أزمة التفتيش والإشراف التربوي بالمغرب
بقلم : هشام أجانا
من مدينة انزكان
منذ ولوجي مركز تكوين مفتشي التعليم وأنا أطرح سؤالا لم أجد له جوابا شافيا لدى أغلب المهتمين بالحقل التربوي وهو الآتي :
كيف يمكن للمفتش أو المؤطر التربوي أن ينجح داخل منظومة تربوية تعيش الانهيار رغم عشرات العمليات القيصرية التي خضعت لها؟
للأسف الشديد، لم أجد جوابا عن هذا السؤال يشفي الغليل؛ فأغلب الآراء ترى أن على أن أي إطار تربوي ( مدرس، مدير، حارس عام، مفتش، ناظر، موجه، مكون،...) أن يتعايش مع هذا الوضع المتأزم للمنظومة التربوية لأن الأمر مرتبط بطبيعة السياسة المتبعة في إصلاح هذه المنظومة المعطوبة منذ أزيد من ستة عقود.
وإذا كان التأطير والمراقبة التربوية من بين المهام الرئيسية للمفتش التربوي، فإن الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية من أطر التفتيش التربوي جعل هذه المهمة دون مردودية بعدما أصبح دور المؤطر التربوي يقتصر في حالات عديدة على زيارة المقبلين على الترقية و إعداد الامتحانات
و بعض الحالات الاستثنائية التي تستدعي تدخلا عاجلا للمفتش التربوي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، ليس هناك أي مفتش لمادة الرياضيات بمديرية أكادير اداوتنان لما يزيد عن ثلاث سنوات رغم أنها بحاجة على الأقل إلى أربع مفتشين في هذا التخصص لتأطير حوالي 300 أستاذ وأستاذة. أما بمديرية اشتوكة أيت بها فبها مفتش وحيد لمادة الرياضيات يؤطر حوالي 200 أستاذ وأستاذة. الأمر بطبيعة الحال لا يقتصر على تخصص معين أو مديرية معينة بل يطال أغلب التخصصات وأغلب المديريات الإقليمية.
ورغم أن المذكرات الوزارية الصادرة والمنظمة لمباراة ولوج مسلك مفتشي التعليم تضم عدد المناصب المطلوبة في كل سلك وكل تخصص بناء على حاجيات المديريات الاقليمية، فإن تطبيقها على أرض الواقع يصطدم بمشكل عميق يتعلق بنوعية المواضيع المقترحة في مباريات التفتيش والتي يغلب عليها الطابع الاقصائي. فرغم أن الأمر يتعلق بمباراة ( كما هو الشأن بالنسبة لمباريات توظيف أطر الأكاديميات أو التبريز أو مباريات المدارس العليا للمهندسين وغيرها) فإن عدم الحصول على معدل 10/20 في الامتحان الكتابي لمباراة التفتيش يعني الإقصاء وبالتالي بقاء المناصب المطلوبة شاغرة وهو ما يعمق أزمة الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية في مجال التفتيش والإشراف التربوي.
فعلى سبيل المثال، كان عدد المناصب المطلوبة في ولوج سلك التفتيش التربوي بالنسبة للابتدائي خلال الموسم ما قبل الماضي هو 230 منصب، لكن لم يتم قبول سوى 135 لولوج هذا المسلك. أما بالنسبة لمادة الرياضيات، فقد كان عدد المناصب المطلوبة الموسم الماضي هو 40 منصب، لكن لم يتم قبول سوى 14 منصب لولوج المركز.
إن حل أزمة الخصاص المهول في جهاز التفتيش والإشراف التربوي يستدعي تغييرا جذريا في مضامين المذكرات المنظمة والإعلان عن عدد كبير من المناصب المالية المخصصة للإشراف والتأطير التربوي والالتزام بمضامينها مما يتيح الاستغلال الأمثل للكفاءات الوطنية لولوج هذه المهنة وتجويد ممارستها مع مرور الوقت عبر التكوينين الذاتي والمستمر.
بالإضافة إلى مشكل الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية من المفتشين، هناك مشاكل أخرى لا يسع المجال لتناولها وتحليلها كالاستقلالية الوظيفية وغياب التحفيز المادي والمعنوي بالإضافة إلى غياب فضاءات خاصة لائقة لممارسة المهنة على أكمل وجه وبما يفيد العملية التربوية ككل.
بقلم : هشام أجانا
من مدينة انزكان
منذ ولوجي مركز تكوين مفتشي التعليم وأنا أطرح سؤالا لم أجد له جوابا شافيا لدى أغلب المهتمين بالحقل التربوي وهو الآتي :
كيف يمكن للمفتش أو المؤطر التربوي أن ينجح داخل منظومة تربوية تعيش الانهيار رغم عشرات العمليات القيصرية التي خضعت لها؟
للأسف الشديد، لم أجد جوابا عن هذا السؤال يشفي الغليل؛ فأغلب الآراء ترى أن على أن أي إطار تربوي ( مدرس، مدير، حارس عام، مفتش، ناظر، موجه، مكون،...) أن يتعايش مع هذا الوضع المتأزم للمنظومة التربوية لأن الأمر مرتبط بطبيعة السياسة المتبعة في إصلاح هذه المنظومة المعطوبة منذ أزيد من ستة عقود.
وإذا كان التأطير والمراقبة التربوية من بين المهام الرئيسية للمفتش التربوي، فإن الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية من أطر التفتيش التربوي جعل هذه المهمة دون مردودية بعدما أصبح دور المؤطر التربوي يقتصر في حالات عديدة على زيارة المقبلين على الترقية و إعداد الامتحانات
و بعض الحالات الاستثنائية التي تستدعي تدخلا عاجلا للمفتش التربوي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، ليس هناك أي مفتش لمادة الرياضيات بمديرية أكادير اداوتنان لما يزيد عن ثلاث سنوات رغم أنها بحاجة على الأقل إلى أربع مفتشين في هذا التخصص لتأطير حوالي 300 أستاذ وأستاذة. أما بمديرية اشتوكة أيت بها فبها مفتش وحيد لمادة الرياضيات يؤطر حوالي 200 أستاذ وأستاذة. الأمر بطبيعة الحال لا يقتصر على تخصص معين أو مديرية معينة بل يطال أغلب التخصصات وأغلب المديريات الإقليمية.
ورغم أن المذكرات الوزارية الصادرة والمنظمة لمباراة ولوج مسلك مفتشي التعليم تضم عدد المناصب المطلوبة في كل سلك وكل تخصص بناء على حاجيات المديريات الاقليمية، فإن تطبيقها على أرض الواقع يصطدم بمشكل عميق يتعلق بنوعية المواضيع المقترحة في مباريات التفتيش والتي يغلب عليها الطابع الاقصائي. فرغم أن الأمر يتعلق بمباراة ( كما هو الشأن بالنسبة لمباريات توظيف أطر الأكاديميات أو التبريز أو مباريات المدارس العليا للمهندسين وغيرها) فإن عدم الحصول على معدل 10/20 في الامتحان الكتابي لمباراة التفتيش يعني الإقصاء وبالتالي بقاء المناصب المطلوبة شاغرة وهو ما يعمق أزمة الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية في مجال التفتيش والإشراف التربوي.
فعلى سبيل المثال، كان عدد المناصب المطلوبة في ولوج سلك التفتيش التربوي بالنسبة للابتدائي خلال الموسم ما قبل الماضي هو 230 منصب، لكن لم يتم قبول سوى 135 لولوج هذا المسلك. أما بالنسبة لمادة الرياضيات، فقد كان عدد المناصب المطلوبة الموسم الماضي هو 40 منصب، لكن لم يتم قبول سوى 14 منصب لولوج المركز.
إن حل أزمة الخصاص المهول في جهاز التفتيش والإشراف التربوي يستدعي تغييرا جذريا في مضامين المذكرات المنظمة والإعلان عن عدد كبير من المناصب المالية المخصصة للإشراف والتأطير التربوي والالتزام بمضامينها مما يتيح الاستغلال الأمثل للكفاءات الوطنية لولوج هذه المهنة وتجويد ممارستها مع مرور الوقت عبر التكوينين الذاتي والمستمر.
بالإضافة إلى مشكل الخصاص المهول الذي تعانيه المنظومة التربوية من المفتشين، هناك مشاكل أخرى لا يسع المجال لتناولها وتحليلها كالاستقلالية الوظيفية وغياب التحفيز المادي والمعنوي بالإضافة إلى غياب فضاءات خاصة لائقة لممارسة المهنة على أكمل وجه وبما يفيد العملية التربوية ككل.
0 تعليقات
السلام عليكم و مرحبا بكم يمكنكم التعليق على أي موضوع ،شرط احترام قوانين النشر بعدم نشر روابط خارجية سبام أو كلمات مخلة بالآداب أو صور مخلة.غير ذلك نرحب بتفاعلكم مع مواضيعنا لإثراء الحقل التربوي و شكرا لكم.