الحسين والتعليم الأولي
اتذكر الفقيه " سدي علي" الذي يزاول أيضا مهنة الخياطة وأتذكر الجلباب الذي خاط لي..
اتذكر "سدي بريك " وهو يقرصني في عنقي بقلم القصب كعقاب لي على مساعدتي لطالب تعثر في استظهار الحروف الابجدية...
اتذكر "سدي بريك" وهو ينزع مني ورقة من فئة عشرة دراهم وجدتها بعيدا عن المسجد ويدعي انه سقطت له رغم انه يستحيل ان تجد فقيها تضيع منه النقود..
اتذكر "سدي الحسين" وهو يرسم شبكات على ورق السكر الازرق يعبئ خاناتها بحروف غير مفهومة قبل ان يقطعها الى اجزاء يقدمها الى احدى النساء اللواتي جئن
يشتكين مرض ابقارهن..
اتذكر والدتي رحمها الله وهي توقظني في ذاك الصباح الباكر البارد وتبرد بسرعة كاس قهوة سوداء وفي نفس الوقت تلبسني الملابس خشية ان اتاخر عن الذهاب الى المسجد...
اتذكر زملائي وانا اتسابق معهم على غسل الالواح الخشبية بالصنصار واذا تعذر ذلك كنا نغسلها برماد النار "اغد" ونعرضها لاشعة الشمس . وكل ذلك يتم قبل ان يستيقظ سي الحسين ..
اتذكر وجبة الفطور" اللذيذة" التي نتناولها في المسجد والتي يأتي بها السكان في اطار ما يسمى "بالنوبة".. اتذكر كيف نجتمع على صحن الروز او الشعرية وعددنا يقترب او يتجاوز العشرين ونصيب كل واحد منا لقمة او لقمتين على اقصى تقدير..
اتذكر كيف كان كل واحد منا يتجنب ان يكون اخر من يتناول لقمته لان ذلك سيكلفه غسل الصحن...
اتذكر سدي الحسين وهو يعطس وكيف نرد عليه بشكل جماعي قائلين" يرحمك الله است" دون ان نتتظر ان يحمد الله...
اتذكر فرحة جميع زملائي الطلبة عندما يسمعون ان احد سكان القرى المجاورة يعزم الفقهاء ل " السلكة" ترحما على احد اقاربه.. لان يوما كهذا يوم عطلة بالنسبة لهم..فالعطل في المسجد ليست كالمدرسة....
اتذكر "الانشطة الموازية" التي نقوم بها الى جانب حفظ القران الكريم.. لقد كنا نكنس المسجد ومرافقه.. وكنا نتسلق الجبال بحثا عن الحطب..
اتذكر ان اسوأ فترة اكرهها في الموسم هناك هي فترة الحصاد حيث يتصدق الناس على الفقيه بالشعير.. وتكون مهمتنا نحن تنقيته من الاحجار والحصى التي يتجاوز عددها عدد حبات الشعير..
اتذكر ان اكثر ما يتقنه الطلبة حينئذ هو النميمة فاي فعل تقوم به داخل او خارج المسجد يعلمه الفقيه بفضل المخابرات الطلابية فيكفي ان تضع اصبعك الصغير في انفك لتجد نفسك امام الفقيه يؤنبك...
اتذكر ايام الاربعاء حيث وجب علينا اعطاء درهم للفقيه او بيضة لمن لا يملك النقود... فالاربعاء اخر ايام الاسبوع الدراسية حيث يسافر الفقيه ممتطيا حماره الى مقر سكناه..
اتذكر دعاءنا الشهير الذي تعلمناه في المسجد ونردده مباشرة بعد ترديدنا للحروف الابجدية اي عندما نصل الى الياء المقصورة " المكسورة" وهو اللهم كسر رجل كل دجاجة لا تبيض بيضة للفقيه...
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.