الحسين عاطل عن العمل (ج1)
ها انا اخيرا سأرتاح من هم الدراسة ؛لن يكون علي بعد اليوم ان التزم بمواعيد الدخول والخروج او انتظر مرور الحافلة لساعات في طابور طويل وفي توقيت مبكر؛ ها أنا سأرتاح بعد 15 سنة من الدراسة والتحصيل؛ 15 سنة مزقت خلالها الكثير من السراويل نتيجة الجلوس على تلك المقاعد المهترئة؛ قطعت فيها الكثير من الأحذية جيئة وذهابا بين مقر السكنى والمدارس؛ 10 سنوات منها كنت فيها
غريبا وبعيدا عن الاسرة و العائلة؛ 10 سنوات كان فيها العدس واللوبيا اهم وجباتي الغذائية؛ و ها انا حصلت على الاجازة في العلوم الفيزيائية من كلية العلوم السملالية ها انا اذاً "تخرّجت" كما سيقول اهلي و اقاربي.. فرحتي بشهادة الاجازة لم تختلف عن فرحتي بالباكالوريا لكنها كذلك لن تدوم طويلا ؛ فبعدها مباشرة كان يتحتم علي البحث عن العمل؛ فبعد الباكالوريا يمكن ان تلج مدارس مختلفة وأخف الاضرار ان تدرس بالكلية وتحمل صفة "طالب جامعي" . اما اذا حصلت على الاجازة فمتابعة الدراسة ليس بالامر الهين ليس فقط بسبب قلة المعاهد ولكن بسبب قلة ذات اليد ونفاذ الصبر والرغبة الجامحة في العمل خصوصا اذا كان خلفك اسرة او اسر ترى فيك معيلها ومنقذها الوحيد من الفقر المدقع؛ لا اعرف سبب تسمية هذه الشهادة الجامعية بالاجازة ولكن ما توصلت اليه ان بعد الحصول عليها ستدخل في اجازة قد تكون طويلة الامد تحمل خلالها صفة "عاطل "؛ ان تحمل صفة طالب أرحم وأرأف من ان تكون عاطلا فنظرة الناس اليك ستتغير وسينظرون اليك نظرة دونية وانا من الذين يهتمون كثيرا بما يقوله الناس وهذا مشكل كبير عانيت منه ولا زلت اعاني من تبعاته واحاول التخلص منها؛ سبب نجاحي وما وحققته في الدراسة كان بسبب الخوف؛ الخوف وحده كان حافزا ومشجعا لي على تسلق المراتب؛ الخوف من ان يقال لوالدتي او لوالدي ان ابنكما رسب؛ لم اتلق التشجيع المادي قط؛ لست ممن يعدهم اباؤهم في حالة نجاحهم بالالعاب الالكترونية او الدراجات الهوائية او السفر او غيرها من الهدايا.. خلال عطل الصيف كنت اشتغل باحدى المحلبات في مراكش لأوفر تكاليف الدراسة تعلمت خلالها كيفية اعداد انواع مختلفة من العواصر واتقنت خلال مدة وجيزة طريقة احضار "الرايب" وغيرها من الاكلات الخفيفة؛ كانت علاقتي وطيدة مع جميع الزبناء من مختلف شرائح المجتمع المراكشي.. قبل ان اشتغل بالمحلبة بحثت عن العمل في مجال البناء ولكن لم اجده ربما لأن قدراتي الجسمانية لن تتحمل نقل اكياس الاسمنت عبر الطوابق..كنت انا وابن عمي نبيع "الهندية "كذلك؛ كنت استيقظ بعيد الفجر دافعا عربتي الى احد الاسواق لشراء صنادق من الهندية واعادة بيعها بالتقسيط؛ لم يكن هدفي ماديا بالأساس كنت ابيعها رغم جودتها بثمن بخس وبسرعة قياسية الشيء الذي يثير حفيظة الباعة الاخرين الذين يعتبرونها مصدر عيشهم؛ لم اتصور يوما ان الهندية يمكن ان تصبح مصدر رزق خصوصا لأن منازلنا في تمازرت محاطة بالصبار من كل جانب ويمكنك ان تملأ سلة من الهندية دون ان يعاتبك احد؛ كنا نبيع الهندية في الصباح وفي المساء نشاهد مباريات احدى الدوريات الكروية وفي نفس الوقت نحاول نزع الشوك الملتصق بأيادينا(يتبع).
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.