الزراعة البيولوجية... إحياء الأرض بإحياء ماضيها

الإدارة فبراير 27, 2019 مايو 03, 2023
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

مباراة الصحفيين الشباب من اجل البيئة 2019؛صنف   الربورتاج
مشاركة ثانوية  الشريف الإدريسي  التأهيلية  الدار بيضاء  مديرية  ابن امسيك
موضوع الدورة  الزراعة المستدامة 

الزراعة البيولوجية... إحياء الأرض بإحياء ماضيها

إن إحياء الماضي لأخذ العبر وتصحيح الأخطاء ليس بالمستحيل إن كانت الغاية هي إنقاذ البشرية من زراعة مميتة قد تميت الأرض وتقضي بذلك على الإنسان، ألا وهي الزراعة الصناعية العمياء جزئيا رأت نفسها مفيدة بالحاضر ولكنها لم تلمح بأنها ليست ذات فائدة بقدر ما هي ضارة على الأجيال القادمة وهو ما يعارض أهداف التنمية المستدامة، هكذا بحثنا نحن كصحافيين شباب عن البديل الذي سيحيي الأرض مراعيا لحرمات الطبيعة فلم نجد سوى الزراعة البيولوجية التي لطالما حظيت بأهمية قصوى في إطار مخطط المغرب الأخضر.

بغية الغوص في أعماق المحيط البيولوجي واستكشافه عن قرب توجه فريق العمل إلى إحدى المزارع البيولوجية القائمة بمديونية، حيث التقينا بالسيدة خديجة حجاجي صاحبة تعاونية الحجاجي، التي اختارت أن تكون ربانا لرحلتنا الاستكشافية وسط مزرعتها التي قل ما نجد مثيلا لها في زمان الحداثة والصناعة، فتميزت مزرعتها البسيطة بنهجها لأساليب الزراعة البيولوجية التي أوضحتها لنا بتفاصيل أدق في مقابلة قد نسميها صحفية أخذت على محمل الجد بغية الحصول على أجوبة لمجموعة من التساؤلات التي لطالما راودت أذهاننا، فعرفت لنا الزراعة البيولوجية كمنظومة من الإنتاج الذي يخضع للقانون رقم 39.12 المسطر عليه من طرف الدولة من أجل بيئة سليمة والحفاظ على التنوع البيولوجي، كما تميزت هذه الأخيرة بتحقيقها لكل المنتجات اعتمادا على مجموعة من آليات الإنتاج الخالية من المواد المصنعة، التي من شأنها الرفع من المردودية على صحة وسلامة التوازن البيئي، والغريب في الأمر أن المزروعات تنمو بشكل سليم والسبب وراء ذلك هو استعمال بذور طبيعية دون مواد كيميائية، كما أن الأسمدة عبارة عن أسمدة عضوية مكونة من ذبال النباتات وبذلك تزداد نسبة المواد المعدنية مما يساهم في ارتفاع جودة التربة


كما أن الشيء الذي زاد إعجابنا بهذه الزراعة هو احترامها للنظام الإيكولوجي وحسن استغلالها للموارد الطبيعية ومساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي، فلم تنحصر أهدافها فيما هو مادي فقط بل حتى في المراعاة للأرض، والدليل على ذلك هو اعتمادها لتقنية التناوب التي تريح الأرض وتقضي على الحشرات الضارة، والمهم في الأمر هو الاكتفاء الذاتي دون اللجوء لما هو غير طبيعي، إذ تعتمد كل الاعتماد على كل مكونات الطبيعة وعلى رأسهم النحل، ذلك الخادم المخلص عبر العصور، وإن عرف الإنسان بنكرانه لجميل الأرض التي أوته واحتضنته بشتى مكوناتها من حيوانات وثمرات وحتى حشرات، إلا أن "الذي لولا ملقحاته لكان العالم دون تنوع غذائي"حسب ما جاء على لسان جوزيه غرازيانو مدير منظمة "الفاو"، ونظرا لاحتلاله مكانة عظيمة بالانتظام البيولوجي إذ حباهالله  وزاد من رفع منزلته حتى ذكر في أعظم كتاب ألا وهو القرآن الكريم بقوله تعالى "فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك آيات لقوم يتفكرون"سورة النحل آية69
فيلعب النحل وغيره من الحشرات النافعة دورا مهما في الحفاظ على التربة، إلا أن للمناخ تأثير قوي لا يستهان به، إذ ترتبط الزيادة في الإنتاج بزيادة هطول المطر، وانخفاض درجة الحرارة، كما يزيد من ترسيب وتراكم الأملاح على سطح التربة مع ارتفاع درجة الحرارة وقلة الأمطار، إذ يتحكم هذا الأخير بكثافة الغطاء النباتي، فتظل الزراعة البيولوجية رهينة بالمناخ والتقلبات الجوية، رغم استعمالها لأساليب حديثة ولكن ليست بالضارة ولا المبذرة للمياه في السقي كتقنية التقطير، حتى أن الزراعة البيولوجية تساعد على التحسين من الظروف وتحارب كل ما يحارب استقرار المناخ.
وبالتالي فإن الفلاحة البيولوجية قد أثبتت جدارتها بما تقدمه من خدمات إيجابية، وفي هذا الصدد ارتأينا أن نطرح تساؤلا مهما على السيدة خديجة حجاجي ألا وهو كيف تعمل الزراعة البيولوجية وفقا لما تقتضيه التنمية المستدامة، وفي معرض جوابها أشارت هذه الأخيرة إلى ضرورة اليد العاملة في الزراعة العضوية حيث تتيح 35000 منصب شغل، وهذا رقم ليس بالصغير إذ يسد ثغرة من الثغرات التي تقع فيها مجتمعاتنا، ومن هنا نكون قد فتحنا بابا من الأبواب السبعة عشر بمساهمتنا في القضاء على الفقر، ولم تكتفي بذلك فقط بل وأشارت إلى إستراتيجية تعليم جديد بتكوين مستشارين فلاحين تحت إشراف الدولة وبتأطير من السيدة حجاجي ومؤ طرين أكفاء آخرين، كما يقومون بزيارات تأطيرية وميدانية وكذا تنظيم أيام ودورات تحسيسية، هذا كله من أجل مواكبة الزراعة البيولوجية.
ومع كل هذه التوضيحات، بدأت تتضح الفكرة وأصبحنا نرى الأمل الذي تحمله الزراعة البيولوجية للإنسان مع أهداف وآفاق أهمها إنشاء قطاع يتوفر على مؤهلات كبيرة، الوعي وبالتالي الزيادة في طلب المنتجات العضوية، كما تعمل على تواجد العديد من المنتجات المجالية التي تمنح فرصة التحول إلى الزراعة البيولوجية كليا.
ورغم كل هذه الآمال إلا أن الزراعة البيولوجية تواجه تحديات عديدة وصعوبات تعيق تقدم سيرها في مسارها المليء بالأهداف المفيدة، وعلى رأس قائمة هذه التحديات نجد النقص في الموارد البشرية المتخصصة في هذا المجال، ارتفاع أثمنة المواد الأولية مما يؤدي إلى ارتفاع أثمنة المنتجات، وعلى سبيل المثال بنك البذور الذي يعد مشكلة بالنسبة للعديد من الفلاحين البيولوجيين ويدون على قائمة لائحة المتطلبات، ويليه التوفر المحدود للأسواق التي تسوق للمنتجات البيولوجية على المستوى الجهوي، والأمر المهم الذي كدنا ننساه وبالأحرى تناسيناه لعصور هو التلوث الذي يعد نقطة سوداء في بقع بيضاء أمام الزراعة العضوية قد تنشر سوادها إن لم نحرك ساكنا ونحارب بالوعي والتطبيق ولا ننتظر حتى يأتي من يوقظنا من نوم الغفلة.

ومما لا شك فيه أن الدولة تقوم بواجبها لتحاول ما أمكن التصدي للحواجز التي تقف أمام سير هذا المشروع وبالتالي تزيد من المساحات الخضراء وتقوم بعدة حملات وتكوينات سلف ذكرها حتى لا تتخذ وضعية المشاهد الكفيف وإنما تمثل دورها وإن كان يتطلب الكثير من الوقت لتضمن سلامة الأجيال القادمة، بمراعاة لما تستلزمه من أهداف التنمية المستدامة.

خدمة الأرض واجب على كل البشر، إذ لاتوجد خدمة من دون مقابل، ويظل المستفيد الأكبر من عطايا الأرض هو الإنسان، فيقع على عاتقنا خدمة الأرض حتى نستحق مرتبة السيادة عليها وتتحقق فينا مقولة خادم الناس سيدهم لنخدم بعضنا البعض ونخدم هذه الأخيرة كي نضمن للأجيال القادمة أرضا تلبي حاجياتهم وتحتضنهم.
       فريق العمل
الهاشمي امين                                                                                   شيماء مصباح

شيماء ايت بن علا                                                                                  حمادة معاد

صوفيا الحوزي                                                                                                      حفصة  بوليف من تاطير الأستاذة رجاء حمدي

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات


 

  • انشر مواضيعك و مساهماتك بلغ عن أي رابط لا يعمل لنعوضه :[email protected] -0707983967او على الفايسبوك
     موقع الأساتذة على  اخبار جوجل - على التلغرام : المجموعة - القناة -اليوتيب - بينتريست -
  • 1141781167114648139
    http://www.profpress.net/?m=0