الأجهزة الذكية والرقابة التربوية
في عصرنا الحديث صار التعليم الرقمي في متناول الجميع بعدما غدت أغلب هدايا النجاح والمكفآت التي يقدمها الأولياء للأبناء وحتى الأقارب أجهزة ذكية وكذا تكون الجوائز في بعض المسابقات المدرسية وغيرها، ولكن هذا لا يعني انتهاء المهمة وترك الطفل مع الحاسوب أو اللوح الرقمي والجوال ...إلخ في غرفة معزولة بعيدا عن العيون وكأنه في مكان آخر بعيدا عن أسرته ومحيطه ككل.
لا أحد ينكر أن هذه الأجهزة المتطورة مفيدة جدا وحققت قفزة نوعية في كل المجالات ولمختلف الفئات بما فيهم الصغار، إذ أنها تساهم في تنمية قدرة الطفل على اكتساب معارف جديدة وتحليل المعلومات وتزيد من الإدراك والوعي وتعزز روح الإبداع لديه وتيسر العملية التعليمية وتجعلها ممتعة ومحببة ولكن رغم كل الميزات التي تحظى بها إلا أنها لا تغطي على أخطارها الصحية جسدية كانت أو نفسية.
فقد تؤثر سلبا على النمو الطبيعي لجسم الطفل وتسبب له ضعف البصر بإجهاد العين وانحناء الظهر وآلام الرقبة وغيرها من الأمراض التي كشفتها الدراسات الحديثة، زد عليه نقص التركيز وتشتيت الانتباه والأخطر هو العزلة الاجتماعية، حيث يصير الصغير رهينة العالم الافتراضي أين يجد المتعة والتسلية وشخصيات وهمية يندمج معها تماما ليصير جزءا من المغامرة التي يشاهدها أو اللعبة التي يسعى للفوز بها وقد يأتمر بتعليماتها الخطيرة كما حدث مع لعبة الحوت الأزرق التي راح ضحيتها عشرات الأطفال في العالم العربي في ظل غياب الرقابة، لتظهر أهمية دور الأولياء والمعلمين والمربين وكل من يساهم في عملية التنشئة داخل المجتمع كفاعلين أساسيين في عملية التعليم الرقمي.
وعليه من الضروري اعتماد خطة عملية للتعامل مع الأجهزة الذكية قبل وضعها في أياد صغيرة يمكنها أن تترك أناملها تلمس أي تطبيق أو تعبث بأي زر وتختار من غير روية التفاعل مع مضامين مخالفة وضعت لأهداف تجارية ربحية دون مراعاة الضوابط والثوابت وخصوصيات المجتمعات المحافظة.
ومنه يمكن إتباع الخطوات التالية لتحقيق أكبر فائدة مرجوة وتجنب المخاطر في التعامل مع تكنولوجيا بحدين:
1- مراعاة سن الطفل: المرحلة التربوية الأولى مهمة جدا فالسن المبكرة تختلف عن غيرها من المستويات من حيث الحجم الساعي ونوعية المادة والإشراف المباشر وغير المباشر.
2- الالتزام بجدول زمني: يجب تحديد فترات معينة لوقت استعمال الأجهزة الذكية وليس إمضاء ساعات متواصلة في المتابعة، حتى يتمكن من اللعب المادي والحركة والقيام بنشاطات تساعد في نمو جسمه وتحرير طاقته بعيدا عن الخمول والانطوائية.
3- وضع منبه لإنهاء فترة استخدام الجهاز.
4- توفير مكان مناسب للجلوس وتحديد وضعية صحية ومريحة.
5- مناسبة التهوية والإضاءة اللازمة.
6- تخصيص كراسة لتدوين أهم الملاحظات.
7- تفعيل الحوار والمناقشة لاختيار المحتوى: قد يساهم في رفع درجة الوعي الأخلاقي والمحافظة على النسق القيمي للمجتمع.
8- الرقابة على المادة التربوية: يجب مراقبة المضامين وانتقائها بعناية، فملكة التمييز عند الصغار ضعيفة ولا تخولهم لفرز الحسن من السيئ مما قد يسبب دخولهم في حالات نفسية خطيرة كالاكتئاب أو العدوانية كونهم تعرضوا لمحتوى مخالف للنظم والشرائع وما أكثره على الشبكة العنكبوتية.
9- التفاعل مع الطفل ومحاولة مشاركته أفكاره ومكتسباته بعد كل عرض يشاهده لتحديد مستوى تطوره الفكري وصفاته الأخلاقية وتعزيز ثقته بنفسه.
10- حبذا ربط جهاز الطفل بجهاز الأولياء أو المربين عن بعد: حيث يتم إرسال البيانات والسجل وما يعرض على شاشة الصغير باستمرار.
وبهذا يمكن تحصيل فوائد التعليم الرقمي وتقييم مسار العملية التعليمية وفعاليتها من أجل إتاحة فرص أكبر بالاندماج والحصول على تعليم نوعي يضمن مستقبلا أفضلا لأطفالنا.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.