معنوية و أمنية و نفسية و اجتماعية، حيث أصبح الاستثمار في التدريب و التطوير و
أخلاقيات المهنة و المسؤولية الاجتماعية بالإضافة إلى التواصل الفعال داخل المؤسسة
من الأدوات المهمة، التي يتم بها و من خلالها إشراك الأفراد في صناعة القرار و في
تشكيل قيمها و مبادئها و عاداتها و تقاليدها.
و من هنا
يظهر أن الثقافة التنظيمية الصحية هي عصب المؤسسة الذي يربط أطرافها المترامية، و
العروة الوثقى التي يتمسك بها أعضاؤها. و قد وصفها مايكل واتكينز بأنها نظام
المناعة الذي يحمي ديمومة المؤسسة و يحافظ على تماسكها.
بالمقابل فالثقافة
التنظيمية السامة تدفع الفرد إلى كف لسانه عند اتخاذ القرار، و تردده في المبادرة
و خوفه من المغامرة بطرح أفكار جديدة، و السبب الرئيسي في هذه السلبية هو حرصه على
تجنب الجدل و الصراع مع زملائه أو الخوف من نظرة الازدراء من رئيسه حسب خبيرة
الإدارة ليز ريان.
و لا يختلف
اثنان على أنه عندما تسود الثقافة التنظيمية السامة، يغيب التعاون و التآزر و يسود
الحقد و الحسد و الصراع، كما تنتشر الإشاعات و تعقد التجمعات السرية، و تغمر
الغيبة و النميمة كل لسان، فضلا عن ضياع الوقت و الجهد في فض النزاعات، و يغلب
الطعن في الظهر على المصافحة.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.